إيران تهاجم أوروبا وتفتح قناة خلفية لمفاوضات «النووي»

عراقجي وصف «الاتحاد» بـ«رمز النفاق»... وولايتي يريد الانفتاح

عراقجي يحضر اجتماع «3+3» لجنوب القوقاز في أنقرة (أ.ف.ب)
عراقجي يحضر اجتماع «3+3» لجنوب القوقاز في أنقرة (أ.ف.ب)
TT

إيران تهاجم أوروبا وتفتح قناة خلفية لمفاوضات «النووي»

عراقجي يحضر اجتماع «3+3» لجنوب القوقاز في أنقرة (أ.ف.ب)
عراقجي يحضر اجتماع «3+3» لجنوب القوقاز في أنقرة (أ.ف.ب)

أطلقت إيران رسائل متباينة إلى أوروبا بالتزامن مع بوادر أزمة دبلوماسية حادة بين طهران وبرلين، على خلفية إعدام مواطن ألماني – إيراني.

وبينما اتهم وزير الخارجية عباس عراقجي، الأربعاء، الاتحاد الأوروبي بأنه «رمز النفاق»، خفَّف لهجته بالدعوة إلى «علاقات جيدة»، كما فعل مستشار للمرشد علي خامنئي الذي شدَّد على أن إيران «تريد الانفتاح على الغرب».

واندلعت أزمة بعد أن أقدمت طهران على إعدام جمشيد شارمهد، وهو مواطن ألماني من أصل إيراني ويحمل إقامة الولايات المتحدة، ويعمل مهندس برمجيات.

وتتهم إيران شارمهد بالتخطيط لهجمات إرهابية داخل البلاد، لكن دولاً أوروبية تصفه بـ«المعارض السياسي» وتعد إعدامه «جريمة وفضيحة».

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التكتل يدين «مقتل شارمهد بأشد العبارات الممكنة»، كما أنه «يفكر في اتخاذ إجراءات رداً على ذلك». وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للصحافيين إن أي إجراءات يمكن اتخاذها ضد إيران «تجب مناقشتها مع جميع الدول الأعضاء».

بوريل

أوروبا رمز النفاق

ورد عراقجي عبر منصة «إكس» قائلاً إن «أوروبا لا تمثل إلا النفاق»، متهماً الاتحاد الأوروبي بالفشل في «إنهاء قتل أكثر من 50 ألف فلسطيني في غزة» و«إتاحة عودة 1.5 مليون لاجئ في لبنان إلى ديارهم».

وخاطب عراقجي بوريل، قائلاً: «أحب أن أصدقك عندما تقول إن الحياة والكرامة الإنسانية يجب أن تُصان. المشكلة هي أن زملاءك الأوروبيين يدعمون بلا خجل الإبادة الجماعية في غزة و لبنان».

وأعلنت إيران في أغسطس (آب) 2020 توقيف شارمهد الذي كان يقيم حينها في الولايات المتحدة خلال «عملية معقدة»، من غير أن توضح أين وكيف اعتُقل. غير أن عائلته تتهم الأجهزة الأمنية الإيرانية بخطفه أثناء وجوده في الشرق الأوسط وبنقله بالقوة إلى إيران. وأصدرت محكمة في طهران في فبراير (شباط) 2023 حكماً بالإعدام بحق شارمهد لإدانته بـ«الإفساد في الأرض»، لاتهامه بالضلوع في هجوم استهدف مسجداً في شيراز (جنوب) في أبريل (نيسان) 2008 وأوقع 14 قتيلاً ونحو 300 جريح.

وبلغ التوتر بين طهران وبرلين، الأربعاء، مرحلة متقدمة، حينما أعلنت الخارجية الألمانية أن سفيرها لدى إيران غادر البلاد.

وقالت المتحدث باسم الخارجية الألمانية، إن طهران تعلم أنها ستواجه إجراءات قريباً وإعدام مواطن ألماني من أصل إيراني يقوض العلاقات «بشدة»

على الفور، سارعت طهران إلى تخفيف اللهجة. وقال وزير الخارجية عباس عراقجي، إن «الاتصالات الأخيرة مع الدول الأوروبية فتحت سبل التعاون في القضايا الإقليمية والوضع في أوكرانيا والمفاوضات النووية». وأضاف أنه يأمل أن «تتشكل هذه المفاوضات مرة أخرى».

رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية» محمد إسلامي (مهر)

طهران منفتحة على أوروبا

وجاءت تصريحات عراقجي متسقة مع تأكيدات أطلقها علي أكبر ولايتي، وهو أحد مستشاري المرشد علي خامنئي، أن بلاده تعيد تقييم سياستها الخارجية بهدف تعزيز علاقاتها مع الدول الأوروبية وغيرها.

ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن ولايتي في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف عسكرية في إيران، أن طهران منفتحة على التعاون مع أي دولة غربية تسعى إلى تفاعل حقيقي معها، بشرط أن تحترم سيادتها.

وقال ولايتي: «إن طهران تعمل بنشاط على إعادة تحديد التوازن الجديد في العلاقات مع الدول الغربية والشرقية والنامية، وترحب بالصداقة مع أي دولة، من أوروبا إلى آسيا أو أفريقيا».

بالتزامن، أطلق رئيس منظمة «الطاقة الذرية» الإيرانية، محمد سلامي، تصريحات معتدلة بشأن التعاون مع الوكالة الدولية.

ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن إسلامي أن «مسؤولي وكالة الدولية للطاقة الذرية يقومون بزيارات متكررة إلى إيران».

واكد إسلامي، أن «العلاقة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الطاقة الذرية في البلاد تسير وفقاً للقوانين واللوائح». واستدرك بالقول: «على الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تقدم اعتراضاتها، ونحن أيضاً نتوجه للتنبهات اللازمة لهم (...) هذا يحدث يومياً بشكل طبيعي».

ومن الواضح أن إيران تحاول أن تتجنب أزمة مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي بسبب إعدام شارمهد، حتى لا تخسر فتح قنوات خلفية لإعادة التفاوض على البرنامج النووي.


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.