الرئيس الفرنسي يحول الاعتراف بـ«الدولة الفلسطينية» إلى حدث عالمي

باريس تترقب موقف واشنطن وتعول على إطلاق دينامية سياسية في اجتماعي نيويورك

صورة أرشيفية للرئيس ماكرون مستقبلاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في باريس يوم 21 سبتمبر عام 2021 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للرئيس ماكرون مستقبلاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في باريس يوم 21 سبتمبر عام 2021 (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الفرنسي يحول الاعتراف بـ«الدولة الفلسطينية» إلى حدث عالمي

صورة أرشيفية للرئيس ماكرون مستقبلاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في باريس يوم 21 سبتمبر عام 2021 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للرئيس ماكرون مستقبلاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في باريس يوم 21 سبتمبر عام 2021 (أ.ف.ب)

رغم أن خطوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسمياً وقانونياً في سبتمبر (أيلول) المقبل بمناسبة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كانت مرتقبة بعد أن شدد على ذلك مراراً منذ فبراير (شباط) الماضي، فإن الإقدام عليها شكل حدثاً عالمياً أثار ردود فعل واسعة عبر العالم.

وتبع ذلك إثارة العديد من التساؤلات حول الدول التي سترافق فرنسا في هذه العملية، وحول تبعاتها العملية على الحرب الإسرائيلية في غزة وتسريع الاستيطان في الضفة الغربية، لا بل التهديد الإسرائيلي بإخضاعها للقوانين الإسرائيلية تمهيداً لضمها.

ماكرون: فرنسا تفي بالتزام تاريخي

الخبر جاء في تغريدة لماكرون على منصة «إكس»، حيث كتب في فقرتها الأولى: « قررت فرنسا أن تعترف بدولة فلسطين وفاءً منها بالتزامها التاريخي من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وسأعلن ذلك رسمياً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر المقبل».

أما الضرورة العاجلة اليوم فهي، وفق التغريدة، «وقف الحرب في غزة، وتقديم الإغاثة للسكان المدنيين. السلام ممكن. لا بد من وقف فوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وتقديم مساعدات إنسانية ضخمة لسكان غزة. كما يجب ضمان نزع سلاح حركة (حماس)، وتأمين غزة وإعادة إعمارها».

وأضاف ماكرون أنه «يجب بناء دولة فلسطين، وضمان قابليتها للحياة، وتمكينها من المساهمة في أمن الجميع في الشرق الأوسط، من خلال قبول نزع سلاحها، والاعتراف الكامل بإسرائيل. ولا بديل عن ذلك».

ومن الحجج التي ساقها أنه «بناءً على الالتزامات التي قطعها رئيس السلطة الفلسطينية لي، فقد كتبتُ له لأؤكد عزمي على التقدم في هذا المسار».

ونشر ماكرون نص رسالته إلى محمود عباس التي تعد رداً على الرسالة التي وجهها الأخير له ولولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الشهر الماضي، والتي ضمنها تعهدات كثيرة؛ إن بشأن إصلاحات السلطة وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية العام المقبل، أو الالتزام بنزع سلاح حركة «حماس»، ومنع الإرهاب، وإبعاد «حماس» عن لعب أي دور في حكم الدولة الفلسطينية، فضلاً عن إدانة عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

عين باريس على واشنطن

لم تفاجأ باريس بردة فعل إسرائيل العنيفة التي جاءت على لسان رئيس حكومتها نتنياهو أو وزيري الخارجية والدفاع وآخرين؛ فالأول الذي يعاني من علاقات بالغة السوء مع ماكرون اعتبر خطوته «مكافأة للإرهاب»، وتهديداً وجودياً لإسرائيل؛ لأن قيام دولة فلسطينية سيشكّل «منصة إطلاق لإبادة إسرائيل، وليس العيش بسلام بجوارها»، فضلاً عن أنها «ستكون وكيلاً جديداً لإيران، وهو تماماً ما تحولت إليه غزة». وهي الحجة التي كررها وزير الخارجية جدعون ساعر.

وهدد وزير الدفاع إسرائيل كاتس بأن إسرائيل «لن تسمح بإنشاء كيان فلسطيني من شأنه أن يضرّ بأمننا»، فيما اعتبر وزير المالية العنصري المتطرف سموتريتش أن الاعتراف «يوفر لإسرائيل دافعاً إضافياً» لضم الضفة الغربية.

ولم تكن ردود فعل المعارضة الإسرائيلية مختلفة عما سبق؛ إذ إن نفتالي بينيت، رئيس الوزراء السابق، ندد بخطوة ماكرون، عاداً إياها «انهياراً أخلاقياً»، وأنها «سترمى في مزبلة التاريخ».

بيد أن باريس كانت تترقب ردة الفعل الأميركية التي، بدورها، لم تتأخر وجاءت في تغريدة لوزير الخارجية ماركو روبيو الذي وصف، مساء الخميس، الخطوة بأنها «قرار متهور يخدم فقط دعاية (حماس) ويعيق السلام». وأضاف أنها تعد «صفعة على وجه ضحايا» الحركة.

شفافية باريس

وأفادت مصادر فرنسية بأن باريس أخبرت واشنطن بما ستقدم عليه، وأنها «عملت معها بكل شفافية»، مشددة على أن الاعتراف «قرار سيادي» تتخذه فرنسا وتتحمل مسؤوليته.

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو سيترأس مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان اجتماع نيويورك لحل الدولتين يومي 28 و29 من الشهر الحالي (د.ب.أ)

لكن باريس التي ستترأس مع المملكة السعودية مؤتمر «حل الدولتين»، يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، تبدو حذرة مما ستقدم عليه واشنطن التي وجهت دبلوماسيتها، سابقاً، رسالة إلى العديد من الدول تحثهم على الامتناع عن المشاركة في المؤتمر الذي سينعقد بغياب أميركي وإسرائيلي.

وفهم في باريس أن واشنطن لم تقل إنها ستمتنع عن الحضور أو أنها ستحضر، والخلاصة استبعاد حضورها كما استبعاد حضور إسرائيل. وما تسعى إليه باريس هو إقناع عدد من الدول الأوروبية وغير الأوروبية لمواكبتها في هذا الاعتراف، بحيث يتم إطلاق «دينامية سياسية ودبلوماسية قوية»، من شأنها «إعادة حل الدولتين إلى الواجهة وإحداث فارق مع الوضع الحالي».

ولهذا الغرض، جرى «تشاور»، الجمعة، بين الرئيس ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني، والمستشار الألماني، حول الحرب في غزة وحول الاعتراف بالدولة الفلسطينية. من هنا، تعدّ باريس أن إقدامها على الاعتراف من شأنه أن «يشجع» عدداً من الدول الأخرى على الاقتداء بها. وينتظر أن تتضح الأمور مع «القمة» التي يريد ماكرون الدعوة إليها في سبتمبر في الأمم المتحدة، خلال ما يسمى «أسبوع الرؤساء والقادة».

التحديات الثلاثة و«خريطة الطريق»

ترى باريس أن الاعتراف يستجيب لثلاثة تحديات: الاستجابة لتطلعات الشعب الفلسطيني، والمحافظة على قيام دولة فلسطينية في وقت تبنى فيه الكنيست، بأغلبية كبيرة (70 صوتاً)، قراراً يدعو لضم الضفة الغربية. كانت إسرائيل هددت بالإقدام على هذه الخطوة؛ إذ اعترفت فرنسا بالدولة الفلسطينية. وحرصت مصادر فرنسية على دحض الدعاية الإسرائيلية، معتبرة أن إسرائيل «تستخدمها حجةً وهي ليست السبب».

والتحدي الثاني عزل الإرهاب ووضع حد له من خلال إيجاد مساحة للعمل السياسي. وترى باريس أنه، بعكس ما تدعيه إسرائيل، فإن الاعتراف يفتح الباب للعمل السياسي المغلق راهناً في الداخل الفلسطيني، بحيث يعطي مساحة للتحرك للاعبين السياسيين.

والتحدي الثالث «إعادة إطلاق دينامية سياسية إقليمية» يمكن أن تكون ممهدة لما يسعى إليه الرئيس ترمب لجهة استكمال «اتفاقيات أبراهام».

الأطفال ضحايا سوء التغذية والموتى بالعشرات (د.ب.أ)

وتعي باريس أن فكرة «الاعترافات المتبادلة» ستكون صعبة التحقق راهناً؛ بسبب أوضاع غزة، لكنها تترك الأبواب مفتوحة للمستقبل.

وكتب جان نويل بارو، وزير الخارجية، الجمعة، على منصة «إكس»، أن باريس لا تُكافئ بقرار الاعتراف «حماس»، بل تثبت أنها «على خطأ»، وتؤكد أن «معسكر السلام على صواب في وجه معسكر الحرب».

«خريطة الطريق»

تراهن باريس على مضمون «خريطة الطريق» التي سيتبناها المؤتمر المقبل، وعلى التبني الدولي لها في إطار الأمم المتحدة. ومما شجع ماكرون على الإقدام هو الأفق الذي تفتحه وعود أبو مازن، والوعد بقانون انتخابي من شأنه عدم تمكين حركة «حماس» من الهيمنة الانتخابية، وقبول نزع سلاحها، وقيام دولة فلسطينية غير مسلحة. بيد أن باريس متشجعة بـ«الإطار السياسي» الذي تنص عليه «الوثيقة النهائية» الصادرة عن المؤتمر، والانخراط الإقليمي والدولي بمضمونها.

وبكلام آخر، فإن الوثيقة ستضم مجموعة من الالتزامات التي ستدعم جهود وقف حرب غزة وإطلاق الرهائن وإيصال المساعدات. وكلها جوانب يمكن أن تستفيد منها تل أبيب. والخلاصة، وفق باريس، أن «خريطة الطريق» توفر العناصر للخروج من الوضع الحالي في غزة، ووقف إطلاق النار، وإطلاق الرهائن، ولكنها أيضاً تعالج مسألة «اليوم التالي»، ومنها إرسال بعثة دولية لتثبيت الاستقرار في غزة، وإقامة «هندسة أمنية إقليمية» تشمل إسرائيل. كذلك توفر «الخريطة» العناصر «للسير الذي لا تراجع عنه» نحو الدولة الفلسطينية، وتوفير مقومات قيامها وحياتها. وتعد باريس بالدعوة إلى مؤتمر دولي لاحق لهذا الغرض.

ردود الفعل

عجّل العديد من الدول العربية والخليجية بالترحيب بقرار باريس، وعلى رأسها السعودية التي أشادت خارجيتها بـ«القرار التاريخي الذي يؤكد توافق المجتمع الدولي على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، كما جددت «دعوتها لبقية الدول التي لم تعترف بعد، لاتخاذ مثل هذه الخطوات الإيجابية والمواقف الجادة الداعمة للسلام وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق».

وللتذكير، فإن اجتماع الأسبوع المقبل، كما القمة المرقبة في شهر سبتمبر ستكون برئاسة مشتركة فرنسية - سعودية. كذلك عبرت قطر والكويت عن ترحيبهما بالقرار. كذلك فعلت مصر والأردن ومنظمة التعاون الإسلامي. وأوروبياً، كانت الأنظار متجهة صوب بريطانيا وألمانيا. لكن برلين قالت صراحة إنها لن تعترف بالدولة الفلسطينية فيما يخضع رئيس الوزراء البريطاني لضغوط نيابية وسياسية ونقابية للاحتذاء بفرنسا. وكان من المقرر أن يعقد زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا محادثات «طارئة»، الجمعة، لمناقشة كيفية وقف المجازر في غزة، وتوفير الغذاء الذي يحتاج إليه السكان بشدة، فضلاً عن ملف الاعتراف.

من يوميات سكان قطاع غزة: الحصول على الطعام في ظل حصار خانق تفرضه إسرائيل على القطاع (د.ب.أ)

أما في الداخل الفرنسي، فقد تفاوتت الردود بين الترحيب والمساندة من أحزاب اليسار والخضر، فيما اليمين المتطرف وبعض اليمين التقليدي تبنى السردية الإسرائيلية. والملاحظ أن ما يسمى «الكتلة المركزية»؛ أي تلك الداعمة لماكرون ومنها انبثقت الحكومة الراهنة، التزم قادتها الصمت إلى حد كبير، ما يعكس «حيرتهم» إزاء قرار ماكرون.

الداخل الفرنسي

مثلما كان متوقعاً، أثار قرار ماكرون ردود فعل متفاوتة داخل الطبقة السياسية الفرنسية التي انقسمت على نفسها بين مؤيد ومتحفظ ورافض. وصدرت ردة الفعل الأولى عن المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا الذي سارع إلى إصدار بيان اعتبر فيه أن «الاعتراف بدولة فلسطينية من غير شروط مسبقة يعد خطأ أخلاقياً وغلطة دبلوماسية وخطراً سياسياً»، مذكراً بأن ماكرون «تخلى عن الشروط التي وضعها بداية» لمثل هذا الاعتراف، وبأن 78 في المائة من الفرنسيين، وفق استطلاع للرأي في شهر يونيو (حزيران)، يعارضون هذا الاعتراف. ويرى المجلس أن الاعتراف «سيستغل من جانب (حماس) رمزاً للانتصار ومكافأة للإرهاب». كما أنه يعد «متسرعاً» لأنه «يمنح الفلسطينيين في بداية العملية ما يفترض أن يُمنح في نهايتها»، و«سيُعرّض مفاوضات السلام المستقبلية للفشل؛ لأنه سيفضي إلى فقدان الطرف الفلسطيني لأي حافز لتقديم تنازلات».

أما داخلياً، فإنه «سيشجع أيضاً جميع المحرضين المعادين للسامية الذين يُسيئون استخدام القضية الفلسطينية لتبرير استهداف اليهود الفرنسيين». وباختصار، فإن المجلس المذكور يتبنى، حرفياً، السردية الإسرائيلية، ويسوق لحججها، ويتحدث عن محادثات سلام وهمية. وعلم أن الرئيس ماكرون اتصل برئيس المجلس، يوهان عارفي، ليطلعه على قراره، وعلى الأسباب التي تدفعه لهذا الاعتراف. وفي الأشهر الماضية، ارتفعت أصوات داخل الطائفة اليهودية الفرنسية تندد بسياسة حكومة نتنياهو، وتؤكد أنه «أصبح من الصعوبة بمكان الدفاع عما يقوم به الجيش الإسرائيلي في غزة».

اليمين المتطرف

والسردية نفسها تبناها اليمين المتطرف الذي ندد، بلسان رئيسه جوردان بارديلا، بالقرار الرئاسي، عاداً إياه «متسرعاً ومدفوعاً باعتبارات سياسية شخصية أكثر منه برغبة صادقة في تحقيق العدالة والسلام»، فضلاً عن ذلك، رأى أنه يوفر «شرعية مؤسسية ودولية غير متوقعة» مُنحت لحركة (حماس)» التي هي «منظمة إرهابية إسلاموية».

ويذكر أن حزب «التجمع الوطني» يسعى منذ سنوات لمحو إرثه السابق والتقرب من إسرائيل، لا بل التماهي مع سياساتها المتطرفة لأسباب انتخابية داخلية. وقال جوليان أودول، النائب عن هذا الحزب، إنه ما دام هناك نحو خمسين رهينة محتجزين في قطاع غزة، وما دام أن «أمن إسرائيل غير مضمون»، فإن هذا الاعتراف «يُعدّ تحريضاً على الإرهاب وعلى أبشع الفظائع».

اليمين التقليدي

ومن جانبه، قال كزافيه بيلامي، رئيس مجموعة حزب «الجمهوريون» اليميني التقليدي في البرلمان الأوروبي لإذاعة «آر تي إل»، الجمعة، إنه «لا يفهم هذا القرار؛ لأنه يتعارض تماماً مع ما قاله رئيس الجمهورية نفسه قبل بضعة أسابيع»، والسبب أن ماكرون «تراجع عن الشروط» التي كان يرفضها للإقدام على هذه الخطوة. وبنظره، فإن الاعتراف سيكون «إما عديم الجدوى تماماً، وإما أنه سيأتي بنتائج عكسية». وفي استعادة للخطاب الإسرائيلي، رأى بيلامي أن «الخطر الكبير في هذا القرار هو أنه يُعطي الشرعية للإرهاب، وما كان ليحدث لولا السابع من أكتوبر 2023. هذه هي خطورة هذا الخيار إلى أبعد حد».

تأييد اليسار

على الطرف المقابل من الخريطة السياسية، حظي القرار بتأييد اليسار والخضر بدرجات مختلفة، ممزوجاً بالتساؤل عن الأسباب التي دعت فرنسا إلى التأخر حتى اليوم عن الركب الأوروبي. وكتب زعيم حزب «فرنسا الأبية» على منصة «إكس» أن الاعتراف يعد «انتصاراً معنوياً» للفلسطينيين وللمدافعين عن هذا الخيار. بيد أنه «غير كاف». وتساءل: «لماذا الاعتراف القانوني في سبتمبر وليس الآن؟ وأين الحظر على الأسلحة؟ وأين وقف التعاون مع إسرائيل؟». ودعت ماتيلد بانو، رئيسة مجموعة الحزب النيابية في البرلمان ماكرون إلى «اتخاذ إجراءات فورية وملموسة ضد إسرائيل» لوقف «الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة منذ 22 شهراً».

وعلقت مارين توندوليه، رئيسة حزب «الخضر» على الاعتراف بقولها: «رغم أننا نرحب بقرار ماكرون، ولو جاء متأخراً، فإن الاعتراف وحده لا يكفي: يجب حماية الفلسطينيين»، وهو ما دعا إليه جيرار آرو، السفير السابق في تل أبيب وواشنطن. وذهب فابيان روسيل، أمين عام الحزب الشيوعي في الاتجاه نفسه، بقوله إنه ينبغي «الانتقال إلى الأفعال فوراً لإنقاذ الشعب الفلسطيني»، و«معاقبة حكومة بنيامين نتنياهو».

والأمر نفسه دعا إليه أوليفيه فور، أمين عام الحزب الاشتراكي. واللافت أن قادة «الكتلة المركزية» المؤلفة من تحالف الوسط واليمين التقليدي، والتي انبثقت حكومة فرنسوا بايرو من بين صفوفهم، التزموا ما يشبه الصمت، والأرجح لأسباب سياسية انتخابية.


مقالات ذات صلة

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز) play-circle

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب) play-circle

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

ندّدت 14 دولة من بينها فرنسا وبريطانيا، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عنه

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز) play-circle

الرئيس الفلسطيني: ماضون في تنفيذ برنامج إصلاحي شامل

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيان اليوم الأربعاء، إن السلطة ماضية في تنفيذ برنامج إصلاحي وطني شامل، يهدف إلى تطوير وتحديث المنظومة القانونية والمؤسسية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الآليات الإسرائيلية تقوم بهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

شرعت آليات إسرائيلية، الاثنين، في هدم مبنى من 4 طوابق في القدس الشرقية يقطنه أكثر من 100 فلسطيني بحجة البناء دون ترخيص، في خطوة اعتبرها سكان «مأساة».

«الشرق الأوسط» (القدس)

إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)

كشف سلاح الجو الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن وحدته الجديدة نسبياً المخصصة لمنع حدوث توغلات برية إلى إسرائيل على غرار هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في أعقاب حالة عدم الجاهزية الكاملة التي شهدتها البلاد للقيام بهذا الدور عام 2023.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، على المستوى النظري، تقوم الفكرة على ضرورة إتاحة نشر المروحيات، بعضها في غضون دقائق قليلة وأخرى في غضون ساعة، لسحق وقصف الغزاة، بما يضمن عدم ترك منظومات الدفاع البرية على الحدود دون دعم، وفقاً لما ذكرته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية.

وتعد الوحدة الجديدة ضمن تحول أوسع يقوده البريجادير جنرال جلعاد بار تال، ويقضي بأن يتم إعادة توجيه مهام رئيسية لوحدات المروحيات في سلاح الجو الإسرائيلي نحو الدفاعات الحدودية.

ويشمل هذا التحول أيضاً زيادة عدد المروحيات والطائرات المسيرة والمقاتلات، التي تكون في حالة جاهزية دائمة للدفاع عن الحدود، مع توسيع نطاق تكليفها بمهام الدفاع الحدودي.

إضافة إلى ذلك، يشمل هذا التحول زيادة أكبر بكثير في عدد مروحيات سلاح الجو القادرة على التدخل خلال دقائق معدودة، وزيادة كمية القنابل التي يمكن لسلاح الجو الإسرائيلي إلقاؤها خلال ساعة واحدة، مقارنة بالسابق.

علاوة على ذلك، تمنح قواعد الاشتباك الخاصة بالمروحيات حالياً هامشاً أوسع بكثير للطيارين لفتح النار استناداً إلى تقدير كل طيار على حدة لطبيعة التهديد على الأرض، مقارنة بما كان معمولاً به قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول).


تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

على الرغم من تصاعد لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وما حملته من تلميحات متبادلة رافقت حراكاً سياسياً وعسكرياً في بحر إيجه، رأى البعض أن هذا جزء من ضغوط لإبرام «صفقة تبادل مصالح»، تحديداً في سوريا وغزة؛ مستبعدين الانزلاق إلى هوة حرب أو مواجهة عسكرية.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن كلا الطرفين يعرف كيف يُفعّل الضوابط التي تمنع التدهور بينهما إلى صدام، خصوصاً مع وجود دونالد ترمب في سدة الرئاسة الأميركية، إذ من المعروف أن له روابط قوية مع الجانبين.

ومع ذلك، حذر الدبلوماسي المخضرم ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية بإسرائيل والذي كان سفيراً لها لدى تركيا، من أن يتسبب العداء المستحكم بين الجانبين في خطأ ما، أو في سوء تقدير يؤدي إلى تدهور العلاقات.

سفن حربية تركية خلال تدريب في البحر المتوسط 23 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كانت إسرائيل قد أقدمت على إجراءات لإقامة تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وتُوج بلقاء في القدس الغربية، يوم الاثنين الماضي، بين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس.

وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، وجَّه نتنياهو إشارة ضمنية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلاً: «إلى أولئك الذين يتوهمون قدرتهم على إقامة إمبراطوريات والسيطرة على بلادنا، أقول: انسوا الأمر. لن يحدث. لا تفكروا فيه حتى. نحن ملتزمون وقادرون على الدفاع عن أنفسنا، والتعاون يُعزز قدراتنا».

جاء ذلك في معرض رده على سؤال عما إذا كان التعاون مع اليونان وقبرص موجهاً ضد تركيا، وقال: «لا نريد استعداء أحد»، ثم تابع: «في الماضي، احتلتنا إمبراطوريات، وإذا كان لا يزال لدى أي شخص مثل هذه النيات، فعليه أن ينسى الأمر».

جانب من مباحثات نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في إسرائيل 22 ديسمبر (د.ب.أ)

وعن الهدف من مثل هذه التحالفات الإقليمية قال نتنياهو: «لقد ثبَّتنا مكانتنا قوةً إقليميةً عظمى في مجالات معينة. هذا يقرّبنا من دول عديدة. هي تأتي إلينا لأنها استوعبت قاعدة مهمة، ألا وهي أن التحالفات تُعقد مع القَويّ وليس مع الضعيف، وأن السلام يُصنع مع القويّ وليس مع الضعيف».

«التهديد الأول»

نقل نتنياهو أيضاً رسالة أخرى موجهة مباشرةً إلى ترمب بالنسبة إلى صفقة بيع طائرات الشبح «إف-35» لتركيا ومشتريات أخرى من طائرات سلاح الجو قائلاً: «أود أن أوضح أن التفوق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط هو حجر أساس أمننا القومي».

وفي اليوم التالي من انعقاد القمة الثلاثية، نشرت صحيفة «يني شفق» التركية مقالاً على صفحتها الأولى بعنوان صارخ: «ابتداءً من اليوم، إسرائيل هي التهديد الأول».

وأشار المقال إلى انعقاد القمة، وإلى تبادل إطلاق النار في حلب السورية بين قوات النظام والقوات الكردية المعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، على أنهما من مظاهر العداء؛ وأورد أن إسرائيل قامت خلال القمة بـ«تفعيل» القوات الكردية لإحراج الوفد التركي في سوريا.

وأضافت الصحيفة: «جميع المؤسسات التركية الأمنية تَعدّ إسرائيل تهديداً رئيسياً»، بل حددت المؤسسات الحكومية التي ستنظر إلى إسرائيل من الآن فصاعداً على أنها «التهديد الأول»: وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وجهاز المخابرات التركي.

الرد التركي الرسمي

أما الرئيس التركي إردوغان، فقد وجَّه رسالة إلى الدول الثلاث، إسرائيل واليونان وقبرص، خلال اجتماع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء، قائلاً: «ليعلم الجميع أننا لن ننتزع حقوق أحد، ولن نسمح لأحد بأن ينتزع حقوقنا».

وأضاف: «سنواصل التمسك بمبادئنا التاريخية والتصرف بكرامة وحكمة وعقلانية وهدوء، بما يليق بخبرتنا وتقاليدنا العريقة ولن نستسلم للاستفزازات».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع لرؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» في أنقرة 24 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها تتابع من كثب مبادرات التعاون والبيانات التي صدرت عن الأطراف الثلاثة عقب القمة يوم الاثنين. وشدد المتحدث باسم الوزارة زكي أكتورك، على أن بلاده تؤكد التزامها بالحفاظ على الاستقرار واستمرار الحوار في المنطقة.

وقال أكتورك، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، إن تركيا تؤيد الحوار البنّاء في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط انطلاقاً من علاقات التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنه استطرد: «يجب أن يُفهم أن الخطوات المخالفة لروح التحالف لن تُغير الوضع على أرض الواقع، وأن موقف تركيا من أمن جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دولياً) وحقوقها، واضح وثابت، ولن تتردد تركيا في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب وضعها، بوصفها أحد الضامنين في المفاوضات بشأن الجزيرة القبرصية».

المتحدث باسم وزارة الدفاع التركي زكي أكتورك خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس (الدفاع التركية - إكس)

وأضاف أن تركيا «ليست هي من يصعّد التوترات في بحر إيجه وشرق المتوسط، بل الخطوات والنهج الإقصائي والأحادي الذي يهدف إلى فرض أمر واقع، بينما تُفضّل تركيا أن تكون المنطقة حوضاً للتعاون والاستقرار، لا ساحة صراع».

الصفقة المنشودة

وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، ليئيل، في حديث مع موقع «واي نت» العبري: «أعلم أن تركيا تستعد للحرب، وأرى استعداداتها عبر تعزيز الدفاعات الجوية وتقوية القوات الجوية وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. إنهم في حالة ذعرٍ حقيقي من احتمال هجومنا عليهم، ويأخذون الأمر على محمل الجد».

وأشار إلى أن الأتراك «يُسلّحون أنفسهم بطائرات (إف-35) الجديدة، ويُغيّرون قواتهم الجوية بالكامل». وتابع: «لديهم قوة بحرية ومشاة قوية، ويُضاعفون إنتاج الطائرات المسيّرة».

وواصل حديثه قائلاً: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع سوريا، فستكون أولى المواجهات العسكرية على الأراضي السورية. لن يجرؤ إردوغان على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية، ولن نجرؤ نحن على مهاجمة تركيا. لكن كلا البلدين يمتلك جيشاً في سوريا، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق ثلاثي أو رباعي مع السوريين والأميركيين، فستقع حوادث مع تركيا في وقت قريب».

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد قدّر ليئيل أن واشنطن، على عكس الماضي، لم تعد تشعر بالذعر إزاء أي خلاف إسرائيلي - تركي، وباتت ترى أن الطرفين يمارسان ضغوطاً كي تسارع إلى إبرام صفقة بينهما، تقبل إسرائيل بموجبها بدور تركي في غزة، وتقبل تركيا بدور إسرائيلي في سوريا.

وتواترت في الآونة الأخيرة تقارير يونانية وإسرائيلية عن تحركات في شرق البحر المتوسط وعن أن إسرائيل تدرس، بالتعاون مع اليونان وقبرص، إمكانية إنشاء قوة تدخّل سريع مشتركة تضم وحدات من القوات المسلحة للدول الثلاث، بهدف تعزيز التعاون العسكري الاستراتيجي وردع الأنشطة العسكرية التركية في شرق المتوسط، لا سيما مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا، ومحاولة المشاركة في القوة متعددة الجنسيات في غزة، وإجراء محادثات مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا للتوصل لتوقيع اتفاقيات بحرية جديدة قد تمنحها دوراً مهيمناً في شمال وشرق البحر المتوسط.


إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

ونقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن المسؤول قوله إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معلومات استخباراتية تتعلق بهذا التهديد، خلال لقاء مرتقب بينهما الاثنين المقبل.

وأشار إلى أن إسرائيل قد تضطر للتحرك إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق، مشدداً على أن التهديد الذي تمثله الصواريخ الباليستية الإيرانية «بالغ الخطورة».

وقال المسؤول إن إطلاق عدد كبير من هذه الصواريخ باتجاه إسرائيل «قد يسبب أضراراً تضاهي تأثير قنبلة نووية صغيرة»، وذلك بعد تقارير أفادت بأن إيران تستعد لإنتاج أعداد كبيرة من الصواريخ، بهدف شن هجمات بمئات الصواريخ في كل مرة لردع إسرائيل في حال تجددت الحرب.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، مضيفاً أنه سيبحث الأنشطة الإيرانية مع الرئيس الأميركي.

وحذر نتنياهو من أن أي تحرك إيراني سيقابَل برد «قاسٍ للغاية»، في ظل قلق إسرائيلي من أن التحركات الصاروخية قد تكون جزءاً من جهود لإعادة ترميم الترسانة الباليستية بعد حرب يونيو (حزيران) التي استمرت 12 يوماً.

وجاءت تصريحات نتنياهو بعدما أفادت تقارير داخل إيران باختبارات أو مناورات صاروخية في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات أو تجارب، وذلك بعد أن نشرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تقريراً عن رؤية دخان أبيض نُسب إلى مناورات صاروخية في عدة مناطق. وجاء ذلك في وقت عرضت القناة الأولى تقريراً دعائياً عن هجمات يونيو وتوعّدت إسرائيل بـ«الجحيم الصاروخي».

والاثنين، لمح رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، إلى احتمال استهداف إيران مجدداً، قائلاً إن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء».

وقال زامير إن الحملة ضد إيران تقف في صميم «أطول وأعقد حرب» في تاريخ إسرائيل، معتبراً أن طهران موّلت وسلّحت أطرافاً طوقت إسرائيل على جبهات متعددة.

صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز)

وفي المقابل، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، الثلاثاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو»، مضيفاً أن جزءاً كبيراً منها «لم يستخدم بعد».

وكان تقرير لموقع «أكسيوس» قد أفاد الأحد الماضي بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب خلال عطلة نهاية الأسبوع أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمّل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة».

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه.

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو، وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.