دعت إيران جارتها باكستان إلى تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود المشتركة، خلال زيارة رسمية لرئيس الوزراء شهباز شريف إلى طهران، حيث استقبله الرئيس مسعود بزشكيان في قصر سعد آباد، وذلك بعد أسبوعين فقط من التوتر العسكري بين باكستان والهند.
وجاءت زيارة شريف إلى إيران باعتبارها ثاني محطة في جولة إقليمية بدأها من إسطنبول، في إطار مساعٍ لتعزيز موقع إسلام آباد الإقليمي، وتجاوز تداعيات التصعيد مع نيودلهي.
وترأس بزشكيان وشهباز شريف اجتماعاً مشتركاً ضم وفوداً رفيعة المستوى من البلدين، وجرت خلاله مناقشة آفاق تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
وقال بزشكيان في مؤتمر صحافي مشترك مع شريف إن الحدود المشتركة بين إيران وباكستان «يجب أن تكون خالية من التهديدات الأمنية ونشاط الجماعات الإرهابية»، مشدداً على التزام الجانبين بتعزيز الأمن والاستقرار على طول الحدود، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.
ولفت بزشكيان إلى أن البلدين «يتقاسمان رؤى متقاربة إزاء قضايا العالم الإسلامي والمجتمع الدولي»، موضحاً أن اللقاء تناول سبل توسيع التعاون السياسي والثقافي... إلى جانب التأكيد على ضرورة تنفيذ الاتفاقيات السابقة بين الجانبين.
وصرح: «نأمل أن تُترجم هذه الإرادة السياسية إلى خطوات عملية تثمر تحقيق تطلعات بلدينا وشعبينا». وأضاف: «نؤمن بأن أمن الحدود مسؤولية مشتركة، ويجب أن تكون خالية من أي وجود أو نشاط للجماعات الإرهابية. ونحن عازمون على العمل معاً لضمان الأمن على جانبَي الحدود»، موضحاً أن «أمن باكستان من أمن إيران، والحفاظ على أمن مستدام وعلاقات حسن الجوار من أولوياتنا الإقليمية».
وخاطب بزشكيان ضيفه الباكستاني قائلاً: «أنتم إخوتنا، ونكن لكم محبة صادقة من أعماق قلوبنا». وأضاف: «باكستان بلد جار ذو أهمية استراتيجية، وتربطنا به علاقات تاريخية عميقة الجذور، تعززها الروابط الثقافية والحضارية المشتركة الممتدة عبر قرون».
كما أعرب بزشكيان عن ترحيب طهران بجهود إحلال السلام بين الهند وباكستان، وقال: «نؤيد وقف إطلاق النار والحوار لحل النزاعات، ونؤمن بأن السلام هو الأساس لتحقيق تنمية مستدامة وأمن شامل في المنطقة والعالم».

بدوره، وصف شريف محادثاته مع الرئيس الإيراني بـ«البناءة والإيجابية للغاية»، وأوضح أنها «تناولت مجالات متعددة من التعاون»، مشيراً إلى ضرورة توصل البلدين إلى اتفاقات تعاون في مجالات التجارة، والاستثمار، وغيرها. وأعرب عن دعم بلاده «حق إيران» في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
وبشأن الأزمة مع الهند، قال شريف: «نحن مستعدون للحوار مع الهند من أجل تحقيق السلام، شريطة أن تكون جادة أيضاً، ولكن إذا تعرضنا لهجوم، فنحن على استعداد للرد».
وأضاف: «نحن نسعى للسلام، ونعمل لأجله، ونتطلع إلى حل القضايا من خلال الحوار، بما في ذلك قضية كشمير، بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدولي. نحن مستعدون للتفاوض مع الهند بشأن مختلف القضايا، من المياه، إلى التجارة، إلى مكافحة الإرهاب، وغيرها، شرط أن تُظهر الجدية. وإذا قبلت بالسلام، فسيُظهر ذلك أنها صادقة بالفعل».
وتربط طهران علاقات شائكة بجارتها الشرقية إسلام آباد. ويخيّم التوتر على تاريخ العلاقات بين البلاد، لكن تبادل الضربات الصاروخية مطلع العام الماضي، كان أخطر الوقائع منذ سنوات.
وسرعان ما أدت جهود للتهدئة بعد ذلك إلى تأكيد كل دولة على احترامها سيادة الأخرى، وسلامة أراضيها، والتعهد بتوسيع التعاون الأمني.
وقالت طهران العام الماضي إنها استهدفت مسلحين من جماعة «جيش العدل» في باكستان، في حين قالت إسلام آباد إنها ضربت قواعد لـ«جبهة تحرير بلوشستان» الانفصالية، و«جيش تحرير بلوشستان» في إيران.
وتنشط جماعات مسلحة بمنطقة تشمل إقليم بلوشستان جنوب غربي باكستان، وفي إقليم بلوشستان جنوب شرقي إيران. ويشهد كل من الإقليمين اضطرابات، ويعانيان تخلفاً في النمو رغم أنهما غنيان بالمعادن.






