لأول مرة بتاريخ إسرائيل... عائلات الأسرى تُقاضي رئيس الحكومة

اتهمت نتنياهو وائتلافه بـ«الإهمال المميت»

متظاهر إسرائيلي يرتدي قناعاً يصور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (رويترز)
متظاهر إسرائيلي يرتدي قناعاً يصور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

لأول مرة بتاريخ إسرائيل... عائلات الأسرى تُقاضي رئيس الحكومة

متظاهر إسرائيلي يرتدي قناعاً يصور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (رويترز)
متظاهر إسرائيلي يرتدي قناعاً يصور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (رويترز)

بعد اليأس من إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل مع حركة «حماس»، وفي خطوة غير مسبوقة بتاريخ إسرائيل، كثفت عائلات الأسرى ضغوطها على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو ووزرائه ونواب ائتلافه الحكومي في الكنيست (البرلمان)، من خلال اللجوء إلى القضاء لتحريك دعوى تتهمهم فيها بـ«التسبب في الموت عبر الإهمال، والاستخفاف» بأرواح الأسرى لدى الحركة الفلسطينية.

ويقود هذه الخطوة 3 شخصيات من ذوي المحتجزين لدى «حماس»، هم: آييلا متسيغر، وشاي موزيس وتومر بن لفين.

وفسر ممثلو العائلات خطوتهم بالقول لوسائل إعلام عبرية: «إن من انتخبناهم يتحملون المسؤولية وملزمون بالعمل لأجل أمن مواطني إسرائيل. وهم مقصرون بطريقة غير معقولة، وبذلك يخرقون القانون».

ورأى هؤلاء أنه «بغياب تحقيق رسمي، يجب فتح تحقيق جنائي يفحص هذا القصور، إذ لم تتبقَّ أدوات أخرى لدى المواطنين». وتوجهوا إلى الجمهور العام للانضمام إلى هذه الشكاوى، ومطالبة الشرطة بإجراء تحقيق مع النواب والوزراء ورئيس الوزراء، ووضع تهمة موحدة لهم هي: «الإهمال لدرجة التسبب في موت عدد من المخطوفين، والتعامل دون اكتراث إزاء قضايا حيوية والاستخفاف بمسؤوليتهم عن حياة المواطنين».

وقالت متسيغر، التي خطف والد زوجها المسن وقتل في الأسر، إن «الحكومة تنازلت عن المخطوفين وقررت تقديمهم قرابين في حربها الانتقامية وتخدع الجمهور بالقول إنها تبحث عن النصر المطلق والكامل. إنها تفرط بأرواح مجموعة من الإسرائيليين الذين يستحقون الحياة، بينهم مسنون قدموا كثيراً من التضحيات في سبيل الدولة، ولكنّ منتخبي الشعب خانوهم وردوا الجميل لهم بطعنة في الظهر».

وأضافت: «نحن نعيش في ضائقة رهيبة. جميع قادة أجهزة الأمن يؤكدون تأييدهم لصفقة تبادل، حتى لو دفعنا فيها ثمناً باهظاً، لكن الحكومة ترفض. وكلنا نعرف لماذا. ليس لأسباب وطنية، بل سياسية وشخصية، والشعب بات لا مبالياً والحكومة ترفض تحمل المسؤولية».

ويقول البروفسور شاي موزيس، الذي ما زال عمه جادي موزيس يقبع في الأسر: «لم يعد هناك شك لدى أي من عائلات المخطوفين بأن نتنياهو هو الذي يعرقل الصفقة. منذ بداية الحرب وهو يخرب ولم يكن يقصد في أي مرة أن يمرر صفقة. كلما يتوصلون إلى اتفاق يخربه».

وأعرب موزيس عن اعتقاده بأن نتنياهو يعدّ عائلات الأسرى «أعداءً للدولة»، مضيفاً: «هو (يقصد نتنياهو) يعرف أننا نفهم أنه قرر التضحية بالأسرى وتركهم يموتون في الأسر، بوصفهم قرابين لإنقاذ كرسي الحكم من تحته، وهذا أمر خطير يجب أن نمنعه».

واستدرك: «لكن ليس نتنياهو وحده، فله شركاء كثيرون في الحكم وفي الصحافة وفي الشارع، كل من يستطيع أن يفعل شيئاً ولا يعمل، يكون شريكاً لنتنياهو في الجريمة».

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - رويترز)

وكان رئيس فريق التفاوض الإسرائيلي دافيد بارنياع، رئيس جهاز الموساد (المخابرات الخارجية)، قد عقد جلسة سرية مع وفد من العائلات، وأبلغهم بأن «الاحتمال للصفقة بات متدنياً». وأكد أنه وعلى الرغم من تصفية رئيس «حماس»، يحيى السنوار، فإن المنظمة تتمترس في موقفها وترفض الموافقة على مقترح الوسطاء لمنحى جديد لصفقة، لأن قادتها يصرون على انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من غزة وإنهاء القتال.

وانضمت عائلات الأسرى، مؤخراً، إلى المداولات في المحكمة على إزالة أمر حظر النشر على القضية الأمنية المرتبطة بمسألة صفقة المخطوفين.

وبحسب المحامية البروفسورة دانا بوغتس، التي مثلت العائلات في المحكمة، فإن «فضيحة التسريبات في الحكومة تدل على أن حياة المختطفين باتت لعبة بأيدي الحكومة. ليست حياة المخطوفين فقط؛ بل وحياة أبناء عائلاتهم التي توقفت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، باتت رهينة بأيدي الحكومة، وليس فقط (حماس)».


مقالات ذات صلة

بعد «التحية النازية»... نتنياهو يدافع عن إيلون ماسك

شؤون إقليمية الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» إيلون ماسك يشير بيده خلال أحد الاحتفالات بمناسبة تنصيب ترمب (أ.ف.ب)

بعد «التحية النازية»... نتنياهو يدافع عن إيلون ماسك

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الملياردير الأميركي إيلون ماسك يتعرض «لتشويه سمعة كاذب» بسبب مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحضر مراسم إحياء ذكرى جندي إسرائيلي في قاعة الذكرى بمقبرة جبل هرتزل العسكرية بالقدس في 16 يوليو 2024 (أ.ب)

لماذا مستقبل نتنياهو السياسي هشّ مثل وقف إطلاق النار؟

رغم تحقيقه مكاسب ميدانية، فإن مستقبل نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية هش مثل وقف إطلاق النار، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية نشطاء سلام إسرائيليون وفلسطينيون يرفعون لافتات خلال مظاهرة ضد إخلاء الفلسطينيين من منازلهم في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

خطط استيطان إسرائيلية تهدد بعودة الانفجار في «الشيخ جراح»

كشفت حركات الاستيطان والتهويد بالقدس الشرقية عن عدد من المخططات الرامية لبناء 10 آلاف وحدة سكنية جديدة لليهود.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية آليات إسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

تحليل: نتنياهو ينقل الحرب إلى الضفة الغربية للاحتفاظ بدعم اليمين المتطرف

جاءت موجة العنف الإسرائيلي الجديدة ضد الضفة في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضغطاً داخلياً من جانب حلفائه من اليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
شؤون إقليمية قوات الاحتلال الإسرائيلي بمركبات مدرعة خلال العملية العسكرية التي انطلقت الثلاثاء في جنين بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

الفلسطينيون يطالبون ترمب بعدم الانجرار وراء «نيات الضم» الإسرائيلية

في أعقاب سلسلة من المنشورات والتصريحات الإسرائيلية التي تشكِّك في الاستمرار بالمفاوضات حول صفقة غزة، وتؤكد وجود نشاطات من المستوطنين مع إدارة الرئيس الأميركي…

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تركيا تحث العراق على علاقة إيجابية مع سوريا الجديدة

الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى التركية - العراقية في أنقرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)
الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى التركية - العراقية في أنقرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)
TT

تركيا تحث العراق على علاقة إيجابية مع سوريا الجديدة

الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى التركية - العراقية في أنقرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)
الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى التركية - العراقية في أنقرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

يقوم وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بزيارة رسمية إلى بغداد، الأحد، يُجري خلالها مباحثات مع كبار المسؤولين في العراق حول العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية.

ويُجري فيدان، خلال زيارته التي تُعد الرابعة للعراق منذ توليه منصبه في يونيو (حزيران) 2023، مباحثات مع نظيره العراقي فؤاد حسين، كما يلتقي رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان، محمود المشهداني، ورئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد.

ووفق مصادر في وزارة الخارجية التركية، يتضمن جدول أعمال الاجتماعات موضوعات بارزة تخص العلاقات بين البلدين الجارين، والتي شهدت تطوراً كبيراً في السنوات الثلاث الأخيرة، إلى جانب التطورات الإقليمية الراهنة.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (أ.ف.ب)

العراق وسوريا الجديدة

ووفق مصادر تركية، سيؤكد فيدان، خلال المباحثات مع المسؤولين العراقيين، عزم تركيا المُضي في تعزيز علاقاتها مع العراق على أساس أجندة إيجابية وفي إطار مؤسسي، مع تأكيد تفعيل آليات التعاون المختلفة التي أُنشئت لهذا الغرض، خلال زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان للعراق في 22 أبريل (نيسان) 2024، ومن منطلق إدراك تركيا أن الحفاظ على الاستقرار وبيئة الأمن القائمة في العراق يُشكل أهمية بالغة بالنسبة للمنطقة، ودعمها جهود حكومة بغداد لمنع التأثير السلبي للعدوان الإسرائيلي والتطورات في سوريا على استقرار العراق.

وفي هذا الإطار، سيؤكد فيدان أن إقامة حوار بنّاء وعلاقات حسن جوار بين بغداد والإدارة السورية الجديدة سيكون مفيداً لكلا البلدين والمنطقة بأسرها.

وتُفيد المصادر بأن الوزير التركي سيعكس في بغداد توقعات بلاده من العراق الإعلان رسمياً «حزب العمال الكردستاني» «منظمة إرهابية» وعن الخطوات اللازمة للقضاء على وجود مسلحيه تماماً في أراضيه.

جانب من مراسم توقيع اتفاقية التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب بين تركيا والعراق أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وعن التعاون الأمني وفي مجال مكافحة الإرهاب بين أنقرة وبغداد، قالت المصادر إن فيدان سيؤكد ارتياح تركيا إزاء التفاهم الذي يتم تطويره مع العراق في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وإعلان بغداد «حزب العمال الكردستاني» «منظمة محظورة»، وأن تركيا سعيدة بالموقف الرسمي من الجانب العراقي، وتنتظر إعلان الحزب منظمة إرهابية، واستئصاله بشكل كامل من أراضيها، وأنها تتوقع ذلك بالفعل من حكومة بغداد، كون الحزب يُشكل تهديداً مشتركاً لتركيا والعراق وسوريا، وأن الدول الإقليمية يجب أن «تعمل معاً ضد سعي هذه المنظمة الإرهابية إلى الشرعية والسيطرة على الأرض».

وتُواصل القوات التركية عمليات ضد مسلحي «العمال الكردستاني» في شمال العراق. واتفقت أنقرة وبغداد على التنسيق ضد الحزب، عبر مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، وقّعها وزير الدفاع التركي يشار غولر ونظيره العراقي ثابت العباسي، في ختام الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى بين البلدين، في أنقرة، أغسطس (آب) الماضي، عدّت جزءاً من استكمال التفاهمات التركية - العراقية، بشأن تثبيت الأمن على الحدود بين البلدين، والتعاون في تحييد «حزب العمال الكردستاني» ومقاتليه.

وقالت المصادر إن فيدان سيؤكد الأهمية التي توليها تركيا لأمن وسلام ورفاهية التركمان، وسينقل توقعات ومخاوف التركمان في كركوك فيما يتعلق بالتمثيل السياسي والأمن وتلبية هذه التوقعات.

التجارة وطريق التنمية

وسيتناول فيدان خلال المباحثات سُبل تعزيز العلاقات التجارية مع العراق، الذي يُعد من أهم الشركاء الاقتصاديين والتجاريين لتركيا بحجم تبادل يبلغ 20 مليار دولار، وإزالة الحواجز المصطنعة أمام التجارة الثنائية، كما سيؤكد استمرار دعم تركيا لمشروع «طريق التنمية» الاستراتيجي، والعمل على تسريعه.

ولفتت المصادر إلى العلاقات التاريخية والثقافية والإنسانية العميقة مع العراق، وإلى التعاون بين البلدين الجارين الذي يشهد تطوراً كبيراً في مختلف المجالات بالآونة الأخيرة.

جانب من اجتماع فيدان ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي بمقر الخارجية التركية في أنقرة أكتوبر الماضي (الخارجية التركية)

وزار فيدان بغداد وأربيل في أغسطس 2023 بعد شهرين من توليه منصبه وزيراً للخارجية، ثم زار بغداد في 14 مارس (آذار) 2024؛ حيث شارك في الاجتماع الثالث للآلية الأمنية رفيعة المستوى بين تركيا والعراق، ورافقه وزير الدفاع، يشار غولر، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين.

وفي هذا الاجتماع، تم الاتفاق على تعريف «التهديد المشترك» المُتعلق بـ«حزب العمال الكردستاني»، وأعلنت السلطات العراقية أن مجلس الأمن الوطني العراقي اتخذ قراراً بإعلان الحزب «منظمة محظورة» في العراق.

جانب من مباحثات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته لبغداد في أبريل الماضي (الرئاسة التركية)

ورافق فيدان الرئيس رجب طيب إردوغان في زيارته لبغداد وأربيل في أبريل 2024، وشهدت الزيارة توقيع 27 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف المجالات بين بغداد وأنقرة، كان أبرزها اتفاقية في مجال المياه.

وعقب الزيارة، تم تشكيل فريق العمل المشترك التركي العراقي برئاسة وزيري خارجية البلدين، وعضوية عدد من الوزارات المعنية لتنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وعقد الاجتماع الرابع للآلية الأمنية بين البلدين، برئاسة وزيري خارجية البلدين في أنقرة في أغسطس الماضي.

وبالتوازي، جرى تبادل الزيارات بين الوزراء والمسؤولين المعنيين بمشروع طريق التنمية، فضلاً عن زيارات من وزير الدفاع ومسؤولي الوزارة ومسؤولين من وزارة الداخلية العراقية إلى تركيا، في إطار متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة إردوغان للعراق.