رهانات فرنسية على «متغيرات» تساعد على إحداث انعطافة باتجاه حل الدولتين

مصادر في باريس: لا أمل بتقدم ما بقي نتنياهو في السلطة

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من المشاركين في مؤتمر نيويورك (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من المشاركين في مؤتمر نيويورك (أ.ف.ب)
TT

رهانات فرنسية على «متغيرات» تساعد على إحداث انعطافة باتجاه حل الدولتين

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من المشاركين في مؤتمر نيويورك (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من المشاركين في مؤتمر نيويورك (أ.ف.ب)

في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2014، صوّت مجلسا الشيوخ والنواب الفرنسيان على قرار «غير ملزم» يدعو الحكومة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي أُعلن إنشاؤها في الجزائر عام 1988، بيد أن فرنسوا أولاند، رئيس الجمهورية الاشتراكي وقتها، ووزير خارجيته لوران فابيوس، تركا القرار في الأدراج.

منذ عقود، تقوم سياسة باريس على الدعوة إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل وفق منطوق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1947، الذي قضى بتقسيم فلسطين وقيام دولتين يهودية وفلسطينية.

وبعد أولاند، وصل إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه عام 2017. ومنذ ذلك التاريخ وحتى أسابيع خلت، كان موقف باريس الرسمي يؤكد على عزم الحكومة الاعتراف بالدولة الفلسطينية و«لكن في الوقت المناسب» بحيث يكون «مفيداً»، بمعنى أن يحرك الوضع باتجاه الحل السياسي.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاء على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في في نيويورك يوم 25 سبتمبر من العام الماضي (أ.ف.ب)

ورفض ماكرون، ربيع العام الماضي، الاحتذاء بأربع دول أوروبية، هي إسبانيا وآيرلندا وسلوفينيا والنرويج، قررت وضع حد للتسويف وأقدمت، دون مزيد من التأخير، على خطوة الاعتراف التي سبقتها إليها دولتان هما السويد وقبرص. وفي المجمل، تعترف 12 دولة أوروبية، من أصل 27 تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي، بالدولة الفلسطينية.

صعوبات

بيد أن تواصل الحرب على غزة والمجازر التي ترتكب فيها دفعت ماكرون إلى تغيير مقاربته. وتقول مصادر سياسية إن الرئيس الفرنسي الذي أعلن في رسالة رسمية إلى رئيس السلطة الفلسطينية عزمه الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين بمناسبة «قمة» ستعقد في نيويورك يوم 21 سبتمبر (أيلول) المقبل على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، يرى أنه «يتعين التحرك اليوم قبل أن يُدفن حل الدولتين نهائياً» بسبب الممارسات الإسرائيلية في غزة، وأيضاً في الضفة الغربية، حيث تتسارع الحركة الاستيطانية بوتيرة غير مسبوقة وعلى نحو يقضي، عملياً، على احتمال قيام هذه الدولة.

وتعي باريس الصعوبات التي تواجه الخطوة الرئاسية، حتى داخل فرنسا نفسها، فالأحزاب التي يتشكل منها الائتلاف الحاكم، وهي «النهضة» و«آفاق» و«الحركة الديمقراطية» وحزب «الجمهوريون» اليميني التقليدي، لم يُقدم أي من قادتها على توفير الدعم لماكرون الذي يخول له الدستور الإقدام على مبادرة كهذه.

إسقاط مساعدات إنسانية فوق مدينة غزة يوم الاثنين (أ.ب)

أما في الخارج، فإن باريس من خلال الاتصالات المباشرة مع الأطراف المعنية بشكل رئيسي بمشروعها كانت تعي الرفض الجذري، سواء من إسرائيل أو من الولايات المتحدة، لأي حديث بهذا الاتجاه.

وصرَّحت مصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن ماكرون أبلغ ترمب ونتنياهو بخطوته قبل الإعلان عنها، كما تشاور بشأنها مع رئيس الوزراء البريطاني والمستشار الألماني.

وهناك أيضاً انقسامات عميقة بشأن إسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي، الذي فشل، بعد سقوط 60 ألف قتيل في غزة وتدمير القطاع تدميراً شبه كامل بحيث تحول لما يشبه «المقبرة المفتوحة»، في اتخاذ أي إجراء عملي ضد إسرائيل، واكتفى بوعود لم يتحقق منها شيء رغم أن اتفاقية الشراكة التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 2000 توفر للاتحاد القدرة على إعادة النظر بها استناداً للبند الثاني الذي يربط دوامها باحترام إسرائيل حقوق الإنسان.

ديناميكية سياسية - دبلوماسية

رغم ما سبق، تراهن باريس على إطلاق «ديناميكية سياسية - دبلوماسية» من اليوم وحتى تاريخ القمة المشار إليها من شأنها أن تخلق «تياراً قوياً دافعاً» يعيد ملف حل الدولتين إلى الواجهة الدولية.

ووفق مصادر رئاسية فرنسية، فإن الإعلان «المبكر» عن قرار ماكرون هدفه «تشجيع الأطراف الأخرى، خصوصاً الأوروبية المترددة، على اللحاق بها وإعطائها الوقت الكافي لاتخاذ قرارها».

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في مقابلة مع صحيفة «لا تريبون دو ديمانش» الفرنسية الأسبوعية، إن دولاً أوروبية أخرى ربما تلحق بفرنسا، على رأسها مالطا وبلجيكا ويحتمل أيضاً هولندا، كذلك ثمة رهانات على كندا واليابان وكوريا الجنوبية.

أما بريطانيا، فعلى الرغم من الضغوط التي يتعرض لها رئيس وزرائها كير ستارمر، فهي ما زالت مترددة؛ فيما عجلت ألمانيا بالإعلان عن رفضها السير في الركاب الفرنسي راهناً.

أما في الجانب المقابل، فإن بارو يشير إلى أن إقدام بلاده على هذه الخطوة، وهي الأولى في إطار «مجموعة السبع»، وبالنسبة لعضو دائم في مجلس الأمن ولاعب رئيسي داخل الاتحاد الأوروبي، من شأنه أن يقنع الدول العربية بإدانة «حماس» والمطالبة بنزع سلاحها.

وتأمل باريس أن تكون الحرب في غزة قد توقفت بحلول سبتمبر (أيلول)، ما سيغير الأجواء السائدة حالياً في الشرق الأوسط والعالم العربي، بحيث يتحقق «التوازن» بين الاعتراف من جهة والقيام بخطوات تجاه إسرائيل من جانب دول عربية وإسلامية، بحيث يتم العمل بمبدأ «التبادلية». وقال بارو أيضاً: «سنعمل في نيويورك على إطلاق نداء لحث دول أخرى على الانضمام إلينا».

ما بعد نتنياهو

تعوّل باريس كثيراً على «خريطة الطريق» التي ستصدر عن اجتماع نيويورك، والتي تأمل أن تتبناها الجمعية العامة للأمم المتحدة.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى يتحدث في المؤتمر (أ.ف.ب)

أهمية «الخريطة» تكمن في أنها تتضمن رؤيةً متكاملةً لكيفية إنهاء النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي لأنها توفر عناصر ومحددات حل الدولتين مع أنها تترك للطرفين التفاوض بشؤون رئيسية مثل حدود الدولة الفلسطينية وملف الاستيطان ومصير القدس.

لكن فرنسا تعي أن المشروع الذي تسير به صعب، والدليل على ذلك تصويت الكنيست، الأسبوع الماضي، على قانون يدعو لضم الضفة الغربية وتبني قانون العام الماضي يرفض قيام دولة فلسطينية.

وبما أن باريس «قطعت الأمل» من تغير سياسة حكومة نتنياهو الأكثر يمينية أو التحالف الذي يبقيه في السلطة، فإنها تراهن على تغيير سياسي في إسرائيل قد يحدث في الأشهر المقبلة أو بمناسبة الانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر من العام المقبل.

وتعتبر باريس أن تغيراً في الرأي العام الإسرائيلي ممكن، خصوصاً أن الطرح الإسرائيلي اليوم لا يتجاوز أحداث غزة، فيما تقدم «خريطة الطريق» تصوراً وحلاً لليوم التالي.

كثيرة التساؤلات التي طرحت حول جدوى العملية، وهل من شأن اعتراف فرنسا، وربما دول أوروبية أخرى، أن يغير من الواقع الميداني، أو أن يقرب موعد قيام الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها أكثر من 145 دولة. لكن ذلك لن يمنع راعييها من الاستمرار بها والدفع لإنجاحها.


مقالات ذات صلة

السعودية ضمن أسرع أسواق المعارض والمؤتمرات نموّاً في «مجموعة العشرين»

خاص رئيس مجلس إدارة الهيئة فهد الرشيد متحدثاً في «القمة الدولية لصناعة المعارض والمؤتمرات» (الشرق الأوسط)

السعودية ضمن أسرع أسواق المعارض والمؤتمرات نموّاً في «مجموعة العشرين»

تستعد السعودية لمرحلة توصف بأنها «العقد الذهبي لفعاليات الأعمال»، مدفوعة بنمو غير مسبوق في قطاع المعارض والمؤتمرات.

عبير حمدي (الرياض )
الاقتصاد الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة بالهيئة السعودية للسياحة فهد حميد الدين في «القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات» يوم الأربعاء (الشرق الأوسط)

رئيس هيئة السياحة: السعودية تتفوّق على لاس فيغاس بأكثر من 11 ألف فعالية

قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للسياحة، فهد حميد الدين، إن عدد الفعاليات في السعودية قفز إلى أكثر من 11 ألف سنوياً، متجاوزةً مدناً عالمية مثل لاس فيغاس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد (الشرق الأوسط)

ارتفاع الطاقة الاستيعابية لفعاليات الأعمال في السعودية 32 % خلال 2025

أعلنت الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات عن تحقيق نمو في الطاقة الاستيعابية لفعاليات الأعمال بنسبة 32 في المائة مقارنة بالعام الماضي، عبر 923 موقعاً معتمداً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الوزيرة السورية هند قبوات

مؤتمر «نساء على خطوط المواجهة» يعود بعد غياب

يعود مؤتمر «نساء على خطوط المواجهة» إلى بيروت، حيث عقد نسخته الـ12 في فندق فينيسيا في قلب العاصمة.

فيفيان حداد (بيروت)
الخليج جلسة جمعت وزراء ومسؤولين بعنوان «من الرؤية إلى الواقع... تكامل القطاعات في خدمة ضيوف الرحمن» (مؤتمر ومعرض الحج)

«من مكة إلى العالم»... منظومة الحج تسجل تحولاً تاريخياً في التكامل والجاهزية

جسّد «مؤتمر ومعرض الحج والعمرة 1447هـ» بنسخته الخامسة ملامح التحول المؤسسي الذي تقوده السعودية في خدمة ضيوف الرحمن

أسماء الغابري (جدة)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».


تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)

قال نائب وزير الخارجية التركي بيريس إكينجي، الخميس، إن أنقرة استدعت سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة إلى وزارة الخارجية للتعبير عن قلقها إزاء سلسلة من الهجمات على سفن مرتبطة بروسيا داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر الأسود.

وقال إكينجي، أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان: «شهدنا تصعيداً خطيراً للغاية في الأسابيع القليلة الماضية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث شهدنا هجمات متبادلة. وأخيراً، وقعت هجمات محددة في البحر الأسود داخل منطقتنا الاقتصادية الخالصة أيضاً».

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء: «استدعينا أمس واليوم القائم بالأعمال الروسي بالإنابة وسفير أوكرانيا للتعبير عن قلقنا».

كان مسؤول من جهاز الأمن الأوكراني قال، السبت الماضي، إن أوكرانيا استهدفت ناقلتين من «أسطول الظل» الروسي بطائرات مسيَّرة في البحر الأسود.

وذكر المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن العملية المشتركة نفذها جهاز الأمن والبحرية الأوكرانية، وفق ما نقلته «رويترز».

وتابع: «تُظهِر لقطات الفيديو أن أضراراً جسيمة لحقت بالناقلتين بعد استهدافهما، وخرجتا من الخدمة فعلياً. وهذا سيوجه ضربة كبيرة لعمليات نقل النفط الروسي».

وذكر مسؤول تركي بارز، الأسبوع الماضي، أن ناقلتي نفط تردد أنهما جزء من «أسطول الظل»الروسي، اللتين اشتعلت فيهما النار، قبالة ساحل تركيا على البحر الأسود، ربما تعرضتا لهجوم بألغام أو طائرات مسيَّرة أو صواريخ.