إيران: إخماد حريق ميناء رجائي قد يستغرق 20 يوماً

تضارب الروايات بين «الإهمال» و«العمل التخريبي»... واستجواب وزاري محتمل

صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)
صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)
TT

إيران: إخماد حريق ميناء رجائي قد يستغرق 20 يوماً

صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)
صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)

قال متحدث باسم «خلية الأزمة» الإيرانية إن إخماد الحريق في أكبر موانئ البلاد قد يستغرق 20 يوماً، في وقت قال فيه مسؤولون إن عناصر الإطفاء قد تمكنوا من السيطرة على الحريق، الذي اجتاح ميناء رجائي منذ السبت إثر وقوع انفجار قويّ عزته السلطات إلى «الإهمال».

وصباح الثلاثاء، أظهرت مشاهد مباشرة على التلفزيون دخاناً كثيفاً يتصاعد من حاويات مكدّسة في مرفأ رجائي جنوب إيران، حيث أسفر الانفجار عن 70 قتيلاً على الأقل ومئات الجرحى.

وقال المتحدث باسم «منظمة إدارة الأزمات»، حسين ظفري، لوكالة «إيلنا» العمالية، إن الإخماد الكامل لحريق ميناء رجائي في بندر عباس قد يستغرق من 15 إلى 20 يوماً؛ نظراً إلى طبيعة الحاويات، موضحاً أن العملية تشمل فتح الحاويات، وتبريدها، وإخماد الحريق فيها بشكل كامل بالماء، قبل نقلها.

وأشار إلى تحسن ملحوظ في الوضع، مؤكداً أن الحريق أصبح تحت السيطرة، وأنه يجري احتواء بؤره المتبقية، رغم استمرار تصاعد الدخان من بعض الحاويات المقاومة للاشتعال.

وصرح: «نلاحظ اليوم (الثلاثاء) كثافة أكبر للدخان الأبيض مقارنة بأمس (الاثنين)، مما يعدّ مؤشراً إيجابياً؛ إذ إن الدخان الأبيض - بوصفه بخار ماء - يدل على انحسار الحريق، بينما يشير الدخان الأسود إلى استمرار الاشتعال، وفقاً لتوصيف رجال الإطفاء».

وأضاف أن «فرق (الهلال الأحمر) والطب الشرعي والشرطة تتابع البحث عن المفقودين، فقد سُجّل حتى الآن 22 مفقوداً، فضلاً عن 22 جثة متفحمة لم تُعرّف بعد، وتعمل الجهات المختصة في الطب الشرعي على تحديد هوياتها».

وأعلن محافظ هرمزجان أن تنظيف موقع الانفجار في ميناء رجائي سيستغرق أياماً عدة، وقد تمتد عملية نقل الحاويات المتضررة إلى نحو أسبوعين.

وقال مختار سلحشور، المسؤول المحلي في «الهلال الأحمر» الإيراني، مساء الاثنين، في تصريحات للتلفزيون الرسمي: «جرت السيطرة على الحريق، ولم يتبقَّ سوى تنظيف المنطقة المتضرّرة»؛ وفق ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

دخان يتصاعد بعد انفجار ميناء رجائي بمدينة بندر عباس (رويترز)

وقع الانفجار، الذي سُمع دويّه على بعد عشرات الكيلومترات، السبت في أحد أرصفة الميناء القريب من مدينة بندر عباس الكبرى على مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يمر عبره خُمس إنتاج النفط العالمي، على بعد نحو ألف كيلومتر من طهران.

وقال محمد عاشوري، محافظ هرمزجان (جنوب) حيث يقع المرفأ، في تصريحات تلفزيونية مساء الاثنين، إن «فرضية العمل التخريبي عارية من الصحة».

«إهمال» أم «عمل تخريبي»؟

وأشارت مصلحة الجمارك في المرفأ إلى أن حريقاً بمستودع لتخزين مواد كيميائية خطيرة قد يكون سبب الحادثة.

وقال عاشوري إن «دخاناً تصاعد في بادئ الأمر من الموقع، قبل أن يتحوّل تدريجاً إلى حريق... تسبّب في انفجار قويّ».

وعزا وزير الداخلية، إسكندر مؤمني، مساء الاثنين، الأمر إلى «وقوع تقصير، خصوصاً عدم الالتزام بالإجراءات الأمنية، وإهمال».

وأعلنت لجنة التحقيق في الحادث، الاثنين، عن وجود «إهمال واضح» في تطبيق معايير السلامة والدفاع المدني.

وأكدت اللجنة ورود بيانات غير دقيقة بشأن طبيعة الشحنة، مشيرة إلى أن التحقيقات ما زالت جارية بمشاركة الجهات الأمنية والقضائية، وأن تحديد الأسباب الدقيقة يتطلب تحليلات فنية ومخبرية شاملة.

وأمر المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأحد، بإجراء تحقيق «للكشف عن أي إهمال أو تعمد» وراء الحادث، في إشارة إلى أن السلطات لا تستبعد أنها عملية تخريب.

ووقع الحادث في الوقت الذي بدأت فيه إيران جولة ثالثة من المحادثات النووية مع الولايات المتحدة في سلطنة عمان، لكن ليس هناك أي مؤشر على وجود صلة بين الأمرين.

مع ذلك، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، النائب محمد مهدي شهرياري، الثلاثاء: «حتى الآن لم تتضح أبعاد هذه الحادثة المؤسفة»، مضيفاً: «قد تكون ناجمة عن أخطاء غير مقصودة أو إهمال فني، لكن هناك أيضاً من يطرح فرضية العمل التخريبي».

وأوضح شهرياري في حديث لموقع «رويداد24» الإخباري، أن «الحادث ربما نجم عن استخدام طائرات مسيّرة صغيرة، كما أن احتمال التفجير المتعمد أو وجود عناصر متسللة، لا يمكن استبعاده».

صورة فضائية من قمر «بلانت لابس» الاثنين تُظهر عموداً من الدخان يتصاعد بعد يومين من الانفجار الذي وقع برصيف ميناء رجائي في بندر عباس (أ.ف.ب)

أما رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، النائب إبراهيم عزيزي، فقد قال إن بيانات «مستورد الشحنة» لا تتوافق مع الموقع الذي خُزنت فيه المواد.

وأوضح في مقابلة تلفزيونية، مساء الاثنين، أن المواد الخطرة عادة ما تخزَّن في مناطق مخصصة خارج الموقع الذي وقع فيه الانفجار؛ مما يشير إلى وجود خلل محتمل أو تحايل في التصاريح. وأشار مقدم البرنامج إلى أن «المستورد» قدم معلومات مضللة لتقليل تكلفة التخزين والاستيراد.

بدوره، أشار النائب مرتضى محمودي إلى تقديم «بيانات زائفة» لتخزين الشحنات في مستودعات مخصصة لبضائع غير خطرة.

ونفت وزارة الدفاع الإيرانية، الأحد، تقارير إعلامية دولية أشارت إلى أن الانفجار قد يكون مرتبطاً بسوء التعامل مع الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ.

وقالت وسائل إعلام إيرانية إن الانفجار وقع داخل نطاق «شركة سينا لخدمات النقل البحري والملاحة». وهي شركة تابعة لـ«مؤسسة المستضعفين» التي هي من أبرز الكيانات الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، وهي معفاة من الضرائب وتربطها صلات وثيقة بالأجهزة العسكرية ومدرجة على قائمة العقوبات الأميركية.

وقال الجنرال حسين دهقان، رئيس «مؤسسة المستضعفين» الحالي وزير الدفاع السابق، إنه سيدلي برأيه لاحقاً بشأن الاتهامات الموجهة لشركة «سينا». وأضاف في تصريح لوكالة «إيلنا» أن «الجهة المخولة الرد هي وزارة الطرق والتنمية الحضرية».

من جانبه، أوضح سعيد جعفري، المدير العام لشركة «سينا»، أن «الكارثة نتجت عن تصريح غير دقيق بشأن طبيعة البضائع المستوردة»؛ إذ أُدخلت مواد «بالغة الخطورة» وخُزّنت على أنها «بضائع عادية»؛ مما أدى إلى الانفجار الكبير.

وأضاف أن «هذا التصريح الخاطئ عرض كل المنطقة للخطر؛ من السفينة إلى المستودع داخل الميناء»، وأكد أن الشركة «ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لمعالجة تبعات الحادث».

وقالت لجنة العمران في البرلمان الإيراني إن 40 نائباً على الأقل وقعوا على عريضة لاستجواب وزيرة الطرق والتنمية الحضرية، فرزانة صادق. وأفادت وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، بأنه «وفق آخر المتابعات، فإن عدد النواب المطالبين بالاستجواب في تصاعد».

وأعلنت السلطات الإيرانية، الثلاثاء، استئناف عمل مصلحة الجمارك في المرفأ، حيث خلف الانفجار أضراراً مادية كبيرة، ونشرت وسائل الإعلام الرسمية مشاهد لسيارات متفحمة.

وأفادت وكالة «شينخوا»، الثلاثاء، بأن الرئيس شي جينبينغ أرسل تعازيه إلى نظيره الإيراني، مسعود بزشكيان، في ضحايا الانفجار الذي وقع بميناء بندر عباس.

نشرت السفارة الروسية مقطع فيديو عبر حسابها في منصة «إكس» يُظهر مشاركة طائرات روسية في عمليات الإطفاء، بعد أن نفى وزير الداخلية الإيراني ذلك في وقت سابق.

غياب الشفافية

وكتبت صحيفة «فرهيختغان» المحافظة أن «المؤكد حتى الآن هو أن البضائع الخطرة كانت مخزّنة في نطاق شركة (سينا) القريبة من المبنى الإداري بميناء رجائي، رغم أن هذه المنطقة مخصصة للبضائع العادية فقط، وليست للمواد الخطرة». وأضافت: «سواء أكان السبب خللاً في إجراءات السلامة، أم إهمالاً، أم عملاً تخريبياً في ميناء رجائي، فإن التغطية الإعلامية حتى الآن تفتقر إلى المهنية، في ظل غياب الشفافية؛ مما ساهم في تفشي الإشاعات بشأن أسباب الحادث وعدد الضحايا».

وأضافت الصحيفة أن «التأخير في إعلان تفاصيل الحادث، بما فيها أسبابه ونوع المادة المتفجرة، جعل المواطنين يشعرون بالتهميش؛ مما أدى إلى انتشار إشاعات واسعة، من بينها مزاعم بسقوط ما بين 200 و300 قتيل، أو انفجار مواد تُستخدم في وقود الصواريخ».

من جهتها، كتبت صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية أن «الأوامر الصادرة للتحقيق خطوة إيجابية، لكن من المستحيل طمأنة الناس بوعود مبهمة تُطلق دون شفافية إعلامية؛ وعود قد تتحقق بعد فوات الأوان، أو قد لا تتحقق مطلقاً».

في سياق مرتبط، أفاد مصدرٌ مطلع صحيفةَ «اعتماد» الإصلاحية بأن وزارة الصحة وجميع المؤسسات التابعة لها تلقت أوامر، منذ ظهر الأحد، بوقف نشر أي بيانات تتعلق بعدد الجرحى والقتلى والخسائر البشرية عموماً الناجمة عن انفجار الحاويات في ميناء رجائي.


مقالات ذات صلة

خامنئي يستبعد نتائج من مفاوضات «النووي»

شؤون إقليمية 
خامنئي يلقي خطاباً في مراسم إحياء الذكرى السنوية لوفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي (موقع المرشد)

خامنئي يستبعد نتائج من مفاوضات «النووي»

استبعد المرشد الإيراني علي خامنئي أن تؤدي المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن، إلى نتيجة، رافضاً أي وقف لتخصيب اليورانيوم، وذلك وسط ترقب بشأن جولة جديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو متحدثاً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ اليوم (أ.ب)

روبيو يؤكد عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم الثلاثاء، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تعمل على التوصل إلى اتفاق يسمح لإيران بامتلاك برنامج نووي مدني دون تخصيب

«الشرق الأوسط» (واشنطن - لندن)
شؤون إقليمية إيرانيان يمران أمام جدارية معادية للولايات المتحدة على حائط سفارتها السابقة في طهران (إ.ب.أ)

هل تقضي الحرب الكلامية على فرص التفاهم بين إيران وأميركا؟

وسط تصاعد التصريحات الإيرانية الرافضة موقف واشنطن بشأن تخصيب اليورانيوم، شدد نائب وزير خارجية طهران مجيد تخت روانجي على أهمية إدارة المفاوضات داخل غرفة التفاوض.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)

وزير الدفاع الإسرائيلي يكشف عن مخطط إيراني لـ«إيذائه»

كشف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن أن إيران جندت إسرائيليين اثنين «لإيذائه»، في إشارة إلى الاعتقالات التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية خامنئي يلقي خطاباً في مراسم إحياء الذكرى السنوية لوفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي (موقع المرشد)

خامنئي يشكّك في نجاح المحادثات النووية مع أميركا

قال المرشد الإيراني علي خامنئي إنه «لا يعتقد» أن المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الملف النووي الإيراني ستؤدي إلى نتيجة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

خامنئي يستبعد نتائج من مفاوضات «النووي»


خامنئي يلقي خطاباً في مراسم إحياء الذكرى السنوية لوفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي (موقع المرشد)
خامنئي يلقي خطاباً في مراسم إحياء الذكرى السنوية لوفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي (موقع المرشد)
TT

خامنئي يستبعد نتائج من مفاوضات «النووي»


خامنئي يلقي خطاباً في مراسم إحياء الذكرى السنوية لوفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي (موقع المرشد)
خامنئي يلقي خطاباً في مراسم إحياء الذكرى السنوية لوفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي (موقع المرشد)

استبعد المرشد الإيراني علي خامنئي أن تؤدي المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن، إلى نتيجة، رافضاً أي وقف لتخصيب اليورانيوم، وذلك وسط ترقب بشأن جولة جديدة.

وقال خامنئي إن «على الطرف الأميركي ألا يقول هراء... قولهم إننا لن نسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم، هذه وقاحة زائدة. لا ننتظر إذنَ هذا أو ذاك، نتبع سياستنا الخاصة». وأضاف: «لا نظن أن المفاوضات ستُفضي إلى نتيجة الآن، ولا نعلم ما الذي سيحدث».

بدوره، قال وزير الخارجية عباس عراقجي: «نواجه مواقف غير منطقية وغير مقبولة تماماً، وقضية التخصيب، ليست مطروحة للنقاش أصلاً».

وفي واشنطن، أبلغ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أن إدارة ترمب منخرطة في عملية للتوصل إلى اتفاق يسمح لإيران بامتلاك برنامج نووي مدني من دون تخصيب اليورانيوم، لكنه أقر بأن هذا الاتفاق «لن يكون سهلاً».