أطلقت إيران رسائل متباينة إلى أوروبا بالتزامن مع بوادر أزمة دبلوماسية حادة بين طهران وبرلين، على خلفية إعدام مواطن ألماني – إيراني.
وبينما اتهم وزير الخارجية عباس عراقجي، الأربعاء، الاتحاد الأوروبي بأنه «رمز النفاق»، خفَّف لهجته بالدعوة إلى «علاقات جيدة»، كما فعل مستشار للمرشد علي خامنئي الذي شدَّد على أن إيران «تريد الانفتاح على الغرب».
واندلعت أزمة بعد أن أقدمت طهران على إعدام جمشيد شارمهد، وهو مواطن ألماني من أصل إيراني ويحمل إقامة الولايات المتحدة، ويعمل مهندس برمجيات.
وتتهم إيران شارمهد بالتخطيط لهجمات إرهابية داخل البلاد، لكن دولاً أوروبية تصفه بـ«المعارض السياسي» وتعد إعدامه «جريمة وفضيحة».
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التكتل يدين «مقتل شارمهد بأشد العبارات الممكنة»، كما أنه «يفكر في اتخاذ إجراءات رداً على ذلك». وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للصحافيين إن أي إجراءات يمكن اتخاذها ضد إيران «تجب مناقشتها مع جميع الدول الأعضاء».
أوروبا رمز النفاق
ورد عراقجي عبر منصة «إكس» قائلاً إن «أوروبا لا تمثل إلا النفاق»، متهماً الاتحاد الأوروبي بالفشل في «إنهاء قتل أكثر من 50 ألف فلسطيني في غزة» و«إتاحة عودة 1.5 مليون لاجئ في لبنان إلى ديارهم».
وخاطب عراقجي بوريل، قائلاً: «أحب أن أصدقك عندما تقول إن الحياة والكرامة الإنسانية يجب أن تُصان. المشكلة هي أن زملاءك الأوروبيين يدعمون بلا خجل الإبادة الجماعية في غزة و لبنان».
وأعلنت إيران في أغسطس (آب) 2020 توقيف شارمهد الذي كان يقيم حينها في الولايات المتحدة خلال «عملية معقدة»، من غير أن توضح أين وكيف اعتُقل. غير أن عائلته تتهم الأجهزة الأمنية الإيرانية بخطفه أثناء وجوده في الشرق الأوسط وبنقله بالقوة إلى إيران. وأصدرت محكمة في طهران في فبراير (شباط) 2023 حكماً بالإعدام بحق شارمهد لإدانته بـ«الإفساد في الأرض»، لاتهامه بالضلوع في هجوم استهدف مسجداً في شيراز (جنوب) في أبريل (نيسان) 2008 وأوقع 14 قتيلاً ونحو 300 جريح.
وبلغ التوتر بين طهران وبرلين، الأربعاء، مرحلة متقدمة، حينما أعلنت الخارجية الألمانية أن سفيرها لدى إيران غادر البلاد.
وقالت المتحدث باسم الخارجية الألمانية، إن طهران تعلم أنها ستواجه إجراءات قريباً وإعدام مواطن ألماني من أصل إيراني يقوض العلاقات «بشدة»
على الفور، سارعت طهران إلى تخفيف اللهجة. وقال وزير الخارجية عباس عراقجي، إن «الاتصالات الأخيرة مع الدول الأوروبية فتحت سبل التعاون في القضايا الإقليمية والوضع في أوكرانيا والمفاوضات النووية». وأضاف أنه يأمل أن «تتشكل هذه المفاوضات مرة أخرى».
طهران منفتحة على أوروبا
وجاءت تصريحات عراقجي متسقة مع تأكيدات أطلقها علي أكبر ولايتي، وهو أحد مستشاري المرشد علي خامنئي، أن بلاده تعيد تقييم سياستها الخارجية بهدف تعزيز علاقاتها مع الدول الأوروبية وغيرها.
ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن ولايتي في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف عسكرية في إيران، أن طهران منفتحة على التعاون مع أي دولة غربية تسعى إلى تفاعل حقيقي معها، بشرط أن تحترم سيادتها.
وقال ولايتي: «إن طهران تعمل بنشاط على إعادة تحديد التوازن الجديد في العلاقات مع الدول الغربية والشرقية والنامية، وترحب بالصداقة مع أي دولة، من أوروبا إلى آسيا أو أفريقيا».
بالتزامن، أطلق رئيس منظمة «الطاقة الذرية» الإيرانية، محمد سلامي، تصريحات معتدلة بشأن التعاون مع الوكالة الدولية.
ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن إسلامي أن «مسؤولي وكالة الدولية للطاقة الذرية يقومون بزيارات متكررة إلى إيران».
واكد إسلامي، أن «العلاقة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الطاقة الذرية في البلاد تسير وفقاً للقوانين واللوائح». واستدرك بالقول: «على الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تقدم اعتراضاتها، ونحن أيضاً نتوجه للتنبهات اللازمة لهم (...) هذا يحدث يومياً بشكل طبيعي».
ومن الواضح أن إيران تحاول أن تتجنب أزمة مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي بسبب إعدام شارمهد، حتى لا تخسر فتح قنوات خلفية لإعادة التفاوض على البرنامج النووي.