إيران تترقب جولة محادثات جديدة مع أميركا... وتحذّر من أي «عدوان»

طهران: أي هجوم ينطلق من أراضٍ أجنبية يجعلها هدفاً مشروعاً

عراقجي يصل لعقد اجتماع مع نائب رئيس الوزراء الباكستاني إسحاق دار لبحث العلاقات الثنائية والتوترات الإقليمية في إسلام آباد اليوم (إ.ب.أ)
عراقجي يصل لعقد اجتماع مع نائب رئيس الوزراء الباكستاني إسحاق دار لبحث العلاقات الثنائية والتوترات الإقليمية في إسلام آباد اليوم (إ.ب.أ)
TT

إيران تترقب جولة محادثات جديدة مع أميركا... وتحذّر من أي «عدوان»

عراقجي يصل لعقد اجتماع مع نائب رئيس الوزراء الباكستاني إسحاق دار لبحث العلاقات الثنائية والتوترات الإقليمية في إسلام آباد اليوم (إ.ب.أ)
عراقجي يصل لعقد اجتماع مع نائب رئيس الوزراء الباكستاني إسحاق دار لبحث العلاقات الثنائية والتوترات الإقليمية في إسلام آباد اليوم (إ.ب.أ)

في خضم التوترات المتصاعدة مع الغرب، تواصل إيران ربط موقفها التفاوضي بتحذيرات أمنية صريحة، معيدة توجيه بوصلتها نحو عُمان في انتظار تحديد موعد الجولة الرابعة المؤجلة من المفاوضات. وفي الوقت ذاته، تبعث برسائل إنذار للدول المجاورة، محذّرة من استخدام أراضيها كنقطة انطلاق لهجمات معادية.

وقال الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الأحد، إن هدفه من المحادثات الجارية حالياً مع إيران هو تفكيك برنامجها النووي بالكامل، مؤكداً استعداده في الوقت نفسه للسماح لطهران باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية فقط مقابل إنهاء برنامجها للأسلحة النووية.

وكتب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، على منصة «إكس» أنه «إذا كان الهدف هو كما قال الرئيس ترمب (الشيء الوحيد الذي لا يمكنهم امتلاكه هو سلاح نووي)، فإن الاتفاق ممكن، ولا توجد إلا طريق واحدة لتحقيقه: الدبلوماسية القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة».

وأشار عراقجي ضمناً إلى التباين في الإدارة الأميركية، قائلاً: «أما الأقلية التي تضع نتنياهو أولاً وتخشى من الدبلوماسية، فقد كشفت بالفعل عن أجندتها الحقيقية. ويجب على العالم أن يهتم وهي تُظهر أولويتها الحقيقية».

وكرر عراقجي هجومه على إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، الذي حاول دون جدوى خوض مفاوضات مع طهران لإحياء الاتفاق النووي. وكرر الوزير الإيراني وصف إدارة بايدن بـ«الفاشلة»، وقال: «خدع (نتنياهو) فريق بايدن الفاشل وجعله يسلم 23 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، وهذا جزء بسيط فقط من تكلفة أي خطأ يُرتكب ضد إيران».

وانسحب ترمب خلال ولايته الرئاسية الأولى في 2018 من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين طهران وقوى عالمية. وهدد ترمب بقصف إيران حال عدم التوصل إلى اتفاق مع إدارته لحل خلاف قائم منذ مدة طويلة بشأن برنامجها النووي الذي تقول دول غربية إنه يهدف إلى صنع أسلحة.

وأضاف عراقجي: «يحاول نتنياهو بكل وقاحة أن يُملي على الرئيس ترمب ما يمكنه وما لا يمكنه فعله في دبلوماسيته مع إيران. وقد أدرك العالم أيضاً كيف يتدخل نتنياهو مباشرة في قرارات الحكومة الأميركية لدفعها نحو كارثة جديدة بمنطقتنا».

وجاءت تعليقات عراقجي بعدما نأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بنفسه عن التعليق على إقالة مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز.

وقال بقائي: «ما يجري داخل الإدارة السياسية الأميركية مسألة داخلية تخصهم، وما يهمّنا هو السلوك والموقف الرسمي الذي يُطرح على طاولة المفاوضات». وأضاف: «نحن على دراية بهذه التكهنات، ولكن ما يُعدّ مرجعاً لقراراتنا هو المواقف الرسمية التي تعلَن عن طريق الجهات الأميركية المختصة».

وأفادت صحيفة «واشنطن بوست»، السبت، بأن إقالة ترمب مستشاره والتز جاءت نتيجة خلافات داخلية بشأن الخيار العسكري ضد إيران، بعدما بدا أنه يتفق مع نتنياهو في ضرورة توجيه ضربة لطهران؛ مما أثار غضب ترمب وقلق بعض مسؤولي إدارته.

وفي وقت لاحق، نفى مكتب نتنياهو عبر منصة «إكس» وجود اتصالات مكثفة مع والتز بشأن إيران، مؤكداً أن لقاءً ودياً واحداً جمعهما في فبراير (شباط) الماضي، وأن الاتصال الهاتفي الوحيد منذ ذلك الحين لم يتطرق إلى الملف الإيراني.

وقبل عراقجي بساعات، انتقد المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية المسؤولين الأميركيين على إطلاق تصريحات «متناقضة» بما فيها تصريح ترمب، قائلاً إن «هذا النوع من التصريحات لا يخدم العملية الدبلوماسية».

ودافع إسماعيل بقائي عن تصريحات وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، الذي هدد برد إيراني قوى إذا ما تعرضت لهجوم من الولايات المتحدة أو إسرائيل.

وجاءت تصريحات نصير زاده بعد أن توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالرد على إيران في أعقاب إطلاق الحوثيين صاروخاً قرب مطار إسرائيلي.

لوحة إعلانية معادية لإسرائيل تحمل عبارة: «جميع الأهداف متاحة... حالياً بصواريخ يمنية» باللغة الفارسية بشارع في طهران اليوم (رويترز)

وقال نصير زاده إن إيران ستستهدف مصالح وقواعد من يشن الحرب عليها، مكرراً الموقف الرسمي لبلاده من أن «الحوثيين يتحركون بدوافعهم المستقلة».

ونفى بقائي أن يكون تهديد وزير الدفاع الإيراني لدول المنطقة والجوار. وقال: «ينبغي ألا يفسَّر موقف وزير الدفاع بهذه الطريقة. إيران تؤكد دائماً أن دول المنطقة أصدقاؤنا». وأوضح أن «المشاورات التي جرت في الأسابيع الأربعة أو الخمسة الماضية، بالتزامن مع بدء جولة المفاوضات غير المباشرة، تُظهر أن سياسة الجمهورية الإسلامية تقوم على تعزيز حسن الجوار والصداقة مع جميع دول المنطقة».

ومع ذلك، أشار إلى أن «هناك نقطة جوهرية يجب أخذها في الحسبان، هي أن جميع الدول ملزمة، وفقاً لمبادئ القانون الدولي، بمنع أي طرف ثالث من استخدام أراضيها لتنفيذ أي أعمال عدوانية أو استفزازية ضد دول أخرى».

وأضاف: «وبناءً على ذلك، فإذا جرى شن عدوان ضدنا من أراضي أي دولة، فإن تلك الأراضي ستُعدّ، وفقاً للقانون الدولي، هدفاً مشروعاً»، وأضاف: «نحن ملتزمون بالحفاظ على علاقات ودية ومثمرة بجميع دول المنطقة والجوار».

وجاءت تصريحات الوزير بعد أن كشفت إيران، الأحد، عن صاروخ باليستي جديد يعمل بالوقود الصلب يحمل اسم «قاسم بصير». وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن الصاروخ يبلغ مداه 1200 كيلومتر.

ودعا وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الخميس، إيران إلى «التخلي عن تطوير صواريخ بعيدة المدى تهدف فقط إلى امتلاك الأسلحة النووية» وذلك في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز».

ترقب جولة جديدة

وأفاد بقائي بأن «المحادثات بين إيران والجانب الأميركي غير مباشرة، وتركز على الملف النووي ورفع العقوبات»، محذراً بأن «طرح مطالب أو قضايا لا علاقة لها بالمفاوضات النووية لن يكون مفيداً بأي شكل من الأشكال، وهو مرفوض».

وتعليقاً على تهديدات ترمب بشأن منع شراء النفط الإيراني، قال بقائي إن «إرسال رسائل متناقضة من قبل المسؤولين الأميركيين ليس مفيداً، وبالتأكيد لن يؤثر ذلك على تصميمنا الثابت في التمسك بمواقفنا الأساسية»، بما فيها «حقها» في تخصيب اليورانيوم محلياً.

إيرانيون يمرون بجانب جدارية معادية للولايات المتحدة تحمل الشعار «الموت لأميركا» وجماجم تحل محل النجوم على العلم في طهران اليوم (أ.ف.ب)

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن المتحدث قوله: «ما يهمنا هو تصرف ومواقف فريق التفاوض الأميركي... نحن لا نتفاوض في الفضاء الإعلامي. مفاوضاتنا لها مسار محدد، ومرجعنا الوحيد هو ما يناقَش فعلاً على طاولة المفاوضات».

أيضاً قال بقائي: «نحن مستعدون لحل القضايا النووية عبر الدبلوماسية ورفع العقوبات. وإذا كانت واشنطن صادقة في رفضها امتلاك إيران قنبلة نووية، فبإمكاننا التوصل إلى تفاهمات، خصوصاً أننا أثبتنا أننا لا نسعى إلى تطوير سلاح نووي». وأضاف أن طهران تتحلى بـ«المرونة» فيما يتعلق بتوقيت المحادثات، وأنها تنتظر من سلطنة عُمان، التي تتوسط بين الطرفين، تفاصيل الجولة المقبلة من المفاوضات مع الولايات المتحدة.

وأضاف أن «تأجيل المحادثات جاء بناءً على اقتراح عُماني، وباتفاق بين الجانبين، للأسباب التي أُشير إليها في تغريدات كل من وزير خارجيتنا ونظيره العُماني».

وتباينت التصريحات الإيرانية والأميركية الأسبوع الماضي بشأن تحديد موعد الجولة الرابعة، وقال بقائي إن بلاده «التزمت الشفافية الكاملة في التنسيق مع الوسطاء، ولا ترى مبرراً لتحويل هذه المسائل إلى أدوات ضغط إعلامية وجزء من ألعاب التفاوض».

وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الخميس الماضي، إن على إيران استيراد اليورانيوم المخصب لبرنامجها النووي بدلاً من تخصيبه محلياً.

وتعليقاً على تصريح روبيو، قال بقائي إن «مواقف بلاده تستند إلى المادة الرابعة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تمنح الدول الأعضاء الحق في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية». وأضاف أن «برنامج إيران النووي يخضع لمراقبة دائمة من قبل (الوكالة الدولية للطاقة الذرية) دون رصد أي انحراف عن الطابع السلمي». وأكد أن «إيران لم ولن تغير هذا المبدأ الأساسي».

الترويكا الأوروبية

وأدى تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة إلى إلغاء لقاء كان مقرراً بين الوفد الإيراني وممثلي «الترويكا» الأوروبية في العاصمة الإيطالية روما الجمعة الماضي.

وأضاف بقائي أن طهران مستعدة أيضاً لتحديد موعد جديد لعقد جولة محادثات بشأن الملف النووي مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وصرح: «نحن منفتحون على عقد مثل هذا الاجتماع، لكن الأمر يتطلب التنسيق المسبق مع الأطراف المعنية لتحديد الزمان والمكان المناسبَين».

المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية إسماعيل بقائي خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي (موقع الحكومة)

وبشأن احتمال تفعيل آلية «سناب باك» للعودة التلقائية إلى العقوبات الأممية، قال بقائي: «لا نرى أي مبرر أو أساس قانوني لتفعيل الآلية؛ لأن أنشطة إيران النووية سلمية تماماً. إن محاولة بعض الأطراف إساءة استخدام هذه الآلية أو استغلال موقعها في مجلس الأمن للحصول على مزايا تفاوضية، أمر مرفوض من جانبنا، وسيتحمل من يسعى إلى استخدام هذه الآلية عواقب ذلك».

ووجه بقائي انتقادات إلى وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الذي حذر بأن إيران «على وشك حيازة أسلحة نووية»، وأضاف أنه يمكن إعادة تفعيل عقوبات الأمم المتحدة إذا عُدّت أنشطة طهران النووية تهديداً للأمن الأوروبي.

وقال بقائي: «ندعو فرنسا والدول الأوروبية الأخرى إلى لعب دور بنّاء في أي عملية تفاوضية».


مقالات ذات صلة

طهران تدرس وساطة روسية - صينية لاستئناف التعاون مع «الوكالة الذرية»

شؤون إقليمية إيراني يعبر ميدان «انقلاب» وسط طهران بالقرب من لوحة إعلانية كُتب عليها بالفارسية: «ستركعون أمام إيران مرة أخرى» الاثنين (إ.ب.أ)

طهران تدرس وساطة روسية - صينية لاستئناف التعاون مع «الوكالة الذرية»

أعلن كمال خرازي كبير مستشاري المرشد الإيراني في السياسة الخارجية أن طهران مستعدة لبحث وساطة من الصين وروسيا بهدف إحياء التعاون بين إيران و«الوكالة الذرية».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (واس)

ولي العهد السعودي يتلقى رسالة من الرئيس الإيراني

تلقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، رسالة خطية، من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)

إيران وروسيا توحدان المواقف بشأن اجتماع «الوكالة الذرية»

شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على تجنب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأثر بـ«الضغوط والنفوذ السياسي» للولايات المتحدة والقوى الأوروبية.

شؤون إقليمية زوارق سريعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات في مضيق هرمز (أرشيفية - تسنيم)

الشركة المشغلة لناقلة يحتجزها «الحرس الثوري» تؤكد التواصل مع طاقمها

قالت شركة مسؤولة عن إدارة ناقلة منتجات نفطية إن طاقم السفينة بأمان وإنها راسية قبالة ميناء بندر عباس الإيراني، وذلك بعد أن أعلن «الحرس الثوري» احتجازها.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية نائيني خلال مقابلة تلفزيونية... وتبدو خلفه صورة لأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في سبتمبر الماضي (دفاع برس)

«الحرس الثوري»: مستعدون لحرب «أكثر تعقيداً» مع إسرائيل

أفاد المتحدث باسم «الحرس الثوري» بأن قواته تستعد لمواجهة «أكثر تعقيداً» من حرب الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو، لكنه قلّل من احتمال تجدد الصراع.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)

وزراء إسرائيل الأكثر تطرفاً يقررون صلاحيات لجنة تحقيق حكومية في 7 أكتوبر

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية اليميني بتسلئيل سموتريتش في الكنيست (رويترز - أرشيفية)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية اليميني بتسلئيل سموتريتش في الكنيست (رويترز - أرشيفية)
TT

وزراء إسرائيل الأكثر تطرفاً يقررون صلاحيات لجنة تحقيق حكومية في 7 أكتوبر

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية اليميني بتسلئيل سموتريتش في الكنيست (رويترز - أرشيفية)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية اليميني بتسلئيل سموتريتش في الكنيست (رويترز - أرشيفية)

أعلن سكرتير مجلس الوزراء الإسرائيلي يوسي فوكس، الثلاثاء، أن وزير العدل ياريف ليفين، من حزب «ليكود» الحاكم، سيرأس لجنة وزارية لتحديد تفويض اللجنة الحكومية المثيرة للجدل المكلفة بالتحقيق في الإخفاقات المحيطة بهجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، في خطوة قوبلت بانتقادات لاذعة من معارضي الحكومة.

وفي رسالة إلى أعضاء الحكومة، قال فوكس إن اللجنة ستضم من بين أعضائها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بالإضافة إلى وزيرة المستوطنات والمهام الوطنية أوريت ستروك، من حزب «الصهيونية المتدينة» بزعامة سموتريتش، كما ستضم وزير التراث عميحاي إلياهو، من حزب «عوتسما يهوديت» بزعامة بن غفير.

وسيشارك في اللجنة أيضاً زملاء لوزير العدل في حزب «ليكود»، منهم وزير الزراعة آفي ديختر، ووزيرة العلوم والتكنولوجيا غيلا غمليئيل، ووزير شؤون الشتات عميحاي شيكلي، بالإضافة إلى الوزير في وزارة المالية زئيف إلكين، من حزب «الأمل الجديد» بزعامة وزير الخارجية غدعون ساعر.

وبحسب «تايمز أوف إسرائيل»، ستُمنح اللجنة الوزارية الخاصة 45 يوماً لتقديم توصياتها إلى الحكومة بشأن تفويض اللجنة، بما في ذلك المواضيع والإطار الزمني الذي سيتم التحقيق فيه.

وباستثناء إلكين، كان جميع الوزراء في اللجنة في مناصبهم أثناء هجوم 7 أكتوبر، عندما اقتحم آلاف بقيادة «حماس» مستوطنات في غلاف غزة، وقتلوا نحو 1200 شخص، واحتجزوا 251 آخرين رهائن.

ويُطالب منتقدو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بمن فيهم عائلات قتلى هجوم «حماس»، بتشكيل لجنة رسمية للتحقيق في الإخفاقات السياسية والاستخباراتية قبل الهجوم وأثناءه وبعده. وتُظهر استطلاعات الرأي أن أغلبية كبيرة من الإسرائيليين يؤيدون تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الهجوم، لكن نتنياهو رفض ذلك بدعوى أن تشكيلها سيُحدده القضاء، الذي تسعى حكومته الحالية إلى إضعافه من خلال إصلاح قضائي.

والأحد، صوّتت الحكومة على تشكيل لجنة تحقيق خاصة بها «بموافقة شعبية واسعة قدر الإمكان».

ورداً على إعلان فوكس، قال زعيم المعارضة يائير لبيد، الذي رفض هو ومسؤولون آخرون في المعارضة التحقيق الحكومي، إن الوزراء «لا يملكون سلطة أخلاقية أو قانونية لإجراء التحقيق».

ووجّه انتقاداته لأعضاء محددين في اللجنة، بدءاً من رئيسها ليفين، الذي قال لبيد إن إصلاحه القضائي هو سبب «إهمال الأمن» قبل 7 أكتوبر، مروراً بوزير التراث إلياهو «الذي طرح فكرة إلقاء قنبلة نووية على غزة»، وستروك «التي دعت الجيش الإسرائيلي إلى القتال في المناطق التي يُعلم بوجود الرهائن فيها حتى لو كان ذلك سيعرضهم للخطر»، وصولاً إلى سموتريتش «الذي أعلن أن تجويع الأطفال أمر مبرر وأخلاقي»، وبن غفير «الذي بسببه تعرض الرهائن للإساءة».

وقال لبيد: «هؤلاء هم الوزراء الذين عيّنهم نتنياهو لتبرئة نفسه والتنصل من مسؤوليته عن مذبحة 7 أكتوبر»، مضيفاً: «هذا لن ينجح».


لماذا قررت فرنسا تأييد الخطة الأميركية في مجلس الأمن؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى قصر الإليزيه يوم 11 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى قصر الإليزيه يوم 11 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)
TT

لماذا قررت فرنسا تأييد الخطة الأميركية في مجلس الأمن؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى قصر الإليزيه يوم 11 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى قصر الإليزيه يوم 11 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)

بعد حالة من التردد، قررت فرنسا التصويت لصالح مشروع القرار الذي طرحته الولايات المتحدة بشأن غزة، والذي حاز على 13 صوتاً، بينما امتنعت روسيا والصين عن التصويت.

وأفادت مصادر دبلوماسية فرنسية بأن ما دفع باريس إلى دعم مشروع القرار والتصويت لصالحه 4 عوامل رئيسية: الأول هو الدعم الذي وفرته مجموعة من الدول العربية والجانب الفلسطيني للنسخة الأخيرة لمشروع القرار الذي أعدته الولايات المتحدة، بحيث بدا صعباً على فرنسا أن تمتنع عن التصويت، خصوصاً أن الطرف الأول المَعْنِيَّ بالقرار وافق عليه.

والعامل الثاني، ولعله الرئيسي، أن باريس تؤكد أنها لعبت في الأسبوعين الأخيرين «دوراً بنّاءً من خلال تقديم مقترحات لإدخال تعديلات على النص الأميركي؛ ما يعكس حرصها على «تضمينه عناصر مهمّة بالنسبة إليها، لا سيما الإشارة إلى أفق قيام دولة فلسطينية؛ إذ ترى أن حل الدولتين هو وحده القادر على تلبية التطلعات المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين إلى السلام والأمن».

أما الثالث، بحسب المصادر، فهو أن القرار الأممي حوَّل خطة العشرين نقطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب من مشروع تدعمه مجموعة دول إلى قرار صادر عن مجلس الأمن، الأمر الذي يوفر مزيداً من الدعم والشرعية الدولية.

والعامل الرابع هو أن القرار يشدد على الأفق السياسي من خلال الإشارة إلى قيام الدولة الفلسطينية؛ ما يتناسب مع جوهر «إعلان نيويورك».

التمسك بالإطار السياسي

بيد أن فرنسا، رغم ما سبق، تشدد على ضرورة احترام عدد من النقاط انطلاقاً من مبدأ أن عملية تنفيذ هذا القرار يجب أن تتم في إطار سياسي وقانوني واضح، وفي اتساق مع القرارات السابقة التي اعتمدها مجلس الأمن، وأيضاً وفق «إعلان نيويورك» الذي قدّمته مع المملكة العربية السعودية.

مبانٍ مدمرة وصفوف من خيام النازحين بمدينة غزة يوم الثلاثاء (إ.ب.أ)

وكان الإعلان المذكور قد عُرض خلال مؤتمر «حلّ الدولتين» الذي انعقد في نيويورك، في يوليو (تموز) الماضي، ثم حظي لاحقاً بتأييد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول).

وشرح المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة، جيروم بونافون، في كلمته أمام مجلس الأمن الركائز الثلاث التي تتمسك بها باريس وأولاها «تنفيذ حل الدولتين الديمقراطيتين المتمتعتين بالسيادة، واللتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمان، ضمن حدود آمنة ومعترف بها، استناداً إلى خطوط عام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس».

والركيزة الثانية هي «العودة السريعة لسلطة فلسطينية متجددة ومُعزَّزة إلى غزة، بمواكبة من المجتمع الدولي، واستبعاد حركة (حماس) من أي دور في حكم القطاع». والثالثة هي «وحدة قطاع غزة والضفة الغربية، اللذين يشكلان معاً جزأين لا يتجزآن من أراضي دولة فلسطين».

وأضاف بونافون أن «أي تغيير ديموغرافي أو جغرافي في القطاع، وكذلك أي احتلال أو ضم لغزة، هو أمر مرفوض»، مشدداً على أن استمرار سياسة الاستيطان في الضفة الغربية «يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي ولمستقبل حل الدولتين».

تحقيق «الأهداف الرئيسية»

ترى باريس أن القرار «يحقق الأهداف الرئيسية» التي تسعى إليها في غزة، وهي تطمح في أن يسهم في «تعزيز الحراك السياسي» الذي يجب أن يفضي إلى قلب صفحة الحرب، وتوفير المساعدات الإنسانية بلا عوائق وبما يتناسب مع حاجات السكان، وبسط الأمن وتدعيم السلام بحيث «يشمل المنطقة بأسرها».

وقال وزير الخارجية جان نويل بارو في مقابلة، صباح الثلاثاء، مع القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي إن القرار الجديد سيتيح تنفيذ مجموعة من الأهداف المترابطة «على الصعيد الإنساني وإعادة الإعمار والحوكمة، وكذلك على صعيد الأمن، مع إنشاء «القوة الدولية لتحقيق الاستقرار» التي ستعمل على إعادة الأمن إلى غزة في الوقت الذي يجب فيه نزع سلاح (حماس)».

أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)

أما بشأن مشاركة فرنسا في القوة المذكورة، فإن الوزير بارو بدا متردداً، وإن أكد أن بلاده «ستسهم بشكل أو بآخر (في القوة المذكورة) كونها موجودة أساساً في إطار القوة الأوروبية» الحاضرة منذ سنوات على معبر رفح وفي الضفة الغربية لأهداف تدريب قوات الأمن الفلسطينية.

وأضاف أن فرنسا «بصدد تقييم المشاركة وتعزيزها، لا سيما من خلال مشاركة قوات الدرك أو الشرطة التي ستتمكن، في إطار المهمة الأوروبية، من تدريب الشرطة الفلسطينية المكلفة بتولي مسؤولية الأمن في غزة».

ويُفهم من حديثه أن باريس ليست متحمسة لإرسال قوة عسكرية ميدانية تنتشر في شوارع غزة، ولو في الوقت الحاضر على الأقل، بالنظر لما يمكن أن تجده من صعوبات في تنفيذ مهماتها، خصوصاً لجهة نزع سلاح حركة «حماس».

شروط وعقبات

رغم الدعم الواسع للقرار الأخير، فإن عقبات عديدة تبدو واضحة، كونه يحدد إطاراً دون الدخول في التفاصيل.

ويبدو نشر «قوة الاستقرار الدولية» من أبرز هذه العقبات لما له من علاقة بنزع سلاح «حماس» والجهة أو الجهات التي ستعود إليها هذه المهمة. كذلك، فإن تشكيل هذه القوة وزمن انتشارها في قطاع غزة يطرحان كثيراً من علامات الاستفهام.

فلسطينية تنشر ثياباً بين أنقاض مبنى بمدينة غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

ورغم هذه التحفظات، ترى باريس أن القرار الأخير، وفي الإطار القانوني الدولي لتشكيل القوة وانتشارها، هو ما كانت تنتظره العديد من الدول المستعدة للمشاركة فيها، كما أن القرار ينشئ «مجلس السلام»، ويمنحه «شخصية اعتبارية» وقانونية ستكون المشرف على عمل القوة وعلى عملية إعادة الإعمار والتنسيق بين الجهود الدولية، فضلاً عن المسائل اللوجيستية مثل التوظيف والتمويل وخلافهما.

كذلك، فإن توافر الإطار القانوني لقيام القوة المذكورة من شأنه تشجيع الأطراف الراغبة في المشاركة فيها أو توفير التمويل لها.

وحتى اليوم، ليست ثمة لائحة للدول الراغبة في المشاركة باستثناء ما صدر عن عدد قليل مثل إندونيسيا ومصر وأذربيجان والأردن وتركيا. وتأمل باريس أن يبدأ انتشار القوة «سريعاً».

لكن من الواضح أن فترة زمنية ليست قصيرة ستكون فاصلة بين صدور القرار وبين وصول القوة إلى غزة ومعها قوات الشرطة الفلسطينية التي يجري تدريبها لهذه الغاية. ودور هذه القوات أساسي لأن «حماس» ترفض تسليم سلاحها إلا لقوة فلسطينية.

وترى باريس أن «مركز التنسيق المدني والعسكري» الموجود جنوب إسرائيل، وفيه ضباط ودبلوماسيون سوف يشكل نواة القوة الدولية، وسيسهم في تحديد كيفية تنفيذ قرار نزع سلاح «حماس».

ويقول مصدر سياسي متابع لملف غزة إن «العديد من العقبات تنتظر تنفيذ القرار، وأولاها عدم وجود رغبة إسرائيلية في التعاون وتسهيل مهمة القوة الدولية والعمل لتنفيذ مضمونه».

ويتابع: «التخوف الأول أن تُراكم إسرائيل الشروط قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترمب، التي تتناول انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. والحال أن إسرائيل تربط ذلك باكتمال نزع سلاح (حماس)، وبذلك تمسك بورقة صالحة للاستخدام لتأجيل الانسحاب، أو التملص منه نهائياً».


طهران تدرس وساطة روسية - صينية لاستئناف التعاون مع «الوكالة الذرية»

إيراني يعبر ميدان «انقلاب» وسط طهران بالقرب من لوحة إعلانية كُتب عليها بالفارسية: «ستركعون أمام إيران مرة أخرى» الاثنين (إ.ب.أ)
إيراني يعبر ميدان «انقلاب» وسط طهران بالقرب من لوحة إعلانية كُتب عليها بالفارسية: «ستركعون أمام إيران مرة أخرى» الاثنين (إ.ب.أ)
TT

طهران تدرس وساطة روسية - صينية لاستئناف التعاون مع «الوكالة الذرية»

إيراني يعبر ميدان «انقلاب» وسط طهران بالقرب من لوحة إعلانية كُتب عليها بالفارسية: «ستركعون أمام إيران مرة أخرى» الاثنين (إ.ب.أ)
إيراني يعبر ميدان «انقلاب» وسط طهران بالقرب من لوحة إعلانية كُتب عليها بالفارسية: «ستركعون أمام إيران مرة أخرى» الاثنين (إ.ب.أ)

أعلن كمال خرازي كبير مستشاري المرشد الإيراني في السياسة الخارجية أن طهران مستعدة لبحث مقترح وساطة من الصين وروسيا بهدف إحياء التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وجاء عرض خرازي عشية الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين الذي يضم 35 دولة من أعضاء «الوكالة الذرية» التابعة للأمم المتحدة، حيث سيناقش أحدث تقارير المدير العام للوكالة رافائيل غروسي بشأن تطورات الملف النووي الإيراني. ويستمر الاجتماع حتى يوم الجمعة في العاصمة النمساوية، وهو الأخير هذا العام.

وعلقت طهران تعاونها مع «الوكالة الذرية» بعد حرب الـ12 يوماً التي شنتها إسرائيل بهدف عرقلة البرنامج النووي الإيراني، ومن حينها، لم يتمكن المفتشون الدوليون من الوصول إلى المواقع المتضررة، بعد أن اتهمتها بالتحيز وعدم إدانة الهجمات.

وحذرت طهران من تحرك محتمل للولايات المتحدة والقوى الأوروبية (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا)، لإصدار قرار جديد يلزم إيران بالتعاون مع «الوكالة الذرية»، ويفتح الباب لإحالة ملفها إلى مجلس الأمن.

وقال خرازي، الذي يترأس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، الخاضع لمكتب المرشد الإيراني، إن إيران تدرس مقترحاً روسياً - صينياً لاستئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

رؤية ترمب

ذكرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن تصريحات خرازي جاءت في مقابلة حصرية، وفقاً لـ«ريا فوفوستي»، ورداً على سؤال عما إذا كانت إيران تعد روسيا والصين وسيطين محتملين لصياغة إطار جديد للتعاون بين طهران و«الوكالة الذرية»، وأجاب: «نعم. إذا تم تقديم مثل هذا المقترح، فسندرسه».

وقال خرازي، الأحد، إن بلاده «لن تستسلم أبداً»، داعياً الولايات المتحدة إلى إجراء مفاوضات حقيقية مع طهران، وخاطب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قائلاً: «تعالوا إلى مفاوضات حقيقية مع إيران؛ مفاوضات تقوم على الاحترام المتبادل ومبدأ المساواة. نحن لا نهرب من التفاوض، لكن لن ندخل مفاوضات تُفرض بالقوة أو الحرب».

وبدأت إيران والولايات المتحدة، في أبريل (نيسان) الماضي، مفاوضات غير مباشرة بوساطة سلطنة عُمان حول البرنامج النووي الإيراني، لكنها توقفت قبل الجولة السادسة، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي المباغت على إيران في 13 يونيو (حزيران) الماضي.

خرازي يلقي كلمة في منتدى طهران للحوار الذي تنظمه وزارة الخارجية الإيرانية الأحد (جماران)

وقال خرازي: «إذا دخلت الولايات المتحدة في حوار يقوم على الاحترام المتبادل ومبدأ المساواة، فسوف نرحب بذلك»، مؤكداً أنه لا توجد أي مؤشرات على تغير نهج إدارة ترمب تجاه إيران، كما دعا الأوروبيين إلى تغيير نهجهم «إذا أرادوا إقامة علاقات أكثر طبيعية» مع طهران.

وأكد خرازي: «لم نلحظ أي دليل يشير إلى حدوث تحول في رؤية السيد ترمب. وإذا توصل فعلاً إلى قناعة بضرورة انتهاج تفاعل إيجابي قائم على مفاوضات حقيقية، فسنرحب بذلك، لكن حتى الآن لم يظهر مثل هذا التوجه».

تهديد غروسي

بدوره، صرح رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان، النائب إبراهيم عزيزي، أن أوروبا والولايات المتحدة «لن تتمكنا من تحقيق الأهداف التي عجزتا عن بلوغها عبر الضغوط السياسية في نيويورك وفي أجواء الحرب» خلال الاجتماع المرتقب لمجلس الوكالة الذرية في فيينا.

صورة أرشيفية نشرتها «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» من لقاء لرئيسها محمد إسلامي مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران

وانتقد عزيزي غروسي، مشدداً على أن الرد الإيراني لن يقتصر على التحذير، وأضاف أن البرلمان سيتخذ «إجراءات مناسبة» في مواجهة ما وصفه بـ«التسييس الواضح من جانب الوكالة وداعميها الغربيين»، مضيفاً أن طهران «لن تلتزم الصمت إزاء المطالب المفرطة والإجراءات الأحادية، ولن تتصرف بانفعال... هذه المرة أيضاً سيتخذ البرلمان إجراءات مناسبة ومبنية على المصالح والأمن الوطنيين».

وقال إن سلوكيات غروسي ونياته الخبيثة لا يجب أن تبقى عند مستوى التحذير فقط؛ فما نراه اليوم منه ومن المؤسسات الغربية هو إجراء متعمد وموجه ضد المصالح الوطنية لإيران.

تلا الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على طهران تصويت مجلس المحافظين على إدانة إيران بسبب عدم الامتثال لمعاهدة حظر الانتشار، وذلك للمرة الأولى منذ 20 عاماً.

واتهمت طهران الوكالة، من دون تقديم أدلة، بمساعدة إسرائيل ولاحقاً الولايات المتحدة في تلك الهجمات. ودعا مسؤولون ووسائل إعلام إيرانية حينها إلى اعتقال غروسي ومحاكمته في حال عودته إلى البلاد. وكان أبرزها على لسان علي لاريجاني، أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني الذي توعَّد بمحاسبة غروسي؛ ما عُدَّ تهديداً مباشراً للمسؤول الأممي. ونتيجة ذلك، بدأ الدبلوماسي الأرجنتيني - الذي رفع من حضور الوكالة دولياً - يحصل على حماية وحدة «كوبرا» في الشرطة النمساوية.

اتصالات روسية - إيرانية

كان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث الملف النووي، والموقف من اجتماع «الوكالة الذرية».

وقالت كل من «الخارجية الروسية» والإيرانية في بيانين منفصلين إن الجانبين «قاما بمواءمة المواقف» بشأن ملف البرنامج النووي الإيراني. وأفاد بيان لـ«الخارجية الإيرانية» بأن عراقجي جدد التأكيد على ضرورة أن تلتزم «الوكالة الذرية» بصلاحياتها الفنية «بعيداً عن التسييس، وألا تتأثر بالضغوط أو النفوذ السياسي الأميركي وبعض الأعضاء الأوروبيين»، في إشارة إلى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

ودعت «الوكالة الذرية» إيران للسماح لها بالتحقق «في أقرب وقت ممكن» من مخزوناتها من اليورانيوم، خصوصاً المخصب بدرجة 60 في المائة القريبة من النسبة المطلوبة لتطوير سلاح نووي.

وقال غروسي في بيان، الأربعاء الماضي، إن هناك انقطاعاً لديها في المعلومات «المتعلقة بكميات المواد النووية المعلنة سابقاً في إيران داخل المنشآت المتضررة»، وذلك بعدما علقت طهران في يوليو (تموز) تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب حرب استمرت 12 يوماً في يونيو الماضي.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن ميخائيل أوليانوف، مندوب روسيا الدائم في فيينا، أن نظيريه الإيراني والصيني، عقدا محادثات مع غروسي.

ونقلت وكالة «تاس» عن خبير روسي قوله إن التعاون بين الأطراف الثلاثة عنصر محوري في الجهود الرامية إلى إيجاد مقاربات جديدة لتسوية الوضع المتعلّق بالملف النووي الإيراني.

وقال أنتون خلوبكوف، مدير مركز دراسات الطاقة والأمن: «قد يكون أحد أهم العوامل في الظروف الراهنة هو مستوى التعاون بين طهران وموسكو وبكين؛ فهذا التعاون والتنسيق يزدادان رسوخاً؛ إذ أصبح واضحاً أنه لا موسكو ولا طهران ولا بكين تقبل بمحاولات الولايات المتحدة وإسرائيل ودولٍ أوروبية الاستحواذ على القانون الدولي، وقلب الحقائق لإظهار الأسود أبيض».

وأشار خلوبكوف إلى أن الوضع الحالي يتطلب اعتماد مقاربات جديدة للتوصل إلى تسوية مستدامة للأزمة المرتبطة بالملف النووي الإيراني، غير أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية ليست مستعدة بعد لذلك. وأضاف: «ربما تحتاج واشنطن والدول الأوروبية إلى مزيد من الوقت لتدرك في نهاية المطاف ضرورة مراجعة مواقفها، وإبداء قدر من المرونة من أجل التوصل إلى اتفاقات جديدة».

وخلال منتدى طهران للحوار، الأحد، حذر مسؤولون إيرانيون الهيئة الأممية من اعتماد قرار مناهض لإيران. وقال عراقجي إنه ليس لدى بلاده أي منشأة غير معلنة لتخصيب اليورانيوم، وإن كل منشآتها تخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.

وكررت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، حرفياً ما قاله عراقجي في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، قائلة إن طهران «غير قادرة حالياً على تخصيب اليورانيوم». وقالت: «نظراً للأضرار التي لحقت بعمليات إيران النووية، فإن التخصيب غير ممكن في الوقت الراهن».

وأعادت، بدورها، مهاجراني التحذيرات من أي تحرك غربي ضد طهران في اجتماع الوكالة الذرية، وقالت إن «وزارة الخارجية، والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، والمجلس الأعلى للأمن القومي يتولون دراسة الموضوع، وإن البرلمان قد يتدخل إذا اقتضى الأمر».

وقال كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني: «في حال صدور قرار، ستنظر إيران في مراجعة علاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستجري مراجعة جذرية».

وقبل تعرُّض منشآتها النووية للهجوم، كانت إيران تخصب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة القريبة من مستوى 90 في المائة المطلوب للاستخدامات العسكرية. وتقول الدول الغربية إنه لا حاجة مدنية لإنتاج اليورانيوم بنسبة 60 في المائة. وتفيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة على السلاح النووي التي تخصب اليورانيوم عند مستوى 60 في المائة.

وذكرت تقارير غربية أن إيران سرّعت وتيرة البناء في موقع نووي سري تحت الأرض يسمى «جبل الفأس» أو «كوه كولانغ»، بالقرب من منشأة نطنز. وقال غروسي، نهاية الشهر الماضي، إن إيران لا تبدو حالياً منشغلة بتخصيب اليورانيوم بنشاط، إلا أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة رصدت في الآونة الأخيرة حركة متجددة في مواقعها النووية.

وقال إن «المواد النووية المخصّبة بنسبة 60 في المائة لا تزال في إيران. وهذه إحدى النقاط التي نناقشها؛ لأننا بحاجة إلى العودة إلى هناك، والتأكد من أن المواد موجودة في أماكنها، ولم يجر تحويلها إلى أي استخدام آخر. وهذا أمر مهم جداً جداً».

صورة من القمر الاصطناعي تُظهر حفراً في منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم عقب غارات جوية أميركية في يونيو الماضي (رويترز)

وحذر غروسي من أن تلك الكمية من المخزون قد تتيح لإيران تصنيع ما يصل إلى 10 قنابل نووية، إذا قررت تحويل برنامجها إلى الاستخدام العسكري، لكنه شدد على أن ذلك «لا يعني أن إيران تمتلك مثل هذا السلاح».

وفي سبتمبر (أيلول)، اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بوساطة وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، على إطار عمل جديد للتعاون، لكن بعد أسابيع، عدته طهران باطلاً بعد أن فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

وأجرى عبد العاطي اتصالات، الأسبوع الماضي، مع غروسي وعراقجي في محاولة جديدة لتفعيل اتفاق القاهرة، وخفض التوتر بين الطرفين.

وفي يوليو الماضي، قيد قانون للبرلمان الإيراني بعد الضربات الأميركية على المنشآت النووية في إطار حرب الـ12 يوماً دخول المفتشين الدوليين، على وقع تهديدات بانسحاب طهران من معاهدة حظر الانتشار النووي.

وفي 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أن بلاده ألغت اتفاق القاهرة الذي وقَّعته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنه قال إن طهران ستدرس أي مقترحات تقدمها الوكالة بهذا الشأن.

وانتهت مفاعيل هذا الاتفاق رسمياً في أكتوبر، لكنه أُلغي فعلياً قبل سنوات بعد انسحاب واشنطن منه خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب. وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران في 24 يونيو، لكن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة هدد بشن ضربات جديدة إذا أعادت طهران إحياء برنامجها النووي.

ودعا رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي «الوكالة الذرية»، إلى «تحديد موقفها ومسؤوليتها في سياق أي هجوم عسكري وإلحاق أضرار بالمنشآت، حتى نتمكن من إجراء مفاوضات على هذا الأساس». وأضاف أن ظروف إيران بعد الحرب «تغيرت»، وأن التهديد «لا يزال قائماً».