خطة أميركية لإعمار غزة... على «الطريقة الصينية»

ناطحات سحاب... وأنفاق «حماس» تصبح شبكة قطارات

صورة لدمار أحدثته الحرب الإسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين (أرشيفية - رويترز)
صورة لدمار أحدثته الحرب الإسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين (أرشيفية - رويترز)
TT
20

خطة أميركية لإعمار غزة... على «الطريقة الصينية»

صورة لدمار أحدثته الحرب الإسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين (أرشيفية - رويترز)
صورة لدمار أحدثته الحرب الإسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين (أرشيفية - رويترز)

يتضح من اللقاءات التي أجراها ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في إسرائيل، أن بين أهدافها خطة للإعمار، وتشمل فعلاً تشجيع مجموعات من الفلسطينيين في غزة على الانتقال للعيش والعمل في دول أخرى عربية وإسلامية، لكنها تقضي بإعادة إعمارها لأجل كل مَن يريد البقاء منهم في غزة.

وقد بنيت الخطة على طريقة البناء الصينية؛ حيث تقام عمارات شاهقة بارتفاع نحو 50 طابقاً، لتُعطى شقة سكنية ملائمة لكل عائلة تقبل السكن الدائم فيها، وعملياً تتنازل عن حق العودة إلى بلداتها الأصلية التي طردت منها عائلاتهم في زمن النكبة الأولى عام 1948. ويكون السكن لقاء مبلغ رمزي، لمدة 25 سنة، وبعدها تصبح ملكاً شخصياً لهذه العائلة بلا مقابل إضافي.

فلسطيني يسير وسط أنقاض مبانٍ دُمرت خلال الحرب في مخيم جباليا للاجئين (أرشيفية - رويترز)
فلسطيني يسير وسط أنقاض مبانٍ دُمرت خلال الحرب في مخيم جباليا للاجئين (أرشيفية - رويترز)

ومن ضمن شروط الحصول على البيت مجاناً الموافقة على العمل في القطاع في مجال الزراعة أو السياحة أو التكنولوجيا العالية (هايتك)، وهي الموضوعات التي سيتم التركيز عليها خلال الإعمار.

وتتضمن الخطة إقامة مجموعة فنادق حديثة على الشاطئ، ومجموعة عمارات تشغيل. وعلى الطريقة الصينية، تكون السكنى في منطقة العمل نفسها. ويتم تحويل أنفاق «حماس» إلى أنفاق خط سكة حديد لشبكة قطارات، يمكن أن تمتد حتى مصر والسعودية والأردن والضفة الغربية.

ويقدّر واضعو الخطة أن تستغرق عملية إعادة الإعمار، ما بين 10 و15 عاماً، لكن ستسبقها عملية إفراغ للردم الضخم ومعالجته بشكل مهني طيلة 5 سنوات. ومن ضمن الأمور التي بحثها ويتكوف، مدى الاستعداد لدى القطاع الخاص الإسرائيلي لإقامة شراكات عربية وفلسطينية في هذا المشروع.

وعندما سُئل ويتكوف إن كانت لديه ثقة بأن هناك موافقات سياسية في إسرائيل على الانطلاق بهذه الوتيرة نحو تطبيق خطة وقف النار والانتقال إلى الإعمار، أجاب بأنه يعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، «ملتزم» بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد، في تصريحات نقلها موقع «واللا» الإخباري عنه، أن اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة «يتقدمان بشكل جيّد، وأن التقدّم في تنفيذه يجب أن يستمر».

وتوقّع ويتكوف أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، الاثنين المقبل، بلا معوقات، مؤكداً أن «إدارة الرئيس ترمب ترغب في أن يتقدّم الاتفاق إلى المرحلة التالية من أجل إطلاق سراح جميع الرهائن».

وبنى ذلك على اللقاء الذي سيُجريه نتنياهو مع ترمب في البيت الأبيض، في اليوم التالي لبدء المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، أي يوم الثلاثاء المقبل.

فلسطينية جالسة فوق أنقاض مبنى دُمر خلال الحرب الإسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين (أرشيفية - رويترز)
فلسطينية جالسة فوق أنقاض مبنى دُمر خلال الحرب الإسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين (أرشيفية - رويترز)

وكان ويتكوف قد التقى خلال زيارته عدداً من الوزراء الإسرائيليين، بمن فيهم مَن صوّتوا ضد اتفاق تبادل الأسرى، مثل وزير المالية، المتطرّف بتسلئيل سموتيريش.

وقال ويتكوف إن رسالته إلى نتنياهو والوزراء الآخرين، الذين التقاهم، أن «نتائج الاتفاق، حتى الآن، إيجابية. فليس هناك عنف في غزة؛ بل هناك هدوء، ويجب على الجميع الالتفات إلى الأشياء الإيجابية التي تحدث. يجب أن نستكمل المرحلة الأولى، وننفّذها بشكل صحيح، لننتقل إلى المرحلة التالية، التي ستبدأ المفاوضات بشأنها الأسبوع المقبل».

وقال إيفي إيتام، وهو وزير سابق من حزب سموتيريش، إن الأمور تسير بشكل جيد في الاتفاق. وحكومة اليمين بقيادة نتنياهو، لن تسقط. وسُئل إن كان يقصد بذلك أن الشرط الذي وضعه سموتيريش على نتنياهو، باستئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى، سوف ينفذ. وكيف سيقنع رفاقه بالتنازل عن مشروعات الاستيطان في قطاع غزة، فأجاب: «لا نتحدث عن استئناف الحرب، ولا نتحدث عن استيطان في غزة. الحديث عن حق إسرائيل في منع (حماس) من تولي السلطة في القطاع. فالولايات المتحدة أوضحت لنا تأييدها لعمليات عسكرية عينية لمنع (حماس) من الحكم. فالجيش الإسرائيلي سيكون جاهزاً للتدخل، والعودة لاحتلال محور نتساريم ومحور فيلادلفيا وغيرهما وتنفيذ عمليات جراحية دقيقة ضد مظاهر التسلح».


مقالات ذات صلة

«الأغذية العالمي»: إمدادات الغذاء في قطاع غزة تكفي لأقل من أسبوعين

المشرق العربي أطفال فلسطينيون ينتظرون وجبة خلال توزيع الطعام في مطبخ خيري بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة 3 مارس 2025 (أ.ف.ب)

«الأغذية العالمي»: إمدادات الغذاء في قطاع غزة تكفي لأقل من أسبوعين

أعلن برنامج الأغذية العالمي، اليوم (الأربعاء)، أن لديه ما يكفي من إمدادات الغذاء في قطاع غزة لإبقاء المطابخ العامة والمخابز مفتوحة لمدة أقل من أسبوعين.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (رويترز)

وزير خارجية مصر يعلن التوافق على أسماء قادة اللجنة المسؤولة عن إدارة غزة لمدة 6 أشهر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الثلاثاء، إن الشخصيات التي سترأس اللجنة المعنية بإدارة قطاع غزة لمدة ستة أشهر جرى «التوافق» عليها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي قادة الدول العربية خلال القمة العربية الطارئة حول غزة، القاهرة 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

«حماس» ترحب باعتماد القمة العربية خطة إعادة إعمار غزة

رحبت حركة «حماس» بانعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء، وقالت إنه يدشن مرحلة متقدمة من الاصطفاف العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية العادلة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

توصَّلت تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي إلى أن هجوم 7 أكتوبر كان يمكن تجنّبه لو تعامل الجهاز بطريقة أفضل مع التهديدات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج الأمير محمد بن سلمان يتحدث خلال القمة العربية والإسلامية في الرياض نوفمبر 2024 (واس) play-circle

مواقف سعودية راسخة لدعم القضية الفلسطينية

تواصل السعودية مساعيها الداعمة للقضية الفلسطينية، وتبني مواقف ثابتة وراسخة في مختلف المحافل الدولية للدفاع عنها، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

إسرائيل تفرض سيطرتها على المساعدات الإنسانية في غزة وسط تصاعد التوترات

إسرائيل منعت دخول المساعدات إلى قطاع غزة في شهر رمضان (أ.ف.ب)
إسرائيل منعت دخول المساعدات إلى قطاع غزة في شهر رمضان (أ.ف.ب)
TT
20

إسرائيل تفرض سيطرتها على المساعدات الإنسانية في غزة وسط تصاعد التوترات

إسرائيل منعت دخول المساعدات إلى قطاع غزة في شهر رمضان (أ.ف.ب)
إسرائيل منعت دخول المساعدات إلى قطاع غزة في شهر رمضان (أ.ف.ب)

في خطوة أثارت انتقادات واسعة، أعلنت إسرائيل عن خطة جديدة للسيطرة على جميع المساعدات الإنسانية الداخلة إلى قطاع غزة، متذرعة باعتبارات أمنية وتنظيمية. ووفقاً لمصادر أممية ومسؤولين في منظمات إغاثية، فإن الخطة تفرض رقابة صارمة على عمليات التوزيع، ما يزيد من تعقيد المشهد الإنساني في القطاع المحاصر. وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

إجراءات إسرائيلية مشددة على دخول المساعدات

بحسب التقارير، ستقتصر نقاط دخول المساعدات إلى غزة على معبر كرم أبو سالم، حيث ستخضع جميع الشحنات لعمليات فحص مشددة قبل نقلها إلى مراكز لوجيستية تشرف عليها إسرائيل. كما سيُفرض نظام تتبع صارم على جميع عمليات التوزيع، وسط توقعات بإلزام العاملين في المجال الإنساني بالخضوع لتدقيق أمني وفقاً للمعايير الإسرائيلية.

وأوضحت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة (COGAT) تفاصيل هذه الخطة خلال اجتماعات مع وكالات الإغاثة، ما أثار مخاوف من أن تصبح المساعدات أداة ضغط سياسي وأمني على سكان غزة، الذين يعتمدون عليها بشكل أساسي للبقاء على قيد الحياة.

تعليق مساعدات أميركية ووقف الإمدادات الإنسانية

تزامن هذا التحرك مع إعلان منظمات دولية يوم الجمعة عن تعليق التمويل الذي كانت تنتظره من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، بقرار من وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. وعلى الرغم من تراجع بعض هذه القرارات لاحقاً، فإن الغموض لا يزال يكتنف مصير المساعدات.

وفي خطوة تصعيدية، أوقفت إسرائيل يوم الأحد جميع شحنات المساعدات إلى غزة، متهمةً منظمات الإغاثة - من دون تقديم أدلة - بتحويل المساعدات إلى حركة «حماس». جاء هذا القرار رغم أن تدفق المساعدات كان جزءاً أساسياً من اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع بين إسرائيل و«حماس».

مخاوف من انهيار الهدنة واستئناف القتال

ويبدو أن وقف إطلاق النار المؤقت يقترب من نهايته، في ظل تعثر المفاوضات بين إسرائيل و«حماس» حول المرحلة الثانية من الاتفاق. وكانت المرحلة الأولى قد تضمنت تبادل أسرى بين الطرفين، لكن الجمود الحالي يهدد بانهيار الاتفاق واستئناف العمليات العسكرية.

وفي محاولة لتمديد الهدنة، أعلنت الخارجية الأميركية عن زيارة مرتقبة للمبعوث الخاص ستيف ويتكوف للمنطقة، لكن الخلافات العميقة بين الأطراف المتنازعة تجعل فرص التوصل إلى اتفاق جديد ضئيلة.

مستقبل المساعدات الإنسانية في ظل الإجراءات الإسرائيلية

قبل اندلاع الحرب، كانت غزة تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، لكن القيود الإسرائيلية المشددة زادت من صعوبة وصولها إلى المحتاجين. ومع تشديد إسرائيل إجراءاتها، يخشى مسؤولو الإغاثة من أن تتحول المساعدات إلى أداة سياسية، يتم التحكم بها وفقاً للمصالح الأمنية الإسرائيلية.

ووفقاً لمسؤول في منظمة إغاثية، فإن المشكلة ليست فقط في آلية التوزيع، بل في كيفية ضمان وصول المساعدات لمن يحتاجون إليها دون استخدامها وسيلة للضغط أو التخويف.

في ظل هذه التطورات، تبقى المساعدات الإنسانية ورقة ضغط أساسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ما يضع مستقبل سكان غزة في مهب الريح، وسط تصاعد القلق من احتمال تجدد المواجهات العسكرية.