إيران غداة فوز ترمب... دعوات لنهج جديد وتحدٍّ لـ«قاتل» قاسم سليماني

رأت في عودته فرصة لأميركا لإعادة النظر في «التوجهات غير الصائبة»

إيراني يمسك بيده جريدة «همشهري» في شارع وسط طهران (إ.ب.أ)
إيراني يمسك بيده جريدة «همشهري» في شارع وسط طهران (إ.ب.أ)
TT

إيران غداة فوز ترمب... دعوات لنهج جديد وتحدٍّ لـ«قاتل» قاسم سليماني

إيراني يمسك بيده جريدة «همشهري» في شارع وسط طهران (إ.ب.أ)
إيراني يمسك بيده جريدة «همشهري» في شارع وسط طهران (إ.ب.أ)

قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية يشكل فرصة للولايات المتحدة لإعادة النظر في «التوجهات غير الصائبة»، في حين انقسمت الصحف الإيرانية بين دعوات لتبني نهج جديد من طهران، وتحدي سياسات «مهندس الضغوط القصوى»، و«قاتل» الجنرال قاسم سليماني.

وقال إسماعيل بقائي: «ما هو مهم بالنسبة لإيران والمعيار للتقييم هو أداء الإدارة الأميركية»، مضيفاً أن لدى طهران «تجارب مريرة للغاية مع السياسات والتوجهات السابقة للإدارات الأميركية المختلفة».

وأضاف أن فوز ترمب يمثل «فرصة لمراجعة وإعادة النظر في التوجهات غير الصائبة السابقة» لواشنطن، على ما أفادت وكالة «إرنا» الرسمية.

وفي وقت متأخر من مساء أمس(الأربعاء)، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده غير معنية بنتيجة الانتخابات الأميركية.

وقال بزشكيان «بالنسبة لنا لا يهم على الإطلاق من فاز في الانتخابات الأميركية، لأن بلدنا ونظامنا يعتمدان على قوتنا الداخلية وعلى أمة عظيمة وشريفة». وأضاف «لن نكون ضيقي الأفق في تطوير علاقاتنا مع الدول الأخرى، (حيث أننا) جعلنا الأولوية لتطوير العلاقات مع الدول الإسلامية والمجاورة»، حسبما نقلت «رويترز» عن وسائل إعلام إيرانية .ولم يتضح على الفور ما إذا كان بزشكيان يشير أيضا إلى الولايات المتحدة، التي لا تربطها علاقات دبلوماسية بإيران.

وكان المرشد الإيراني علي خامنئي، صاحب كلمة الفصل في جميع شؤون الدولة، قد حظر إجراء أي محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة.

وقللت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني، صباح الأربعاء، من أهمية الانتخابات الأميركية، مع إعلان فوز ترمب بالسباق الرئاسي. وقالت إن «انتخاب الرئيس (الأميركي) ليس له تأثير مباشر علينا، فالسياسات العامة لإيران ثابتة، ولن تتغير بتغيّر الأفراد».

وتابعت: «لا فرق بين مَن يتولى الرئاسة في الولايات المتحدة، حيث خطّطنا مسبقاً للتعامل مع مختلف السيناريوهات، بالنظر إلى العقوبات المفروضة على إيران منذ أكثر من 4 عقود».

والاثنين الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: «لا نُولِي أهمية كبيرة لانتخابات الرئاسة الأميركية، أو لمن سيُنتخَب».

إيرانية تمر أمام لوحة جدارية معادية للولايات المتحدة على حائط سفارتها السابقة في طهران (أ.ف.ب)

وكان بقائي قد قال أيضاً في مؤتمره الأسبوعي، الاثنين الماضي، إن الموقف تجاه الرئيس دونالد ترمب «واضح»، وذلك في إجابة عن سؤال حول موقف طهران إذا ما تلقت عرضاً من ترمب للجلوس على طاولة المفاوضات.

يتزامن فوز ترمب مع بلوغ التوترات الإسرائيلية - الإيرانية مستويات غير مسبوقة، بعد تبادل ضربات مباشرة، بعد سنوات من «حرب الظل».

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، النائب مجتبى زارعي: «نقول لترمب المقامر والقاتل: اجمع كلابك في سنتكوم من غرب آسيا قبل فوات الأوان، وركّز على أزماتك الداخلية».

ورجحت وكالة «رويترز» أن عودة الرئيس السابق ترمب إلى البيت الأبيض تعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية الأميركية على إيران، والتي بدأ فرضها في عام 2018، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية.

وقال ترمب في حملته الرئاسية إن سياسة الرئيس جو بايدن المتمثلة في عدم فرض عقوبات صارمة على صادرات النفط أضعفت واشنطن وزادت من جسارة طهران، مما سمح لها ببيع النفط وجمع الأموال والتوسع في مساعيها النووية، ودعم نفوذها عبر جماعات مسلحة.

وخلال ولايته الأولى، أعاد ترمب فرض العقوبات على إيران بعد انسحابه من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، والذي كبح جماح البرنامج النووي لطهران مقابل امتيازات اقتصادية. وأثرت إعادة فرض العقوبات الأميركية في عام 2018 على صادرات إيران النفطية، مما أدى إلى خفض العوائد الحكومية وإجبار طهران على اتخاذ خطوات لا تحظى بقبول شعبي مثل زيادة الضرائب، فضلاً عن مواجهة عجز كبير في الميزانية، وهي السياسات التي أبقت التضخم السنوي بالقرب من 40 في المائة.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في سبتمبر (أيلول)، إن طهران مستعدة لإنهاء الأزمة النووية مع الغرب الذي يتهمها بالسعي إلى امتلاك القدرة على تطوير الأسلحة النووية.

في المقابل، تقول إيران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، لكن في الآونة الأخيرة لوّح مسؤولون ونواب برلمان بإمكانية تغيير مسار البرنامج النووي، وتبني عقيدة جديدة.

وحاول الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن إحياء الاتفاق النووي مع إيران من خلال المفاوضات، لكنه أخفق في التوصل إلى اتفاق جديد. ولم يوضح ترمب ما إذا كان سيعمل على استئناف العمل على تلك المسألة أم لا.

عدم ارتياح في طهران

وطغى فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية على الصحف الإيرانية الصادرة صباح الخميس. وتباينت عناوين الصحف الإصلاحية المؤيدة لحكومة مسعود بزشكيان، مع الصحف المحافظة، خصوصاً المقربة من مكتب المرشد علي خامنئي، و«الحرس الثوري».

وأكدت صحيفة «سازندكي» الإصلاحية تحت عنوان «عودة ترمب» أنه «لا يشعر أيّ من صانعي القرار بالارتياح لفوز ترمب، لأن وجوده في البيت الأبيض قد يلحق الضرر بإيران بطرق متعددة».

وتوقعت الصحيفة الناطقة باسم فصيل الرئيس البراغماتي الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إلى احتمالات؛ منها أن يزيد ترمب من «حالة عدم اليقين، ويشدد العقوبات، ويمنع إيران من بيع نفطها في الأسواق العالمية، وسيقلل تدفق العملات الأجنبية، ويضعف ميزانية الدولة، مما يؤدي إلى اضطراب في النظام الاقتصادي الإيراني، ويضرّ بلا شك بالشعب الإيراني».

ورجحت في هذا السياق «تغيير الوضع إذا تغيّر سلوك نظام الحكم في إيران نتيجة فوز ترمب»، لكنها رأت أن «المشكلة تكمن في أن صانعي القرار في بلدنا لا يظهرون مرونة تجاه التغييرات، ولا يتخذون خطوات نحو التغيير إلا عندما يكون الوقت قد فات».

وتطرقت الصحيفة إلى اعتقاد المسؤولين الإيرانيين بشأن عدم التفريق بين ترمب وكامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي التي هزمت في الانتخابات.

وقالت: «هذا الرأي صحيح بشكل عام؛ إذ إن سلوك إيران خلال الخمسين عاماً الماضية جعل جميع الإدارات الأميركية تنظر إليها بوصفها عدواً، لكن من نواحٍ معينة، قد يختلف تأثير من يشغل منصب الرئاسة في الولايات المتحدة».

وأوضحت: «سينتج عن ذلك عجز مالي أكبر يؤدي إلى تضخم متزايد وارتفاع في سعر صرف العملات الأجنبية»، مشيرة إلى أن ارتفاع سعر الصرف سيؤثر على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في إيران، حيث إن استقرار العملة يتأثر بتوافر الإيرادات النفطية والعلاقات السياسية الخارجية.

ومع احتمال استمرار التوترات الإقليمية والعقوبات، فإن أي تراجع في الإيرادات النفطية وصعوبة الوصول إلى الأسواق العالمية قد يزيد تعقيدات الاقتصاد الإيراني، ويزيد من التحديات أمام الحكومة لضبط الميزانية واحتواء الأزمات المالية، بحسب صحيفة «سازندكي».

وقال محللون للصحيفة إن إعادة انتخاب ترمب قد لا تؤدي إلى حرب، لكنه قد يشدد العقوبات لتضييق الخناق على طهران، وسيسعى فقط لوقف البرنامج النووي، وتقييد البرنامج الصاروخي، دون تحرك عسكري مباشر.

وتوقعوا أيضاً أن تزيد روسيا من «ابتزاز» إيران التي قد تدفعها ضغوط ترمب إلى «استراتيجية التطلع نحو الشرق».

تعاون اقتصادي بدلاً من التصعيد

وكتب السياسي الإصلاحي، محمد هاشمي رفسنجاني في صحيفة «آرمان أمروز»، أن «ترمب بوصفه رجل أعمال يفضل التعاون الاقتصادي مع إيران بدلاً من التصعيد العسكري»، متوقعاً أن يُبدي اهتماماً بإجراء مفاوضات تجارية مع إيران لفتح السوق أمام الشركات الأميركية للاستثمار، كما فعلت بعض الشركات الأوروبية قبل الاتفاق النووي».

وقال هاشمي إن «أي توتر أو حرب هناك يمكن أن يرفع أسعار النفط والغاز بشكل كبير... بصفته رجل أعمال، لا يرغب ترمب في زيادة أسعار الطاقة أو إلحاق الضرر بالأسواق، بل يميل إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين إيران وأميركا».

وأشار هاشمي إلى أن الاتفاق النووي «قد حقق مكاسب اقتصادية جيدة لإيران، منها استعادة نحو 100 مليار دولار من الأصول المجمدة».

وفي افتتاحيتها، كتبت صحيفة «آرمان أمروز» أن عودة ترمب قد تعني تصاعد التوترات في الشرق الأوسط مجدداً، وسط تعقيدات جديدة مع الصين وروسيا بشأن قضايا مثل أوكرانيا وتايوان.

«سياسة مختلفة»

وفي إشارة إلى ولاية ترمب الأولى، قالت إن ترمب حاول «تحويل إيران من لاعب مشروع إلى دولة منبوذة، والسعي إلى تقييدها وفرض قيود عليها. لذلك، فإن عودة ترمب في الظروف الحالية ليست في مصلحة إيران».

ودعت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية إلى تبني «سياسة أخرى» مع ترمب. وكتب الناشط الإصلاحي النائب السابق محمود صادقي أنه «من المبكر حالياً تقييم أداء ترمب، خصوصاً أنه فاز في الانتخابات على عكس التوقعات والاستطلاعات».

وقال صادقي: «بالنسبة للإيرانيين، الأهم هو التأثيرات التي سيتركها انتخاب ترمب على الوضع الداخلي في إيران»، مشيراً إلى أنه أمر قبل نحو خمس سنوات بتوجيه ضربة قضت على الجنرال قاسم سليماني.

وحذر من الوقوع في فخ «العقوبات الذاتية» على الساحة الدولية، ودعا إلى حل قضية قبول قواعد «فاتف»، مجموعة العمل المالي المعنية بمكافحة غسل الأموال.

وبشأن السياسة الإقليمية، قال: «على الحكومة أن تتصرف بذكاء كبير لكي لا نلعب في ساحة نتنياهو - ترمب... يجب عدم التنازل بسهولة عن أي فرصة إقليمية أو دولية، بل استثمار كل فرصة، مهما كانت بسيطة؛ لتحقيق أقصى استفادة».

وقال حشمت الله فلاحت بيشه، النائب السابق الذي ترأس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، إن «عودة ترمب تشبه عودة (طالبان) إلى السلطة في أفغانستان»، مضيفاً أن «القول بأن الديمقراطيين لا يختلفون عن الجمهوريين هو مجرد مجاملة». وقال: «هذه الفرضية تلاشت على الأقل فيما يتعلق بالاتفاق النووي».

«الشيطان الأكبر»

وكتبت صحيفة «كيهان» المتشددة أن «أميركا هي الشيطان الأكبر، ولا يهم من يكون الرئيس». وقالت إن سياسة إيران تجاه أميركا «واضحة ولن تتغير مع تغيير الأشخاص»، وذلك في إشارة إلى خطاب سابق للمرشد الإيراني.

ورأت «كيهان» أن ترمب لا يختلف عن كامالا هاريس بالنسبة لإيران، مؤكدة أن الديمقراطيين والجمهوريين «يشتركون في هدف الإضرار بالمصالح الإيرانية ودعم إسرائيل». كما انتقدت الصحيفة التيار الإصلاحي في إيران لتصويرهم «الديمقراطيين على أنهم أبطال»، مشيرة إلى أن السياسة الأميركية تجاه إيران «معادية بغض النظر عن الحزب الحاكم، والاختلاف يكمن فقط في أسلوب المواجهة».

صحيفة «همشهري» تصور الرئيس الأميركي بهيئة سجين تحت عنوان «ترمب قاتل» (إ.ب.أ)

وعنونت صحيفة «همشهري» التابعة لبلدية طهران بـ«عودة القاتل»، ونشرت صورة لترمب وهو مكبل اليدين على هيئة سجين.

وأشارت الصحيفة التي يديرها حالياً فريق مقرب من «الحرس الثوري» إلى دور ترمب في فرض أكثر من 1500 عقوبة على إيران، وكذلك، أوامره بتوجيه ضربة جوية قضت على الجنرال قاسم سليماني، العقل المدبر لعمليات «الحرس الثوري» في الخارج، مطلع 2020 في بغداد.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن قدوم ترمب يدعم مشروع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ويُعدّ «فرصة لردم الفجوة بين الشعب والسلطة في إيران»، وقالت إن «الرئيس منذ البداية ركز على مبدأ استراتيجي هو الوفاق، الذي يعني توطيد المحبة والارتباط بين الناس وبين الشعب والحكومة»، وأضافت: «هذا المفهوم للوفاق الوطني كان محورياً للمرشد، وتزداد الحاجة إليه اليوم، وقد عبر عنه الرئيس مراراً».


مقالات ذات صلة

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

حصاد الأسبوع روبيو

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بام بوندي، المقربة منه والعضوَ في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل بعد انسحاب

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
TT

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)

على الرغم من أن الجمهور الإسرائيلي غيّر موقفه وأصبح أكثر تأييداً لاتفاق تهدئة مع لبنان، فإن وضع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لم يتحسن في استطلاعات الرأي مع قيامه بلعب دور الضحية أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وارتفع بمقعدين اثنين خلال الأسبوع الأخير في استطلاعات الرأي، لكنه ظل بعيداً جداً عن القدرة على تشكيل حكومة.

فقد أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن أغلبية 57 في المائة من الجمهور أصبحت تؤيد الجهود للتوصل إلى تسوية مع لبنان (بزيادة 12 في المائة عن الأسبوع الأسبق)، في حين أن نسبة 32 في المائة تؤيد موقف اليمين المعارض لهذه التسوية. وعندما سئل الجمهور كيف سيصوت فيما لو جرت الانتخابات اليوم، بدا أن هؤلاء المؤيدين ساهموا في رفع نتيجة نتنياهو من 23 إلى 25 مقعداً (يوجد له اليوم 32 مقعداً)، وفي رفع نتيجة أحزاب ائتلافه الحاكم من 48 إلى 50 مقعداً (يوجد له اليوم 68 مقعداً). وفي حالة كهذه، لن يستطيع تشكيل حكومة.

وجاء في الاستطلاع الأسبوعي الذي يجريه «معهد لزار» للبحوث برئاسة الدكتور مناحم لزار، وبمشاركة «Panel4All»، وتنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة، أنه في حال قيام حزب جديد بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، بخوض الانتخابات، فإن نتنياهو يبتعد أكثر عن القدرة على تشكيل حكومة؛ إذ إن حزب بنيت سيحصل على 24 مقعداً، في حين يهبط نتنياهو إلى 21 مقعداً. ويهبط ائتلافه الحاكم إلى 44 مقعداً. ويحظى بنيت بـ24 مقعداً، وتحصل أحزاب المعارضة اليهودية على 66 مقعداً، إضافة إلى 10 مقاعد للأحزاب العربية. وبهذه النتائج، فإن حكومة نتنياهو تسقط بشكل مؤكد.

وفي تفاصيل الاستطلاع، سئل المواطنون: «لو أُجريت الانتخابات للكنيست اليوم وبقيت الخريطة الحزبية كما هي، لمن كنتَ ستصوت؟»، وكانت الأجوبة على النحو التالي: «الليكود» برئاسة نتنياهو 25 مقعداً (أي إنه يخسر أكثر من خُمس قوته الحالية)، وحزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 19 مقعداً (يوجد له اليوم 8 مقاعد، لكن الاستطلاعات منحته 41 مقعداً قبل سنة)، وحزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد 15 مقعداً (يوجد له اليوم 24 مقعداً)، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان 14 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيون» برئاسة الجنرال يائير جولان 12 مقعداً (يوجد له اليوم 4 مقاعد)، وحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بقيادة أرييه درعي 9 مقاعد (يوجد له اليوم 10 مقاعد)، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير 8 مقاعد (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «يهدوت هتوراة» للمتدينين الأشكناز 8 مقاعد (يوجد له اليوم 7 مقاعد)، وتكتل الحزبين العربيين، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي 5 مقاعد، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس 5 مقاعد؛ أي إنهما يحافظان على قوتهما، في حين يسقط حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة جدعون ساعر، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة، ولا يجتاز أي منهما نسبة الحسم التي تعادل 3.25 بالمائة من عدد الأصوات الصحيحة.

وفي هذه الحالة تحصل كتلة ائتلاف نتنياهو على 50 مقعداً، وتحصل كتل المعارضة على 70 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وأما في حالة تنافس حزب برئاسة نفتالي بنيت، فإن النتائج ستكون على النحو التالي: بنيت 24 مقعداً، و«الليكود» 21 مقعداً، و«المعسكر الرسمي» 14 مقعداً، و«يوجد مستقبل» 12 مقعداً، و«الديمقراطيون» 9 مقاعد، و«شاس» 8 مقاعد، و«يهدوت هتوراة» 8 مقاعد، و«إسرائيل بيتنا» 7 مقاعد، و«عظمة يهودية» 7 مقاعد، و«الجبهة/العربية» 5 مقاعد، و«الموحدة» 5 مقاعد. وفي هذه الحالة يكون مجموع كتل الائتلاف 44 مقعداً مقابل 76 مقعداً للمعارضة، بينها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وتعتبر هذه النتائج مزعجة لنتنياهو؛ ولذلك فإنه يسعى بكل قوته ليبقي على ائتلافه الحكومي، حتى نهاية الدورة الانتخابية في أكتوبر (تشرين الأول) 2026. وهو يدرك أن بقاءه في الحكم خلال السنتين القادمتين، مرهون باستمرار الحرب؛ لأنه مع وقف الحرب ستتجدد ضده حملة الاحتجاج الجماهيرية بهدف إسقاط حكومته وتبكير موعد الانتخابات. وقد ثبت له أن الحرب هي التي تمنع الإسرائيليين من الخروج للمظاهرات ضده بمئات الألوف، كما فعلوا قبل الحرب، مع أن العديد من الخبراء ينصحونه بفكرة أخرى، ويقولون إن وقف الحرب باتفاقات جيدة يقوّي مكانته أكثر، ويمكن أن يرفع أسهمه أكثر. وفي هذا الأسبوع، يقدمون له دليلاً على ذلك بالتفاؤل باتفاق مع لبنان.