ماذا حمل كبير أمناء سر نتنياهو إلى روسيا؟

بوتين مستقبلاً نتنياهو في سوشي عام 2023 (أرشفية - رويترز)
بوتين مستقبلاً نتنياهو في سوشي عام 2023 (أرشفية - رويترز)
TT

ماذا حمل كبير أمناء سر نتنياهو إلى روسيا؟

بوتين مستقبلاً نتنياهو في سوشي عام 2023 (أرشفية - رويترز)
بوتين مستقبلاً نتنياهو في سوشي عام 2023 (أرشفية - رويترز)

مَنْ يقول إن زيارة وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، إلى موسكو خلال الأسبوع الماضي، هدفت إلى تكليف روسيا بمنع نقل الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله» في لبنان، إنما يحاول تقزيم دور موسكو في الساحة الشرق الأوسطية، ويتناول «برغياً صغيراً» في معادلة العلاقات القائمة، والعلاقات المستقبلية، التي ستتخذ شكلاً جديداً في عهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

ففي الواقع، لا روسيا تقبل بدور صغير مثل هذا يظهرها كمن يحمي إسرائيل من الحليفة الكبيرة إيران، ولا إسرائيل تجرؤ على التقدم بطلب مثل هذا من روسيا (فلاديمير بوتين).

والزيارة التي قام بها كبير أمناء السر في حكومة بنيامين نتنياهو هي جزء من اتصالات عميقة بين موسكو وتل أبيب. وفي إطارها، قام وفد روسي رفيع بزيارة إسرائيل خلال الأسبوع الماضي، وأجرى محادثات وصفت بأنها «سياسية استراتيجية»، وطرح عدداً من المقترحات، وعاد ديرمر بأجوبة إلى موسكو.

وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر (غيتي)

والموضوع الذي يشغل بال الحكومتين حالياً، هو ما طرحه الرئيس بوتين في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والذي قال فيه إنه مستعد للتقدّم بواسطة بين إيران وإسرائيل لمنع التدهور إلى حرب.

وقال يومها: «لروسيا علاقات ثقة مع الدولتين، إسرائيل وإيران. ونعتقد بأنه يجب وضع حد لتبادل القصف بينهما، والتوصل إلى تفاهمات ترضي الطرفين، ولا توقف التدهور فحسب، بل تبني اتجاهاً جديداً في العلاقات بينهما».

لقد تجاهلت إسرائيل هذا التصريح من الناحية العملية، إذ إنها قصفت إيران بضربات أليمة جداً، فقط بعد أسبوع من تصريحات بوتين (26 أكتوبر). لكنها بعثت برسالة إلى الكرملين توضح فيها أنها ليست معنية بحرب مع إيران، لكنها مضطرة للرد على الهجمات الإيرانية التي وقعت مطلع ذلك الشهر.

وكما هو معروف، فإن روسيا وإسرائيل تقيمان جهاز تنسيق أمنياً فاعلاً بينهما، منذ شهر فبراير (شباط) 2016، بواسطة طاقم عمل في تواصل يومي، يرأس هذا الطاقم من كل طرف نائب رئيس أركان الجيش.

بوتين ونتنياهو في أحد لقاءاتهما (أرشيفية - الديوان الحكومي الإسرائيلي)

وقد جاء هذا التنسيق ليمنع تصادم القوات الروسية المقيمة في سوريا (خصوصاً في الشمال الغربي) وتحت تصرفها ميناء سوري ومطار. وقد نجحت التجربة حتى الآن، بشكل جيد، على الرغم من أن قوات سلاح الجو الإسرائيلي نفّذت مئات الغارات على أهداف تابعة لإيران و«حزب الله» في سوريا. وحين سُئل وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، في حينه، عن رأيه في ذلك، قال إن ما يهمه هو أن روسيا موجودة في سوريا لمحاربة التنظيمات الإسلامية الإرهابية، وتجاهل موضوع «حزب الله».

ولفت ليبرمان إلى أن روسيا ترفض تزويد منظومة صواريخ متطورة (إس 400) لسوريا، حتى تتمكن من التصدي للغارات الإسرائيلية. ولا تقوم بتفعيل منظومة «إس 300» في سوريا، رغم أنها امتلكتها منها. ويكتفي الجيش السوري بمنظومة «إس 200»، القديمة ومحدودة القدرات.

والسفير الروسي في تل أبيب، أناطولي فكتوروف، عَدّ العلاقات بين البلدين «نموذجاً في التعاون الاستراتيجي، رغم الخلافات السياسية». ولم يمنعه ذلك من أن يخرج بتصريح، في أغسطس (آب) الماضي، يدعو فيه «1.5 مليون إسرائيلي من أصول روسية، إلى العودة إلى روسيا حتى لا يصابوا بالأذى من التدهور الأمني بين إسرائيل وإيران».

وتتعرّض حكومة نتنياهو لانتقادات شديدة من المعارضة بسبب تهادنها مع روسيا، ولانتقادات أشد من الإدارة الأميركية الديمقراطية. ولكن العلاقات «الجيدة» بين بوتين وترمب، أتاحت لإسرائيل الظهور بالعلاقات إلى العلن، وإلى الحديث عن ثالوث تعاون قادم بينها. وزيارة ديرمر تدخل في هذا الباب من خلال رؤيا تعاون روسي ــ أميركي قادم في الشرق الأوسط. ووفق مصادر سياسية في تل أبيب، فإن روسيا معنية بطرح صفقة قرن جديدة بالتعاون مع ترمب، لتسوية كل صراعات الشرق الأوسط، وليس فقط وقف النار مع لبنان.


مقالات ذات صلة

نائب إيراني: خسرنا أكثر من 6000 قتيل في سوريا

شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي يؤمّ صلاة الجنازة على جثة محمد رضا زاهدي وجنود قُتلوا بقصف إسرائيلي على قمر القنصلية الإيرانية في دمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب - موقع المرشد)

نائب إيراني: خسرنا أكثر من 6000 قتيل في سوريا

قال نائب إيراني بارز إن الحرب السورية كلَّفت بلاده أكثر من 6 آلاف قتيل من قواتها العسكرية.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش يصلان لحضور اجتماع مجلس الوزراء في مكتب رئيس الوزراء في القدس 23 فبراير 2023 (رويترز)

سموتريتش: عودة ترمب تمنح إسرائيل فرصة لتحقيق أهداف استراتيجية عدة

قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن عودة دونالد ترمب الشهر المقبل إلى السلطة تمنح إسرائيل فرصة تحقيق أهداف استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية السفیر الإيراني متحدثاً للتلفزيون الرسمي اليوم

أكبري: نتنياهو سعيد لسقوط الأسد وقلِق من القوى الجديدة

قال السفير الإيراني لدى سوريا، حسين أكبري، إن «مجلس الوزراء السوري قرر في جلسة مساء الأمس تجنب أي مواجهات في دمشق وتسليم السلطة والحكومة بشكل سلمي».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي دمار عند معبر حدودي قصفته إسرائيل اليوم الجمعة بين لبنان سوريا في منطقة العريضة (أ.ب)

تمدد الفصائل يُقلق دول الجوار السوري

ما تداعيات ما يحصل في سوريا على دول الجوار؟ إسرائيل تتمسك بتحجيم «حزب الله» وإيران. تركيا ترى فرصة. لبنان يخشى التداعيات. العراق بين نارين. والأردن قلِق.

كميل الطويل (لندن)
المشرق العربي مقاتلون من الفصائل السورية المسلحة في محيط مطار حلب الدولي (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي: سنضمن عدم استغلال إيران الأوضاع في سوريا

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين، إنه يتابع ما يجري في سوريا من كثب، وإنه سيعمل على ضمان ألا تستغل إيران الوضع لنقل أسلحة إلى «حزب الله» اللبناني عبر سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لأول مرة... نتنياهو يدلي بشهادته في محاكمته بالفساد

نتنياهو لدى وصوله إلى المحكمة في إطار محاكمته الطويلة بتهم فساد (أ.ب)
نتنياهو لدى وصوله إلى المحكمة في إطار محاكمته الطويلة بتهم فساد (أ.ب)
TT

لأول مرة... نتنياهو يدلي بشهادته في محاكمته بالفساد

نتنياهو لدى وصوله إلى المحكمة في إطار محاكمته الطويلة بتهم فساد (أ.ب)
نتنياهو لدى وصوله إلى المحكمة في إطار محاكمته الطويلة بتهم فساد (أ.ب)

مثُل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام محكمة في تل أبيب، اليوم الثلاثاء، للإدلاء بشهادته لأول مرة في محاكمته المستمرة منذ فترة طويلة والتي من المرجح أن تجبره على التنقل بين قاعة المحكمة وغرفة إدارة الحرب لأسابيع.
وصل نتنياهو إلى مقر المحكمة في حوالي الساعة العاشرة صباحا (0800 بتوقيت جرينتش) بينما تجمع بضع عشرات من المحتجين في الخارج بعضهم من المؤيدين له والبعض الآخر يطالبه ببذل المزيد من الجهد للتفاوض على إطلاق سراح نحو 100 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة.

وتشن إسرائيل حرباً على حركة «حماس» في قطاع غزة منذ أكثر من عام، وخلال هذه الفترة سُمح لنتنياهو بتأجيل بدء مثوله أمام المحكمة. لكن قضاة قرروا يوم الخميس الماضي أنه يتعين على رئيس الوزراء البدء في الإدلاء بشهادته.

نتنياهو يبتسم لدى وصوله للإدلاء بشهادته في محاكمته بتهم فساد (إ.ب.أ)

وقالت المحكمة إن نتنياهو المتهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة سيدلي بشهادته ثلاث مرات في الأسبوع، رغم حرب غزة والتهديدات الجديدة المحتملة التي يشكلها التوتر الأوسع القائم في الشرق الأوسط، بما في ذلك في سوريا المجاورة.

ووجهت اتهامات إلى نتنياهو في عام 2019 في ثلاث قضايا تتعلق بهدايا من أصدقاء من فئة المليونيرات، وبالسعي لمنح مزايا تنظيمية لأباطرة الإعلام مقابل تغطية تفضيلية. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات.

وفي الفترة التي سبقت موعد محاكمته، عاد نتنياهو إلى خطاب ما قبل الحرب المألوف ضد سلطات إنفاذ القانون، ووصف التحقيقات ضده بأنها حملة شعواء. وينفي الاتهامات ويؤكد أنه غير مذنب.

وقال في بيان صدر يوم الخميس: «التهديد الحقيقي للديمقراطية في إسرائيل لا يشكله ممثلو الجمهور المنتخبون، بل بعض أفراد سلطات إنفاذ القانون الذين يرفضون قبول اختيار الناخبين ويحاولون تنفيذ انقلاب من خلال تحقيقات سياسية مسعورة غير مقبولة في أي ديمقراطية».

وفي مؤتمر صحافي عقد مساء أمس الاثنين، قال نتنياهو إنه انتظر 8 سنوات حتى يتمكن من رواية قصته، وعبّر عن غضبه إزاء الطريقة التي تم بها التعامل مع الشهود أثناء التحقيقات.

وقبل الحرب، أدت المشاكل القانونية التي واجهها نتنياهو إلى انقسام شديد بين الإسرائيليين وأربكت السياسة الإسرائيلية خلال خمس جولات من الانتخابات. كما أدت محاولة حكومته العام الماضي للحد من صلاحيات القضاء إلى زيادة انقسام الإسرائيليين.

نتنياهو لدى دخوله إلى قاعة المحكمة للإدلاء بشهادته (أ.ف.ب)

وأدى الهجوم المفاجئ الذي شنته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والحرب التي تلتها في قطاع غزة، إلى إبعاد محاكمة نتنياهو عن جدول الأعمال العام في إسرائيل، حيث اتحد الإسرائيليون في ظل حالة من الحزن والصدمة. ولكن مع استمرار الحرب، انهارت الوحدة السياسية.

وفي الأسابيع القليلة الماضية، وبعد هدوء القتال على إحدى الجبهات بعد أن توصلت إسرائيل إلى وقف لإطلاق النار مع «حزب الله» اللبناني، اندلع صراع بين أعضاء حكومة نتنياهو، بما في ذلك وزيرا العدل والشرطة، والسلطة القضائية.

ونتنياهو (75 عاماً) الذي تولى السلطة بشكل متواصل تقريباً منذ عام 2009، هو الزعيم الأطول بقاء في السلطة في تاريخ إسرائيل، وأول رئيس وزراء في منصبه يُتهم بارتكاب جرائم.

وتفاقمت مشاكله القانونية المحلية الشهر الماضي عندما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحقه ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى جانب قيادي في «حماس» بتهمة ارتكاب جرائم حرب في الحرب في غزة.