​وفاة الداعية فتح الله غولن في المنفى الأميركي

حليف إردوغان السابق وألد خصومه بعد الانقلاب الفاشل

الداعية التركي فتح الله غولن (أ.ف.ب)
الداعية التركي فتح الله غولن (أ.ف.ب)
TT

​وفاة الداعية فتح الله غولن في المنفى الأميركي

الداعية التركي فتح الله غولن (أ.ف.ب)
الداعية التركي فتح الله غولن (أ.ف.ب)

توفي الداعية التركي فتح الله غولن في ولاية بنسلفانيا الأميركية، التي أقام فيها بوصفها منفى اختيارياً منذ عام 1999.

وأعلن، الاثنين، عن وفاة غولن، البالغ من العمر 83 عاماً، والذي تحول إلى ألد خصوم الرئيس رجب طيب إردوغان بعد اتهامه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة عليه في 15 يوليو (تموز) 2016، بعدما كان أوثق حلفائه، ودعم مسيرة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم منذ بزوغه على الساحة السياسية في تركيا عام 2001.

وأكد موقع «هيركول»، التابع لحركة «الخدمة» التي أسسها غولن وصنفتها السلطات التركية منظمة إرهابية تحت اسم «منظمة فتح الله غولن الإرهابية» عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، وفاة غولن، ليل الأحد - الاثنين، بمستشفى أميركي كان يعالج به بسبب مرض القلب والأوعية الدموية.

كما أكدت مصادر مقربة من غولن لـ«الشرق الأوسط» نبأ وفاته. وقال رئيس التحرير السابق لصحيفة «زمان»، التي كانت أبرز صحف حركة «الخدمة» قبل أن تغلقها السلطات التركية عام 2014، أكرم دومانلي، لموقع «تي 724»، القريب من حركة غولن، إنه كان معه لحظة مفارقته الحياة، مضيفاً أن «غولن شخص تعرض للظلم، ولم يتم الاعتراف بقيمته، وتوفي في المنفى».

الداعية فتح الله غولن خلال أحد دروسه (أ.ف.ب)

كما أكد نجل شقيق غولن، أبو سلمة غولن، نبأ وفاة عمه عبر حسابه في «إكس».

وقال الصحافي التركي القريب من حركة غولن، آدم يافوز أرسلان، لقناة «بولد» إن سبب وفاته هو فشل الكلى والقلب. ورجح أن يتم دفنه في أميركا الأربعاء.

آخر صورة لغولن أثناء مرضه (وسائل إعلام تركية)

وتصدر نبأ وفاة غولن منصات التواصل الاجتماعي في تركيا، مثيراً حالة انقسام بين المتعاطفين معه بصفته داعية أسس حركة دينية اجتماعية قائمة على التسامح والانفتاح والحوار، وبين من اتهموه بالخائن للوطن والإرهابي، كما طرحت وسائل الإعلام تساؤلات عمن سوف سيخلفه في قيادة الحركة.

من غولن؟

ولد محمد فتح الله غولن في قرية باسينلر في ولاسو أرزروم، شمال شرقي تركيا في 27 أبريل (نيسان) 1941، ومارس الخطابة والتأليف والوعظ طيلة مراحل حياته، وله أكثر من 70 كتاباً ترجمت إلى أكثر من 40 لغة في أنحاء العالم.

تمتع غولن بقدرته الفائقة على التأثير في مستمعيه، وامتد تأثيره إلى خارج تركيا فانتشر طلابه ومحبوه في 170 دولة حول العالم، وعرف بتوجه فكري يدعو إلى السلم العالمي من خلال الحوار بين الثقافات وأتباع الديانات المختلفة.

حصل على جائزة «غاندي العالمية للسلام» عام 2015، كما صنفته مجلة «فورين بوليسي» الأميركية في استطلاع لها عام 2008 نشر بالتعاون مع مجلة «بورس بت» البريطانية بأنه من من أهم الشخصيات العامة المؤثرة في العالم.

الخلاف مع إردوغان

وعانى غولن وحركته من الاضطهاد من جانب السلطات في فترات الانقلاب العسكري، وكان ينظر إليه بوصفه «معلما» من جانب قيادات حزب «العدالة والتنمية»، ووظف إمكانات حركته الاقتصادية الإعلامية والاجتماعية لدعم الحزب بقيادة إردوغان.

ودعا إردوغان غولن، مراراً، إلى إنهاء غربته والعودة إلى الوطن، لكن غولن رد عليه شاكراً، وقال إن «الدعوة يجب أن تكون من الجماهير، وإن الظروف في تركيا لا تزال غير مواتية لعودته».

الداعية فتح الله غولن (أ.ف.ب)

وبدأت بوادر الخلاف بين إردوغان وغولن منذ التعديلات الدستورية عام 2010، التي عدّها الأخير أنها تهدف إلى تكريس سلطة حكم ديكتاتوري، واتهم إردوغان حركة غولن، بمحاولة الانقلاب على حكومته من خلال «تحقيقات الفساد والرشوة»، التي طالت وزراء في حكومته ورجال أعمال مقربين منه، وامتدت إلى عائلته، في 17 و25 ديسمبر (كانون الأول) 2013.

وبدأت الحكومة في مطلع عام 2014 حملة استهدفت وسائل الإعلام والمدارس والشركات والمؤسسات الاقتصادية والمالية التابعة لحركة غولن، حيق فرضت الوصاية عليها.

صورة تجمع بين إردوغان وغولن خلال إحدى المناسبات الخاصة بحركة «الخدمة» في تركيا قبل عام 1999 (أرشيفية - إعلام تركي)

وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 التي أدت إلى مقتل 251 شخصاً وإصابة ما يقرب من 2200 شخص، اعتقلت السلطات آلاف القضاة وضباط الجيش والجنود والصحافيين، وعلقت عمل نحو 40 ألف معلم في مدارس غولن، وأغلقت 140 مدرسة وجامعة منها في تركيا، كما لاحقت مدارسه المنتشرة في 170 دولة في أنحاء العالم، بما في ذلك منطقة البلقان وأفريقيا، كما تم إغلاق «بنك آسيا» التابع للحركة.

وقوبلت الاعتقالات التي توسعت في ظل إعلان حالة الطوارئ، لتشمل معارضين لإردوغان من مختلف الاتجاهات، بانتقادات واسعة داخل تركيا، ومن جانب حلفائها الغربيين والمنظمات الحقوقية الدولية.

ونفى غولن أي تورط له في محاولة الانقلاب، ودعا إلى إجراء تحقيق دولي محايد، متعهداً بالتعاون الكامل.

ورفضت الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ عام 2016 طلبات من الحكومة التركية لتسليمه، مؤكدة أن الأمر يخضع للقضاء، وأن على أنقرة تقديم أدلة دامغة تثبت تورطه في محاولة الانقلاب للقضاء الأميركي.

غولن وإردوغان خلال إحدى المناسبات في تركيا قبل سفره إلى أميركا عام 1999 (أرشيفية - إعلام تركي)

وعقب وفاته أكد وزير العدل التركي عبر حسابه في «إكس» أن وفاته لن تعطل إصرار الحكومة على الاستمرار في معركتها ضد منظمته، التي لا تزال تمثل مشكلة أمنية قومية أساسية ضد البلاد.

وقال إن «الجمهورية التركية بجميع مؤسساتها، وخاصة السلطة القضائية، لن تتخلى أبداً عن تطهير فلول هذه الشبكة الخائنة التي شنت الحرب ضد الإرادة الوطنية، وستستمر كل خطوة ضرورية لسلام وأمن أمتنا».

وقال وزير الخارجية، هاكان فيدان: «تؤكد مصادرنا الاستخبارية وفاة زعيم منظمة فتح الله غولن، مات والخبر سيأتي رسمياً، هذا لا يقودنا أبداً إلى الرضا عن النفس أو الاسترخاء». وأكد فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأوكراني أندريه سيبيها في أنقرة، أن الإصرار سيستمر في مكافحة الإرهاب، لقد أصبحت هذه المنظمة مركز تهديد نادراً ما نراه في تاريخ أمتنا، خدعت الآلاف من الشباب في صفوفها باسم القيم المقدسة، وحولت هؤلاء الشباب إلى آلة تخون وطنهم وأمتهم وقيمهم المقدسة.


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الصواريخ الأميركية التي سمح بايدن لأوكرانيا باستخدامها في منطقة روسية (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

تركيا تعارض السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية في روسيا

أعلنت تركيا معارضتها قرار الرئيس الأميركي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لتنفيذ ضربات داخل روسيا.

سعيد عبد الرازق
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

المدعية العامة الإسرائيلية تدرس الخطوات القانونية للرد على «الجنائية الدولية»

المدعية العامة الإسرائيلية غالي باهراف ميارا (أرشيفية - أ.ف.ب)
المدعية العامة الإسرائيلية غالي باهراف ميارا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

المدعية العامة الإسرائيلية تدرس الخطوات القانونية للرد على «الجنائية الدولية»

المدعية العامة الإسرائيلية غالي باهراف ميارا (أرشيفية - أ.ف.ب)
المدعية العامة الإسرائيلية غالي باهراف ميارا (أرشيفية - أ.ف.ب)

قال مكتب المدعية العامة الإسرائيلية إنها تدرس الخطوات القانونية القادمة بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية اليوم الخميس مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وأضاف المكتب في بيان "المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت للتعامل مع أخطر الفظائع، حادت اليوم عن الدور التاريخي الذي كان من المفترض أن تلعبه"، معتبرا أن المحكمة "لا ولاية قضائية لها في هذا الأمر". وقال البيان "تدرس إسرائيل خطواتها القانونية المقبلة".

وقالت المحكمة الدولية في بيان إن لديها أسبابها المنطقية لاعتبار نتنياهو وغالانت شريكين في "جرائم ضد الإنسانية هي جريمة التجويع كسلاح.. وجرائم ضد الإنسانية مثل القتل". وأكدت المحكمة أن "نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن توجيه هجوم متعمد ضد المدنيين". وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أيضا مذكرة اعتقال بحق محمد الضيف القيادي في حركة حماس.