تقارير إيرانية عن تجربة «صاروخ عابر للقارات» من منشأة استهدفتها إسرائيل

نائب بازر: يجب أن نمتلك أنواعاً مختلفة من الأسلحة من أجل الردع

صورة من قمر اصطناعي تظهر مباني متضررة في مركز شاهرود التابع لـ«الحرس الثوري» في محافظة سمنان (أ.ب)
صورة من قمر اصطناعي تظهر مباني متضررة في مركز شاهرود التابع لـ«الحرس الثوري» في محافظة سمنان (أ.ب)
TT

تقارير إيرانية عن تجربة «صاروخ عابر للقارات» من منشأة استهدفتها إسرائيل

صورة من قمر اصطناعي تظهر مباني متضررة في مركز شاهرود التابع لـ«الحرس الثوري» في محافظة سمنان (أ.ب)
صورة من قمر اصطناعي تظهر مباني متضررة في مركز شاهرود التابع لـ«الحرس الثوري» في محافظة سمنان (أ.ب)

تحدثت وسائل إعلام إيرانية عن تجربة «صاروخ باليستي عابر للقارات» جرت مساء الجمعة، وأطلق من منشأة «شاهرود» الصاروخية التي ضربتها إسرائيل الشهر الماضي، ورفض نواب إيرانيون تأكيد أو نفي التقارير، لكنهم تحدثوا عن سعي طهران، لامتلاك «جميع أنواع الأسلحة الرادعة».

ولم يصدر تعليق من «الحرس الثوري»، بعدما ذكرت مواقع إيرانية أن أهالي شاهرود رأوا أشياء مضيئة في سماء مدينتهم مساء الجمعة الماضي، مرجحة أن تكون الأضواء لاختبار صاروخ «عابر للقارات»، وذلك بعد أيام من تلويح كمال خرازي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدبلوماسية، بزيادة مدى الصواريخ الباليستية.

يأتي ذلك، في وقت يسود الترقب بشأن الرد الإيراني، على ضربات شنتها إسرائيل على قواعد تابعة للوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، وذكر عدد من التقارير أن الضربات طالت منشأة صاروخية حساسة في مدينة شاهرود، في محافظة خراسان شمال شرقي البلاد.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية تضرر مصنع شاهرود التابع للوحدة الصاروخية، الذي لم تسلط عليه الأضواء من قبل. والتزم «الحرس الثوري» الصمت بشأن مصنع شاهرود، كما لم يعلق على التقارير بشأن تضرر مصنع «خجير» لإنتاج الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ الباليستية.

وذكرت صحيفة «فرهيختغان»، المقربة من مكتب علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني، أن «اختباراً صاروخياً مساء الجمعة من إيران من شاهرود أثار الكثير من النقاشات حوله»، لكنها أقرت باستهداف المنشأة في الهجوم الإسرائيلي على إيران، 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأشارت إلى تدمير أجزاء من القاعدة. وقالت إن «إطلاق الصاروخ بعيد المدى من هذا الموقع حمل رسالة هامة إلى الولايات المتحدة، مفادها بأن القدرة العسكرية والهجومية لإيران لم تتأثر بشكل عام، بل إن طهران يمكنها الاستفادة من المنشآت التي تعرضت للهجوم إذا لزم الأمر في عملياتها المستقبلية».

ولفتت الصحيفة إلى أن إيران «أظهرت في وقت سابق قدرتها على إنتاج صواريخ باليستية عابرة للقارات من خلال كشفها عن محركات الوقود الصلب المتقدمة مثل (سلمان)». وكشفت إيران عن محركات «سلمان» في فبراير (شباط) 2020، ولم يتضح ما إذا دخلت الخدمة.

وكثفت إيران مساعيها للتزويد بصواريخ تعمل بالوقود الصلب.

وتعدّ الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب أكثر موثوقية من تلك التي تعمل بالوقود السائل؛ لأنها يمكن تخزينها لفترة أطول وهي أقل تقلباً. كما أن الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب أكثر عملية للاستخدام في هجوم جماعي سريع وواسع النطاق، مثل الذي أطلقته إيران ضد إسرائيل في الأول من أكتوبر.

وأشارت «فرهيختغان» إلى أن طهران «قادرة على الوصول إلى مدى يتخطى الـ3 آلاف كيلومتر باستخدام محرك (سلمان)، وخلال استخدام محركين إلى ثلاثة محركات في صاروخ واحد يمكنها تحقيق مدى يتجاوز خمسة آلاف كيلومتر».

وتابعت الصحيفة: «لو لم يقم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحريض الولايات المتحدة للخروج من الاتفاق النووي، لما كانت إيران تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة. ولو لم يستمر في جرائمه في غزة ولم يثر طهران، لما زاد مدى صواريخ إيران».

وأضافت: «نتنياهو لعب أيضاً دوراً كبيراً في البرنامج الصاروخي الإيراني، وبالإضافة إلى دفع طهران نحو إنشاء مستودعات صواريخ وتطوير نماذج جديدة بشكل جاد، أصبح الآن سبباً في زيادة مدى صواريخ إيران».

ورفض النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الشؤون العسكرية في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، تأكيد أو نفي الأنباء. وقال في تصريح لموقع «انتخاب» الإخباري: «لا يمكنني الخوض في تفاصيل الأمر، لكن يجب أن نمتلك أنواعاً مختلفة من الأسلحة من أجل الردع».

وأوضح: «بالتأكيد نتابع هذه القضايا لضمان أمن بلدنا، ونعمل على إجراء الاختبارات المختلفة في أسرع وقت ممكن... نسعى لتحقيق أهدافنا التي من بينها تطوير القدرات الصاروخية».

الرد على إسرائيل

وأبدى كوثري، وهو جنرال بارز في «الحرس الثوري»، تمسك بلاده بالرد على إسرائيل. وقال: «سنتابع عملية الوعد الصادق 3 بكل تأكيد ويقين، وهي حق لنا، نحن من يحدد وقت ومكان العملية، في أي وقت نراه مناسباً، وعندما نرى أن المصالح الوطنية والمصلحة العامة تتطلبان تنفيذ هذه العمليات».

وأبدى كوثري شكوكاً في قدرة ترمب على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط. وقال: «يقول الأميركيون إنهم يريدون وقف إطلاق النار، لكنهم يزودون إسرائيل بأسلحة متعددة».

وتراجعت تهديدات المسؤولين الإيرانيين بشأن الرد على إسرائيل مع اقتراب ولاية ثانية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

في الأثناء، قال موقع «خبر أونلاين» الإخباري إن «طهران قد اتخذت خطوة نحو تطوير صواريخ عابرة للقارات». وأشارت تحديداً إلى إعلان كمال خرازي، كبير مستشاري المرشد الإيراني في الشؤون الدبلوماسية، عن احتمال زيادة مدى الصواريخ الباليستية؛ في إشارة ضمنية إلى زيادة الصواريخ إلى مدى يتخطى ألفي كيلومتر، وهو السقف المحدد من قبل المرشد علي خامنئي.

وقال خرازي في تصريحات أوردتها وكالة «أرنا» الرسمية مطلع الشهر الحالي: «كنا نأخذ في اعتبارنا حتى الآن حساسيات الغرب، وخصوصاً الأوروبيين، ولكن عندما لا يأخذون حساسياتنا، خاصة في موضوع وحدة الأراضي الإيرانية، فلا يوجد سبب يجعلنا نأخذ حساسياتهم في الاعتبار. لذا، هناك احتمال لزيادة مدى صواريخ إيران».

صورة من قمر اصطناعي تظهر مباني متضررة في مركز شاهرود التابع لـ«الحرس الثوري» في محافظة سمنان (أ.ب)

وقال خرازي أيضاً إننا «سنكون مضطرين لتغيير عقيدتنا العسكرية، إذا تعرضت الجمهورية الإسلامية لتهديد وجودي». وأضاف: «نملك الآن القدرة على إنتاج الأسلحة، والعائق الوحيد هو فتوى المرشد التي تحظر إنتاج الأسلحة النووية».

وتعليقاً على المزاعم بشأن اختبار صاروخ «عابر للقارات»، قال النائب المحافظ أحمد نادري: «هذا الأمر ليس جديداً، فنهجنا العسكري في تطوير الصواريخ الرادعة، كان وسيظل على هذا النحو».

وأضاف: «ما يجب أن يتم قريباً وقد تأخر حتى الآن هو إجراء اختبار نووي والإعلان الرسمي، وهذا يعني الردع الأقصى».

يأتي ذلك في وقت وجه العديد من المسؤولين الإيرانيين، رسائل إلى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، تطالب بفتح صفحة جديدة، بين الجانبين، عبر التراجع من استراتيجية «الضغوط القصوى» التي فرضتها إدارته السابقة.

وأبدى وزير الخارجية، عباس عراقجي، استعداد طهران للتفاوض، مطالباً ببناء الثقة بين الجانبين. وقال إن الدبلوماسية «ليست طريقاً باتجاه واحد».

وقال كوثري إن «الاتفاق النووي كان آخر الجرائم والخيانات التي ارتكبتها أميركا ضد الشعب الإيراني، لقد توصلنا إلى اتفاق ونفذنا التزاماتنا، وقلصنا 10 أطنان من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة». وأضاف: «قالوا يجب تسليم هذا اليورانيوم إلى دولة ثالثة، وحصلنا على الكعكة الصفراء، ومع ذلك لم تفِ الولايات المتحدة بتعهداتها وزادت العقوبات».

مخاوف دولية

وقال كوثري: «لا نخشى التفاوض، فهو ضروري، لكن يجب أن يكون بشكل يلتزم فيه الطرفان بما يتفقان عليه... لو كانت أميركا تفهم التفاوض لالتزمت بالاتفاق النووي وحلت القضايا».

وخلال السنوات الماضية، أثارت المحاولات الإيرانية لإطلاق صواريخ حاملة للأقمار الاصطناعية إلى الفضاء مخاوف القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وقالت تلك الدول إن إطلاق القمر الاصطناعي يتحدى قرار مجلس الأمن 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي، ويطالب طهران بعدم القيام بأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية القادرة على إيصال أسلحة نووية.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على «وكالة الفضاء المدنية الإيرانية» ومنظمتين بحثيتين في 2019، قائلة إنها تُستخدم في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. وبعد محاولات سابقة، حذّر الجيش الأميركي من أن التكنولوجيا الباليستية طويلة المدى نفسها المستخدمة لوضع الأقمار الاصطناعية في مداراتها ربما تسمح أيضاً لطهران بإطلاق أسلحة ذات مدى أطول، وربما تحمل رؤوساً حربية نووية.

وتنفي طهران التأكيدات الأميركية بأن مثل هذا النشاط غطاء للحصول على تكنولوجيا صواريخ عابرة للقارات، وترفض الالتزام ببنود ينص عليها القرار 2231، ويدعوها للامتناع عن تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.

تُظهر هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو نشرته حسابات تابعة لـ«الحرس الثوري» إطلاق قمر اصطناعي إيراني سبتمبر الماضي (أ.ب)

وأفاد تقييم مجتمع الاستخبارات الأميركي لعام 2022 بأن تطوير مركبات إطلاق الأقمار الاصطناعية «يقصر الجدول الزمني» لإيران لتطوير صاروخ باليستي عابر للقارات لأنها تستخدم تقنية مماثلة.

وأضافت: «نواصل استخدام مجموعة متنوعة من أدوات منع الانتشار النووي، بالتنسيق مع حلفائنا وشركائنا، لمواجهة مزيد من تقدُّم برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وقدرته على نشر الصواريخ والتكنولوجيا ذات الصلة».

كانت الولايات المتحدة قد قالت سابقاً إن إطلاق الأقمار الاصطناعية الإيرانية يتحدى قرار 2231 الصادر من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، ودعت طهران إلى عدم القيام بأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية. وانتهت العقوبات المتعلقة ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني في أكتوبر الماضي.

وأسهمت تجارب الصواريخ الباليستية في صدور قرار ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي في 2018. وصعّد «الحرس الثوري» من الأنشطة الصاروخية، رغم قيود القرار 2231.


مقالات ذات صلة

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

تحليل إخباري البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد، وذلك على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال صدور قرار متشدد بحقها.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا مقر سفارة إيران في برلين (د.ب.أ)

ألمانيا: قنصليات إيران الثلاث مغلقة رسمياً منذ الاثنين

أُغلقت القنصليات العامة الإيرانية الثلاث في ألمانيا في مدن هامبورغ وميونيخ وفرانكفورت رسمياً أمام الجمهور اعتباراً من أول أمس (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (برلين)

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»


صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا
TT

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»


صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

وجاء في بيان وزعته الخارجية البريطانية، أن البلدان الثلاثة «تحث إيران على وقف التصعيد النووي والامتناع عن توجيه التهديدات بإنتاج الأسلحة النووية».

وخلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قدمت الدول الغربية، أمس، نصاً يشير إلى «عدم إحراز أي تقدم في الأشهر الأخيرة».

وتقول الوثيقة إنه «من الضروري والعاجل» أن تقدم طهران «ردوداً فنية موثوقة» حول وجود آثار لليورانيوم في موقعين غير معلنين قرب طهران، هما تورقوز آباد وورامين.