«هيكتور النفط الإيراني» يشحن الأسلحة إلى روسيا

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
TT

«هيكتور النفط الإيراني» يشحن الأسلحة إلى روسيا

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

كشف مسؤولون غربيون ومصادر مطلعة عن دور شركة يديرها نجل علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني، في نقل صواريخ ومكونات طائرات مسيّرة ومواد ذات الاستخدام المزدوج من إيران إلى روسيا عبر بحر قزوين، حسبما أفادت وكالة «بلومبرغ».

وقالت المصادر إن هذه العملية التي تمت بواسطة حسين شمخاني، الملقب بـ«هيكتور النفط الإيراني»، عبر سفينتين على الأقل العام الماضي، لدعم روسيا في ضخم حربها مع أوكرانيا.

تدفع موسكو لإيران بشحنات نفط كجزء من تجارة المقايضة التي ازدادت بسبب العقوبات الغربية. وتزامنت هذه المعاملات مع زيادة استخدام روسيا للأسلحة الإيرانية في حربها على أوكرانيا.

ويدير حسين شمخاني، الذي يمتلك شبكة شركات تشرف على أكثر من ربع شحنات الأسلحة الإيرانية إلى روسيا، إمبراطورية تشمل صندوق تحوط في لندن وجنيف وسنغافورة وشركة تتخذ من دبي مقراً لها، وتعاملت مع كبرى شركات النفط الغربية، وفقاً لوكالة «بلومبرغ».

أقرت إيران وروسيا بتعزيز تعاونهما الدفاعي دون الكشف عن التفاصيل. وقال جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، إن شبكة شمخاني مرتبطة بعقود طائرات دون طيار لاستخدامها في أوكرانيا. لم يعلق ممثلو إيران وروسيا أو شركة «کریوس»، كما رفض محامي شمخاني التعليق على تفاصيل التقرير.

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة كانت تحذر من تعميق الشراكة الأمنية بين روسيا وإيران منذ بداية غزو أوكرانيا، مشيراً إلى أن «هذه الشراكة تهدد الأمن الأوروبي وتوسع تأثير إيران المزعزع للاستقرار عالمياً».

منذ منتصف 2023، حولت عدة سفن تابعة لشركة «کریوس»، مسارها من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود إلى بحر قزوين؛ حيث بدأت في النقل بين إيران وروسيا. وقامت السفينتان على الأقل بخمس رحلات هذا العام من المواني الإيرانية إلى أستراخان الروسية لنقل الأسلحة، وفقاً لبيانات «بلومبرغ».

تُعد تجارة الأسلحة مقابل النفط أحدث تفصيل في تحقيق استقصائي استمر عاماً كاملاً أجرته «بلومبرغ» حول أنشطة حسين شمخاني التجارية، شمل مقابلات مع أكثر من 50 شخصاً على دراية بعملياته بالإضافة إلى مراجعة مستندات سرية وسجلات الشركات.

ومن غير الواضح حجم الأسلحة التي تم تسليمها عبر السفن التابعة لشبكة شمخاني أو كيفية نشرها؛ حيث تم تجنُّب ذكرها في قوائم الشحن لتفادي آثار الوثائق. يسيطر شمخاني على أسطول يضم عشرات السفن، بما في ذلك ناقلات النفط والسفن التجارية، وتشرف شركة «کریوس» على شحنات بحر قزوين. تعمل الشركة جنباً إلى جنب مع شركتي «اوشن‌لینک ماری‌تایم» و«كوبان شيبينغ»، اللتين تديران شحنات لصالح وزارة الدفاع الإيرانية. في أبريل (نيسان)، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على «اوشن‌لینک ماری‌تایم» دون الإشارة إلى رابط مع شمخاني. وتواجه الجهود للحد من صفقات بحر قزوين تحديات بسبب الهيمنة الروسية في المنطقة، ويتفق الخبراء على أن «الهدف القصير المدى يجب أن يكون كشف هذه الشبكات للعلن».


مقالات ذات صلة

تقرير إسرائيلي: عُطل بالمكيف كاد يفشل عملية اغتيال هنية في طهران

العالم العربي الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يلتقي إسماعيل هنية في طهران يوم 30 يوليو 2024 (رويترز)

تقرير إسرائيلي: عُطل بالمكيف كاد يفشل عملية اغتيال هنية في طهران

كاد عُطل في وحدة مكيف الهواء أن يعرقل عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في 31 يوليو في طهران.

المشرق العربي لافتة طريق لبلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب (إنترنت)

سوريون من الشيعة: إيران أكبر كذبة انطلت علينا

اشتكى سوريون من الطائفة الشيعية من سياسة إيران في سوريا وخداعها لهم، والتغرير بشبابهم واستخدامهم وقوداً لمصالحها في المنطقة ضمن ميليشيات الحرس الثوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الصحافية الإيطالية المحتجزة في إيران تشيتشيليا سالا تتحدث خلال فعالية بميلانو... فبراير الماضي (رويترز)

إيطاليا: جهود إطلاق الصحافية المحتجزة في إيران «معقدة»

أفاد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، السبت، بأن الجهود المبذولة للإفراج عن الصحافية الإيطالية المحتجزة في إيران، تشيتشيليا سالا، «معقدة».

«الشرق الأوسط» (روما)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

تتصاعد حملة الانتقادات والهجوم الحاد في إيران ضد السياسة الخارجية لتركيا وتعاطيها مع قضايا المنطقة وسط صمت رسمي من أنقرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)

الصين وإيران: الشرق الأوسط ليس ساحة تنافس جيوسياسي

اتفق كبار الدبلوماسيين في الصين وإيران، السبت، على أن الشرق الأوسط «ليس ساحة معركة للقوى الكبرى»، ولا ينبغي أن يكون ساحة للمنافسة الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)
TT

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)

تتصاعد حملة الانتقادات والهجوم الحاد في إيران ضد السياسة الخارجية لتركيا وتعاطيها مع قضايا المنطقة، وسط صمت رسمي من أنقرة.

وتواجه تركيا اتهامات من المرجعيات الدينية الإيرانية منذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا؛ بالضلوع في مخطَّط قادته أميركا وإسرائيل، عبر دعمها لـ«هيئة تحرير الشام» التي أطاحت بحكم الأسد.

وفي مقال كتبه علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد الإيراني، علي خامنئي، ونشرته صحيفة «كيهان»، الجمعة، فإن مسؤولين أتراكاً حذروا إيران من إثارة غضب إسرائيل.

انتقادات لتركيا

وأضاف: «بعض المسؤولين الأتراك قدموا نصيحة لإيران بضرورة توخي الحذر من مغبة إثارة غضب الصهاينة إذا اتخذت الجمهورية الإسلامية بعض الخطوات ضدهم. عليهم ألا يتوقعوا أبداً من إيران الإسلامية أن تُطبِّع وتتعامل مع إسرائيل كما تفعل تركيا». ووصف النصائح التركية بأنها «غير مسبوقة ومدعاة للأسف».

وتابع ولايتي، في المقال الذي نقلته وكالة «مهر» الإيرانية، أن «الساسة الأتراك يعلمون، وقد شاهدوا بوضوح أيضاً، أن إيران صامدة، منذ سنوات، في وجه الكيان الصهيوني المتوحِّش القاتل للأطفال، وغيَّرت معادلات المنطقة والعالم لصالح الإسلام وسقوط الصهاينة».

وقال إنّ «رَدَّنا على الحكومة التركية وبعض الحكومات الأخرى في المنطقة (لم يحددها) هو ألا يقيسوا إيران المقتدرة بأنفسهم، ولا ينتظروا أبداً قيام إيران الإسلامية بمساومة الكيان الصهيوني المجرم مثلهم».

على أكبر ولايتي (إعلام إيراني)

ولفت ولايتي، في مقاله، إلى أن «خط المواجهة انطلق منذ عهد الشهيد عز الدين القسام، واستمرَّ على يد الزعيم العربي الشهم والكبير جمال عبد الناصر. وفي المقابل كان هناك مَن يقودون المساومين ويواجهون عبد الناصر، وحاولوا إفشال نضاله؛ خدمةً لأميركا والصهاينة، وأكبر ضربة وجَّهوها لعبد الناصر هي إبادة الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية لنهر الأردن، أكثر من 4000 فلسطيني، وقُتِل من السوريين الذين انتفضوا لمساندة الفلسطينيين 600 شهيد، واستمر هذان المساران المتوازيان».

وأضاف أن «المعركة البطولية التي انطلقت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 هي مقاومة جادة وغير مسبوقة ومستمرة منذ 14 شهراً على يد مقاتلي حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، وأن هذا المستوى من المقاومة التي يبديها الفلسطينيون غير مسبوق في الحروب المعاصرة، ويشبه المعجزة. وفي المقابل، فإن شدة الهجمات وجرائم الحرب التي يرتكبها الصهاينة أيضاً لا مثيل لها في التاريخ».

وبالنسبة لسوريا، قال ولايتي إنها كانت، على مدى الـ50 عاماً الماضية، ضلعاً من أضلاع المقاومة، وإن «المشروع الاستكباري» الذي استهدف سوريا جاء لهذا السبب.

وأضاف: «أوصي المسؤولين الأتراك بالعودة من الطريق الذي يسلكونه بدلاً من إغداق النصح على إيران؛ فلا يليق ببلد، مثل تركيا، التي تحوي عشرات ملايين المسلمين، أن تقف في المعركة المقبلة بدرب المساومة مع الكيان الصهيوني المتوحش القاتل للأطفال، بدلاً من الوقوف مع العالم الإسلامي والشعوب المسلمة».

اتهامات إيرانية

في السياق ذاته، قال كاظم صديقي، ممثل المرشد الإيراني، في خطبة صلاة الجمعة بطهران، إن «إحدى الدول المجاورة (قاصداً تركيا) وضعت يدها في وعاء الأميركيين، ولفترة طويلة دربوا مجموعات في إدلب بجميع أنواع الأسلحة، وكانت نتيجة هذه الخطة سقوط نظام بشار الأسد».

المرشد الإيراني على خامنئي خلال خطاب في 11 ديسمبر انتقد فيه تركيا (إ.ب.أ)

كان المرشد الإيراني، علي خامنئي، ألقى باللوم على أميركا وإسرائيل فيما حدث بسوريا، في أول خطاب له، 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بعد سقوط حكم الأسد في دمشق، 8 ديسمبر (كانون الأول)، وانتقد دور تركيا في تغيير النظام بسوريا، ووصفها (دون ذكر اسمها صراحة) بـ«المحتلة».

وقال إن «حكومة مجاورة لسوريا لعبت، وما زالت تلعب، دوراً واضحاً فيما حدث في سوريا، لكن قوة التآمر الحقيقية ومركز القيادة الرئيسي موجودان في أميركا والكيان الصهيوني. لدينا أدلة لا تترك مجالاً للشك».

وجاءت تصريحات خامنئي في الوقت الذي كان وزير التجارة التركي، عمر بولاط، بطهران لحضور الاجتماع الـ29 للجنة الاقتصادية التركية الإيرانية المشتركة.

جانب من استقبال الرئيس الإيراني لوزير التجارة التركي عمر بولاط (من حساب الوزير التركي في «إكس»)

والتقى بولاط الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، خلال زيارته لطهران، وقال إنهما ناقشا موضوعات، مثل زيادة حجم التجارة المتبادلة إلى 30 مليار دولار، وتطوير مراكز التجارة الحدودية، وفتح بوابات حدودية جديدة.

ووسط التصريحات الحادة والهجوم المتصاعد على تركيا في طهران، التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بزشكيان، في القاهرة، 19 ديسمبر (كانون الأول)، على هامش قمة مجموعة الثماني النامية.

إردوغان وبيزشكيان في صورة تذكارية مع قادة دول مجموعة الثماني خلال قمتهم بالقاهرة (الرئاسة التركية)

وتركزت مباحثات الرئيسين على الوضع في سوريا، وأكدا أن تحقيق الاستقرار في سوريا يخدم أمن المنطقة برمتها.

علاقات عميقة

ويعتقد مراقبون أن أنقرة وطهران لن تتخليا عن التوازن الدقيق في العلاقات، التي تشمل التنافس والتعاون في منطقة جغرافية تمتد من القوقاز إلى الشرق الأوسط، الذي تغيَّر نوعاً ما مع رحيل إدارة الأسد في سوريا، بدعم من طهران، وسيطرة «هيئة تحرير الشام» على معظم أنحاء البلاد.

وبحسب مدير مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة الخارجية التركي، سنان أولغن، فستواصل تركيا وإيران، كقوتين إقليميتين، التصرُّف بعناية فيما يتعلق بمصالحهما، ولن يُحدِث الوضع في سوريا، الذي زاد من النفوذ التركي، تغييراً جذرياً في نموذج العلاقات بين تركيا وإيران؛ فقد كان هناك دائماً صراع على النفوذ، وسيستمر ذلك.

جانب من اجتماع الدورة 29 للجنة التجارية المشتركة التركية الإيرانية في طهران (من حساب وزير التجارة التركي في «إكس»)

ويعتقد الخبراء والمحللون أن تركيا وإيران لا تملكان ترف إدارة كل منهما ظهره للآخر، وأن تركيا لن تتماشى مع ضغوط الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترمب، على إيران، كما فعلت خلال ولايته الأولى.

وعَدّ أولغن أن «الضغط الأميركي الذي سيضع إيران في عنق الزجاجة الاقتصادية لن يكون السيناريو المفضَّل لتركيا أيضاً. وتحتاج إيران إلى تركيا، التي تربطها بها علاقات عميقة في مجالَي الطاقة والتجارة».