قيادي في «العمال الكردستاني»: عقد مؤتمر لحل الحزب في ظل التصعيد التركي «مستحيل»

تحدّث عن «أزمة ثقة» تجاه جدية أنقرة في حل القضية الكردية بعد دعوة أوجلان

الآلاف خرجوا في مدن جنوب جنوب شرقي تركيا ابتهاجاً بدعوة أوجلان في 27 فبراير الماضي لحل حزب العمال الكردستاني (رويترز)
الآلاف خرجوا في مدن جنوب جنوب شرقي تركيا ابتهاجاً بدعوة أوجلان في 27 فبراير الماضي لحل حزب العمال الكردستاني (رويترز)
TT
20

قيادي في «العمال الكردستاني»: عقد مؤتمر لحل الحزب في ظل التصعيد التركي «مستحيل»

الآلاف خرجوا في مدن جنوب جنوب شرقي تركيا ابتهاجاً بدعوة أوجلان في 27 فبراير الماضي لحل حزب العمال الكردستاني (رويترز)
الآلاف خرجوا في مدن جنوب جنوب شرقي تركيا ابتهاجاً بدعوة أوجلان في 27 فبراير الماضي لحل حزب العمال الكردستاني (رويترز)

أعلن قيادي كبير في حزب العمال الكردستاني استحالة عقد مؤتمره العام لإعلان حلّ نفسه وإلقاء أسلحته استجابة لدعوة زعيمه التاريخي عبد الله أوجلان، في ظل استمرار القصف التركي على مواقع الحزب في شمال العراق.

وقال الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي لاتحاد المجتمعات الكردستانية، جميل باييك، إنه «يستحيل» عقد مؤتمر لإعلان حل حزب العمال الكردستاني «في ظل الظروف الراهنة». ونقلت وكالة أنباء «فرات»، القريبة من حزب العمال الكردستاني، عن باييك قوله خلال لقاء مع قناة «ستريك» التلفزيونية: «كل يوم تحلّق طائرات استطلاع تركية، كل يوم يقصفون، كل يوم يهاجمون بالطائرات والدبابات والمدفعية»، مشدداً على أن عقد مؤتمر في هذه الظروف «مستحيل وخطير».

الرئيس المشارك لاتحاد المجتمعات الكردستانية القيادي في حزب العمال الكردستاني جميل باييك (إعلام تركي)
الرئيس المشارك لاتحاد المجتمعات الكردستانية القيادي في حزب العمال الكردستاني جميل باييك (إعلام تركي)

وكان من المنتظر أن يعقد حزب العمال الكردستاني مؤتمره العام في أبريل (نسيان) المقبل، حسب توقعات مصادر في حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيّد للأكراد، الذي يخوض جولات من الاتصالات مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، وقادة الأحزاب السياسية في تركيا، امتدت إلى قيادات إقليم كردستان العراق والحزبين الرئيسيين هناك، لكن باييك قال إن «المؤتمر سيُعقد إذا تمّ استيفاء الشروط».

دعوة أوجلان وموقف تركيا

وأطلق أوجلان الذي يُمضي عقوبة السجن مدى الحياة في حبس انفرادي بجزيرة إيمرالي منذ القبض عليه في كينيا قبل 26 عاماً، دعوة، في 27 فبراير (شباط) الماضي، لحل حزب العمال الكردستاني، وإلقاء جميع مجموعاته أسلحتها. وجاءت هذه الدعوة بموجب مبادرة أطلقها رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، الحليف الوثيق للرئيس رجب طيب إردوغان الذي أيّد المبادرة، كما رحّب بدعوة أوجلان وعدّها «فرصة تاريخية للتضامن بين الأتراك والأكراد ولهدم جدار الإرهاب في تركيا بعد 40 عاماً».

أوجلان خلال تلاوته بياناً تضمّن دعوته إلى حل «العمال الكردستاني» على وفد من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وأحزاب كردية أخرى في سجن إيمرالي في 27 فبراير (إ.ب.أ)
أوجلان خلال تلاوته بياناً تضمّن دعوته إلى حل «العمال الكردستاني» على وفد من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وأحزاب كردية أخرى في سجن إيمرالي في 27 فبراير (إ.ب.أ)

وأعلنت اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني الذي تتحصّن قيادته الحالية في جبل قنديل في شمال العراق، قبولها دعوة أوجلان، لحلّ الحزب ووضع حدّ لـ40 عاماً من القتال ضد الدولة التركية، من أجل نيل حكم ذاتي للأكراد في جنوب شرقي البلاد، فقد فيها ما لا يقلّ عن 40 ألف شخص حياتهم.

وقال الحزب، في بيانه الصادر في الأول من مارس (آذار) الحالي، إنه أوقف إطلاق النار فوراً، ولن يرد إلا في حالة استهدافه، واشترط في الوقت ذاته، أن يترأس أوجلان «شخصياً» المؤتمر الذي سيؤدي إلى حل الحزب، وهو ما تؤكد السلطات التركية عدم إمكانية حدوثه.

ويواصل الجيش التركي، بلا توقف، عملية عسكرية اسمها «المخلب- القفل»، أطلقها ضد مواقع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، منذ أبريل 2022، يقول إن هدفها القضاء على تهديدات الحزب المصنّف من جانب تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية.

الجيش التركي يواصل عملياته ضد مواقع «العمال الكردستاني» في شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
الجيش التركي يواصل عملياته ضد مواقع «العمال الكردستاني» في شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

وأعلن متحدث عسكري تركي، الخميس، مقتل 24 من عناصر «العمال الكردستاني»، في شمال العراق، ووحدات حماية الشعب الكردية، التي تعدّها أنقرة امتداده في سوريا، في عمليات نُفّذت الأسبوع الماضي.

وتتمسّك أنقرة باستمرار عملياتها، وتقول إنه يجب على حزب العمال الكردستاني أن يلتزم، فوراً وبلا شروط، دعوة أوجلان لحل الحزب وإلقاء أسلحة جميع مجموعاته.

أزمة ثقة

وبعد تصريحات من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان، قال دولت بهشلي الذي يرأس حزب الحركة القومية الشريك الرئيسي لحزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب» إن دعوة أوجلان إلى حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء أسلحته «تشمل جميع تنظيماته»، وأنه يجب تنفيذها «فوراً ودون شروط».

وعدّ بهشلي -وهو صاحب مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» التي دعا من خلالها أوجلان في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى توجيه نداء لحل «العمال الكردستاني» وإلقاء أسلحته- أن بيان «وقف إطلاق النار» الذي أصدره حزب العمال الكردستاني، في الأول من مارس، «لم يكن صحيحاً ومتوازناً ودقيقاً».

بهشلي خلال استقباله في يناير الماضي وفد حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب المعروف بـ«وفد إيمرالي» عقب لقاء مع أوجلان في سجنه (موقع الحزب)
بهشلي خلال استقباله في يناير الماضي وفد حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب المعروف بـ«وفد إيمرالي» عقب لقاء مع أوجلان في سجنه (موقع الحزب)

وقال بهشلي، في بيان الأحد الماضي، إنه «لا توجد بيئة أخلاقية ومنطقية وشرعية وقانونية تسمح بإقامة علاقات متبادلة وصراع بين القوى المتساوية والمهيمنة للحديث عن نظام وقف إطلاق النار».

وقُوبلت تصريحات بهشلي بعدم ارتياح، عبّر عنه بعض قادة حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب الذي يتوقّع أن يلتقي وفد منه كلّاً من بهشلي وإردوغان، الاثنين المقبل، في إطار جولة على قادة الأحزاب التركية لبحث الخطوات التي يتعيّن اتخاذها بناء على دعوة أوجلان.

وقال باييك: «يُلقي بعض الأشخاص في الدولة التركية خطاباتٍ مُعينة في مؤسساتهم، وفي الصحافة، وفي السياسة. ونرى من خلال خطاباتهم أنهم يُريدون خلق الفوضى وإرباك الأجواء، هذا لا يبعث على الثقة بأحد. إذا كانوا يُريدون حل القضية الكردية، وإذا كانوا يُريدون إنقاذ تركيا من الخطر، وإذا كانوا يُريدون أن تُصبح تركيا أكثر ديمقراطية؛ فعليهم التخلي عن هذه التصريحات. الجميع يُريد هذا ويتوقعه».


مقالات ذات صلة

بعد دعوة أوجلان لحلّ «الكردستاني»... إردوغان يقترح جعل «النوروز» عطلة رسمية

شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً خلال احتفال بعيد النوروز في إسطنبول (الرئاسة التركية)

بعد دعوة أوجلان لحلّ «الكردستاني»... إردوغان يقترح جعل «النوروز» عطلة رسمية

اقترح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إعلان يوم 21 مارس، الذي يوافق عيد النوروز عند الأكراد في تركيا، عطلة رسمية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية متظاهرون مؤيدون للأكراد يحملون أعلاماً عليها صور لزعيم «حزب العمال الكردستاني» المسجون عبد الله أوجلان خلال مشاركتهم بمظاهرة دعماً له في ستراسبورغ بفرنسا يوم 16 فبراير 2019 (رويترز)

حليف لإردوغان: على «حزب العمال الكردستاني» عقد مؤتمر لحل نفسه

قال حليف لإردوغان إن «حزب العمال الكردستاني» المحظور يجب أن يعقد مؤتمراً خلال المدة حتى 4 مايو (أيار) المقبل لحل نفسه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة في ديار بكر كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بعد توجيه دعوته لحل الحزب (رويترز)

تركيا: رسالة جديدة متوقعة من أوجلان والحكومة تغلق الباب أمام إطلاق سراحه

أغلقت الحكومة التركية الباب أمام العفو عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بعد دعوته لحل الحزب بينما يتوقع أن يطلق رسالة جديدة للسلام.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تركيا تواصل قصفها على محور سد تشرين شرق حلب رغم الاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أ.ف.ب)

هجوم تركيا على عين العرب يفجر غضباً ويلقي بظلال على «مبادرة أوجلان»

أثار الهجوم التركي على إحدى قرى عين العرب (كوباني) في شرق حلب رد فعل غاضباً من جانب حزب موالٍ للأكراد ينخرط في جهود لإنجاح مبادرة لحل حزب العمال الكردستاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دعوة أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني أعطت زخماً لاحتفالات عيد النيروز (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

تركيا: اختتام لقاءات حزبية حول دعوة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

اختتم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» لقاءاته مع الأحزاب السياسية لمناقشة الخطوات القادمة بعد دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان لحل الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

حملات متبادلة بين نتنياهو ورئيس «الشاباك» المُقال

رئيس جهاز الشاباك رونين بار خلال مشاركته في احتفال بوزارة الدفاع بتل أبيب يوم 16 يناير 2023 (إ.ب.أ)
رئيس جهاز الشاباك رونين بار خلال مشاركته في احتفال بوزارة الدفاع بتل أبيب يوم 16 يناير 2023 (إ.ب.أ)
TT
20

حملات متبادلة بين نتنياهو ورئيس «الشاباك» المُقال

رئيس جهاز الشاباك رونين بار خلال مشاركته في احتفال بوزارة الدفاع بتل أبيب يوم 16 يناير 2023 (إ.ب.أ)
رئيس جهاز الشاباك رونين بار خلال مشاركته في احتفال بوزارة الدفاع بتل أبيب يوم 16 يناير 2023 (إ.ب.أ)

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، اليوم (الجمعة)، قراراً احترازياً جمّدت من خلاله قرار الحكومة الإسرائيلية، إقالة رئيس الشاباك (جهاز الأمن الداخلي)، رونين بار، وذلك خلال نظرها في عدة دعاوى رفعتها جمعيات وأحزاب المعارضة. وقررت المحكمة البت في هذه الدعاوى في غضون 3 أسابيع. وأمرت الحكومة بأن تقدم رداً خطياً على الدعوى حتى موعد لا يتجاوز يوم الاثنين المقبل. وجاء تجميد قرار الإقالة وسط تبادل اتهامات علنية بين نتنياهو وبار.

وكشفت مصادر سياسية أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي كان يتوقع مثل هذا القرار، أبلغ وزراءه، في جلسة الحكومة التي قررت إقالة رونين بار، بأنه يفكر في عدم الانصياع للمحكمة، وتساءل أمامهم: «هل يعتقد أحد أننا سنستمر بالعمل (مع رئيس الشاباك) من دون ثقة بسبب أمر محكمة؟ هذا لا يمكن أن يحصل. هذا لن يحصل». وقد حذّرت مصادر سياسية وقضائية في تل أبيب من احتمال أن يكون نتنياهو يخطط لتفجير أزمة دستورية. وقال مصدر كبير في حكومته، إنه يستفيد جداً من الأزمة الحالية، إذ إن الجمهور بات منقسماً على نفسه، وتتنامى في صفوفه مشاعر عدم الثقة بالجهاز القضائي.

وقد استغل وزراء في الحكومة هذه القضية لتأجيج الكراهية للجهاز القضائي. فكتب وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، في منصة «إكس»، أن «قضاة المحكمة العليا لن يديروا الحرب، ولن يقرروا من يكون قادتها». وقال وزير الاتصالات من حزب الليكود، شلومو كرعي، إنه لا صلاحية قانونية لقاضية المحكمة العليا بالتدخل في قرار إقالة بار، وإن «هذه صلاحية الحكومة وحدها فقط. وقرار القضاةِ لا أساس له. انتهت القصة. والسيادة للشعب».

وكانت الحكومة قد التأمت منذ التاسعة من مساء الخميس، وحتى الثانية فجراً، واتخذت قراراً بالإجماع، لإقالة رونين بار من رئاسة «الشاباك». وقد رشح عنها أن نتنياهو كان ينوي تحديد موعد الإقالة بعد شهر، أو عند تعيين رئيس آخر مكانه، لكنه في ضوء تصرف بار، الذي تغيّب عن الجلسة وأرسل كتاباً إلى نتنياهو، نُشر في وسائل الإعلام، بدا كلائحة اتهام جديدة ضد رئيس الوزراء، اقترح أن يحدد 28 الحالي موعداً لإنهاء عمله. لكنه خرج للتشاور، وعاد ليقترح أن تدخل الإقالة حيز التنفيذ في موعد يبدأ في 28 وينتهي في 10 أبريل (نيسان) كأقصى حد، على أن يتم اختيار بديل عنه خلال هذه الفترة.

جانب من الاحتجاجات ضد إقالة رونين بار أمام مقر الكنيست بالقدس يوم الخميس (أ.ب)
جانب من الاحتجاجات ضد إقالة رونين بار أمام مقر الكنيست بالقدس يوم الخميس (أ.ب)

وقد حرص آلاف المتظاهرين على أن يُسمع صوتهم في جلسة الحكومة، فاعتدت الشرطة على عدد منهم لغرض تفريقها بالقوة. وحاول بعض المتظاهرين اختراق الحواجز، لاقتحام مقر الحكومة، إلا أن الشرطة تصدّت لهم بالقوة، مستخدمةً خراطيم المياه العادمة لرشّهم بمياه ملوّثة وكريهة الرائحة في محاولة لتفريقهم، كما اعتدت على عدد منهم بالأيدي واعتقلت آخرين. وأظهرت مشاهد مصوّرة من موقع الاحتجاج أحد أفراد الشرطة، وهو يدفع متظاهرين ويُسقطهم أرضاً، من بينهم رئيس حزب «الديمقراطيين»، يائير غولان، الذي كان ذات مرة نائباً لرئيس أركان الجيش، ومرشحاً لرئاسة الأركان. كما وثّق مقطع آخر قيام ضابط شرطة بمصادرة مكبّر صوت من إحدى المتظاهرات، حتى لا يصل صوت المتظاهرين إلى أسماع الوزراء ورئيسهم.

وكانت المظاهرات في القدس تواصلت الخميس، لليوم الثاني على التوالي، مطالبة بوضع قضية الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» على رأس الأولويات، ورافضة استمرار الحرب على غزة، ومعترضة على محاولات إقالة رئيس «الشاباك»، بار، والمستشارة القضائية، غالي بهراف-ميارا. وأدان رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، في بيان، «سلوك الشرطة والاعتداء على يائير غولان». وقال: «لا يمكن أن يتعرض نائب رئيس الأركان السابق ورئيس حزب معارض للأذى أثناء تظاهره من أجل الديمقراطية الإسرائيلية».

لائحة اتهام

وقال مكتب نتنياهو، في بيان، إن «الحكومة وافقت بالإجماع على اقتراح رئيس الحكومة، نتنياهو، بإنهاء ولاية رئيس الشاباك، بار». وامتنع بار عن حضور الجلسة، ووجه رسالة إلى نتنياهو والحكومة، وحرص على نشرها في وسائل الإعلام خلال الجلسة. وبدت كأنها لائحة اتهام لنتنياهو. وجاء فيها أنه قرر عدم حضور الجلسة، لأنه لا يجدها ملائمة للردّ الجوهريّ على الادعاءات ضده، والزعم بأنه لا توجد ثقة به من رئيس الحكومة. وقال: «هذا بحث يتطلب عملية منظمة، تتضمّن تقديم الوثائق ذات الصلة، وليس عملية تبدو مُدبّرة ونتائجها محددة مسبقاً». وقال بار إن هذا الاجتماع عُقد على عجل وهرولة، خلافاً لكل قاعدة قانونيّة أساسيّة، تتعلق بالحقّ في جلسة استماع، وخلافاً لموقف المستشارة القضائية للحكومة.

وتطرّق بار إلى أسباب إقالته، متحدثاً عن «ادعاءات لا أساس لها، تُبنى على مصالح شخصّية، وتمنع كشف الحقيقة؛ سواءً فيما يتعلق بالأحداث التي أدت إلى (هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول)، أو بالحوادث الخطيرة التي يحقق فيها الشاباك حالياً (تتعلق بشبهات تورط عدد من مساعدي نتنياهو الكبار بتلقي رشى واعتقال عدد منهم)». وأضاف: «بصفتي شخصاً، خدم أمن الدولة لأكثر من 35 عاماً، وأُكن احتراماً كبيراً لمؤسساتها، ولسيادة القانون، أودّ أن أوضح منذ البداية، أن قراري بعدم حضور اجتماع الحكومة، ينبع فقط من فهمي أن هذا النقاش، لا يتوافق مع أحكام القانون، والقواعد المتعلقة بإنهاء خدمة أي موظف، ناهيك بمن يشغل منصباً رفيعاً، وبخاصة منصب رئيس الشاباك».

رونين بار في مقبرة هرتزل العسكرية بالقدس يوم 13 مايو 2024 (إ.ب.أ)
رونين بار في مقبرة هرتزل العسكرية بالقدس يوم 13 مايو 2024 (إ.ب.أ)

ولمّح بار إلى التحقيقات التي أمر بها في «الشاباك» ضد مسؤولين كبار بمكتب نتنياهو من المتورطين فيما يُطلق عليه في إسرائيل فضيحة تلقي الرشى، فقال: «الادعاءات بعدم الثقة منذ 7 أكتوبر، لا أساس لها من الصحة، وليست أكثر من غطاء لدوافع مختلفة تماماً، وأجنبية، وغير صالحة أساساً، تهدف إلى تعطيل قدرة جهاز الشاباك على أداء دوره في الدولة، وفقاً للقانون ولصالح مواطني إسرائيل، وليس في إطار الإجراء المتعلق بالرغبة في إنهاء ولايتي، والذي آمل في أن يتم بشكل قانونيّ». وقال: «إقالة رئيس الجهاز في هذا الوقت، يشكل خطراً مباشراً على أمن دولة إسرائيل».

ورد بار في رسالته الطويلة، على تلميح نتنياهو إلى أن من أسباب إقالته التحقيق الذي أجراه «الشاباك» حول إخفاقات 7 أكتوبر، والتي اعترف بها بالتقصير، ولكنه أشار أيضاً إلى تقصير الحكومة التي رفضت تحمل المسؤولية، وتعيق التحقيق الجدي في الإخفاقات التي أعرب فيها عن تأييده لمطلب إقامة لجنة تحقيق رسمية مستقلة ذات صلاحيات.

وكشف رئيس «الشاباك» أن من بين أسباب غضب نتنياهو عليه؛ موقفه وموقف رئيس الموساد في المفاوضات مع «حماس». وقال إن «عزل رئيس الموساد، وإبعادي عن قيادة المفاوضات، قد أضرّ بالفريق (المفاوض)، ولم يُسهم إطلاقاً في إطلاق سراح الرهائن. ويوحي بأن رئيس الحكومة كان يرغب في إجراء مفاوضات لا تفضي إلى اتفاق لإطلاق الرهائن. وبالتالي فإنّ ادعاء رئيس الحكومة في هذا السياق، لا أساس له من الصحة. سأُكرّر وأُؤكّد التزامي الشخصيّ، والتزام الجهاز، ببذل كل ما في وسعنا لإعادة الرهائن، أحياءً وأمواتاً، إلى إسرائيل، خصوصاً في هذه الفرصة السانحة».

متظاهرون يطالبون بإطلاق الأسرى في غزة خلال احتجاج أمام مقر بنيامين نتنياهو في القدس يوم الجمعة (رويترز)
متظاهرون يطالبون بإطلاق الأسرى في غزة خلال احتجاج أمام مقر بنيامين نتنياهو في القدس يوم الجمعة (رويترز)

وذكر بار أن إسرائيل «تمرّ بمرحلة صعبة، ومعقّدة بشكل خاصّ، وهناك 59 رهينة لا يزالون في قلب قطاع غزة، و(حماس) لم تُهزم بعد، ونحن في خضمّ حرب متعددة الجبهات، واليد الإيرانية متغلغلة عميقاً في الداخل (في إسرائيل). ولكل من يتولى منصباً عاماً، تقع عليه مسؤولية هائلة، ومن المدهش في هذا الوضع، أن تسعى الحكومة إلى اتخاذ خطوات، تؤدي نتائجها إلى إضعافها، داخليّاً، وضدّ أعدائها».

وأصدر مكتب نتنياهو بياناً حادّاً يُعدّ الأشدّ لهجة، منذ الاتهامات بينهما، رداً على رسالة بار، قال فيه، إن «الحكومة الإسرائيلية، التي تتولى مسؤولية جهاز الأمن العام (الشاباك)، فقدت الثقة في رونين بار، الذي لا يزال متمسّكاً بمقعده، بينما يستغل عائلات المحتجزين، ويستغلّ منصبه سياسيّاً، بشكل غير لائق؛ لفبركة تحقيقات عقيمة، ولا أساس لها من الصحة. إن فرصة التقاعد بشرف، قد أتيحت لبار، بعد فشله الذريع في 7 أكتوبر، وكذلك لرئيس الأركان المنتهية ولايته (هرتسي هليفي). لكنه كان يخشى الإجابة عن سؤال واحد: لماذا بعد أن علمتَ بهجوم (حماس) قبل ساعات من وقوعه، لم تفعل شيئاً ولم تتصل برئيس الحكومة، وهو أمر كان من شأنه أن يمنع الكارثة؟».

بنيامين نتنياهو مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في الكنيست بالقدس يوم 19 مارس الحالي (رويترز)
بنيامين نتنياهو مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في الكنيست بالقدس يوم 19 مارس الحالي (رويترز)

وفي أعقاب قرار الحكومة، قدم رؤساء أحزاب المعارضة وجمعيات حقوقية تعنى بطهارة الحكم، عدة التماسات إلى المحكمة العليا مطالبة بإلغاء قرار الحكومة. وشارك في الدعاوى كل من أحزاب: «ييش عتيد» و«المعسكر الرسمي» و«يسرائيل بيتينو» و«الديمقراطيين»، وكذلك الحركة من أجل جودة الحكم، والحركة من أجل طهارة القيم، وغيرها. وقالت إن قرار إقالة رئيس الشاباك «اتخذ في ظل تناقض مصالح شديد من جانب رئيس الحكومة، واستناداً إلى اعتبارات غير موضوعية متعلقة بتحقيقات الشاباك في مكتبه، وبموقف الشاباك الذي بموجبه المستوى السياسي يتحمل مسؤولية عن كارثة 7 أكتوبر».