ما الفارق بين تداعيات مقتل السنوار واغتيال نصر الله؟

قائد «حماس» سقط مصادفة... وزعيم «حزب الله» كبّد إسرائيل تكلفة عالية جدّاً

مسيرة داعمة للفلسطينيين تحمل صور زعيمي «حماس» و«حزب الله» في إسطنبول يوم 20 أكتوبر الحالي (رويترز)
مسيرة داعمة للفلسطينيين تحمل صور زعيمي «حماس» و«حزب الله» في إسطنبول يوم 20 أكتوبر الحالي (رويترز)
TT

ما الفارق بين تداعيات مقتل السنوار واغتيال نصر الله؟

مسيرة داعمة للفلسطينيين تحمل صور زعيمي «حماس» و«حزب الله» في إسطنبول يوم 20 أكتوبر الحالي (رويترز)
مسيرة داعمة للفلسطينيين تحمل صور زعيمي «حماس» و«حزب الله» في إسطنبول يوم 20 أكتوبر الحالي (رويترز)

في البدء كانت غزّة. تشظّى القطاع فانهمرت الشظايا على المحيط. يُقتل يحيى السنوار بعد سنة على تخطيطه وتنفيذه لـ«طوفان الأقصى»، العملية التي شكَّلت مفاجأة كبيرة لإسرائيل. استعمل السنوار في هذه العملية قوى وأسلحة متعدّدة (Combined)، براً وبحراً وجوّاً، لكنها تُصنّف على أنها أسلحة بدائية مقارنةً مع أسلحة الجيوش الحديثة. وهو سعى في عمليته هذه إلى تعديل موازين القوى مع الجيش الإسرائيليّ عبر «الكيف» والابتكار التكتيكي، واستغلال الظروف الموضوعيّة التي كانت قائمة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. شكّل الخداع (Deception) أحد أهمّ عوامل نجاح «الطوفان».

كان السنوار، بلا شك، يعرف العقل الإسرائيليّ في العمق، كما يعرف الوعي الجمعيّ. فقد قضى في السجون الإسرائيليّة أكثر من عشرين عاماً، وتعلّم اللغة العبرية، وقرأ ما قرأ عن تاريخ الكيان الإسرائيلي. لكنه اغتيل مقاتلاً فرديّاً، إذ كان ضمن مجموعة صغيرة تتألف من ثلاثة عناصر فقط.

لم تساعده ثقافته العميقة بخصوص المجتمع الإسرائيليّ على تقدير ردّة فعل الدولة العبرية. إذ سقطت مقولة إن إسرائيل تتجنّب الحروب الطويلة. كما سقطت مقولة إن إسرائيل تتجنب الحرب على أرضها، وتتجنّب عادةً الخسائر البشريّة.

فارق بين السنوار ونصر الله

لم يحصل بنيامين نتنياهو على صورة البطل لنجاحه في قتل السنوار، رغم أن القضاء على مفجّر «الطوفان» أدى بلا شك إلى رفع شعبيته في استطلاعات الرأي العام في إسرائيل. فقيادي «حماس» قُتل بالصدفة، ولم يتم التعرف عليه حتى اليوم الثاني لمقتله. لم يُقتَل السنوار عبر عملية عسكرية تستند إلى معلومات استخباراتيّة دقيقة، وتُنفَّذ من القوات الخاصة، وبإشراف مباشر من نتنياهو، بعكس ما حصل مع زعيم «حزب الله» حسن نصر الله الذي قُتل في سبتمبر (أيلول) الماضي في ضاحية بيروت الجنوبية.

أطلق نتنياهو سراح السنوار عام 2011، ثم تمنّع عن الموافقة على اغتياله لاحقاً.

لبنانيون يتفقدون موقع اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

لكن عملية «طوفان الأقصى» عرّت إسرائيل، كما عرّت نتنياهو، وأظهرت هشاشة الاثنين معاً. ذلك أن «الطوفان» ظهّر الأخطاء الاستراتيجيّة التي ارتكبها نتنياهو، كما ضرب صورة إسرائيل القويّة، إذ فوجئ جيشها بهجوم «حماس» وخسرت البلاد 1200 من مواطنيها في ساعات معدودة. ومن هنا يمكن فهم قول نتنياهو، عقب قتل زعيم «حماس»، إن الحساب قد أُغلق مع السنوار. فالحساب شخصيّ بامتياز.

قُتل السنوار، رغم قلّة المعلومات الاستخباراتية عنه. في المقابل، قُتل نصر الله من كثرة المعلومات الاستخباراتية التي جمعها الإسرائيليون عنه، وعن تنظيم «حزب الله» إجمالاً. قُتل السنوار وهو موجود مع مجموعة مسلحة فوق سطح الأرض. أما نصر الله فقُتل وهو في مركز القيادة والسيطرة تحت الأرض بعمق أكثر من ثلاثين متراً.

قُتل السنوار بالصدفة، وبوسائل متواضعة، كالمُسيّرة وقذيفة دبابة ميركافا. أما نصر الله فقُتل بتكلفة عالية جدّاً، عبر استعمال أفضل الوسائل التي تملكها إسرائيل، سواء بالطائرات المقاتلة أو القنابل الذكية الخارقة للتحصينات. تطلّب اغتيال نصر الله عملية خداع محتملة من القيادة السياسية الإسرائيليّة. إذ حصلت خلال زيارة نتنياهو للأمم المتحدة لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة، ومن هناك صدر أمر التنفيذ عندما توفّرت لحظة النجاح.

من البديل؟

مَن البديل للسنوار في المفاوضات؟ ومَن البديل له قائداً عسكرياً؟ فهو كان يشغل قبل مقتله منصباً يُشرف في الحقيقة على نشاط «حماس»، سياسياً وعسكرياً. وليس واضحاً في الواقع إذا كان السنوار قد أخذ بعين الاعتبار سيناريو احتمال مقتله وعيّن قيادة عسكريّة بديلة، أو عيّن شخصيةً ما تُمسك بملفّ الرهائن الإسرائيليين في القطاع ليبقيه ورقة تفاوضية ذات قيمة عالية. والترجيحات هنا تنصبّ بلا شك على شقيقه محمّد.

وفي المفارقات، يمكن تسجيل أن إسرائيل قتلت نصر الله قبيل بدء العملية العسكرية البرية الكبيرة ضد مقاتليه. أما السنوار فقد قُتل بعد سنة ونيّف من بدء العملية العسكرية على مقاتليه.

تظهر هذه الصورة الثابتة من مقطع فيديو نشرته القوات الإسرائيلية ليحيى السنوار جالساً على كرسي ومصاباً قبل لحظات من اغتياله (أ.ب)

جمع نصر الله القيادتين العسكرية والسياسية في «حزب الله»، بالإضافة إلى البُعد الديني والعلاقة العضوية مع مرشد الثورة في إيران، علي خامنئي. أما السنوار فلم يجمع سوى مؤخراً بين القيادتين السياسية والعسكريّة.

ترك السنوار خلفه مجتمعاً مدّمَّراً، لكنَّ مناصريه يرونه بطلاً من خلال التركيز على أنه قُتل وهو يحمل السلاح. في المقابل، ترك نصر الله بيئته الحاضنة مدمّرة ومُهجّرة بعدما فقدت كل ما كانت تملك. كما ترك راعيه الإقليميّ قلقاً على مصير نظامه.

سيغيّر مقتل السنوار ديناميكيّة القضيّة الفلسطينيّة دون تأثيرات إقليمية تُذكر. وإذا كان هو مَن سبّب الزلزال الإقليميّ، فهذا لا يعني أن موته سيُحدث نفس التأثير. فبعد غزّة، كيف سيكون حال القضيّة الفلسطينية؟ خصوصاً أن إنهاء الحرب الإسرائيليّة على غزّة لا يعني قطعاً إنهاء الاحتلال. فالتدمير الممنهج فتح شهيّة عودة الاستيطان إلى غزة، كما فعلت حرب الأيام الستة بالنسبة إلى الضفة الغربيّة. وإذا كان السنوار يرى أن القضية فكرة لا يمكن القضاء عليها، فما نفع الفكرة دون تجسيدها على أرض الواقع؟

من الوكيل إلى الأصيل

في المقابل، غيّر مقتل نصر الله الديناميكيّة الجيوسياسيّة الإقليميّة، وانتقل الصراع مع إسرائيل من الوكيل إلى الأصيل وبشكل مباشر.

تستعمل أميركا إسرائيل على أنها الذراع الطويلة ذات القيمة الاستراتيجية التي لا يمكن الاستغناء عنها. قيمتها الجيوسياسيّة اليوم هي كما كانت خلال الحرب الباردة. ففي حرب الأيام الستة مثلاً، هزمت إسرائيل أهم حلفاء الاتحاد السوفياتي، وتغلّب السلاح الغربي على السلاح الشرقي وبامتياز. تستعمل أميركا اليوم نفس الحليف بهدف إنهاء مشروع إقليمي مقلق، تناسبه الفوضى الإقليميّة، وذلك بهدف صياغة ترتيب جديد تأمن له أميركا، لتنطلق بعدها إلى الصراع الكوني في مكان آخر.

تقيس تنظيمات ميليشيات وحدة الساحات نصرها بعدم الخسارة. فيما يقيس نتنياهو النصر بمدى وحجم التدمير للعدو، كائناً من كان. فالردع العقابي (Punitive Deterrence) أو الردع النكبويّ، كما سمّاه أحد المفكرين العرب، يعني التدمير الكامل للعدو ولكل ما يملك. وهذا مبدأ أوصى به مؤسس الدولة العبرية ديفيد بن غوريون. فالحرب المُستدامة بين إسرائيل وأعدائها هي الثابت، أما غياب الحرب فهو الأمر الاستثنائيّ. فهو يُعد مرحلة انتقالية بهدف التحضير للحرب القادمة.

أتون المواجهة الإقليمية

في الأيام الماضية، سُجّلت زيارات مكوكيّة لمسؤولين إيرانيين للمحيط العربي، وكذلك لتركيا ولعواصم أوروبيّة. تأتي الزيارات في الوقت الذي يتم فيه طبخ الردّ الإسرائيلي على إيران، وذلك بعد أن أقنع الرئيس بايدن نتنياهو بعدم استهداف منشآت النفط الإيرانية وتجنّب ضرب المشروع النوويّ، حسب تقارير مختلفة.

نتنياهو يلتقي بايدن في البيت الأبيض يوليو الماضي (رويترز)

نشرت أميركا بطاريّة ثاد (THAAD) للدفاع الجوّي في إسرائيل لتعزيز دفاعاتها الجويّة بعد أن اختبرت هذه الدفاعات خلال الضربة الإيرانية الأخيرة بالصواريخ الباليستية. يُشغّل هذه البطارية جنود أميركيون.

في نفس الوقت، استعملت أميركا القاذفة الاستراتيجية الشبح (B-2) لضرب بعض الأهداف الحوثيّة. لكن استعمال هذه الطائرة يمكن أن يكون أيضاً رسالة مباشرة لإيران، خصوصاً أن هذه القاذفة قادرة على حمل واستعمال قذائف (GBU-57) يمكنها خرق نحو 60 متراً من الباطون المُسلح.

هذه المؤشرات هي التي ستحدد ديناميكية المرحلة القادمة. أما ما يجري اليوم في غزة وجنوب لبنان فهو مجرد تفصيل في صراع جيو-سياسي كبير جدّاً.

اغتيال حسن نصر الله وقتل يحيى السنوار يمثل أثماناً لا بد من دفعها والتضحية بها في أتون المواجهة الإقليمية المتفاقمة عشية الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:39

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على مدرسة في مخيم النصيرات للاجئين بغزة (أ.ف.ب)

غزة: 71 قتيلاً جراء القصف الإسرائيلي في يوم واحد

أعلنت وزارة الصحة  الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم (الخميس)، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 44 ألفاً و56 قتيلاً، إلى جانب 104 آلاف و268 إصابة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت (رويترز)

بن غفير وسموتريتش يتهمان غالانت بالسماح لـ«حماس» بالاستمرار في حكم غزة

انتقد أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية غالانت بعد أن حذر من أنّ تحمل المسؤولية عن توزيع المساعدات الإنسانية في غزة قد يجر إسرائيل للحكم العسكري.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل: لن نتسامح مع أي انتهاك لوقف إطلاق النار في لبنان

أشخاص يتفقدون الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت حي الشايح بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت حي الشايح بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل: لن نتسامح مع أي انتهاك لوقف إطلاق النار في لبنان

أشخاص يتفقدون الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت حي الشايح بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت حي الشايح بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم الثلاثاء، أن إسرائيل تطالب بتطبيق فعّال من جانب الأمم المتحدة لاتفاق وقف إطلاق النار المحتمل مع لبنان محذراً من أن إسرائيل «لن تتسامح مطلقا» تجاه أي انتهاك.

إلى ذلك، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن الاتفاق مع لبنان سيحافظ على حرية إسرائيل في العمل دفاعا عن نفسها لإزالة تهديد «حزب الله»، مؤكدا أن الاتفاق سيتيح عودة الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال بأمان.

 

وقال مسؤول إسرائيلي كبير في وقت سابق، إن إسرائيل تبدو مستعدة للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار مع جماعة حزب الله اليوم (الثلاثاء)، مما يمهد الطريق لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين منذ اندلاعها بسبب الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 14 شهراً.

وأضاف المسؤول أن من المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي اجتماعاً برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وقت لاحق اليوم (الثلاثاء)، لمناقشة النص والموافقة عليه على الأرجح.

وقالت 4 مصادر لبنانية كبيرة لـ«رويترز» أمس (الاثنين)، إن هذا من شأنه أن يمهد الطريق لإعلان وقف إطلاق النار من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أمس (الاثنين): «نحن قريبون»، لكن «لن يتم فعل أي شيء حتى يتم الانتهاء من كل شيء». وقالت الرئاسة الفرنسية إن المناقشات بشأن وقف إطلاق النار أحرزت تقدماً كبيراً.

وحظي الاتفاق بالقبول بالفعل في بيروت، حيث قال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني لـ«رويترز» أمس (الاثنين)، إنه لم تعد هناك عقبات جدية أمام البدء في تنفيذه ما لم يغير نتنياهو رأيه.

ورفض مكتب نتنياهو أمس (الاثنين)، التعليق على تقارير ذكرت أن إسرائيل ولبنان اتفقتا على نص الاتفاق.

 

 

وفوضت جماعة «حزب الله»، التي تعدّها واشنطن منظمة إرهابية، حليفها رئيس مجلس النواب نبيه بري للتفاوض.

وقال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بو صعب، ومسؤول إسرائيلي ثانٍ لـ«رويترز»، إن الخطة تتطلب انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وانتشار قوات الجيش اللبناني في منطقة الحدود - وهي معقل لـ«حزب الله» - في غضون 60 يوماً.

وصاحب مؤشرات حدوث انفراجة تصعيد عسكري، إذ أدت الغارات الجوية الإسرائيلية أمس (الاثنين)، إلى هدم مزيد من أبنية الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي معقل أيضاً لـ«حزب الله».

ويسلط الدمار الذي لحق بمناطق واسعة من لبنان، الضوء على فاتورة إعادة الإعمار الضخمة التي تنتظر لبنان، الذي يعاني من نقص السيولة النقدية، مع نزوح أكثر من مليون شخص.

وفي إسرائيل، من شأن وقف إطلاق النار أن يمهد الطريق أمام عودة 60 ألف شخص إلى منازلهم في الشمال، بعد أن نزحوا منها بعدما بدأ «حزب الله» إطلاق الصواريخ دعماً لحركة «حماس»، بعد يوم من الهجوم الذي قادته الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

 

ضربات قاصمة

وجهت إسرائيل ضربات قاصمة لـ«حزب الله» منذ سبتمبر (أيلول)، إذ قتلت الأمين العام للجماعة حسن نصر الله وقياديين آخرين، وألحقت دماراً واسع النطاق بمناطق في لبنان يهيمن عليها «حزب الله»، بما في ذلك الضاحية الجنوبية لبيروت.

وواصلت جماعة «حزب الله» إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وأطلقت نحو 250 صاروخاً يوم الأحد.

وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، أمس (الاثنين)، إن إسرائيل ستحتفظ بقدرة على ضرب جنوب لبنان في أي اتفاق. واعترض لبنان في السابق على حصول إسرائيل على مثل هذا الحق، وقال مسؤولون لبنانيون إن مسودة الاقتراح لا تشمل مثل هذه الصيغة.

وذكر المسؤول الإسرائيلي الثاني أن إسرائيل ستكون قادرة على ضرب «التهديدات الوشيكة» فقط.

 

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أمس (الاثنين)، إن الفجوات بين الطرفين تقلصت إلى حد كبير، ولكن لا تزال هناك خطوات يتعين اتخاذها للتوصل إلى اتفاق.

وأضاف: «في كثير من الأحيان تكون المراحل الأخيرة من الاتفاق هي الأصعب، لأن القضايا الشائكة تُترك حتى النهاية... نبذل أقصى ما في وسعنا».

وفي بيروت قال بو صعب لـ«رويترز» أمس (الاثنين)، إنه لم تعد هناك «عقبات جدية» أمام بدء تنفيذ الاتفاق الذي اقترحته الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار مع إسرائيل «ما لم يغير نتنياهو رأيه».

وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الهجمات الإسرائيلية على مدار العام الماضي، أسفرت عن مقتل أكثر من 3750 شخصاً، وأُجبر أكثر من مليون على النزوح. ولا تُفرق بيانات الوزارة بين المدنيين والمسلحين.

وتسببت هجمات جماعة «حزب الله» في مقتل 45 مدنياً بشمال إسرائيل وهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. وقُتل ما لا يقل عن 73 جندياً إسرائيلياً في شمال إسرائيل وهضبة الجولان وفي المواجهات بجنوب لبنان، وفقاً للسلطات الإسرائيلية.

وأكدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي ستنتهي ولايتها في يناير (كانون الثاني)، أن الدبلوماسية هي السبيل لإنهاء الصراع في لبنان، حتى مع توقف المحادثات الرامية لإنهاء الحرب المستمرة في قطاع غزة.

وقال البيت الأبيض إن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط بريت ماكغورك، سيزور السعودية اليوم (الثلاثاء)، لبحث الاستفادة من وقف إطلاق النار المحتمل بلبنان في التوصل إلى اتفاق مماثل ينهي الأعمال القتالية في غزة.

وركزت الجهود الدبلوماسية بشأن لبنان على وقف إطلاق النار بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي اعتمدته الأمم المتحدة في عام 2006، وأفضى إلى إنهاء حرب استمرت بين «حزب الله» وإسرائيل من خلال فرض وقف لإطلاق النار.

ونص القرار على حظر وجود أي قوات أو سلاح بخلاف قوات وسلاح الجيش اللبناني في المنطقة بين نهر الليطاني وحدود إسرائيل ولبنان.

وتشتكي إسرائيل منذ فترة طويلة من عدم تنفيذ القرار 1701 بشكل صحيح، وتشير إلى وجود مقاتلين من «حزب الله» وأسلحة للجماعة على الحدود. كما يشتكي لبنان من أن إسرائيل تنتهك القرار، ويشير إلى انتهاكات متكررة للمجال الجوي اللبناني بطائرات حربية إسرائيلية.