حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

أجَّجها سقوط الأسد... وخبراء لا يتوقعون تغيراً كبيراً في العلاقات

جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)
TT

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)

تتصاعد حملة الانتقادات والهجوم الحاد في إيران ضد السياسة الخارجية لتركيا وتعاطيها مع قضايا المنطقة، وسط صمت رسمي من أنقرة.

وتواجه تركيا اتهامات من المرجعيات الدينية الإيرانية منذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا؛ بالضلوع في مخطَّط قادته أميركا وإسرائيل، عبر دعمها لـ«هيئة تحرير الشام» التي أطاحت بحكم الأسد.

وفي مقال كتبه علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد الإيراني، علي خامنئي، ونشرته صحيفة «كيهان»، الجمعة، فإن مسؤولين أتراكاً حذروا إيران من إثارة غضب إسرائيل.

انتقادات لتركيا

وأضاف: «بعض المسؤولين الأتراك قدموا نصيحة لإيران بضرورة توخي الحذر من مغبة إثارة غضب الصهاينة إذا اتخذت الجمهورية الإسلامية بعض الخطوات ضدهم. عليهم ألا يتوقعوا أبداً من إيران الإسلامية أن تُطبِّع وتتعامل مع إسرائيل كما تفعل تركيا». ووصف النصائح التركية بأنها «غير مسبوقة ومدعاة للأسف».

وتابع ولايتي، في المقال الذي نقلته وكالة «مهر» الإيرانية، أن «الساسة الأتراك يعلمون، وقد شاهدوا بوضوح أيضاً، أن إيران صامدة، منذ سنوات، في وجه الكيان الصهيوني المتوحِّش القاتل للأطفال، وغيَّرت معادلات المنطقة والعالم لصالح الإسلام وسقوط الصهاينة».

وقال إنّ «رَدَّنا على الحكومة التركية وبعض الحكومات الأخرى في المنطقة (لم يحددها) هو ألا يقيسوا إيران المقتدرة بأنفسهم، ولا ينتظروا أبداً قيام إيران الإسلامية بمساومة الكيان الصهيوني المجرم مثلهم».

على أكبر ولايتي (إعلام إيراني)

ولفت ولايتي، في مقاله، إلى أن «خط المواجهة انطلق منذ عهد الشهيد عز الدين القسام، واستمرَّ على يد الزعيم العربي الشهم والكبير جمال عبد الناصر. وفي المقابل كان هناك مَن يقودون المساومين ويواجهون عبد الناصر، وحاولوا إفشال نضاله؛ خدمةً لأميركا والصهاينة، وأكبر ضربة وجَّهوها لعبد الناصر هي إبادة الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية لنهر الأردن، أكثر من 4000 فلسطيني، وقُتِل من السوريين الذين انتفضوا لمساندة الفلسطينيين 600 شهيد، واستمر هذان المساران المتوازيان».

وأضاف أن «المعركة البطولية التي انطلقت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 هي مقاومة جادة وغير مسبوقة ومستمرة منذ 14 شهراً على يد مقاتلي حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، وأن هذا المستوى من المقاومة التي يبديها الفلسطينيون غير مسبوق في الحروب المعاصرة، ويشبه المعجزة. وفي المقابل، فإن شدة الهجمات وجرائم الحرب التي يرتكبها الصهاينة أيضاً لا مثيل لها في التاريخ».

وبالنسبة لسوريا، قال ولايتي إنها كانت، على مدى الـ50 عاماً الماضية، ضلعاً من أضلاع المقاومة، وإن «المشروع الاستكباري» الذي استهدف سوريا جاء لهذا السبب.

وأضاف: «أوصي المسؤولين الأتراك بالعودة من الطريق الذي يسلكونه بدلاً من إغداق النصح على إيران؛ فلا يليق ببلد، مثل تركيا، التي تحوي عشرات ملايين المسلمين، أن تقف في المعركة المقبلة بدرب المساومة مع الكيان الصهيوني المتوحش القاتل للأطفال، بدلاً من الوقوف مع العالم الإسلامي والشعوب المسلمة».

اتهامات إيرانية

في السياق ذاته، قال كاظم صديقي، ممثل المرشد الإيراني، في خطبة صلاة الجمعة بطهران، إن «إحدى الدول المجاورة (قاصداً تركيا) وضعت يدها في وعاء الأميركيين، ولفترة طويلة دربوا مجموعات في إدلب بجميع أنواع الأسلحة، وكانت نتيجة هذه الخطة سقوط نظام بشار الأسد».

المرشد الإيراني على خامنئي خلال خطاب في 11 ديسمبر انتقد فيه تركيا (إ.ب.أ)

كان المرشد الإيراني، علي خامنئي، ألقى باللوم على أميركا وإسرائيل فيما حدث بسوريا، في أول خطاب له، 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بعد سقوط حكم الأسد في دمشق، 8 ديسمبر (كانون الأول)، وانتقد دور تركيا في تغيير النظام بسوريا، ووصفها (دون ذكر اسمها صراحة) بـ«المحتلة».

وقال إن «حكومة مجاورة لسوريا لعبت، وما زالت تلعب، دوراً واضحاً فيما حدث في سوريا، لكن قوة التآمر الحقيقية ومركز القيادة الرئيسي موجودان في أميركا والكيان الصهيوني. لدينا أدلة لا تترك مجالاً للشك».

وجاءت تصريحات خامنئي في الوقت الذي كان وزير التجارة التركي، عمر بولاط، بطهران لحضور الاجتماع الـ29 للجنة الاقتصادية التركية الإيرانية المشتركة.

جانب من استقبال الرئيس الإيراني لوزير التجارة التركي عمر بولاط (من حساب الوزير التركي في «إكس»)

والتقى بولاط الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، خلال زيارته لطهران، وقال إنهما ناقشا موضوعات، مثل زيادة حجم التجارة المتبادلة إلى 30 مليار دولار، وتطوير مراكز التجارة الحدودية، وفتح بوابات حدودية جديدة.

ووسط التصريحات الحادة والهجوم المتصاعد على تركيا في طهران، التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بزشكيان، في القاهرة، 19 ديسمبر (كانون الأول)، على هامش قمة مجموعة الثماني النامية.

إردوغان وبيزشكيان في صورة تذكارية مع قادة دول مجموعة الثماني خلال قمتهم بالقاهرة (الرئاسة التركية)

وتركزت مباحثات الرئيسين على الوضع في سوريا، وأكدا أن تحقيق الاستقرار في سوريا يخدم أمن المنطقة برمتها.

علاقات عميقة

ويعتقد مراقبون أن أنقرة وطهران لن تتخليا عن التوازن الدقيق في العلاقات، التي تشمل التنافس والتعاون في منطقة جغرافية تمتد من القوقاز إلى الشرق الأوسط، الذي تغيَّر نوعاً ما مع رحيل إدارة الأسد في سوريا، بدعم من طهران، وسيطرة «هيئة تحرير الشام» على معظم أنحاء البلاد.

وبحسب مدير مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة الخارجية التركي، سنان أولغن، فستواصل تركيا وإيران، كقوتين إقليميتين، التصرُّف بعناية فيما يتعلق بمصالحهما، ولن يُحدِث الوضع في سوريا، الذي زاد من النفوذ التركي، تغييراً جذرياً في نموذج العلاقات بين تركيا وإيران؛ فقد كان هناك دائماً صراع على النفوذ، وسيستمر ذلك.

جانب من اجتماع الدورة 29 للجنة التجارية المشتركة التركية الإيرانية في طهران (من حساب وزير التجارة التركي في «إكس»)

ويعتقد الخبراء والمحللون أن تركيا وإيران لا تملكان ترف إدارة كل منهما ظهره للآخر، وأن تركيا لن تتماشى مع ضغوط الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترمب، على إيران، كما فعلت خلال ولايته الأولى.

وعَدّ أولغن أن «الضغط الأميركي الذي سيضع إيران في عنق الزجاجة الاقتصادية لن يكون السيناريو المفضَّل لتركيا أيضاً. وتحتاج إيران إلى تركيا، التي تربطها بها علاقات عميقة في مجالَي الطاقة والتجارة».


مقالات ذات صلة

خامنئي: استمرار القواعد الأميركية في سوريا مستحيل

شؤون إقليمية خامنئي يلقي خطاباً في مراسم الذكرى الخامسة للجنرال قاسم سليماني (موقع المرشد)

خامنئي: استمرار القواعد الأميركية في سوريا مستحيل

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن استمرار حضور القوات الأميركية في سوريا «أمر مستحيل»، وحذرها من «الدهس تحت أقدام الشباب السوري».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يتحدث إلى أعضاء الغرفة التجارية اليوم (الرئاسة الإيرانية)

مستشار بزشكيان: القيادة اقتنعت بضرورة التفاوض المباشر مع واشنطن

أعطى المرشد الإيراني علي خامنئي الضوء الأخضر لإزاحة الغبار عن ملف الخطة الحكومية لقبول شروط مجموعة «فاتف» الدولية المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم

خامنئي: ليس لدينا «وكلاء» في المنطقة

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن بلاده ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، مشدداً على أنها «ستتخذ أي إجراء بنفسها دون الحاجة إلى قوات تعمل بالنيابة».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية خامنئي يلقي خطاباً حول تطورات سوريا في حسينية مكتبه بطهران الأربعاء (إ.ب.أ)

خامنئي يتحدث عن 4 أسباب وراء سقوط الأسد

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأربعاء، إن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كانت نتيجة خطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية عناصر من الفصائل السورية المسلحة يقفون فوق مركبة مدرعة للجيش السوري تم الاستيلاء عليها في ضواحي حماة بسوريا (أ.ب)

مستشار خامنئي: تركيا أصبحت «أداة» في يد أميركا وإسرائيل

قال مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية إن تركيا أصبحت «أداة» في يد الولايات المتحدة وإسرائيل، وإن طهران لم تتوقع وقوعها في «فخ» سوريا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

قائد «الحرس الثوري»: «حزب الله» فرض إرادتَه على إسرائيل

سلامي يتوسط الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني خلال مراسم ذكرى سليماني في طهران الخميس الماضي (تسنيم)
سلامي يتوسط الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني خلال مراسم ذكرى سليماني في طهران الخميس الماضي (تسنيم)
TT

قائد «الحرس الثوري»: «حزب الله» فرض إرادتَه على إسرائيل

سلامي يتوسط الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني خلال مراسم ذكرى سليماني في طهران الخميس الماضي (تسنيم)
سلامي يتوسط الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني خلال مراسم ذكرى سليماني في طهران الخميس الماضي (تسنيم)

قال قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، إن جماعات «محور المقاومة»، بما في ذلك «حزب الله» اللبناني، «فرضت إرادتها على إسرائيل»، فيما قال عضو في لجنة الأمن القومي البرلمانية إن بلاده دربت 130 ألفاً من المقاتلين في سوريا، متحدثاً عن جاهزيتهم للتحرك.

وتوجه سلامي، الاثنين، إلى مدينة كرمان، في جنوب وسط إيران، حيث مدفن الجنرال قاسم سليماني، المسؤول السابق عن العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، الذي قُتل في غارة جوية أميركية مطلع عام 2020.

ونقلت وسائل إعلام «الحرس الثوري» عن سلامي قوله: «العدو منهك، ولا يعرف ماذا يفعل؛ لم يعد لديه مكان للهروب». وتابع أن «جبهة المقاومة» اليوم في ذروة «قوتها»، مشيراً إلى «حزب الله»، وقال إن الجماعة الموالية لإيران «فرضت إرادتها على إسرائيل، والحكاية مستمرة».

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات، بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها؛ حركة «حماس» الفلسطينية، وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال المتحدث باسم «الحرس الثوري»، الجنرال علي محمد نائيني، في مؤتمر صحافي، إن «سماء الأراضي المحتلة مفتوحة وغير محمية بالنسبة لنا». وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية كانت مستعدة تماماً للمعارك الكبرى والمعقدة والصعبة على أي مقياس منذ وقت طويل».

أتى ذلك، في وقت نفت وزارة الخارجية الإيرانية تصريحات منسوبة لوزير الخارجية، عباس عراقجي، بشأن «خطورة الحكومة الإسلامية في سوريا».

وقال المتحدث باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي دوري، إن الأنباء التي تحدثت عن ذلك «غير صحيحة. هذه الأخبار ملفقة حقاً، ومصممة لإثارة الفتنة بين دول المنطقة؛ وهناك الكثير منها».

وأضاف: «مواقف إيران تجاه سوريا واضحة، ومنذ بداية الأحداث تم التأكيد على أننا نحترم اختيار الشعب السوري، وما يقرره الشعب السوري يجب أن يُحترم من قبل جميع دول المنطقة». ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية قوله إن «الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامتها مهم لنا وللمنطقة بأسرها، وفي الوقت نفسه، طرحنا المخاوف المشتركة».

وأضاف: «يجب أن تتمكن سوريا من اتخاذ قراراتها بشأن مصيرها ومستقبلها دون تدخلات مدمرة من الأطراف الإقليمية أو الدولية، وألا تتحول بأي حال من الأحوال إلى مأوى لنمو الإرهاب والعنف».

مصير حزين

وقبل ذلك، بساعات، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن الجنرال قاسم قريشي، نائب رئيس قوات «الباسيج» التابعة لـ«الحرس الثوري»، مساء الأحد، إن «سوريا اليوم محتلة من ثلاث دول أجنبية».

وأضاف قريشي: «نرى مصيراً حزيناً لسوريا، نشهد أقصى درجات الحزن والأسى لشعب سوريا».

وقال إن «سوريا التي كان من المفترض أن تكون اليوم في سلام كامل، أصبحت تحت سيطرة أكثر من 5 مجموعات انفصالية وإرهابية، فضلاً عن احتلالها من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وتركيا».

في سياق موازٍ، قال عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، النائب أحمد بخايش أردستاني، إن «قوات المقاومة في سوريا مستعدة لتفعيلها بأي لحظة»، متحدثاً عن تدريب 130 ألف مقاتل «مقاوم» في سوريا.

ورجح النائب أن تزداد «النزاعات المسلحة» في سوريا، وقال في تصريح موقع «إيران أوبزرفر»، إن «هناك العديد من العوامل التي تشير إلى استمرار التوترات العسكرية في سوريا، ويبدو أن الصراعات المسلحة في البلاد ستستمر وربما تزداد».

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع المرشد الإيراني علي خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل». وقال إن إيران ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، و«لن تحتاج إلى قوات تعمل بالنيابة إذا ما أرادت اتخاذ إجراء في المنطقة».

وأشار النائب إلى أن «قوات المقاومة السورية ساعدت في حفظ بشار الأسد وهزيمة (داعش)، لكن الجيش السوري منعهم من الانضمام إلى هيكل الجيش. وعندما نفذت (تحرير الشام) عمليات ضد الأسد، توقفت قوات المقاومة عن مساعدته. هذه القوات لا تزال موجودة ولديها القدرة على النشاط، ومن غير المحتمل أن يقبل العلويون الحكومة الجديدة إلا إذا زادت الحكومة قوتها الاقتصادية أو ضمنت استقرارهم الاقتصادي».

إيران وسوريا الجديدة

وأوضح أن «تصريحات المرشد بشأن الشباب السوري لا تعني أن إيران ستدعم فصائل المقاومة السورية، بل تعني أن الحكومة الجديدة في سوريا لا تستطيع مواجهة التحديات العديدة التي ستواجهها». وتوقع بذلك أن «تعاني البلاد من مشكلات أمنية ومعيشية كبيرة، وفي هذه الظروف، سيبدأ الشباب في سوريا في التحرك بشكل تلقائي، وسيشكلون تنظيمات لمواجهة الحكومة السورية الجديدة».

أما سياسة إيران تجاه سوريا، فقد أكد أردستاني أنها «تلتزم الصمت حالياً، لكن هذا الصمت لا يعني اللامبالاة، حيث إن حكام سوريا الجدد يواجهون تحديات كبيرة لتشكيل حكومة قوية في سوريا، ولا حاجة لإضافة تحديات جديدة لها».

وقال إن القيادة السورية الجديدة «لا تمانع من خلق نوع من الثنائية، أو القول إن الجمهورية الإسلامية تتدخل في شؤون سوريا، لأن حسب زعمهم لا يجدون دولة أضعف من إيران».

وأضاف في السياق نفسه: «ليست لديهم القوة أو الرغبة في مواجهة إسرائيل، وهم يتلقون دعماً مباشراً من تركيا. كما يسعون لجذب استثمارات الدول العربية دون أن يكون لديهم اهتمام بمواقفها، لكنهم لا يمانعون في اتخاذ موقف معادٍ لإيران».

بشأن روسيا، أوضح أنها «لن تتخلى عن نفوذها في سوريا، إذ حرصت على الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط ولا ترغب في فقدان قواعدها البحرية في شمال غرب سوريا».

وأعرب أردستاني عن اعتقاده بأن إنشاء نظام ديمقراطي في سوريا «يتطلب قادة يؤمنون بالديمقراطية، وهو غير متوقع في ظل جماعات مثل (تحرير الشام) التي لا تتوافق مع الديمقراطية الغربية». وأضاف أن «الخلافات بين الفصائل المسلحة في سوريا تجعل من الصعب تسليم الأسلحة للحكومة الجديدة».

وأشار أردستاني إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا قد يسعون لإبعاد أحمد الشرع، بسبب رفضه «تشكيل حكومة علمانية»، لافتاً إلى أن الشرع «يفضل كسب رضا الدول الأجنبية على إرضاء شعبه مما يضعف فرصه في كسب ثقة السوريين».

واتهم النائب الحكام الجدد في سوريا بتجاهل «السيادة السورية» بعدما قصفت إسرائيل مئات النقاط من البنية التحتية السورية بعد سقوط النظام السابق.

وأضاف أن حديث الإدارة الجديدة في دمشق عن «القيم العالمية يهدف لتثبيت حكمهم»، مرجحاً أن القوى الكبرى «قد تسعى مستقبلاً لاستبدال شخصية تؤمن بالعلمانية والديمقراطية الغربية بهم، مما قد يحفز الدول العربية على الاستثمار في سوريا».

كما تحدث عن «تبعية» حكام سوريا الجدد للدول الأجنبية، موضحاً أن «تحرير الشام» وأحمد الشرع يعتمدان على تركيا ودول أخرى. كما أضاف أن العلويين والأكراد، الذين يشكلون أقليات كبيرة في سوريا، يرفضون التعاون مع الحكومة المؤقتة ويخوضون صراعات مع الجماعات المتحالفة مع «تحرير الشام».

وقال إن «الأكراد، أكبر أقلية عرقية في سوريا، يخوضون معارك مع بعض المعارضين المسلحين المتحالفين مع (تحرير الشام)، في وقت يحظون فيه بدعم أميركي، بينما تسعى تركيا للقضاء على الجماعات المسلحة الكردية في شمال سوريا».