لماذا أنهى نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي واجه ضغوطاً متضاربة منذ بداية الحرب

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
TT
20

لماذا أنهى نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

كانت موجة الغارات الإسرائيلية التي أودت بحياة مئات الفلسطينيين في أنحاء قطاع غزة، فجر اليوم الثلاثاء، نتيجة جهود رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للخروج من وقف إطلاق النار مع «حماس» الذي وافق عليه في يناير (كانون الثاني) الماضي.

منذ بداية الحرب، واجه نتنياهو ضغوطاً متضاربة: فعائلات الرهائن تريد منه إبرام صفقة مع «حماس» لإطلاق سراحهم، بينما يريد شركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف مواصلة الحرب بهدف القضاء على الجماعة المسلحة. يوم الثلاثاء، بدا كأنه يؤيد الخيار الأخير، وقد دعمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرار نتنياهو الانسحاب من جانب واحد من اتفاق وقف إطلاق النار، وفقاً لتقرير من وكالة «أسوشييتد برس».

تُلقي كل من إسرائيل والولايات المتحدة باللوم في تجدد الأعمال العدائية على رفض «حماس» إطلاق سراح مزيد من الرهائن قبل بدء المفاوضات لإنهاء الحرب، وهو ما لم يكن جزءاً من اتفاق وقف إطلاق النار. واتهمت إسرائيل «حماس» بالتحضير لهجمات جديدة، دون تقديم أدلة. وقد نفت الجماعة المسلحة هذه المزاعم. «حماس»، التي لم ترد عسكرياً بعد على الضربات الإسرائيلية، أمضت أسابيع في الدعوة إلى محادثات جادة بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، التي تدعو إلى إطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين مقابل مزيد من السجناء الفلسطينيين، وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة، ووقف إطلاق نار دائم.

كان من المفترض أن تبدأ هذه المحادثات في أوائل فبراير (شباط) الماضي. أما الآن، فقد لا تحدث أبداً، وفق التقرير.

نساء بجانب جثث الضحايا الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)
نساء بجانب جثث الضحايا الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)

ماذا جاء في اتفاق وقف إطلاق النار؟

دعا الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في يناير الماضي، تحت ضغط من إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن وإدارة دونالد ترمب الجديدة، إلى وقف إطلاق نار تدريجي يهدف إلى تحرير جميع الرهائن الذين اختُطفوا في هجوم «حماس» يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وإنهاء الحرب.

في المرحلة الأولى، التي استمرت من 19 يناير إلى 1 مارس (آذار) الحالي، أطلقت «حماس» سراح 25 رهينة إسرائيلياً وسلمت جثث 8 آخرين، مقابل نحو 1800 سجين فلسطيني، بمن فيهم أشخاص يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد. انسحبت القوات الإسرائيلية إلى منطقة عازلة، وعاد مئات آلاف الفلسطينيين إلى ما تبقى من منازلهم، وكانت هناك زيادة في دخول المساعدات الإنسانية. تبادل كل طرف الاتهامات بالانتهاكات، وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل العشرات من الفلسطينيين الذين اتهمهم الجيش بالانخراط في أنشطة مسلحة أو دخول مناطق محظورة. لكن الهدنة صمدت.

ومع ذلك، لطالما عُدّت المرحلة الثانية أكبر صعوبة.

خلال أشهر من المفاوضات، شكك نتنياهو مراراً وتكراراً في جدواها، مُصراً على أن إسرائيل ملتزمة بإعادة جميع الرهائن وتدمير قدرات «حماس» العسكرية والحكومية، وهما هدفان من أهداف الحرب يعتقد كثيرون أنه لا يمكن التوفيق بينهما.

في مقابلة تلفزيونية خلال يونيو (حزيران) الماضي، شكك نتنياهو في إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم قبل تدمير «حماس». وقال: «نحن ملتزمون بمواصلة الحرب بعد فترة توقف، من أجل تحقيق هدف القضاء على (حماس). لست مستعداً للتخلي عن ذلك».

في 18 يناير الماضي، عشية وقف إطلاق النار، أوضح نتنياهو: «نحتفظ بحق العودة إلى الحرب إذا لزم الأمر بدعم من الولايات المتحدة».

لماذا تراجع نتنياهو عن الاتفاق؟

من شبه المؤكد أن الموافقة على وقف إطلاق نار دائم ستُغرق نتنياهو في أزمة سياسية قد تُنهي حكمه شبه المتواصل الذي استمر 15 عاماً، وفقاً لـ«أسوشييتد برس».

وهدد وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الائتلاف إذا انتقل نتنياهو إلى المرحلة الثانية بدلاً من استئناف الهجوم. ووعدت أحزاب المعارضة بدعمه في أي اتفاق يُعيد الأسرى، لكن ائتلافه سيظل ضعيفاً للغاية؛ مما يجعل الانتخابات المبكرة مُرجّحة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) يتحدث مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) يتحدث مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش (أ.ب)

وباستئناف القتال، ضمن نتنياهو استمرار دعم سموتريتش. بعد الضربات، استعاد الزعيم الإسرائيلي شريكاً آخر من اليمين المتطرف، وهو إيتمار بن غفير، الذي انسحب حزبه في يناير الماضي بسبب وقف إطلاق النار، لكنه عاد إلى الائتلاف يوم الثلاثاء. بعيداً عن المناورات السياسية، كان من شبه المؤكد أن هدف نتنياهو المعلن المتمثل في القضاء على «حماس» سيفلت منه لو التزم باتفاق وقف إطلاق النار.

صمدت «حماس» لمدة 15 شهراً من عمليات القصف الإسرائيلي والعمليات البرية التي أودت بحياة أكثر من 48 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة المحليين، ودمرت جزءاً كبيراً من غزة. وعندما جرى التوصل إلى الهدنة، أعادت «الحركة» فرض سيطرتها على الفور.

لا يوجد اتفاق على من سيحكم غزة بعد الحرب، وحتى لو مُنحت السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب سيطرة اسمية، فسيكون لـ«حماس» نفوذ قوي على الأرض ويمكنها إعادة بناء قدراتها العسكرية.

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (أ.ب)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (أ.ب)

بالنسبة إلى كثير من الإسرائيليين، خصوصاً قاعدة نتنياهو المتشددة وحلفاءه من اليمين المتطرف، سيبدو ذلك هزيمة. سيزيد ذلك من الانتقادات التي يواجهها بالفعل بشأن الإخفاقات الأمنية المحيطة بـ«هجوم 7 أكتوبر»، الذي قَتل فيه مسلحون بقيادة «حماس» نحو 1200 شخص، واختطفوا 251.

كيف أنهى نتنياهو الهدنة؟

بعد انتهاء المرحلة الأولى، صرّح نتنياهو بأن إسرائيل وافقت على ما وصفه بمقترح أميركي جديد، يقضي بإطلاق «حماس» سراح نصف الرهائن المتبقين مقابل تمديدِ الهدنة 7 أسابيع ووعدٍ مبهم ببدء مفاوضات بشأن وقف إطلاق نار دائم.

رفضت «حماس» ذلك، مشيرةً إلى أن المقترح الجديد مختلف عن المقترح الذي وافقت عليه في يناير الماضي، ودعت مجدداً إلى البدء الفوري في محادثات المرحلة الثانية. حتى إنها عرضت إعادة مواطن أميركي إسرائيلي وجثث 4 رهائن آخرين لإعادة المحادثات إلى مسارها الصحيح، وهو عرض رفضته إسرائيل ووصفته بأنه «حرب نفسية». وقال مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إن «حماس» تدّعي المرونة علناً بينما تطرح مطالب «غير عملية على الإطلاق».

وفي محاولة لفرض الترتيب الجديد على «الحركة»، أوقفت إسرائيل دخول جميع المواد الغذائية والوقود وغير ذلك من المساعدات الإنسانية إلى غزة. كما قطعت الكهرباء لاحقاً؛ مما أثر على محطة تحلية مياه حيوية. كما قالت إسرائيل إنها لن تنسحب من ممر استراتيجي على حدود غزة مع مصر، كما هو منصوص عليه في الاتفاق.

في الأيام الأخيرة، صعّدت إسرائيل غاراتها على غزة، مستهدفةً أشخاصاً زعمت أنهم يزرعون متفجرات أو يشاركون في أنشطة مسلحة أخرى. ويوم الثلاثاء، في نحو الساعة الثانية فجراً، شنّت واحدة من أعنف موجات الغارات منذ بدء الحرب.


مقالات ذات صلة

غالبية في إسرائيل تعتقد أن الحكومة ليست صادقة في مفاوضات الصفقة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر عن معاداة السامية في القدس الخميس (أ.ف.ب)

غالبية في إسرائيل تعتقد أن الحكومة ليست صادقة في مفاوضات الصفقة

بيّنت نتائج استطلاع للرأي في إسرائيل أن مزيداً من المواطنين ينفضون عن تأييد حكومة بنيامين نتنياهو، وحتى في صفوف اليمين، ثمة انتقال ملموس إلى معسكر المعارضة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام في بلدة الخيام مطلعاً على الأضرار الناتجة عن الحرب الإسرائيلية خلال جولة له في الجنوب (أرشيفية - أ.ف.ب)

«تصعيد خطير»... سلام يدين استهداف إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت

ندّد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، الجمعة، باستهداف إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت، ووصفه بأنه «تصعيد خطير».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية بالضاحية الجنوبية لبيروت 28 مارس 2025 (أ.ف.ب) play-circle 00:33

إسرائيل تقصف الضاحية الجنوبية لبيروت لأول مرة منذ اتفاق وقف النار

تصاعد التوتر بين لبنان وإسرائيل، على خلفية إطلاق «قذيفتين صاروخيتين» من لبنان نحو إسرائيل، واستهدفت غارة إسرائيلية الضاحية الجنوبية لبيروت، لأول مرة منذ الهدنة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية موظفون في «الكابيتول» يرفعون لافتة للمطالبة بـ«إنقاذ رفح» قُبيل التصويت على قانون تجميد صفقة السلاح لإسرائيل (أرشيفية - أ.ف.ب)

إسرائيل قلقة من تدهور التأييد لها بين الديمقراطيين الأميركيين

ثُلث مصوتي الحزب الديمقراطي الأميركي فقط يحملون رأياً إيجابياً تجاه إسرائيل، في مقابل 80 في المائة من الجمهوريين. ويثير هذا المعطى قلقاً كبيراً في تل أبيب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة خلال المؤتمر الدولي لمكافحة معاداة السامية في القدس 27 مارس 2025 (إ.ب.أ)

نتنياهو: «مصير المجتمعات الحرة» مرتبط بنيتها مكافحة معاداة السامية

اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، في القدس أن «مصير المجتمعات الحرة» مرتبط بنيتها مكافحة معاداة السامية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

عودة الاحتجاجات الحاشدة دعماً لإمام أوغلو… وحليف إردوغان يعدُّها مؤامرة

استمرار الاحتجاجات اليومية على خلفية اعتقال أكرم إمام اوغلو (أ.ف.ب)
استمرار الاحتجاجات اليومية على خلفية اعتقال أكرم إمام اوغلو (أ.ف.ب)
TT
20

عودة الاحتجاجات الحاشدة دعماً لإمام أوغلو… وحليف إردوغان يعدُّها مؤامرة

استمرار الاحتجاجات اليومية على خلفية اعتقال أكرم إمام اوغلو (أ.ف.ب)
استمرار الاحتجاجات اليومية على خلفية اعتقال أكرم إمام اوغلو (أ.ف.ب)

بينما تتواصل الاحتجاجات على احتجاز رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو... دعا حزب الشعب الجمهوري المواطنين من أنحاء البلاد إلى التجمع في ميدان مالتبه في الشطر الآسيوي من إسطنبول ظهر السبت في مظاهرة حاشدة ضد اعتقاله.

وفي تطور لقضية الفساد المتهم فيها إمام أوغلو، المنافس الأبرز للرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة تركيا، اعتقلت السلطات التركية، محمد بهلوان، محامي إمام أوغلو في ساعة متأخرة من ليل الخميس - الجمعة.

وبعد تحقيقات استمرت لساعات، قررت محكمة الصلح والجزاء في إسطنبول الإفراج عنه بشرط خضوعه للرقابة القضائية، وعدم مغادرة البلاد، لأنها وجهت إليه اتهامات في إطار جريمة «غسل الأموال».

وكان إمام أوغلو، كتب عبر حسابه في «إكس» إنه تم توقيف محاميه محمد بهلوان، داعياً إلى إطلاق سراحه فوراً، قائلاً: «هذه المرة تم توقيف محامي محمد بهلوان بذرائع ملفقة، وكأن محاولة الانقلاب على الديمقراطية لا تكفي، لا يسعهم احتمال أن يدافع ضحايا هذا الانقلاب عن أنفسهم».

اعتقالات جديدة

في الوقت ذاته، قررت محكمة في إسطنبول، حبس نائبة رئيس بلدية شيشلي، التابعة لبلدية إسطنبول، إبرو أوزديمير، احتياطياً؛ لاتهامها بتقديم المساعدة لاتحاد المجتمعات الكردستانية، التابع لحزب العمال الكردستاني، المصنف منظمةً إرهابية، في إطار تحقيق يتعلق بما يعرف بنموذج «المصالحة الحضرية»، الذي برأت المحكمة إمام أوغلو فيه.

وقررت محكمة الصلح والجزاء، الأحد الماضي، حبس رئيس بلدية شيشلي، رسول إيمره شاهان، بتهمة مساعدة منظمة إرهابية، وذهبت أوزديمير بنفسها، لاحقاً، إلى مكتب المدعي العام لإسطنبول، للإدلاء بإفادتها، وتقرر حبسها.

شباب يتظاهرون في محطة للمترو في إسطنبول احتجاجاً على اعتقال إمام أوغلو وللمطالبة بالعدالة والحريات (إ.ب.أ)
شباب يتظاهرون في محطة للمترو في إسطنبول احتجاجاً على اعتقال إمام أوغلو وللمطالبة بالعدالة والحريات (إ.ب.أ)

وتتواصل الاحتجاجات على حبس إمام أوغلو في إسطنبول والكثير من المدن الأخرى في تركيا، ويصرّ طلاب الجامعات على الخروج في مظاهرات يومية في الشوارع ومحطات المترو والنقل العام، معبرين عن رفضهم اعتقال إمام أوغلو وغضبهم على الاقتصادي وقمع الحريات في البلاد. وعلى خلفية هذه الاحتجاجات، ألقت قوات الأمن، فجر الجمعة، على صحافيتين كانتا تشاركان في تغطية المظاهرات في إسطنبول.

واعتقلت الشرطة الصحافية في صحيفة «إيفرنسال» نيسا سودا ديميريل، بعد أن وصلت إلى منزلها نحو الساعة السادسة من صباح الجمعة (تغ+3)، حيث كانت تتابع الاحتجاجات في مقاطعات وجامعات إسطنبول.

وقالت صحيفة «إيفرنسال» على موقعها الإلكتروني، إنه تم اقتياد ديميريل، إلى قسم مكافحة الإرهاب في مديرية أمن إسطنبول بعد تفتيش منزلها، وإنه عُلم أن قائمة المعتقلين تضم 20 شخصاً، بينهم ديميريل.

كما اعتقلت الشرطة أيضاً مراسلة وكالة «إيثا»، إليف بايبورت، التي كانت تتابع احتجاجات ميدان ساراتشهانه، حيث يقع مقر بلدية إسطنبول، وتم اقتيادها إلى قسم مكافحة الإرهاب بمديرية أمن إسطنبول أيضاً.

جاء ذلك، بعدما أفرجت السلطات التركية، الخميس، عن 7 صحافيين اعتُقلوا أثناء عملهم في متابعة الاحتجاجات على مدى ألأسبوع الماضي. وقال اتحاد الصحافيين الأتراك، في بيان إنه «اعتُقلت اثنتان من زملائنا، في مداهمة أخرى فجراً، كانتا تغطيان احتجاجات ساراتشهانه والجامعات، دعوا الصحافيين يؤدون عملهم، ضعوا حداً لهذه الاعتقالات غير القانونية».

وندَّد ممثل منظمة «مراسلون بلا حدود» في تركيا، إيرول أوندر أوغلو بالاعتقالات الجديدة، قائلاً: «لا نهاية لاعتقال الصحافيين، اعتُقلت نيسا سودا ديميريل، مراسلة صحيفة «إيفرنسال»، التي غطت احتجاجات ساراتشهانه والجامعات، من منزلها؛ وهي محتجزة في قسم مكافحة الإرهاب بشرطة إسطنبول، نريد إطلاق سراحها وإنهاء هذا التعسف».

وقالت السلطات التركية، التي حظرت التجمعات في الكثير من المدن الكبرى عبر البلاد، إنها أوقفت 1879 شخصاً منذ 19 مارس (آذار)، تاريخ اعتقال إمام أوغلو من منزله، بينهم 260 شخصاً موقوفين أو قيد الاحتجاز، في حين تم الإفراج عن أكثر من 950 شخصاً نصفهم تحت شرط الإشراف قضائي. ولم تسمح وزارة العدل التركية لوفد من البرلمان الأوروبي، بزيارة إمام أوغلو وعدد من السياسيين المعتقلين في سجن سيليفري في غرب إسطنبول، الجمعة، بعد وصوله إلى السجن، بذريعة عدم الحصول على تصريح مسبق بالزيارة.

بهشلي يتحدث عن مؤامرة

في المقابل، وصف رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، الذي يشكل حزبه الشريك الرئيسي لحزب العدالة التنمية الحاكم في «تحالف الشعب» الاحتجاجات على اعتقال إمام أوغلو بـ«الشر» و«المؤامرة» و«الاستفزاز».

دولت بهشلي (موقع حزب الحركة القومية)
دولت بهشلي (موقع حزب الحركة القومية)

وقال بهشلي، في رسالة تهنئة بمناسبة عيد الفطر، «إن الذين بدأوا فجأة في تنفيذ مؤامرة ساراتشهانه هم عملاء وقعوا رهائن لدى أعداء الأتراك وتركيا، وبالتالي أصبحوا خدماً للكذب».

واتهم رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوغور أوزيل، بأنه يسعى إلى تدمير اقتصاد تركيا عبر دعوته لمقاطعة بعض المؤسسات الإعلامية والشركات القريبة من الحكومة.

ولفت إلى أن هذه الاحتجاجات تجري في وقت تناقش فيه محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، وهناك «أجندة إيجابية» في سوريا، ووصلت تركيا إلى مستوى مؤثر، مع تزايد الهيبة والردع على الصعيد العالمي.

واعتبر أن هناك نشاطاً لـ«طابور خامس»، له صلات خارجية لكسر ظهر تركيا، قائلاً إن «الأوغاد الذين يرتدون الأقنعة ويلقون الحجارة على شرطتنا، ويهاجمون بالألعاب النارية وينثرون الأحماض، ليس لديهم أي علاقة بالديمقراطية أو القانون أو الحرية، بل هم جهاز تجسس وقطاع طرق في المدينة»، وزعم أن هناك «رشوة وفساد منظم» في بلدية إسطنبول.

وتعرَّض بهشلي، الذي خضع منذ أسابيع لجراحة دقيقة في القلب منعته من الظهور العلني، لهجوم حاد من المحتجين على اعتقال إمام أوغلو، ولا سيما شباب الجامعات، الذين أعلنوا أنهم يشاركون في الاحتجاجات للتعبير عن مطالبهم في الحرية والديمقراطية والعدالة، ولا ينتمون إلى أي حزب سياسي.

أميركا قلقة

ولا تزال ردود الفعل على اعتقال إمام أوغلو تتوالى، وعبر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، عن قلقه بشأن «عدم الاستقرار» في تركيا، حيث تواصل السلطات قمع احتجاجات تنظمها المعارضة، مؤكداً في الوقت نفسه رغبة بلاده في العمل مع أنقرة.

وزير الخارجية الأميركي خلال استقبال نظيره التركي في واشنطن الثلاثاء الماضي (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي خلال استقبال نظيره التركي في واشنطن الثلاثاء الماضي (رويترز)

وقال روبيو للصحافيين من فلوريدا، الخميس: «نراقب الوضع... أعربنا عن قلقنا، لا نريد أن نرى حالة عدم استقرار مماثلة في حكم أي دولة حليفة لنا بهذا القدر».

وكان روبيو قال خلال استقباله نظيره التركي، هاكان فيدان، في واشنطن، الثلاثاء، إنه عبَّر عن قلقه إزاء التوقيفات والمظاهرات الاحتجاجية التي تشهدها تركيا منذ أسبوع.