أشار تحقيق لشبكة «سي إن إن» الأميركية إلى أن المراهقين السويديين يتمّ تجنيدهم من قِبل عصابات، واستغلالهم من جانب إيران، لاستهداف المصالح الإسرائيلية، وفق ما ذكرته مصادر استخباراتية.
ففي مايو (أيار) الماضي، أُلقي القبض على مراهقَيْن سويدييْن (15 و14 عاماً) حاولا مهاجمة السفارة الإسرائيلية في استوكهولم، وأُلقي القبض على المراهق البالغ 15 عاماً قبل وصوله إلى محيط السفارة، أما الفتى البالغ 14 عاماً فنجح في الوصول، وأطلق عدة طلقات نارية، بمسدس نصف آلي عيار «9 ملم»، بالقرب من السفارة قبل أن يُعتقل.
ولم يُحاكم الفتى البالغ من العمر 14 عاماً لأنه قاصر، في حين أُدين الفتى، البالغ 15 عاماً، بجريمة خطيرة تتعلق بالأسلحة، وحُكم عليه بقضاء 11 شهراً في دار رعاية للأحداث.
وتقول الشرطة السويدية إن محاولات الهجوم كانت من بين عدة محاولات استهدفت السفارة الإسرائيلية في استوكهولم العام الماضي. وأفادت مصادر في جهاز الأمن السويدي لشبكة «سي إن إن» بأن عصابات تعمل لصالح إيران نفّذت هذه الهجمات، مما يزيد من خطورة الأزمة القائمة.
وسائل التواصل الاجتماعي
وتواجه السويد موجة من عنف العصابات التي شملت بشكل متزايد الأطفال والمراهقين؛ وفقاً لعدة مصادر، من بينهم أعضاء سابقون في عصابات، وعدد من الاختصاصيين الاجتماعيين، ومدعون عامون، ومحامون، وخبراء في علم الجريمة، وأفراد من الأجهزة الأمنية.
وتُجنّد العصابات أطفالاً صغاراً جداً، لا يسمح سنهم بإيداعهم في السجن، للقيام بأعمال عنيفة. وذكرت المصادر أن وسائل التواصل الاجتماعي أداة رئيسية في استقطابهم واستغلالهم، حيث يُدرّبهم رجال العصابات عبر الإنترنت على ارتكاب جرائم تتراوح بين التخريب والتفجير والقتل المأجور.
والعام الماضي، حذّر جهاز المخابرات السويدي من أن إيران تستخدم «شبكاتها الإجرامية» لتنفيذ مخططاتها في توسيع نطاق صراعها الإقليمي مع إسرائيل. ورفضت السفارة الإيرانية في استوكهولم هذه المزاعم آنذاك، واصفةً إياها بمعلومات «زائفة ودعائية» تُروّج لها إسرائيل.
وتحدّثت شبكة «سي إن إن» مع الكثير من مصادر الشرطة والأمن السويدية حول النشاط الأجنبي المزعوم في إطار هذا التحقيق. ولم يُعلّق جميعهم علناً، لكنّ من علّقوا قالوا إنّ الحكومة الإيرانية تعمل مع عصابات محلية للتخطيط لهجمات سياسية على المصالح الإسرائيلية واليهودية. وأضافوا أنّ الأطفال كانوا متورطين في كثير من الحالات.
ورفضت السلطات الإيرانية التعليق على تحقيق «سي إن إن».
عصابات محلية
وأفاد مصدر في جهاز المخابرات السويدي بأنّ عصابتين سويديتين متنافستين، تُعرفان باسمي «فوكستروت» و«رومبا»، خططتا لعدة هجمات استهدفت السفارة الإسرائيلية في استوكهولم بناءً على طلب إيران العام الماضي. وشملت الهجمات محاولات استهداف بعبوات ناسفة أو بإطلاق النار.
وشملت معظم الهجمات التي راجعتها «سي إن إن» مشتبهاً بهم تقل أعمارهم عن 18 عاماً، الذين يُعاملون معاملة مختلفة عن البالغين في نظام العدالة الجنائية السويدي، حيث تزيد فرص إلغاء الملاحقة القضائية لهم. ووفقاً لسجلات المحاكم، بدا أنهم لا يعرفون سوى القليل عمن كان يوجّه تحركاتهم.
وتُجنّد الشبكات الإجرامية المراهقين بشكل استراتيجي، ليس فقط لسهولة التلاعب بهم، بل أيضاً لأنهم يحصلون على عقوبات أخف، وفقاً لخبراء أمنيين. ففي السويد، لا يُمكن تحميل الأطفال دون سن 15 عاماً المسؤولية القانونية عن الجرائم، في حين يُحال عادةً من تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاماً إلى سلطات الرعاية الاجتماعية بدلاً من الحكم عليهم بالسجن.
وقال مصدر في جهاز الأمن السويدي إنه تمت ملاحظة هذه الأساليب الإيرانية «بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول)»، في إشارة إلى الهجوم الذي قادته حركة «حماس» الفلسطينية على إسرائيل في عام 2023 الذي أشعل فتيل الحرب في قطاع غزة.
عقوبات أميركية
وكشفت شبكة «سي إن إن» عن أمثلة حديثة أخرى لهجمات مُخطط لها على مواقع إسرائيلية ويهودية في أوروبا، حيث زُعم أن شبكات إجرامية مرتبطة بإيران مارست ضغوطاً على السكان المحليين لتنفيذ هذه الجرائم، وفقاً لوثائق قضائية. ومن بين الأهداف: كنيس يهودي ومركز تذكاري يهودي في ألمانيا، ومطعم يهودي، ومركز صلاة في اليونان. ونفت إيران ضلوعها في هذه الحوادث.
وفرضت وزارة الخزانة الأميركية مؤخراً عقوبات على عصابة «فوكستروت» السويدية وزعيمها، الذي قالت إنه يتعاون مع وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية. واتهمت العصابة بتدبير هجمات على إسرائيليين ويهود في أوروبا نيابة عن إيران.
وتواصلت شبكة «سي إن إن» مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» للتعليق على هذا التحقيق، لكنها لم تتلقَّ رداً.