إيران وإسرائيل... حرب على «رواية» الضربات

مسؤولون أميركيون: طهران بلا رادار... والدفاع الجوي خرج عن الخدمة

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي لمقاتلة شاركت في ضرب إيران قبل لحظات من إقلاعها (أ.ف.ب)
صورة نشرها الجيش الإسرائيلي لمقاتلة شاركت في ضرب إيران قبل لحظات من إقلاعها (أ.ف.ب)
TT

إيران وإسرائيل... حرب على «رواية» الضربات

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي لمقاتلة شاركت في ضرب إيران قبل لحظات من إقلاعها (أ.ف.ب)
صورة نشرها الجيش الإسرائيلي لمقاتلة شاركت في ضرب إيران قبل لحظات من إقلاعها (أ.ف.ب)

تتنافس كل من إسرائيل وإيران على إثبات أو نفي نجاح الهجوم الأخير، الذي شنَّته تل أبيب، في تحقيق أهدافه، وسط تضارب حاد في المعلومات بشأن الضربات والمواقع التي قصفتها.

وزعمت إسرائيل أن هجومها الأخير على إيران أسقط غالبية أنظمتها الدفاعية، ودمّر الرادارات التي يستخدمها هذا البلد لرصد الاختراقات في المجال الجوي.

وخلُص تقرير لقناة «فوكس نيوز» الأميركية، استناداً إلى معلومات مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، إلى أن «إيران باتت غير قادرة على إطلاق الصواريخ مستقبلاً».

وفي 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، شنّ الجيش الإسرائيلي ضربات «دقيقة وموجهة» على مواقع تصنيع صواريخ وقدرات جوية أخرى في إيران ردّاً على الهجوم الذي شنّته طهران على إسرائيل مطلع الشهر الحالي، مهدّداً طهران بجعلها تدفع «ثمناً باهظاً» في حال قررت الرد.

صورة التقطتها الأقمار الاصطناعية لشركة «بلانيت لابس» تُظهر أضراراً لحقت بمنشأة «بارشين» العسكرية جنوب شرقي طهران يوم 24 أكتوبر (رويترز)

تدمير «إس-300»

وقالت القناة الأميركية، إن إسرائيل «دمرت 3 من أنظمة الدفاع الصاروخي الإيرانية، روسية الصنع، من طراز (إس-300) خلال الضربة الانتقامية ضد إيران».

ويميل كثيرون إلى الاعتقاد بأن الضربة الإسرائيلية «رمزية وتكتيكية»، في ظل الغموض حول نتائجها، لكن المرشد علي خامنئي علّق قائلاً: «ينبغي عدم التقليل من شأن الهجوم».

وقال مسؤول إسرائيلي كبير، لقناة «فوكس نيوز»، إن تل أبيب «أخرجت غالبية الدفاع الجوي الإيراني».

ونقلت القناة عن المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الشرق الأوسط، آموس هوكستاين: «إيران أصبحت فعلياً عارية بلا دفاع، ولم تعد تمتلك أي منظومات صاروخية».

ودمرت المقاتلات الإسرائيلية أنظمة رادار متعددة مطلوبة لتوجيه الصواريخ الباليستية نفسها، التي أطلقت على إسرائيل في أبريل (نيسان) وفي الأول من أكتوبر، عندما أطلقت إيران 181 صاروخاً باليستياً على إسرائيل.

وقال المسؤول الإسرائيلي: «إن إزالة أنظمة الرادار ستمنع إيران من إطلاق تلك الصواريخ في المستقبل».

وحتى مطلع عام 2024، لم يكن لدى إيران سوى 4 أنظمة صواريخ «أرض - جو» من طراز «إس- 300» وفي أبريل، أخرجت إسرائيل أحد أنظمة الصواريخ ردّاً على أول هجوم صاروخي باليستي لإيران، في حين أخرجت الثلاثة المتبقية في هجومها الأخير، وفق مسؤول أميركي كبير.

وكان رئيس هيئة الأركان لقوات الدفاع الإسرائيلية، هيرتسي هاليفي، قد صرح بأن «أي تهديد، في أي مكان، وفي أي وقت، سنعرف كيف نصل إليه، وسنعرف كيف نضربه».

وأكد هاليفي أن إسرائيل نشرت جزءاً فقط من قدراتها، ما يشير إلى أنه يمكن اتخاذ إجراءات أخرى في حالة تصعيد إيران.

منظومة «خرداد» الدفاعية وصواريخ باليستية تُعرَض أمام مقرّ البرلمان الإيراني في ساحة بهارستان وسط طهران (إ.ب.أ)

إنتاج الصواريخ «لم يتأثر»

من جانبه، أكد وزير الدفاع الإيراني نصير زاده، أن عملية إنتاج الصواريخ في إيران لم تتعرض لأي خلل.

وقال نصير زاده، على هامش اجتماع الحكومة الإيرانية الأربعاء: «إن إنتاج الأنظمة الدفاعية، بما في ذلك الصواريخ، لم تواجه أي مشكلات أو انقطاعات»، وفقاً لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

وأضاف نصير زاده: «أن مجرد إطلاق إسرائيل رصاصة نحو أراضينا يُعدّ اعتداءً على دولة وقوية، ولن يُغتفر، وسيتم الرد عليه بحزم».

ونفى وزير الدفاع دخول أي مقاتلات إسرائيلية إلى المجال الجوي للبلاد، مؤكداً أنه وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، فإن لأي دولة تتعرض أجواؤها للاعتداء الحق في الرد على هذا الانتهاك.

صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية لاجتماع لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني بشأن الهجوم الإسرائيلي

اتهام للعراق والأردن

خلال اجتماع للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أطلق نواب احتجاجات ضد العراق والأردن، بزعم «السماح بفتح المجال الجوي أمام إسرائيل لمهاجمة إيران».

وقال إبراهيم رضائي، المتحدث باسم اللجنة: «إن هناك حاجة إلى عمليات استباقية وحاسمة ضد إسرائيل، وضرورة تعزيز أنظمة الدفاع، وتبني استراتيجية الحرب غير المتكافئة»، وفقاً لما أوردته وكالة «مهر» الحكومية.

في السياق نفسه، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن المسؤولين العراقيين «في أعلى المستويات» أكدوا لطهران أنهم «لن يسمحوا باستخدام أراضيهم أو أجوائهم ضد إيران».

واستدرك الوزير عراقجي قائلاً: «مع ذلك، تُشير تقارير إلى أن الأجواء العراقية قد استُخدمت، ونحن على تواصل مع أصدقائنا في بغداد لحثهم على تقديم شكوى رسمية إلى الجهات الدولية المعنية بهذا الشأن».

لكن عراقجي أقر بأن «وجود القوات الجوية الأميركية في المنطقة أمر واقع، وقد تمكّنت المقاتلات الإسرائيلية من تنفيذ هذه الهجمات عبر ممرات وفرتها لها واشنطن».


مقالات ذات صلة

عراقجي: وزير الخارجية العماني لم ينقل رسالة أميركية

شؤون إقليمية عراقجي ونظيره العماني بدر البوسعيدي خلال مؤتمر صحافي في طهران الاثنين (أ.ف.ب)

عراقجي: وزير الخارجية العماني لم ينقل رسالة أميركية

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن نظيره العماني بدر البوسعيدي لم يزر طهران بهدف تبادل الرسائل مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
تحليل إخباري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وسط نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف ووزير الخارجية عباس عراقجي (الرئاسة الإيرانية)

تحليل إخباري لماذا يُعدّ 2025 عاماً مهماً للقضية النووية الإيرانية؟

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن عام 2025 سيكون عاماً حاسماً لملف بلاده النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة تظهر آثار الانفجار في مبنى دار الضيافة التابع لمعسكر «الإمام علي» في شمال طهران (شبكات التواصل)

اغتيال هنية... كيف تم اختراق الحصن الإيراني؟

بعد أيام من تبني اغتيال هنية، أكد مسؤولون إسرائيليون أن رئيس حركة «حماس» اغتيل بعبوة ناسفة وضعت في غرفته في المجمع الأكثر حراسة في طهران.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية صورة منشورة على موقع الخارجية الإيرانية من المتحدث باسمها اسماعيل بقائي play-circle 01:48

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

قال القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، إن «الشباب والشعب السوري سيحيون المقاومة في هذا البلد بشكل آخر في أقل من عام»

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة وزّعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز) play-circle 03:14

إسرائيل لرد رابع أوسع في اليمن... قد يشمل اغتيالات

تخطط إسرائيل لشن هجوم أعنف من الهجمات السابقة وتعمل شعبة الاستخبارات على توسيع بنك الأهداف

كفاح زبون (رام الله)

ترقب إيراني لـ«رسائل السوداني» حول سوريا

السوداني مستقبلاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في القصر الحكومي ببغداد سبتمبر الماضي (أ.ب)
السوداني مستقبلاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في القصر الحكومي ببغداد سبتمبر الماضي (أ.ب)
TT

ترقب إيراني لـ«رسائل السوداني» حول سوريا

السوداني مستقبلاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في القصر الحكومي ببغداد سبتمبر الماضي (أ.ب)
السوداني مستقبلاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في القصر الحكومي ببغداد سبتمبر الماضي (أ.ب)

رجَّح نائب إيراني بارز أن يحمل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني رسائل «خاصة» حول التطورات التي شهدتها سوريا، ذلك خلال زيارته المزمعة إلى طهران نهاية الأسبوع.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، النائب علاء الدين بروجردي إن «زيارة السوداني تحظى بأهمية خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي؛ نظراً للتهديدات الأمنية التي تواجهها بعض دول المنطقة، بما في ذلك العراق».

وأفاد بروجردي في تصريح لوكالة «إيلنا» الإصلاحية بأن «هناك أموراً خاصة قيلت للأصدقاء العراقيين يرغبون في نقلها إلى إيران».

وصرح: «نأمل أن تسهم هذه المناقشات في إحباط مؤامرات الأعداء وتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة، وأن نلعب دوراً مؤثراً بالتعاون مع جارنا المهم العراق».

ولفت بروجردي إلى مشاورات بين طهران ودول المنطقة بعد الإطاحة بنظام البعث في سوريا ورئيسه بشار الأسد. وقال: «مع تطورات سوريا، يجب تكثيف تبادل الآراء مع دول المنطقة، خصوصاً الأردن والإمارات، وتحليل التطورات بدقة لمنع تكرار التعديات على أمن المنطقة كما حدث سابقاً»، وأضاف: «لا ينبغي أن تتكرر الإجراءات التي وقعت في سوريا مرة أخرى».

ومع ذلك، أعرب بروجردي عن اعتقاده أن «نقل الرسالة يحظى بمكانة مهمة في هذه الزيارة».

وأفادت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، الخميس، بأن السوداني سيبدأ زيارة إلى طهران الأربعاء، وذلك بعدما قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الثلاثاء، إن زيارة السوداني ستكون نهاية الأسبوع المقبل، لافتاً إلى أن الزيارة تأتي في إطار المشاورات بين البلدين لتعزيز علاقاتهما وتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، حسبما أوردت وكالة «مهر» الحكومية.

وكانت صحيفة «همشهري» التابعة لبلدية طهران، قد أشارت إلى فرضيتين حول زيارة السوداني.

وقالت إن الفرضية الأولى تتعلق بتبادل الرسائل بين الحكام الجدد في دمشق والجمهورية الإسلامية في إيران. وذلك بناءً على زيارة الوفد الأمني العراقي إلى دمشق ولقائه القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، والموقف الجديد للشرع تجاه إيران.

أما الفرضية الثانية، فهي «تتعلق بمحاور زيارة السوداني، وتتعلق بالمشاورات حول الضغوط الغربية على بغداد لحل (الحشد الشعبي)»، وأضافت الصحيفة في هذا السياق: «أفادت بعض المصادر العراقية عن الضغوط السياسية والإعلامية الأميركية والغربية على الحكومة العراقية لحل منظمة الحشد الشعبي؛ هذه الضغوط يُقال إنها واجهت معارضة من المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني ورئيس وزراء العراق أيضاً».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011.

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وأثارت التطورات السورية غضب كبار المسؤولين الإيرانيين. وتوعد المرشد الإيراني علي خامنئي في أحدث خطاباته القواعد الأميركية في سوريا.

وقال إن سوريا «تعيش حالة فوضى، وتتعرض أراضيها للاحتلال من قِبل القوى الأجنبية؛ أميركا من جهة، والكيان الصهيوني من جهة أخرى، وبعض الدول المتعدّية من جهة ثالثة». وتابع: «يجب على المعتدي أن يخرج من أرض الأمة، وإلا سيتم طرده؛ لذا فإن القواعد العسكرية الأميركية ستُداس تحت أقدام الشباب السوري».

ولم تختلف الصورة التي رسمها خامنئي عن تصريحات المسؤولين الإيرانيين، وتغطية الإعلام الحكومي بشأن وجود فوضى في سوريا، ومخاوف من احتمال حرب داخلية.

وفي 11 ديسمبر (كانون الأول)، عزا خامنئي سقوط الأسد إلى «خطة أميركية - إسرائيلية»، و«دولة جارة لسوريا»، في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وفي 17 ديسمبر، قال خامنئي إنه «من خلال التحرك الذي حدث في سوريا، والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني وأميركا (...)، ظنوا أن قضية المقاومة قد انتهت في المنطقة». وصرح: «مخطئون بشدة».

والأسبوع الماضي، قال خامنئي إن إيران ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، و«لن تحتاج إلى قوات تعمل بالنيابة إذا ما أرادت اتخاذ إجراء في المنطقة».

وتوقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

وحضّ وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، أسعد الشيباني، إيران، على احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها، قائلاً في منشور على منصة «إكس»: «نحذّرهم من بث الفوضى في سوريا، ونحمّلهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة».

وأدلى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، بتصريحات لـ«الشرق الأوسط» انتقد فيها الدور الذي لعبته إيران في سوريا على مدى السنوات الماضية.

وقال الشرع إن سوريا تحولت منبراً لإيران تدير منه 4 عواصم عربية أساسية، و«عاثت حروباً وفساداً في الدول التي دخلتها، وهي نفسها التي زعزعت أمن الخليج وأغرقت المنطقة بالمخدرات والكبتاغون».

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: إن «عدم الاستقرار والفوضى في سوريا ليسا في مصلحة إيران أو أي من دول المنطقة»، مؤكداً أن «طهران تدعم تشكيل حكومة شاملة تمثل الجميع».