تقدم في مفاوضات وقف النار بغزة... لكن لا اختراقات نهائية

هدنة 60 يوماً في قلب المباحثات... وترمب طلب من نتنياهو إقفال الملف قبل تسلمه سدة الحكم

صورة لدبابة إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة لدبابة إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تقدم في مفاوضات وقف النار بغزة... لكن لا اختراقات نهائية

صورة لدبابة إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة لدبابة إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

أشاع مسؤولون إسرائيليون بعض التفاؤل حول إمكانية دفع صفقة مع حركة «حماس» في قطاع غزة، من دون أن يتضح على الفور ما إذا كانت ستعني نهاية الحرب أم ستكون مقدمة لذلك.

وقال مصدر مطلع على تفاصيل المفاوضات لقناة «كان» الإسرائيلية إنه تم إحراز تقدم في المفاوضات. وأضاف: «تم إحراز بعض التقدم في قضية مركزية محل نزاع بين المنظمة (حماس) وإسرائيل».

ولم يوضح المصدر طبيعة التقدم، لكنه تحدث عن قبول «حماس» انسحاباً إسرائيلياً تدريجياً من قطاع غزة. وكانت «الشرق الأوسط» نشرت السبت أن «حماس» منفتحة أكثر من أي وقت على اتفاق «متدرج» في غزة على غرار اتفاق لبنان، ويشمل ذلك استعداد الحركة لقبول انسحاب تدريجي لإسرائيل من غزة وليس فورياً. وبحسب مصادر «الشرق الأوسط»، فإن الحركة مستعدة لقبول الانسحاب التدريجي من القطاع، بما يشمل المحاور محل الخلاف، مثل محور «فيلادلفيا» (الذي يفصل جنوب القطاع عن مصر)، ومحور «نتساريم» (الذي يشطر غزة نصفين). كما أن «حماس» موافقة على تولي السلطة الفلسطينية مسؤولية معبر رفح، خصوصاً إذا كان هذا سيساعد في فتحه فوراً.

وبخصوص اليوم التالي للحرب، توافق الحركة، بحسب المصادر ذاتها، على لجنة متفق عليها مع السلطة لتولي إدارة القطاع، وتوافق على إشراف عربي، وليس لديها أي مانع أن يكون للدول العربية دور واضح في إعادة إنقاذ وإنعاش قطاع غزة من جديد.

ويناقش وفد لـ«حماس» وصل إلى مصر قبل أيام كل هذه المسائل مع المسؤولين المصريين الذي يتوسطون في محاولة جدية لدفع اتفاق خلال الشهر الحالي. ودفع الاتفاق مع لبنان، الولايات المتحدة والوسطاء لتجديد الجهود من أجل اتفاق في غزة، كما رفع في إسرائيل ولدى «حماس» منسوب التفاؤل باتفاق محتمل، مع اختلاف ما يراه ويريده الطرفان.

وأكد مصدر إسرائيلي: «إننا لسنا في مرحلة يمكننا فيها أن نكون متفائلين للغاية ونعلن عن انفراجة، لكن الاتجاه أكثر إيجابية قليلاً مما كان عليه حتى الآن. لقد تعرضت (حماس) لضغوط كبيرة في الأيام الأخيرة».

ولم تتضح فوراً طبيعة الاتفاق الذي يتبلور، لكن صحيفة «يديعوت أحرونوت» قالت إن في قلب المفاوضات اقتراحاً لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً. وأكدت الصحيفة أن ثمة تفاؤلاً طفيفاً في إسرائيل، ويرجع ذلك، من بين أمور أخرى، إلى الاتفاق في لبنان الذي يمكن أن ينسحب على قطاع غزة، وتغيير الإدارة في الولايات المتحدة، حيث دعم الرئيس المنتخب دونالد ترمب وقف الحرب في غزة قبل وصوله إلى الحكم، إضافة إلى الإرهاق الذي أصاب الجميع.

وترى «يديعوت أحرونوت» أن ترمب، بخلاف تصريحاته السابقة، مهتم الآن بالترويج لصفقة في غزة حتى قبل عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، بل إن الرئيس المنتخب نقل لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رسالة مفادها أن إسرائيل يجب أن تنهي الحرب قبل تغيير الحكومة في الولايات المتحدة.

دمار في مخيم البريج بوسط قطاع غزة عقب غارة إسرائيلية الاثنين (أ.ف.ب)

وتقود الولايات المتحدة بمساعدة قطر ومصر جهوداً حثيثة لدفع اتفاق محتمل. والاقتراح المدرج الآن على جدول الأعمال هو وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، مع وجود إسرائيلي محدود في فيلادلفيا. وقال مسؤول إسرائيلي كبير رفض الإدلاء بتفاصيل: «هذه فترة ديناميكية، هناك فرصة لتوسيع الخيارات، ونحن ندرس الوضع ونتصرف وفقاً لذلك». لكن الحديث لا يدور حتى الآن عن إنهاء الحرب وهي المعضلة الرئيسة. وقال مصدر مطلع على التفاصيل إن المشكلة ليست في «حماس»، بل في إسرائيل. وقال مسؤول إسرائيلي كبير إنه إذا وافقت «حماس» على نفي رمزي (ترحيل) لقياداتها من غزة، فقد يكون من الممكن التوجه نحو صفقة تتضمن وقف الحرب، لكن المشكلة هنا أنه لا يمكن لنتنياهو أن يسمح بصورة تعود فيها «حماس» إلى السلطة.

وكان نتنياهو قد عقد مشاورات أمنية الأحد مع الوزراء ورؤساء فريق التفاوض. ونُقل عن نتنياهو قوله في حديث مع والدة رهينة إسرائيلية، إن «الظروف مهيأة لعودة الرهائن بعد انتهاء الحرب في الشمال (مع حزب الله بلبنان)». وأضاف أن هناك «أشياء تحدث خلف الكواليس، ولا يمكنني الإفصاح عنها». كما نُقل عن وزير الخارجية جدعون ساعر قوله إن «هناك علامات على إحراز تقدم في صفقة التبادل». وأضاف أن هناك مؤشرات على قدر أكبر من المرونة في ظل الظروف التي تشكلت، مثل التسوية على الجبهة مع لبنان.

وجاء هذا التقدم على الرغم من أن نتنياهو يواجه معارضة سياسية للاتفاق مع «حماس»، قد تُفشله في النهاية. وقال وزير المالية عضو مجلس الوزراء المصغر بتسلئيل سموتريتش في مقابلة صباح (الاثنين) مع موقع «كان» العبري: «لن أدعم اتفاق استسلام، فأنا أعارض بكل حواسي إطلاق سراح إرهابيين». وأضاف: «لن نعقد صفقة فاسدة. لن نعقد صفقة استسلام. سيكون هذا من خلال الضغط العسكري، هذا هو الأفضل. أنا أيدت الاتفاق السابق، لكن لدي خطوط حمراء فيما يتعلق بوقف الأعمال العدائية، علينا أن نناقش. على أي حال، أنا أمقت إطلاق سراح إرهابيين، لدينا هدفان ويجب ألا ندع الهدف المهم للمختطفين يدمر هدفنا الثاني وهو تفكيك (حماس)». وتابع: «لا يمكن لدولة إسرائيل أن تتحمل خسارة هذه الحرب. ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) لا يمكن أن يحدث. ونحن بحاجة إلى تفكيك (حماس). كان هناك إجماع على هذا واتفقنا على هدف هذه الحرب منذ اليوم الأول». ومضى يقول: «بالنسبة لي، الشيء الصحيح هو احتلال قطاع غزة وإعادة الاستيطان. هذا ليس جزءاً من أهداف الحرب بالنسبة لي، أهداف الحرب هي إزالة التهديد من غزة على سكان إسرائيل. نحن نفعل ذلك من خلال تفكيك (حماس). نحن بحاجة إلى القضاء عليها».

وكان سموتريتش وبعض الوزراء مثل وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير هددوا بتفكيك الحكومة في حال توقف الحرب في قطاع غزة، وقد أفشلوا في السابق عدة اتفاقات، ولذلك يبحث نتنياهو عن اتفاق لا يتضمن وقف الحرب. وأصبحت «حماس» مستعدة لاتفاق لا يتضمن وقف الحرب فوراً، ولكن خلال مراحل متفق عليها. وقال مصدر إسرائيلي مطلع: «جميع المعنيين يدركون أن (حماس) لن تتنازل عن شرط وقف الحرب، أو على الأقل ستصر على ضمانات لإنهاء الحرب بعد المرحلة الإنسانية الأولى. لكن في نهاية الأمر سيجدون (في إسرائيل) تسويغاً دبلوماسياً مناسباً لتبرير وقف الحرب».


مقالات ذات صلة

كبير مستشاري نتنياهو يبحث مع ترمب معالم «مرحلة ما بعد بايدن»

شؤون إقليمية الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما بالبيت الأبيض في 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

كبير مستشاري نتنياهو يبحث مع ترمب معالم «مرحلة ما بعد بايدن»

كشف النقاب في تل أبيب أن بنيامين نتنياهو أرسل زوجته سارة وكذلك وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، إلى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي وزيرا خارجية تركيا وإيران خلال مؤتمر صحافي عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة الاثنين (أ.ف.ب)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة العمل لوقف النار في غزة

أكدت تركيا وإيران ضرورة العمل على وقف إطلاق النار في غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال مؤتمر القاهرة الوزاري للمساعدات الإنسانية لغزة المنعقد في مصر (واس) play-circle 00:19

وزير الخارجية السعودي: ما تتعرض له غزة من إبادة يعد أكبر اختبار للنظام الدولي

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على أن ما تتعرض له غزة من إبادة وحشية يعد أكبر اختبار للنظام الدولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الدمار في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفد «حماس» بحث الوضع في غزة مع مسؤولين مصريين وقياديين من «فتح»

أفاد قياديان في حركة «حماس» بأن وفداً قيادياً من الحركة التقى مسؤولين في المخابرات العامة المصرية، مساء الأحد، في القاهرة، وناقش معه سبل وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج وزير الخارجية السعودي ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بجمهورية العراق الدكتور فؤاد حسين (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيريه العراقي واللبناني المستجدات الإقليمية

التقى الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، الاثنين، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بجمهورية العراق الدكتور فؤاد حسين ووزير خارجية لبنان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«المسيّرات» تغير موازين المواجهة في شمال سوريا

الصورة التي بثَّتها «سانا» عبر حسابها في «إكس»
الصورة التي بثَّتها «سانا» عبر حسابها في «إكس»
TT

«المسيّرات» تغير موازين المواجهة في شمال سوريا

الصورة التي بثَّتها «سانا» عبر حسابها في «إكس»
الصورة التي بثَّتها «سانا» عبر حسابها في «إكس»

في صورة احتفالية غير مألوفة في الإعلام الحربي ظهر عدد من الجنود السوريين مع مدنيين وأطفال يقفون خلف طائرة مسيَّرة في صورة بثَّتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) قالت إنها إحدى الطائرات المسيَّرة «المعادية» التي تطلقها الفصائل المسلحة، وقد أسقطتها الدفاعات الجوية السورية مع ذخيرتها في بلدة قمحانة بريف حماة الشمالي، الاثنين.

وأحدث استخدام سلاح المسيَّرات في هجوم «ردع العدوان» الذي شنَّته فصائل مسلحة معارضة منذ الأربعاء الماضي مفاجأة كبيرة في أوساط القوات الحكومية، في حين جاء ظهور فصيلين جديدين باسم «كتائب شاهين» و«كتائب سرايا العقاب» المتخصصين في الطيران المسيّر ليزيد التساؤلات حول حجم تأثيرهما في سير العمليات العسكرية مع تحقيق الفصائل المسلحة تقدماً سريعاً ومفاجئاً في حلب وريفها وريف إدلب والوصول إلى ريف حماة الشمالي في أقل من أربعة أيام.

ويعد فصيل «كتائب شاهين» التابع لـ«هيئة تحرير الشام» و«كتائب سريا العقاب» التابع لـ«الجيش الوطني» المدعوم من تركيا، اللذين تشكلا مؤخراً، ذراع سلاح المسيّرات المرتبط بغرفة «الفتح المبين» وغرفة «عملية فجر الحرية»، وبرزا خلال عملية «ردع العدوان» في عمليات استهداف دقيق لقياديين ونقاط تمركز القوات الحكومية ومواقع إطلاق الطائرات المسيّرة «الانتحارية» التابعة لها.

وتبنَّت «كتائب شاهين» استهداف العميد في القوات الحكومية جاسم دياب أثناء المعـارك في ريف حماة الشمالي، الأحد، ورئيس فرع الأمن العسكري في حماة العميد عدي غصة والعميد أيمن ملحم خلال اشتباكات في ريف حماة الشمالي، السبت. وتم بث لقطات مصورة من الطائرة المسيَّرة التي استهدفت العميد عدي غصة على مشارف مدينة حماة.

وكذلك استهدفت تجمعاً ضخماً للقوات الحكومية في قمحانة شمال حماة، وتجمعاً لضباط القوات الحكومية بينهم العميد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» في قمة جبل زين العابدين بريف حماة دون تفاصيل حول نتائج الاستهدافين الأخيرين، الاثنين.

قلب الموازين

وبحسب تقارير إعلامية، تمكنت «كتائب شاهين» من قلب موازين القوى في العمليات القتالية ضد القوات الحكومية باستخدام مسيَّرات يصل مداها إلى عمق 30 كم؛ إذ تمكنت من استهداف دبابات وعربات عسكرية ضمن تحصيناتها وتجمعات للقوات الحكومية، وخطوط الإمداد بشكل دقيق، وسط أنباء عن إعادة استخدام الفصائل المسلحة المعارضة للطائرات المسيَّرة الروسية التي جرى استخدامها على نطاق واسع في مناطق شمال غربي سوريا، خلال الفترات الماضية من تلك التي لم تنفجر ذخيرتها.

ونشرت «غرفة عمليات الفتح المبين» مقاطع مصورة لعمليات «كتائب شاهين» كما نشرت غرفة «فجر الحرية» مقاطع مصورة لعمليات «كتائب سرايا العقاب»، أظهرت استخدام أنواعاً متعددة من الطائرات المسيّرة، منها ما تُطلق يدوياً، وأخرى تُطلق من منصات مجهولة المصدر، إضافة إلى مسيَّرات ذات أربع مراوح وأخرى محلية الصنع، مع إمكانية تزويدها بقنابل وقذائف خفيفة.

وهذا ما اعتبره مراقبون تحولاً نوعياً في الأداء العسكري للفصائل المسلحة من جهة التقنيات الحديثة وتطوير سلاح المسيَّرات، مع الإشارة إلى مزاعم روسية سابقة حول وجود أوكرانيين في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة شمال غربي سوريا، يقومون بالتدريب على سلاح المسيَّرات.

مسيَّرات انتحارية

وكان مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، أكد في تصريحات إعلامية أن ضباطاً أجانب دربوا عناصر «هيئة تحرير الشام» على استخدام مسيَّرات انتحارية كان لها الدور البارز في هجوم الفصائل المسلحة على مواقع القوات الحكومية في ريفي حلب وإدلب.

ويركز الإعلام الرسمي السوري على استخدام الفصائل المسلحة للمسيَّرات والتقنيات القتالية المتطورة دليلاً على وجود دعم «صهيوني - أميركي - غربي» للفصائل المسلحة، وذلك في سياق رؤية دمشق وطهران لأسباب التصعيد الحاصل ضدهما في المنطقة.

وقال الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الاثنين، إن ما يحصل من تصعيد هو «محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها وإعادة رسم الخرائط من جديد وفقاً لمصالح وغايات أميركا والغرب»، في حين أشار الرئيس بزشكيان إلى أن الأطماع «الصهيو أميركية» واضحة في استهداف دول المنطقة وشعوبها، وأن ما يحصل في سوريا هو وجه لتلك الأطماع. وفق ما نقلته وكالة «سانا»