مصدر إسرائيلي: تصريح ترمب عن ترحيل الفلسطينيين ليس زلة لسان

سموتريتش وبن غفير يحتفلان... و«حماس» تتوعد بإفشال الخطة

عائلات فلسطينية تتجمع على شارع الرشيد انتظاراً للعودة إلى شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
عائلات فلسطينية تتجمع على شارع الرشيد انتظاراً للعودة إلى شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

مصدر إسرائيلي: تصريح ترمب عن ترحيل الفلسطينيين ليس زلة لسان

عائلات فلسطينية تتجمع على شارع الرشيد انتظاراً للعودة إلى شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
عائلات فلسطينية تتجمع على شارع الرشيد انتظاراً للعودة إلى شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)

كشف مصدر سياسي في تل أبيب أن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن نقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، لم تكن مجرد زلة لسان بل هي جزء من مخطط مدروس يجري تداوله بجدية في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية.

وقال عميت سيجال، المعلق السياسي في «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، المعروف بعلاقات وطيدة مع مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وغيره من المسؤولين في اليمين، إن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى أكدوا علمهم بهذه الأفكار، وقالوا إن «الحديث يجري عن خطة واسعة النطاق تتحدث عن نقل مؤقت أو دائم إلى الأردن ومصر وعدة دول إسلامية».

وفي حين اعتبر الفلسطينيون هذه التصريحات خطيرة وتندرج في إطار التطهير العرقي، الذي يخدم غلاة التطرف الإسرائيليين، خرج الناطقون بلسان التيار اليميني المتطرف بترحيب شديد بها.

ترحيب إسرائيلي

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى جانب وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش (رويترز)

وفي بيان صدر عن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، يوم الأحد، قال فيه: «بعد 76 عاماً من احتجاز معظم سكان غزة في ظروف صعبة للحفاظ على رغبتهم في تدمير دولة إسرائيل، فإن فكرة مساعدتهم على بدء حياة جديدة وجيدة في أماكن أخرى، هي فكرة رائعة».

وتابع سموتريتش، الذي كان قد طرح في عام 2017 خطة لترحيل الفلسطينيين عن الضفة الغربية تحت اسم «خطة الحسم»، أنه «لسنوات طويلة اقترح السياسيون حلولاً غير قابلة للتطبيق، لكن هذه المرة جاء اقتراح قوي ومهم وواقعي. فالتفكير خارج الصندوق من خلال حلول جديدة سيجلب السلام والأمن».

وشدد سموتريتش على أنه سيعمل مع نتنياهو والحكومة المصغرة «على صياغة خطة عملية لتنفيذ ذلك في أقرب وقت ممكن».

كما عبر إيتمار بن غفير، وزير الأمن السابق ورئيس حزب «القوة اليهودية»، عن دعمه الكامل لتصريحات ترمب. وقال في بيان: «أبارك الرئيس ترمب على مبادرته لنقل سكان غزة إلى الأردن ومصر. هذا أحد المطالب التي نوجهها لنتنياهو لتشجيع الهجرة الطوعية. ولكن عندما يطرح رئيس أكبر قوة في العالم الفكرة، يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تنفذها والعمل الفوري على تطبيقها. وأنا أدعو رئيس الوزراء إلى التمسك بالفرصة التي يقدمها ترمب، ووضع خطة عملية لتشجيع الهجرة العربية من وطننا».

الرد الفلسطيني

مقاتلو «حماس» يقومون بتأمين منطقة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وقُوبلت تصريحات ترمب برفض شامل في الشارع الفلسطيني، وأجمعت الفصائل ومختلف الأحزاب والفعاليات السياسية على إدانتها. وأعلنت «حماس» أنها ترفض التهجير القسري للفلسطينيين، ودعت الإدارة الأميركية إلى «التوقف عن هذه الأطروحات التي تتماهى مع المخططات الإسرائيلية، وتتصادم مع حقوق الشعب الفلسطيني، والاستعاضة عن ذلك بتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حريته، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس». وقال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، باسم نعيم، إن «شعبنا كما أفشل على مدار عقود كل خطط التهجير والوطن البديل، سيفشل كذلك مثل هذه المشاريع».

من جانبها، أدانت حركة «الجهاد الإسلامي» أيضاً مقترح الرئيس الأميركي، قائلة إن «ذلك يشجع على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». كما أصدرت لجان المقاومة في فلسطين بياناً قالت فيه إن تصريحات ترمب «عدوانية فاشية تتماهى مع مخططات المجرمين الصهاينة في حكومة المتطرفين الصهاينة وتنفيذ أساطيرهم وخرافاتهم».

رفض أممي وأوروبي

المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز تتحدث خلال جلسة سابقة لمجلس حقوق الإنسان (أ.ف.ب)

بدورها، علّقت المقررة الأممية الخاصة بحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، على تصريحات ترمب بقولها إن «التطهير العرقي ليس بأي حال من الأحوال فكرة خارج الصندوق، بغض النظر عن الطريقة التي يتم الترويج لها». وشددت، في منشور على منصة «إكس»، على أن التطهير العرقي «غير قانوني، وغير أخلاقي، وغير مسؤول».

كما أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه وإدانته الشديدة لتصريحات ترمب، قائلاً: «بعد أكثر من 15 شهراً من ارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية، وما تضمنته من تدمير شامل لمقومات الحياة الأساسية في قطاع غزة، فلا ينبغي على الفلسطينيين تحمل ثمن هذه الإبادة الجماعية عبر تهجيرهم قسرياً خارج وطنهم، بينما تظل إسرائيل هي القوة المحتلة. لذلك يجب أن تكون هي الجهة التي تعوض الفلسطينيين وتعيد إعمار قطاع غزة في أسرع وقت ممكن».

وأكد المرصد على أن أي خطط لنقل السكان المدنيين قسراً تعد مخالفة صريحة لاتفاقية جنيف الرابعة التي تنص بوضوح على حظر الترحيل القسري للسكان الواقعين تحت الاحتلال، كما أنها تُعد بمثابة دعم مباشر لسياسات إسرائيل التوسعية والاستعمارية، التي تسعى لإحلال الإسرائيليين مكان الفلسطينيين.

تصريح ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

وكان الرئيس الأميركي، قال، مساء السبت، إنه يريد من مصر والأردن استقبال الفلسطينيين من قطاع غزة، وإنه طلب من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن يستقبل الأردن المزيد من الفلسطينيين. وأضاف: «أود أن تستقبل مصر أشخاصاً أيضاً»، مشيراً إلى أنه سيتحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في هذا الشأن. وعندما سُئل عما إذا كان هذا اقتراحاً مؤقتاً أو طويل الأجل، قال ترمب: «يمكن أن يكون هذا أو ذاك»، وأضاف: «نتحدث عن مليون ونصف المليون شخص، ونقوم بتطهير المنطقة، التي عصفت بها الحرب، برمتها».

وكان ترمب قد أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن غزة أصبحت مدمرة جراء الحرب، ويمكن الآن أن تتحول إلى «أفضل من موناكو إذا أُعيد بناؤها بالطريقة الصحيحة». كما صرح في اليوم الأول من ولايته أن قطاع غزة «موقع رائع يطل على البحر والطقس به جميل، ويمكن القيام بأشياء رائعة فيه».

وتعكس تصريحات ترمب ما أعلنه قبله صهره جاريد كوشنر الذي قال في فبراير (شباط) من العام الماضي إنه إذا تم تفريغ غزة من المدنيين فيمكن إطلاق العنان لإمكانيات واسعة، لأن موقع القطاع له واجهة بحرية طويلة.


مقالات ذات صلة

مصر تتحدث عن عدم رغبة «حماس» في «إدارة غزة»

شمال افريقيا جانب من تسليم الرهائن خلال عملية التبادل السادسة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

مصر تتحدث عن عدم رغبة «حماس» في «إدارة غزة»

تأكيدات مصرية بالتزام «حماس» بعدم المشاركة في «إدارة قطاع غزة»، تأتي بعد حديث عربي عن أهمية تنحي الحركة خلال الفترة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري نازحون من غزة في وقت سابق تجمَّعوا بمنطقة النصيرات للعودة إلى منازلهم في الجزء الشمالي من القطاع (أ.ف.ب)

تحليل إخباري جولة روبيو للمنطقة... هل «تُنقذ» المرحلة الثانية من «اتفاق غزة»؟

أول جولة لوزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية ماركو روبيو للمنطقة، تبحث «المضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تطغى السياسة على المهرجان (إدارة المهرجان)

أفلام فلسطينية وإسرائيلية تنقل «الصراع» إلى «برلين السينمائي»

نقلت أفلام وثائقية فلسطينية وإسرائيلية الصراع العربي - الإسرائيلي إلى الدورة الـ75 من مهرجان «برلين السينمائي» التي تستمر حتى 23 فبراير (شباط) الحالي، في وقت…

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في أديس أبابا (الخارجية المصرية) play-circle

مصر تؤكد أهمية الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم (السبت)، للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أهمية تكثيف الجهود للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا وفد الجامعة العربية أمام شاحنة مساعدات قبل عبورها إلى قطاع غزة (الجامعة العربية) play-circle 00:42

ارتياح عربي لآلية إيصال المساعدات إلى قطاع غزة

قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، السبت: «نستشعر الرضا والارتياح بشأن عملية تسليم المساعدات والمعونات إلى قطاع غزة».

فتحية الدخاخني (القاهرة )

ترجيح مفاوضات بين واشنطن وطهران بعد أكتوبر 2025

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

ترجيح مفاوضات بين واشنطن وطهران بعد أكتوبر 2025

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عبّر دبلوماسي أوروبي رفيع عن اعتقاده بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تسعى للتفاوض مع إيران حول برنامجها النووي بشكل مباشر وسري، مرجحاً التوصل إلى اتفاق جديد بعد أكتوبر (تشرين الثاني) 2025.

وقال الدبلوماسي الواسع الاطلاع على المفاوضات النووية السابقة مع إيران، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الأشهر المقبلة ستكون محورية للتوصل لاتفاق جديد مع طهران يحل محل الاتفاق الحالي الذي انسحبت منه إدارة ترمب الأولى، والذي ينتهي مفعوله في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وعبّر الدبلوماسي عن اعتقاده بأن واشنطن ستجري مفاوضات مع طهران «بشكل سري، ليس في الأماكن المعتادة التي استضافت محادثات شبيهة».

كانت واشنطن وطهران أجرتا جولات من التفاوض المباشر قبل الاتفاق النووي عام 2005 في مسقط بسلطنة عمان، ثم عُقدت لقاءات في الدوحة بعد انفراط محادثات فيينا التي كان يلعب فيها الاتحاد الأوروبي دور الوسيط.

واستأنفت إدارة الرئيس السابق جو بايدن المفاوضات النووية مع إيران ضمن مجموعة خمسة زائد واحد في محاولة للعودة لتطبيق الاتفاق بشكل كامل.

وفي صيف عام 2023، قدم المفاوضون الأوروبيون مسودة اتفاق للإيرانيين بعد أكثر من 7 جولات تفاوض غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، استضافتها فيينا، وشاركت فيها الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، إضافة إلى روسيا والصين. لكن طهران تراجعت عن التوقيع على الاتفاق في اللحظات الأخيرة وطلبت تنازلات إضافية من إدارة بايدن رفضتها الأخيرة.

الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان يزور معدات بحرية للحرس الثوري الإيراني في بوشهر قبل أيام (رويترز)

إيران «أضعف من السابق»

رأى الدبلوماسي الأوروبي، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، أن أي اتفاق قد يتم التوصل إليه الآن بين واشنطن وطهران «لن يكون أفضل من الاتفاق الذي عُرض على إيران قبل عامين ورفضته». ومع ذلك، عبّر عن تفاؤله من إمكانية التوصل لاتفاق قبل أكتوبر، مشيراً إلى أن «إيران حالياً في وضع أضعف مما كانت عليه في السابق»، بعد أن تم إضعاف وكلائها في المنطقة بشكل غير مسبوق.

وأشار الدبلوماسي إلى أن هذا يعني أن أي اتفاق نووي جديد سيكون أوسع، ويتضمن نشاطاتها في المنطقة، وهو «أمر لم يكن بالإمكان حتى التفكير فيه سابقاً». ولطالما دعت دول إقليمية لاتفاق أوسع مع إيران يتضمن كبح تدخلاتها في المنطقة، وهو ما كانت ترفضه طهران.

وكان ترمب قد وقع قراراً رئاسياً لتشديد العقوبات على إيران، لكنه أعلن في الوقت نفسه أن إدارته تسعى للتفاوض معها والتوصل لاتفاق جديد.

وأشار الدبلوماسي الأوروبي إلى أن مساعي ترمب في هذا الإطار «جدية لأنه يريد أن يذكر في التاريخ على أنه صانع اتفاقيات»، وتحدث عن عقبة رئيسية ما زالت موجودة حتى الآن، وهي غياب مفاوض من الطرف الأميركي، فالإدارة الأميركية الجديدة ما زالت لم تعين بعد مفاوضاً يحل مكان روبرت مالي الذي جرى تعليق عمله وسحب ترخيصاته الأمنية بسبب تمريره معلومات سرية للطرف الإيراني خلال المفاوضات غير المباشرة في فيينا.

وأشار الدبلوماسي إلى أن إيران تنتظر تعيين واشنطن لمفاوض، وهي «يائسة» للتفاوض مع الولايات المتحدة، بل إنها «ستقبل بأي اتفاق كي ترفع عنها العقوبات». وأوضح أن التطمينات والحوافز الاقتصادية هذه المرة لن تأتي من الأوروبيين الذين «لم يعودوا يحظون بثقة إيران» بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، وتقليص أوروبا تجارتها مع طهران خوفاً من العقوبات الأميركية.

أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي (رويترز)

مخاطر عدم الاتفاق

رغم أن الدبلوماسي لم يجزم بالتوصل لاتفاق قبل أكتوبر 2025، فإنه قال: «إذا كانت هناك إدارة أميركية قادرة على التوصل لاتفاق نووي مع إيران، فهي بالضرورة إدارة ترمب»، لأن الطرف الإيراني سيكون واثقاً من أن لا إدارة أميركية جديدة ستأتي وتلغي الاتفاق، كما فعل ترمب بالاتفاق الذي توصلت إليه إدارة أوباما.

ورأى الدبلوماسي أن التوصل لاتفاق قبل ذلك التاريخ سيجنب إيران إعادة تفعيل الأوروبيين لبند «سناب باك» الذي سيعيد تفعيل كل العقوبات الدولية عليها. وقد حذرت الدول الأوروبية الثلاث من ذلك بعد الاجتماع الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقرير أمينها رافاييل غروسي الذي ذكر أن «تعاون إيران في الحضيض، وبأن نشاطاتها النووية تتزايد بشكل مطرد، ولم يعد بالإمكان الوثوق بأنها لا تزال سلمية».

وحذر الدبلوماسي الأوروبي من أنه حال عدم التوصل لاتفاق مع إيران قبل أكتوبر، فإن «الشرق الأوسط سيتجه نحو أزمة حقيقية»، وأنه سيدفع بإسرائيل «لتوجيه ضربة عسكرية لإيران».