خلاف مبطن بين إردوغان وبهشلي قد يقود لانتخابات مبكرة في تركيا

المعارضة لا ترى المشكلة الكردية هاجساً بل بقاء الرئيس عبر الدستور الجديد

الشرطة تمنع أعضاء مجلس بلدية أسنيورت في إسطنبول من حزب «الشعب الجمهوري» من دخول مبناها بعد عزل رئيسها أحمد أوزرا (موقع الحزب)
الشرطة تمنع أعضاء مجلس بلدية أسنيورت في إسطنبول من حزب «الشعب الجمهوري» من دخول مبناها بعد عزل رئيسها أحمد أوزرا (موقع الحزب)
TT

خلاف مبطن بين إردوغان وبهشلي قد يقود لانتخابات مبكرة في تركيا

الشرطة تمنع أعضاء مجلس بلدية أسنيورت في إسطنبول من حزب «الشعب الجمهوري» من دخول مبناها بعد عزل رئيسها أحمد أوزرا (موقع الحزب)
الشرطة تمنع أعضاء مجلس بلدية أسنيورت في إسطنبول من حزب «الشعب الجمهوري» من دخول مبناها بعد عزل رئيسها أحمد أوزرا (موقع الحزب)

تصاعدت حدة الجدل في تركيا على خلفية تصريحات رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي بأن الدستور الجديد الذي يجري إعداده للبلاد هدفه فتح الطريق لترشيح الرئيس رجب طيب إردوغان للرئاسة مجدداً، وتكرار دعوته لحضور زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان للحديث أمام البرلمان.

وتوالت ردود الفعل على التصريحات التي وصفت بـ«القنبلة»، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد توتراً حاداً على خلفية اعتقال وعزل 4 رؤساء بلديات منتخبين من صفوف المعارضة، وتعيين أوصياء بدلاً منهم من جانب الحكومة.

وقال زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، خلال مؤتمر حول التعليم العالي نظمه حزبه في مدينة إسكيشهير وسط البلاد، الأربعاء، إن بهشلي «على استعداد للمخاطرة بإطلاق سراح أوجلان من أجل إبقاء إردوغان في حكم البلاد».

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» متحدثاً أمام مؤتمر للحزب في مدينة إسكيشهير الأربعاء (من حسابه في إكس)

وأضاف: «ظهرت حقيقة مع تصريحات السيد بهشلي، التي سقطت فجأة كالقنبلة على جدول الأعمال، كل القضايا التي تحدث في تركيا تدور حول الديمقراطية، وبعبارة أخرى، فإن المنظور ليس أن تكون تركيا جيدة، بل أن يحافظ شخص ما على كرسي الحكم».

الأكراد والديمقراطية

بدوره، قال الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تونجر باكيرهان، «إن الحكومة ترى أن الأكراد لا يريدون حلاً، لكن الأكراد لا يريدون القتال ولا الصراع، إنهم يريدون الديمقراطية. على الحكومة إذا كانت تريد السلام أن تتخلى عن سياسة فرض الوصاية على البلديات».

وفي إشارة إلى دعوة بهشلي، قال باكيرهان، الذي قاد والرئيسة المشاركة للحزب، تولاي حاتم أوغللاري، مسيرة إلى مقر بلدية هالفيتي في شانلي أورفا (جنوب شرق)، احتجاجاً على عزل رئيسها المنتخب وتعيين وصي بدلاً منه بدعوى ارتباطه بالإرهاب: «إذا كانوا جادين في دعوتهم إلى السلام فإن عليهم رفع العزلة عن أوجلان وإطلاق سراحه».

بدورها، قالت تولاي حاتم أوغللاري: «إن الحكومة مدت يداً واحدة لحل المشكلة الكردية، لكنها تضرب الناس باليد الأخرى بعزل رؤساء البلديات المنتخبين من المعارضة، وتعيين أوصياء مكانهم، وهذا يضع الديمقراطية في خطر».

وقفة أمام بلدية هالفيتي احتجاجاً على تعيين وصي عليها (موقع الحزب)

وانتقد رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي يرأس في الوقت نفسه اتحاد البلديات في تركيا، خلال افتتاح أسبوع العلامات التجارية في إسطنبول، الأربعاء، إقالة رؤساء البلديات وتعيين أوصياء مكانهم، مؤكداً أنه يجب أن يُستبدل برؤساء البلديات المعزولين، أشخاص منتخبون من قبل المجالس البلدية، مؤكداً أن المعارضة «ستواصل نضالها من أجل حماية القيم الديمقراطية ورفع المعايير القانونية».

خلاف مكتوم

وعدّ الكاتب المخضرم، ممتاز أر توركونه، «أن هناك مواجهة مبطنة» بين بهشلي وإردوغان، الذي قال إنه «يرتكب خطأ كبيراً، ويقطع فرع الشجرة الذي يجلس عليه من خلال الاستمرار في ممارسة تعيين الأوصياء على البلديات».

وقال توركونه، المعروف بقربه لبهشلي في مقال بموقع «ذا توركش بوست» بعنوان: «دولت ضد الحكومة»، إن بهشلي، «ردّ بشكل أنيق على الكرة التي سددها إردوغان باعتقال وعزل رؤساء بلديات أسنيورت وماردين وبطمان وهالفيتي، وتعيين أوصياء عليها، بركلة ناعمة مدروسة ومصممة بأعلى قدر من الدقة، بإعلان أن الدستور الجديد يستهدف ترشيح إردوغان للرئاسة مرة أخرى، وتجديد مطالبته بشأن أوجلان».

وأضاف أن «الكرة باتت مرة أخرى في ملعب إردوغان، لكن الحبل الذي يربط الأجندات أصبح أرقّ، وقد ينقطع في أي لحظة؛ لأن إردوغان، كعادته، يقوم بمناورات باستخدام الأدوات المتاحة له. ويعتقد أن التاريخ قد يعيد نفسه، وأن ذاكرة المجتمع قصيرة».

إردوغان وبهشلي تبادلا رسائل عكست تبايناً بشأن معالجة المشكلة الكردية في تركيا (الرئاسة التركية)

وتابع: «إردوغان يرتكب خطأً كبيراً، فهو يعارض بشكل منهجي الأداة الأكثر قدسية التي أوجدته وتضفي الشرعية على سلطته، وهي صندوق الاقتراع، أي الديمقراطية، ويقطع الفرع الذي يجلس عليه، فهو يطرد الحكومات المحلية التي فازت بصناديق الاقتراع باستخدام أدوات الهيمنة، ويفتح الباب لنقاش حول نزاهة الديمقراطية، سيستهلك سلطته».

وعلق العضو البارز في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، شامل طيار، على ما كتبه توركونه، قائلاً إنه يجب قراءته بعناية.

وأضاف، عبر حسابه في «إكس»: «رئيسنا (إردوغان) لم يكن على علم مسبق بتصريح بهشلي حول دعوة أوجلان إلى البرلمان، واليوم نفهم أن السيد بهشلي لم يكن لديه أي معرفة مسبقة بشأن تعيين الأوصياء على البلديات».

مظاهرة احتجاج لأنصار حزب «الشعب الجمهوري» على اعتقال رئيس بلدية أسنيورت في إسطنبول أحمد أوزار (من حساب رئيس الحزب أوزغور أوزيل في إكس)

وأضاف أنه «بعد أسبوع من الصمت، أثنى رئيسنا على السيد دولت، ووضع اقتراحه على الرف بأناقة، وأعقب ذلك تعيين الأوصياء، واليوم قام السيد دولت بعرقلة سياسة الوصي من خلال دعم ترشيح رئيسنا للرئاسة مجدداً، وتكرار اقتراحه بشأن أوجلان، بمعنى آخر: هما يغلفان رصاصات الخلاف الفكري بالورد ويلقونها على بعضهما، وهذا ليس مؤشراً جيداً، فهذه المشاحنات المعسولة قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة إذا لم يتم حل المشكلة».

وتابع: «أجد أنه من الضروري أن يجتمع الزعيمان (إردوغان وبهشلي)، ويسعيان إلى الاتفاق على سياسة مشتركة، سيكون ذلك جيداً لكل من البلاد وتحالف الشعب (العدالة والتنمية برئاسة إردوغان، والحركة القومية برئاسة بهشلي)».


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الصواريخ الأميركية التي سمح بايدن لأوكرانيا باستخدامها في منطقة روسية (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

تركيا تعارض السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية في روسيا

أعلنت تركيا معارضتها قرار الرئيس الأميركي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لتنفيذ ضربات داخل روسيا.

سعيد عبد الرازق
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

«إسرائيل في ورطة»... تداعيات قانونية وسياسية لمذكرة اعتقال نتنياهو

TT

«إسرائيل في ورطة»... تداعيات قانونية وسياسية لمذكرة اعتقال نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت يحضران حفلاً في قاعدة عسكرية في أكتوبر الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت يحضران حفلاً في قاعدة عسكرية في أكتوبر الماضي (رويترز)

أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، على خلفية «جرائم حرب في قطاع غزة»، تساؤلات بشأن تداعيات الحكم، وإمكانية تنفيذه، والوضع القانوني لإسرائيل أمام المؤسسات الدولية.

وتشكل مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت، التي تأتي بعد نحو 6 أشهر من جمع المدعي العام كريم خان، لأدلة التوقيف، وفق خبراء بـ«الجنائية الدولية» والقانوني الدولي، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «إحراجاً كبيراً وإدانة غير مباشرة لإسرائيل»، ويترتب عليها إلزام 124 دولة عضوة بالمحكمة بتنفيذها، ما سيضع إسرائيل تحت ضغط دولي، فضلاً عن أنه يدعم تحركات بعض الدول لوقف تصدير السلاح إليها وربما مقاطعتها.

وبينما رأى البعض أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوتين بالمحكمة، ولن تستجيبا للتنفيذ، وأن واشنطن لا تملك أي تأثير على المحكمة كونها مستقلة، قال آخرون إنهما قد تمارسان ضغوطاً سياسية على دول بعينها لعدم الاستجابة للقرار.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، وغالانت، مرجعة ذلك إلى أن هناك «أسباباً منطقية للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم تشمل استخدام التجويع سلاح حرب والقتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال غير الإنسانية»، موضحة أن «قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان أصدر بياناً، في مايو (أيار) الماضي، يقول فيه: «استناداً إلى الأدلة التي جمعها مكتبي وفحصها، لدي أسباب معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحمّلان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التالية التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة) بدءاً من الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وإلى اليوم».

وتأسّست المحكمة عام 2002 بتأييد أممي لمحاكمة الأفراد والمسؤولين عن جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، وتم اعتماد نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة عام 1998، وليس لديها شرطة، وتعتمد على الدول الأعضاء التي ليس من بينها إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا والصين لتنفيذ مذكرات الاعتقال.

نتنياهو وغالانت خلال مؤتمر صحافي سابق في قاعدة «كيريا» العسكرية في تل أبيب (رويترز)

تداعيات القرار

ويترتب على مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت، وفق الخبير القانوني الدولي البريطاني ماثيو روبنسون، تقييد السفر إلى الدول الموقعة على نظام روما الأساسي لا سيما بأوروبا وأفريقيا، ما قد يؤدي إلى تحديات دبلوماسية وعملية كبيرة للمشتبه بهما عند السفر إلى الخارج بخلاف الولايات المتحدة التي لم توقع على قانون المحكمة وقد تستقبلهما.

ورغم أن المحكمة ليست لديها قوات أو تتمتع بقدرات اعتقال، فإنها بحسب الأكاديمي الفلسطيني المتخصص في القانون الدولي الدكتور أمجد شهاب، لها ولقرارها رمزية كبيرة ستعطي دفعة لتشجيع الدول التي وقعت ميثاق روما وتتجاوز 120 دولة للضغط على إسرائيل، فضلاً عن أنها تحرج نتنياهو على المستوى الدولي، وتحد من قدراته في التنقل بين الدول، وتضع مصداقية المجتمع الدولي على المحك حال عدم الالتزام بها.

ويعتبر محامي الضحايا الفلسطينيين في المحكمة الجنائية، خبير القانون الدولي، عبد المجيد مراري، أن قرار المحكمة يحمل «تداعيات قانونية مهمة جداً بداية من أنه غير قابل للاستئناف ونهائي ولا يمكن الطعن فيه وفق مواد نظام روما».

ويرجح أن يشل القرار تحركات نتنياهو وغالانت في الدول الموقعة على تنفيذ المذكرة، خاصة مع صدور مواقف إيجابية من فرنسا وهولندا وإسبانيا وبلجيكا والاتحاد الأوروبي عقب القرار، مؤكداً أنه وضع إسرائيل في ورطة، خاصة أنه لا يسقط بالتقادم ولا توقفه الحصانة، ويعتبر «إدانة غير مباشرة لها بشأن ارتكاب جرائم حرب».

ويتوقع خبير القانون الدولي في باريس، الدكتور مجيد بودن، أن يُحدث استجابة من دول عديدة لا سيما في الاتحاد الأوروبي لقرار المحكمة الوجوبي بجانب دول في آسيا وأفريقيا، ما يضع نتنياهو خاصة تحت خطر التوقيف، مؤكداً أن القرار هزّ صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي وسيؤثر عليه سياسياً.

تقليل إسرائيلي

في المقابل، حملت الردود الإسرائيلية تقليلاً من المحكمة وتأثير قرارها، وقال مكتب نتنياهو، في بيان: «قرار الجنائية الدولية معاد للسامية... إسرائيل ترفض التهم السخيفة والكاذبة الموجهة إليها»، وتوقعت هيئة البث الإسرائيلية، أن نتنياهو وغالانت لن يتمكنا «على ما يبدو» من زيارة أكثر 120 دولة، بعد القرار.

ولأول مرة منذ شهور تتفق المعارضة مع نتنياهو، حيث غرد زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، قائلاً: «ندين قرار المحكمة في لاهاي، أوامر الاعتقال هذه هي مكافأة للإرهاب»، واعتبرها وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، ووزير الطاقة إيلي كوهين «معادية للسامية».

ولن تجدي تلك الانتقادات الإسرائيلية أو إعلانها بعدم الاختصاص لعدم المصادقة على نظام روما بشأن تغيير مسار القرار، وفق الخبير روبنسون، مؤكداً أن القرار يزيد من ضعف الموقف القانوني والدبلوماسي لإسرائيل داخل المؤسسات الدولية، وقد يعطي دفعة لتكثيف دعوات مساءلتها من قبل هيئات مثل الأمم المتحدة والدول التي تنتقد بشدة أفعالها العسكرية في غزة وإمكانية وقف تصدير السلاح.

خيارات واشنطن

بايدن ونتنياهو خلال زيارة الرئيس الأميركي لتل أبيب في 18 أكتوبر 2023 (أ.ب)

وعلى خطى حليفتها إسرائيل، رفضت واشنطن القرار، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إن الولايات المتحدة «ترفض بشكل قاطع قرار المحكمة»، مضيفاً: «لا نزال قلقين بشدة بسبب إسراع المدعي العام لإصدار مذكرات اعتقال وبسبب أخطاء العملية المثيرة للقلاقل التي أدت إلى هذا القرار، وسنبحث الخطوات المقبلة مع شركائنا»، وفق ما نقلته «رويترز» الخميس.

ويستبعد روبنسون أن تمنع واشنطن تنفيذ المذكرة بآليات قانونية، قائلاً إنها «لم تصادق على نظام روما»، مستدركاً: «في حين لا تستطيع المنع بشكل مباشر من خلال الآليات القانونية، فإنها يمكن أن تؤثر على النتائج سياسياً عبر استغلال قوتها الدبلوماسية في كثير من الأحيان لحماية حلفائها مثل إسرائيل من العواقب القانونية الدولية والضغط ضد التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بين حلفائها، ودعم التدابير المضادة لتحدي اختصاص المحكمة».

وسيتبلور الموقف الأميركي من المحكمة «مع وصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب وقرارته بشأن المحكمة، في يناير (كانون الثاني) المقبل، ولن تستطيع إدارة جو بايدن وهي تستعد للمغادرة فعل شيء مؤثر»، وفق روبنسون. ويوضح الفلسطيني شهاب، أن «ما صدر من المحكمة مذكرة اعتقال وليست لائحة اتهام أو قرار إدانة، ولا يمكن لواشنطن الاعتراض أو الطعن عليها، ولا يوجد غير طريقة وحيدة لاستئنافها وهي ذهاب المتهمين لمقر المحكمة والمثول أمامها، وهذا مستبعد».

ولا يوجد أي ولاية للولايات المتحدة على المحكمة، وفق تقدير محامي الضحايا الفلسطينيين في المحكمة الجنائية، عبد المجيد مراري، فيما يتوقع الخبير بودن، أن تحدث ضغوط على المحكمة وتأثيرات ما بعد القرار، مشيداً بشجاعتها في إصدار مثل هذا الموقف الذي لا يمكن التراجع عنه مهما كانت التحركات ضدها. وبشأن مستقبل تنفيذ القرار، يعتقد شهاب، أن الطريق لا يزال طويلاً ويتوقف على التزام الدول الأعضاء بالمحكمة.