أصوات في تل أبيب تطالب بإنقاذ الغزيين... والإسرائيليين

نائبة المستشار القضائي الأسبق للحكومة أطلقت صرخة «مدوية» لوقف الحرب

فلسطينية تبكي طفلاً قتل في غارة إسرائيلية في غزة (إ.ب.أ)
فلسطينية تبكي طفلاً قتل في غارة إسرائيلية في غزة (إ.ب.أ)
TT

أصوات في تل أبيب تطالب بإنقاذ الغزيين... والإسرائيليين

فلسطينية تبكي طفلاً قتل في غارة إسرائيلية في غزة (إ.ب.أ)
فلسطينية تبكي طفلاً قتل في غارة إسرائيلية في غزة (إ.ب.أ)

رغم قلة الأصوات اليهودية التي تعلو ضد الممارسات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، بقيادة وتوجيه القادة السياسيين، تميزت مسؤولة كبيرة سابقة في الجهاز القضائي بصرخة مدوية، متأخرة جداً، لكنها قوية وحادة، تطالب فيها بـ«وضع حد للحرب وما ترافقها من ممارسات وحشية ضد المدنيين الفلسطينيين».

وتقول: «طالما استمرت الحرب ومعها القتل والدمار وفقدان الطابع الإنساني، فإنني أفصل نفسي، وأعلن على رؤوس الأشهاد بأنني لست جزءاً من شعب إسرائيل».

تشييع فلسطينيين قتلوا بغارة إسرائيلية على بيت لاهيا الثلاثاء (أ.ف.ب)

وكتبت المحامية يهوديت كارب، التي شغلت في الماضي منصب نائبة المستشار القضائي للحكومة، مقالاً في صحيفة «هآرتس»، حذرت فيه مما يرتكب باسم الإسرائيليين من ممارسات مناقضة للإنسانية.

وطرحت كارب السؤال الذي كان اليهود يطرحونه عندما كان العالم صامتاً إزاء المذابح التي نفذتها النازية بأولادهم ونسائهم إبان الحرب العالمية الثانية، قائلة: «أين كان العالم عندما تم ذبح اليهود في الكارثة؟ أين كان في 7 أكتوبر (تشرين الأول) عندما ذبح الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيون المطمئنون واختطفوا إلى قطاع غزة بملابس النوم؟ أين كان جيش الدفاع الإسرائيلي وحكومة إسرائيل في تلك الأيام الفظيعة؟ يبدو أن العالم في معظمه تماهى لبضعة أيام مع مشاعر الصدمة وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؛ إلى حين فهم معنى حرب الدفاع عن النفس التي نشنها. الآن أين هي شعوب العالم والمحكمة الدولية في لاهاي؟ أين هم؟ ناهيك بذكر الأخلاق اليهودية وقيم إسرائيل التي ستهب لإنقاذ من ذبحوا في غزة 2024 من الفلسطينيين، أطفالاً ونساء وشيوخاً وغيرهم من الأبرياء أو غير المتورطين، الذين ماتوا بسبب (أضرار عرضية) وتم تحديد مصيرهم بواسطة الذكاء الاصطناعي والذين قتلوا وذبحوا وخنقوا وأحرقوا ودفنوا أحياء أو تحولوا إلى غبار بشري تحت أنقاض بيوتهم في عملية إحراق غزة وتدميرها بالكامل في حرب الدفاع التي تحولت إلى حرب انتقام. أين هم مواطنو إسرائيل، الذين باسمهم يجوع ويهجر الناس الذين لا يجدون مأوى أو خلاصاً ويهيمون من (مكان آمن) إلى آخر، ويعودون مرة أخرى؟».

أنقذوا الغزيين

إسعاف فلسطيني أصيب بغارة إسرائيلية على بيت لاهيا الثلاثاء (أ.ف.ب)

وخرجت كارب بالاستنتاج: «نحن لا نعرف ولا نريد أن نعرف ماذا يحدث هناك في وادي القتل. نحن كإسرائيليين لا نصرخ الصرخة المريرة التي يجب أن نصرخ على ما ينفذ باسمنا. يجب علينا أن نصرخ: أنقذوا الغزيين من القتل. ولكن أيضاً يجب أن نصرخ: أنقذونا نحن الإسرائيليين من عبء الضمير على المذبحة التي نرتكبها ضد الآخر، على القتل الجماعي الذي يحدث باسمنا في غزة وفي المناطق التي توجد تحت سيطرتنا، على عار سرقة حقوق وأراضٍ واللامبالاة إزاء مصير الآخر. أنقذونا من الحكومة الخبيثة التي بسببها نحن جميعاً مسؤولون عن جرائم الحرب التي ترتكب باسمنا، وعن الأخلاق اليهودية وقيم دولة إسرائيل التي يتم محوها هناك بغطاء الحرب الوجودية، التي كل شيء فيها مباح، وأنقذوا حياة جنودنا من هذه الحرب الاختيارية».

ويرد عليها الكاتب والباحث د. تسفي برئيل، محرر الشؤون العربية، قائلاً إن «كارب هي صاحبة ضمير. يوجهها الضمير الإنساني والأخلاقي والقيمي، أرادت هز الأركان. صرخت من أعماقها. ولكن هذا متأخر جداً. وما نشاهده في غزة الآن هو من القيم الأساسية لدولة إسرائيل والأخلاق اليهودية المشوهة المصبوبة فيها. لا يتم فعل أي شيء (باسمنا). نحن وأولادنا نفعل ذلك بأنفسنا، وبتفاخر».

طفل أصيب في غارة إسرائيلية على خان يونس الأربعاء (رويترز)

ويقول برئيل: «هذا الأسبوع وصل عدد القتلى في قطاع غزة إلى أكثر من 43 ألف شخص، أي 2 في المائة من سكان القطاع. إذا طبقنا هذا العدد على مواطني إسرائيل فهو يساوي قتل 180 ألف إسرائيلي، وفي الولايات المتحدة يكون الحديث عن موت 6.5 مليون مواطن. تقريباً ثلث القتلى في غزة يعتبرون مخربين، حتى لو كانوا يعملون في الخدمات الصحية لـ(حماس)، أو كانوا معلمين في المدارس التابعة لـ(حماس) أو نشطاء في جمعيات خيرية تمولها (حماس). جميعهم (حماس). الثلثان الآخران هم ضرر عرضي، كما هو سائد في كل الحروب. بالإجمال عددهم صغير نسبياً مقارنة مع عدد المدنيين الأبرياء الذين قتلوا في حرب الولايات المتحدة في العراق وفي أفغانستان. لقد خرجنا طاهرين، عدد القتلى بحد ذاته كان يجب أن يثير القشعريرة، وربما أثار الاستغراب القليل بدرجة معينة».

يذكر أن رؤساء تحرير الصحف والقنوات والإذاعات الإسرائيلية اتخذوا منذ بداية الحرب قراراً التزموا فيه بنوع من الرقابة الذاتية، من دون حاجة لأوامر الرقابة العسكرية. وبموجبه امتنعت كل وسائل الإعلام الإسرائيلية عن نشر الحقائق حول الممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية وفي لبنان، وكل ما فعله الجيش منذ 7 أكتوبر.

تشييع فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على خان يونس الأربعاء (رويترز)

وطيلة أكثر من سنة لم يطلع الإسرائيليون على ما جرى في غزة من قتل وتدمير، إلا إذا اعتمدوا على وسائل الشبكات الاجتماعية. وقد فعلوا ذلك ضمن الالتزام بموقف موحد وراء الجيش مهما فعل. وقد كسرت هذا القرار صحيفة «هآرتس»، التي نشرت المقالين المذكورين، وبعض المواقع اليسارية مثل «سيحا مكوميت»، في منتصف السنة. لكنها لم تستطع نشر كل ما وصل إليها من معلومات رهيبة. فنشأ وضع يكون فيه العالم يعرف بها ويشهد مظاهرات جبارة ضدها، وفي القيادة الإسرائيلية يعتبرونها مظاهر معادية للسامية ولليهود. ويتصرفون مثل «الأطرش في الزفة». لكن هؤلاء المحررين ومعهم المراسلون العسكريون والمعلقون والمحللين يبررون تصرفهم بالقول إن «الجمهور الإسرائيلي، بعد مذبحة غلاف غزة، التي قتل فيها 1200 شخص جلهم من المدنيين، لا يريد أن يعرف ماذا يجري في غزة ولا يهمه ما يعانيه الفلسطينيون».


مقالات ذات صلة

القضاء الإسرائيلي يحبط محاولة توسيع صلاحيات وزير الأمن القومي

شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (حسابه عبر منصة إكس)

القضاء الإسرائيلي يحبط محاولة توسيع صلاحيات وزير الأمن القومي

أحبطت المحكمة العليا الإسرائيلية محاولة لتوسيع صلاحيات وزير الأمن القومي اليميني إيتمار بن غفير في مواجهة أخرى بين كبار القضاة في البلاد والحكومة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية تظهر هذه الصورة التي أصدرها الجيش الإسرائيلي في 2 يناير 2025 قوات إسرائيلية في أثناء عملية سابقة استهدفت منشأة في منطقة مصياف السورية بالقرب من ساحل البحر المتوسط (أ.ف.ب)

نتنياهو يشيد بعملية لقوات الكوماندوز الإسرائيلية في سوريا

أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، بعملية الكوماندوز التي أقر بها الجيش الإسرائيلي مؤخراً في عمق سوريا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تصاعد دخان بعد قصف إسرائيلي في جنوب لبنان يوم 11 أكتوبر 2023 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف منصات صواريخ لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

أكد الجيش الإسرائيلي أن طائراته المقاتلة نفّذت غارة جوية في جنوب لبنان قبل قليل، وقال إنها استهدفت منصات إطلاق صواريخ متوسطة المدى في موقع لجماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة في تل أبيب بإسرائيل 3 مارس 2020 (د.ب.أ)

رئيس الوزراء الإسرائيلي يغادر المستشفى

قال مكتب بنيامين نتنياهو، عبر منصة «إكس»، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي غادر المستشفى، اليوم الخميس، بعد انتهاء عملية جراحية في البروستاتا «بنجاح».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية حافلة الصليب الأحمر تصل إلى سجن عوفر العسكري قبل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ضمن الاتفاق مع «حماس» 25 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)

واشنطن تبحث مع إسرائيل إيجاد بديل لزيارات الصليب الأحمر للأسرى الفلسطينيين

كانت أربع منظمات حقوقية في إسرائيل قدمت التماساً إلى محكمة العدل العليا فبراير الماضي تطالب فيه بالسماح بزيارات الصليب الأحمر للأسرى الفلسطينيين

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

القضاء الإسرائيلي يحبط محاولة توسيع صلاحيات وزير الأمن القومي

وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (حسابه عبر منصة إكس)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (حسابه عبر منصة إكس)
TT

القضاء الإسرائيلي يحبط محاولة توسيع صلاحيات وزير الأمن القومي

وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (حسابه عبر منصة إكس)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (حسابه عبر منصة إكس)

أحبطت المحكمة العليا الإسرائيلية، الخميس، محاولة لتوسيع صلاحيات وزير الأمن القومي اليميني إيتمار بن غفير، في مواجهة أخرى بين كبار القضاة في البلاد والحكومة.

وألغت المحكمة بنداً في تشريع مثير للجدل كان يستهدف منح بن غفير نفوذاً كبيراً على تحقيقات الشرطة، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية.

ودفع المدعون، ومن بينهم منظمات المجتمع المدني، بأن الفقرات التي تم إلغاؤها كانت ستمنح الوزير سلطات واسعة على عمل الشرطة، وهو ما من شأنه «تسييس إنفاذ القانون، وتعريض الديمقراطية للخطر»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

يشار إلى أن هناك صراعاً يدور منذ سنوات بين حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية والسلطة القضائية. ويتعلق الأمر بمسألة: إلى أي مدى سيسمح للقضاء بفرض قيود على حكومة منتخبة ديمقراطياً؟

وأبدى بن غفير غضبه من قرار المحكمة، وقال إن المؤسسة قررت مرة أخرى تجاهل إرادة الناخبين.