ضم الضفة الغربية لم يعد هدفاً تسعى إسرائيل لتحقيقه، بل أضحى «واقعاً» يفرض نفسه ولا يجد قوة تعرقله... هذا ما تباهى به رئيس «مديرية الاستيطان» بوزارة الدفاع الإسرائيلية، في تصريحات علنية نشرتها صحيفة «هآرتس»، يوم الأحد.
ونقلت الصحيفة عن رئيس المديرية، يوني دانينو، قوله إنه ورفاقه الذين يمثلون حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة الوزير بتسلئيل سموتريتش، يعملون حثيثاً على فرض ضم الضفة بخطوات عملية على الأرض.
وأضاف أن خطة الضم تُنفَّذ فعلياً بمختلف الوسائل العملية، «ولا توجد إمكانية لمنعها».
واشتمل تقرير «هآرتس» على مسح ميداني لمشاريع الاستيطان. وفيه قال دانينو صراحةً: «فرض السيادة أمر يتعلق بتشريعات في الكنيست. قد لا نملك القدرة على فعل هذا، لكن لدينا القدرة على دفع الوضع - من الناحية المهنية - إلى أقرب نقطة تسمح بذلك».
وأوضح قائلاً: «كلما فرضت المديرية حقائق ميدانية، من خلال خطوات حكومية منتظمة، وعبر إقامة منطقة صناعية واحدة تلو الأخرى وبيت تلو الآخر وشق شارع تلو الآخر، ستثمر الجهود وستتوفر القدرة على فرض السيادة بشكل أفضل».
وفي التقرير خلصت زيف شتيهل، المديرة العامة لمنظمة «ييش دين» (هناك قانون) الحقوقية، إلى أن الضم «بات حاصلاً».
وأضافت: «بالإضافة إلى أن هذا انتهاك للقاعدة الأساسية للقانون الدولي، التي تحظر الضم، فإنه يؤثر بقوة على كل جانب في حياة فلسطينيي الضفة، وهم ثلاثة ملايين نسمة... يجدون أنفسهم رعايا بلا حقوق، ويخضعون لرحمة حكومة لا يملكون أي تأثير عليها».
«تغيُّر 180 درجة»
يوضح التقرير أن الحكومة، بقيادة بنيامين نتنياهو، عينت وزير المالية سموتريتش وزيراً ثانياً في وزارة الدفاع، بناءً على طلبه، حتى يقود عملية الضم الفعلي، فأقام ما يسمى «مديرية الاستيطان» في الوزارة.
ويرى خبراء قانون أن مجرد إقامة «مديرية استيطان» في هذه الوزارة يشكّل ضماً فعلياً للضفة الغربية، وهو ما يؤكده أيضاً مسؤولوها.
وفي أعقاب فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلن سموتريتش أن عام 2025 سيكون «عام السيادة في يهودا والسامرة»، مستخدماً الاسم التوراتي للضفة الغربية.
وقال دانينو: «عندما نؤسس وضعاً ينتقل فيه جميع سكان وسط البلاد إلى هضبة الجولان عن طريق يهودا والسامرة... فإن هذا سيؤدي إلى سيادة في نهاية الأمر».
وأضاف أن شكل إدارة حياة المستوطنين في الضفة الغربية «تغير 180 درجة» خلال ولاية الحكومة الإسرائيلية الحالية، وأن المستوطنين «يخضعون من الناحية القانونية للحاكم (أي قائد القيادة الوسطى للجيش الإسرائيلي)، لكنهم هم الذين يديرون الأمور بأنفسهم».
وأوضح قائلاً: «إذا تقرر بناء شرفة في (مستوطنة) بيت إيل، لا يُنظر إلى تأثير ذلك على الوضع الأمني في رام الله. بإمكان الجيش أن يقدم ملاحظات لكنه لا يدير عملية بناء كهذه».
واستطرد: «منذ سنوات طويلة لم تقم مستوطنات في يهودا والسامرة. وخلال ولاية هذه الحكومة أقيمت 28 مستوطنة جديدة بشكل رسمي، وهي ليست بؤراً استيطانية عشوائية. وهذه زيادة قوية في النسب المئوية. هي أعمال تنفذها الدولة بامتياز».
وتشير معطيات حركة «السلام الآن» - استناداً إلى تقارير مجلس التخطيط الأعلى في وحدة «الإدارة المدنية» للاحتلال التابعة للجيش الإسرائيلي - إلى المصادقة على 4427 خطة بناء استيطانية في عام 2022، وعلى 12349 خطة بناء استيطاني في العام التالي، وعلى 9971 خطة في عام 2024، والمصادقة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 على 14335 خطة بناء استيطاني.
وبرز خلال دورة الكنيست الشتوية الأخيرة سعيُ أعضاء في الائتلاف إلى دفع قوانين تهدف إلى تغيير الوضع في الضفة، مدعومين بقرارات حكومية تجاهلت السكان الفلسطينيين والقانون الدولي، وفقاً للصحيفة.
ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، طبَّق وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، يتسحاق غولدكنوبف، مرسوم قوانين التجديد العمراني على مستوطنات الضفة الغربية، التي تمنح مقاولي البناء امتيازات كبيرة، وذلك بهدف بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية في المستوطنات بإجراءات سريعة. وتشمل هذه الامتيازات إعفاءات ضريبية متعددة.
وفي نهاية يناير (كانون الثاني)، صادق الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يُسهّل على اليهود شراء أراضٍ في الضفة، وإلغاء القانون الأردني الذي يقضي بمنع تأجير وبيع عقار لغير العرب.