إيران: إخماد حريق ميناء رجائي قد يستغرق 20 يوماً

تضارب الروايات بين «الإهمال» و«العمل التخريبي»... واستجواب وزاري محتمل

صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)
صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)
TT

إيران: إخماد حريق ميناء رجائي قد يستغرق 20 يوماً

صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)
صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)

قال متحدث باسم «خلية الأزمة» الإيرانية إن إخماد الحريق في أكبر موانئ البلاد قد يستغرق 20 يوماً، في وقت قال فيه مسؤولون إن عناصر الإطفاء قد تمكنوا من السيطرة على الحريق، الذي اجتاح ميناء رجائي منذ السبت إثر وقوع انفجار قويّ عزته السلطات إلى «الإهمال».

وصباح الثلاثاء، أظهرت مشاهد مباشرة على التلفزيون دخاناً كثيفاً يتصاعد من حاويات مكدّسة في مرفأ رجائي جنوب إيران، حيث أسفر الانفجار عن 70 قتيلاً على الأقل ومئات الجرحى.

وقال المتحدث باسم «منظمة إدارة الأزمات»، حسين ظفري، لوكالة «إيلنا» العمالية، إن الإخماد الكامل لحريق ميناء رجائي في بندر عباس قد يستغرق من 15 إلى 20 يوماً؛ نظراً إلى طبيعة الحاويات، موضحاً أن العملية تشمل فتح الحاويات، وتبريدها، وإخماد الحريق فيها بشكل كامل بالماء، قبل نقلها.

وأشار إلى تحسن ملحوظ في الوضع، مؤكداً أن الحريق أصبح تحت السيطرة، وأنه يجري احتواء بؤره المتبقية، رغم استمرار تصاعد الدخان من بعض الحاويات المقاومة للاشتعال.

وصرح: «نلاحظ اليوم (الثلاثاء) كثافة أكبر للدخان الأبيض مقارنة بأمس (الاثنين)، مما يعدّ مؤشراً إيجابياً؛ إذ إن الدخان الأبيض - بوصفه بخار ماء - يدل على انحسار الحريق، بينما يشير الدخان الأسود إلى استمرار الاشتعال، وفقاً لتوصيف رجال الإطفاء».

وأضاف أن «فرق (الهلال الأحمر) والطب الشرعي والشرطة تتابع البحث عن المفقودين، فقد سُجّل حتى الآن 22 مفقوداً، فضلاً عن 22 جثة متفحمة لم تُعرّف بعد، وتعمل الجهات المختصة في الطب الشرعي على تحديد هوياتها».

وأعلن محافظ هرمزجان أن تنظيف موقع الانفجار في ميناء رجائي سيستغرق أياماً عدة، وقد تمتد عملية نقل الحاويات المتضررة إلى نحو أسبوعين.

وقال مختار سلحشور، المسؤول المحلي في «الهلال الأحمر» الإيراني، مساء الاثنين، في تصريحات للتلفزيون الرسمي: «جرت السيطرة على الحريق، ولم يتبقَّ سوى تنظيف المنطقة المتضرّرة»؛ وفق ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

دخان يتصاعد بعد انفجار ميناء رجائي بمدينة بندر عباس (رويترز)

وقع الانفجار، الذي سُمع دويّه على بعد عشرات الكيلومترات، السبت في أحد أرصفة الميناء القريب من مدينة بندر عباس الكبرى على مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يمر عبره خُمس إنتاج النفط العالمي، على بعد نحو ألف كيلومتر من طهران.

وقال محمد عاشوري، محافظ هرمزجان (جنوب) حيث يقع المرفأ، في تصريحات تلفزيونية مساء الاثنين، إن «فرضية العمل التخريبي عارية من الصحة».

«إهمال» أم «عمل تخريبي»؟

وأشارت مصلحة الجمارك في المرفأ إلى أن حريقاً بمستودع لتخزين مواد كيميائية خطيرة قد يكون سبب الحادثة.

وقال عاشوري إن «دخاناً تصاعد في بادئ الأمر من الموقع، قبل أن يتحوّل تدريجاً إلى حريق... تسبّب في انفجار قويّ».

وعزا وزير الداخلية، إسكندر مؤمني، مساء الاثنين، الأمر إلى «وقوع تقصير، خصوصاً عدم الالتزام بالإجراءات الأمنية، وإهمال».

وأعلنت لجنة التحقيق في الحادث، الاثنين، عن وجود «إهمال واضح» في تطبيق معايير السلامة والدفاع المدني.

وأكدت اللجنة ورود بيانات غير دقيقة بشأن طبيعة الشحنة، مشيرة إلى أن التحقيقات ما زالت جارية بمشاركة الجهات الأمنية والقضائية، وأن تحديد الأسباب الدقيقة يتطلب تحليلات فنية ومخبرية شاملة.

وأمر المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأحد، بإجراء تحقيق «للكشف عن أي إهمال أو تعمد» وراء الحادث، في إشارة إلى أن السلطات لا تستبعد أنها عملية تخريب.

ووقع الحادث في الوقت الذي بدأت فيه إيران جولة ثالثة من المحادثات النووية مع الولايات المتحدة في سلطنة عمان، لكن ليس هناك أي مؤشر على وجود صلة بين الأمرين.

مع ذلك، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، النائب محمد مهدي شهرياري، الثلاثاء: «حتى الآن لم تتضح أبعاد هذه الحادثة المؤسفة»، مضيفاً: «قد تكون ناجمة عن أخطاء غير مقصودة أو إهمال فني، لكن هناك أيضاً من يطرح فرضية العمل التخريبي».

وأوضح شهرياري في حديث لموقع «رويداد24» الإخباري، أن «الحادث ربما نجم عن استخدام طائرات مسيّرة صغيرة، كما أن احتمال التفجير المتعمد أو وجود عناصر متسللة، لا يمكن استبعاده».

صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)

أما رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، النائب إبراهيم عزيزي، فقد قال إن بيانات «مستورد الشحنة» لا تتوافق مع الموقع الذي خُزنت فيه المواد.

وأوضح في مقابلة تلفزيونية، مساء الاثنين، أن المواد الخطرة عادة ما تخزَّن في مناطق مخصصة خارج الموقع الذي وقع فيه الانفجار؛ مما يشير إلى وجود خلل محتمل أو تحايل في التصاريح. وأشار مقدم البرنامج إلى أن «المستورد» قدم معلومات مضللة لتقليل تكلفة التخزين والاستيراد.

بدوره، أشار النائب مرتضى محمودي إلى تقديم «بيانات زائفة» لتخزين الشحنات في مستودعات مخصصة لبضائع غير خطرة.

ونفت وزارة الدفاع الإيرانية، الأحد، تقارير إعلامية دولية أشارت إلى أن الانفجار قد يكون مرتبطاً بسوء التعامل مع الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ.

وقالت وسائل إعلام إيرانية إن الانفجار وقع داخل نطاق «شركة سينا لخدمات النقل البحري والملاحة». وهي شركة تابعة لـ«مؤسسة المستضعفين» التي هي من أبرز الكيانات الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، وهي معفاة من الضرائب وتربطها صلات وثيقة بالأجهزة العسكرية ومدرجة على قائمة العقوبات الأميركية.

وقال الجنرال حسين دهقان، رئيس «مؤسسة المستضعفين» الحالي وزير الدفاع السابق، إنه سيدلي برأيه لاحقاً بشأن الاتهامات الموجهة لشركة «سينا». وأضاف في تصريح لوكالة «إيلنا» أن «الجهة المخولة الرد هي وزارة الطرق والتنمية الحضرية».

من جانبه، أوضح سعيد جعفري، المدير العام لشركة «سينا»، أن «الكارثة نتجت عن تصريح غير دقيق بشأن طبيعة البضائع المستوردة»؛ إذ أُدخلت مواد «بالغة الخطورة» وخُزّنت على أنها «بضائع عادية»؛ مما أدى إلى الانفجار الكبير.

وأضاف أن «هذا التصريح الخاطئ عرض كل المنطقة للخطر؛ من السفينة إلى المستودع داخل الميناء»، وأكد أن الشركة «ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لمعالجة تبعات الحادث».

وقالت لجنة العمران في البرلمان الإيراني إن 40 نائباً على الأقل وقعوا على عريضة لاستجواب وزيرة الطرق والتنمية الحضرية، فرزانة صادق. وأفادت وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، بأنه «وفق آخر المتابعات، فإن عدد النواب المطالبين بالاستجواب في تصاعد».

وأعلنت السلطات الإيرانية، الثلاثاء، استئناف عمل مصلحة الجمارك في المرفأ، حيث خلف الانفجار أضراراً مادية كبيرة، ونشرت وسائل الإعلام الرسمية مشاهد لسيارات متفحمة.

وأفادت وكالة «شينخوا»، الثلاثاء، بأن الرئيس شي جينبينغ أرسل تعازيه إلى نظيره الإيراني، مسعود بزشكيان، في ضحايا الانفجار الذي وقع بميناء بندر عباس.

نشرت السفارة الروسية مقطع فيديو عبر حسابها في منصة «إكس» يُظهر مشاركة طائرات روسية في عمليات الإطفاء، بعد أن نفى وزير الداخلية الإيراني ذلك في وقت سابق.

غياب الشفافية

وكتبت صحيفة «فرهيختغان» المحافظة أن «المؤكد حتى الآن هو أن البضائع الخطرة كانت مخزّنة في نطاق شركة (سينا) القريبة من المبنى الإداري بميناء رجائي، رغم أن هذه المنطقة مخصصة للبضائع العادية فقط، وليست للمواد الخطرة». وأضافت: «سواء أكان السبب خللاً في إجراءات السلامة، أم إهمالاً، أم عملاً تخريبياً في ميناء رجائي، فإن التغطية الإعلامية حتى الآن تفتقر إلى المهنية، في ظل غياب الشفافية؛ مما ساهم في تفشي الإشاعات بشأن أسباب الحادث وعدد الضحايا».

وأضافت الصحيفة أن «التأخير في إعلان تفاصيل الحادث، بما فيها أسبابه ونوع المادة المتفجرة، جعل المواطنين يشعرون بالتهميش؛ مما أدى إلى انتشار إشاعات واسعة، من بينها مزاعم بسقوط ما بين 200 و300 قتيل، أو انفجار مواد تُستخدم في وقود الصواريخ».

من جهتها، كتبت صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية أن «الأوامر الصادرة للتحقيق خطوة إيجابية، لكن من المستحيل طمأنة الناس بوعود مبهمة تُطلق دون شفافية إعلامية؛ وعود قد تتحقق بعد فوات الأوان، أو قد لا تتحقق مطلقاً».

في سياق مرتبط، أفاد مصدرٌ مطلع صحيفةَ «اعتماد» الإصلاحية بأن وزارة الصحة وجميع المؤسسات التابعة لها تلقت أوامر، منذ ظهر الأحد، بوقف نشر أي بيانات تتعلق بعدد الجرحى والقتلى والخسائر البشرية عموماً الناجمة عن انفجار الحاويات في ميناء رجائي.


مقالات ذات صلة

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

أثار إعلان مجموعة القراصنة الإيرانية، المعروفة باسم «حنظلة»، اختراق الهاتف الجوال لرئيس طاقم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، حالة من القلق في محيط نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز) play-circle

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»
صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»
TT

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»
صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»

قالت مجموعة قراصنة إيرانية تطلق على نفسها اسم «حنظلة»، الأحد، إنها تمكنت من اختراق الهاتف الجوال لرئيس طاقم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، تساحي برفرمان، في إعلان أثار حالة من القلق داخل الدائرة الضيقة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

ونفى متحدث باسم برفرمان وقوع أي اختراق، غير أن شهود عيان تحدثوا عن حالة ارتباك، وقالوا إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية سارعت إلى فحص المعلومات المتداولة، ووضع خطة طوارئ للتعامل مع تداعيات محتملة.

وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إن الحكومة تتعامل بجدية مع إعلان «حنظلة»، لا سيما أنه جاء بعد نحو أسبوع من إعلان المجموعة مسؤوليتها عن اختراق هاتف رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق نفتالي بنيت، في هجوم سيبراني قالت إنه نُفذ ضمن عملية أطلقت عليها اسم «عملية الأخطبوط».

وبحسب مراجعة أولية للمواد التي نشرتها المجموعة، فإنها تتضمن قوائم بأسماء شخصيات إسرائيلية ودولية، قالت المجموعة إنها حصلت عليها من خلال بيانات استُخرجت من هاتف بنيت. كما شملت المواد صوراً ومقاطع فيديو، إضافة إلى محادثات جزئية يُعتقد أنها مأخوذة من حساب على تطبيق «تلغرام» منسوب إليه.

وقال مصدر رفيع في مكتب رئيس الحكومة، الأحد، إنه «لا توجد في هذه المرحلة مؤشرات على اختراق هاتف رئيس الطاقم برفرمان، إلا أن الفحص لا يزال مستمراً»، مضيفاً أنه «حتى الآن لم تُسجل دلائل على كشف قواعد بيانات واسعة أو وثائق حساسة تشير إلى اختراق شامل للجهاز، بما في ذلك استخراج معلومات سرية، خلافاً لما أعلنه القراصنة».

وفي الوقت نفسه، بدأت المجموعة بنشر مواد قالت إنها مأخوذة من هاتف برفرمان، من بينها صور ووثائق لاجتماعات مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والرئيس الأميركي السابق جو بايدن.

وأطلقت المجموعة على ما وصفته بالهجوم اسم «قضية بي بي غيت - سقوط حارس البوابة»، ووجهت عبر حساباتها تهديدات مباشرة إلى مكتب رئيس الحكومة، وإلى ما سمته «الدائرة القريبة من نتنياهو».

وقالت المجموعة في رسالة تهديدية: «أنتم تشعرون بذلك الآن - الضغط في الصدر، والعرق البارد، والخوف المتآكل. ليس هذا مجرد خوف، بل إدراك أن كل طبقات الحماية لديكم، وكل سر أُودع لدى تساحي برفرمان، بات مكشوفاً».

وزعمت المجموعة أن هاتفاً من طراز «آيفون 16 برو ماكس» يعود لبرفرمان قد اختُرق، مضيفة: «ليس الآن فقط. (حنظلة) تراقب، وتتسلل، وتستمع منذ سنوات». كما ادّعت أن بحوزتها «محادثات مشفرة، وصفقات مخفية، وإساءة استخدام للسلطة تشمل ابتزازاً ورشوة».

ولوّحت المجموعة بنشر وثائق. وقالت: «الملفات، التسجيلات، المقاطع المصورة... كل سر يربط نظامكم بالفساد سيطفو إلى السطح».

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن إعلان «مسؤول رفيع في مكتب نتنياهو» أن «الفحوصات الجارية لا تشير حتى الآن إلى اختراق هاتف برفرمان» قوبل بتشكيك، مشيرة إلى أن الحكومة سبق أن أصدرت نفياً مشابهاً بعد الإعلان عن اختراق هاتف بنيت، قبل أن يتبيّن لاحقاً عدم دقته، ويقرّ بنيت نفسه بالاختراق.

وأضافت هذه الوسائل أنه «رغم ضرورة التعامل بحذر مع إعلانات القراصنة، فإن الاستهانة بها قد تكون محفوفة بالمخاطر، نظراً إلى سجل المجموعة في تهديد مسؤولين كبار وبث الخوف».

وكانت مجموعة «حنظلة» قد هددت، بعد إعلانها اختراق هاتف بنيت الأسبوع الماضي، بنشر مواد إضافية تعود لسياسيين إسرائيليين، من بينهم وزيرا الدفاع السابقان بيني غانتس ويوآف غالانت، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والنائبة تالي غوتليب.

وأقرّ بنيت في وقت سابق من الشهر الحالي بأن الوصول تم إلى حسابه على تطبيق «تلغرام»، وأن البيانات التي جرى الحصول عليها «تم الوصول إليها بشكل غير قانوني»، وشملت قائمة جهات اتصال وصوراً ومحادثات. وقال إن القضية قيد معالجة الجهات الأمنية. وضمت قائمة جهات الاتصال المسربة نحو خمسة آلاف اسم، من بينهم رؤساء دول، ومسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل وخارجها، وسياسيون وصحافيون، وأفراد من عائلات أسرى، علماً بأن بنيت كان قد نفى في البداية اختراق هاتفه.

في الجانب الإيراني، عرض التلفزيون الرسمي أحد مقاطع الفيديو التي نشرتها المجموعة، قائلاً إن القراصنة حصلوا على «كمية كبيرة من المعلومات السرية» من الدائرة القريبة من مسؤول إسرائيلي.

وقالت وكالة «نور نيوز»، المحسوبة على مجلس الأمن القومي الإيراني، إن المجموعة عرضت 110 صفحات من جهات الاتصال الخاصة بهاتف برفرمان لـ«إثبات عملية الاختراق»، ونقلت عن بيان للمجموعة قولها: «ربما حان الوقت لكي يرى الناس مدى عمق التغلغل؛ فالأسماء والأرقام والصلات مكشوفة بوضوح. هذا ليس تهديداً، بل مجرد عرض».

أما وكالة «أرنا» الرسمية، فقد وصفت الوضع في تل أبيب بأنه «صدمة». وتقول وسائل إعلام إيرانية تابعة لـ«الحرس الثوري» إن مجموعة «حنظلة» تنشط في مجال الهجمات الإلكترونية وتسريب البيانات، وبرز اسمها مع تصاعد المواجهة الإعلامية والسيبرانية بين إيران ووسائل إعلام خارجية ناطقة بالفارسية.

وتعرف المجموعة نفسها على أنها جهة «مستقلة» تعمل في إطار ما تصفه بالرد على حملات إعلامية معادية لإيران، في سياق تصاعد «حرب الروايات»، وتعتمد أسلوب الاختراق الإلكتروني متبوعاً بنشر وثائق أو معلومات تقول إنها حصلت عليها من الجهات المستهدفة. وتدرج المجموعة أنشطتها ضمن ما تسميه «الحرب المعرفية» أو «الاشتباك الإعلامي».

وكانت المجموعة قد أعلنت، الصيف الماضي، مسؤوليتها عن اختراق أنظمة تابعة لوسائل إعلام خارجية، من بينها قناة «إيران إنترناشنال»، مدّعية الوصول إلى بيانات داخلية ونشر أجزاء منها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ولا توجد حتى الآن تأكيدات مستقلة أو رسمية تثبت وجود ارتباط تنظيمي مباشر بين المجموعة وأي جهة حكومية، غير أن التسمية ذات الدلالة الآيديولوجية (حنظلة بن أبي عامر من أنصار الحسين في كربلاء) توحي، وفق توصيفات إعلامية إيرانية، باحتمال تقاطعها أو قربها مما يُعرف بـ«الجيش السيبراني» التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني».


قراصنة من إيران يعلنون «اختراق» هاتف رئيس مكتب نتنياهو

صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
TT

قراصنة من إيران يعلنون «اختراق» هاتف رئيس مكتب نتنياهو

صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)

أعلنت مجموعة قرصنة إلكترونية مرتبطة بإيران، اليوم (الأحد)، أنها اخترقت هاتفاً جوالاً لأحد كبار مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك بعد أيام من إعلانها اختراق حساب رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت على تطبيق «تلغرام».

وأعلنت مجموعة «حنظلة» أنها اخترقت هاتف تساحي برافرمان، رئيس ديوان نتنياهو والسفير المُعيّن لدى بريطانيا. وفي بيان نُشر على الإنترنت، ادّعى المخترقون أنهم تمكنوا من الوصول إلى جهاز برافرمان وحذّروا الدائرة المقربة من نتنياهو من تسريب معلومات حساسة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الادعاء قيد التحقيق، وإنه لم يتم تأكيد أي اختراق حتى الآن، حسبما أورد موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت».

ووفقاً للصحيفة، أصدر المخترقون ادعاءات واسعة النطاق بامتلاكهم اتصالات مشفرة ومواد حساسة أخرى، لكنهم لم يقدموا أي دليل يدعم هذه الادعاءات. وأشاروا إلى أنه سيتم نشر معلومات إضافية لاحقاً. كما نشرت المجموعة صوراً لبرافرمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وسلفه جو بايدن.

وأعلنت المجموعة نفسها مسؤوليتها عن اختراق هاتف بينيت الجوال قبل نحو أسبوع ونصف، فيما أطلقت عليه اسم «عملية الأخطبوط». وفي البداية، نفى مكتب بينيت اختراق الهاتف، لكن المخترقين نشروا لاحقاً صوراً ووثائق وآلاف أرقام الهواتف على صفحات متعددة، بما في ذلك أرقام زعموا أنها مرتبطة بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.

وأقرّ بينيت لاحقاً باختراق حسابه على تطبيق «تلغرام». ولم تؤكد السلطات الإسرائيلية علناً صحة ادعاءات المخترقين الأخيرة، وقالت إن التحقيقات لا تزال جارية.


تقرير: نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش و«الشاباك» بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

تقرير: نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش و«الشاباك» بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قال مسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل مخاوف وتحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) بشأن سلسلة من التقارير الكاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة.

وبحسب صحيفة «إسرائيل هيوم»، فقد شملت هذه التقارير مزاعم بأنّ مصر تُشيِّد قواعد هجومية في سيناء، وهو ما ردّده السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، وأيضاً مزاعم بأنّ شخصيات بارزة في المخابرات المصرية كانت تتقاضى عمولات من تهريب الأسلحة إلى سيناء، وبأنّ مصر كانت متواطئة في خداع إسرائيل قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).

واحتجّت مصر على حملة التشويه، وأثارت القضية في اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من البلدين، ولكن دون جدوى. وقد تسبب ذلك في تصاعد الخلاف بين مصر وإسرائيل.

وتتعدد ملفات الخلاف بين مصر وإسرائيل وتتعلق بالأوضاع في قطاع غزة وتحميل إسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والوجود الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا» والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية، ما يتعارض مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وبين الحين والآخر يخرج الجيش الإسرائيلي ببيانات رسمية يشير فيها إلى أنه «أسقط طائرة مُسيَّرة كانت تُهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل»، وحدث ذلك أكثر مرة في أكتوبر الماضي قبل قرار تحويل الحدود إلى «منطقة عسكرية مغلقة».

وسبق أن عدَّ رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، أن «اتهامات إسرائيل بتهريب السلاح من مصر خطاب مستهلك»، وأشار في تصريحات إعلامية إلى أن القاهرة «سئمت من هذه الادعاءات التي تُستخدم لإلقاء المسؤولية على أطراف خارجية كلّما واجهت الحكومة الإسرائيلية مأزقاً سياسياً أو عسكرياً».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو «مخاوفه من حشد مصر لقواتها العسكرية في سيناء»، وردت «الهيئة العامة للاستعلامات» بتأكيدها على أن «انتشار القوات المسلحة جاء بموجب تنسيق كامل مع أطراف معاهدة السلام».

وأشارت «الهيئة» حينها إلى أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».