قضايا ثنائية إقليمية «حرجة» في مباحثات إردوغان وشولتس بإسطنبول

مقاتلات «يوروفايتر» وإعادة طالبي اللجوء تتقدمان المباحثات

إردوغان وشولتس التقيا الشهر الماضي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)
إردوغان وشولتس التقيا الشهر الماضي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)
TT
20

قضايا ثنائية إقليمية «حرجة» في مباحثات إردوغان وشولتس بإسطنبول

إردوغان وشولتس التقيا الشهر الماضي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)
إردوغان وشولتس التقيا الشهر الماضي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)

يقوم المستشار الألماني أولاف شولتس بزيارة عمل إلى تركيا، السبت، يجري خلالها مباحثات مع الرئيس رجب طيب إردوغان في إسطنبول، تتناول عدداً من الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية. ويتصدر المباحثات بين إردوغان وشولتس الموقف الألماني من حصول تركيا على مقاتلات «يوروفايتر- تايفون»، التي تشارك ألمانيا في إنتاجها ضمن كونسورتيوم يضم أيضاً بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، في أعقاب السماح بتصدير أسلحة بملايين الدولارات إلى تركيا بعد حظر استمر منذ عام 2019.

ولفت وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى تقدم المحادثات مع ألمانيا حول مقاتلات «يوروفايتر- تايفون». وقال، في مقابلة تلفزيونية ليل الخميس - الجمعة، إن هناك إشارات إيجابية من الجانب الألماني لبدء المفاوضات الفنية بهذا الخصوص.

وعلى الرغم من التقلبات في العلاقات بين أنقرة وبرلين، فإن ألمانيا هي الدولة الأكثر اتصالاً مع تركيا من بين دول مجموعة السبع، والتقى إردوغان وسولتش منذ أسابيع قليلة في نيويورك، على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

وتركز أنقرة على قضيتين أساسيتين حالياً مع ألمانيا؛ الأولى قضية مقاتلات «يوروفايتر- تايفون»، والثانية مشكلة تحرير تأشيرة «شنغن» للمواطنين الأتراك، أما في برلين فتبرز قضيتان؛ الأولى هي المهاجرون، ولها شقان الأول يتعلق باللاجئين السوريين ومنع طالبي اللجوء غير الأتراك، وهي قضية مستمرة منذ عام 2011، والشق الثاني يتعلق بعودة آلاف المواطنين الأتراك الذين رُفضت طلباتهم للجوء السياسي إلى ألمانيا.

ومن المقرر أن تبدأ في الأسابيع المقبلة إعادة 13500 مواطن تركي رُفضت طلباتهم للجوء السياسي (بلغ معدل الرفض نحو 95 في المائة)، لكن تم الاحتفاظ بهم في ألمانيا.

وبحسب عضو لجنة الامتثال لمعايير الاتحاد الأوروبي في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، مراد جاهد جينجي، ستغطي ألمانيا تكاليف إعادة مَن تم رفض طلبات لجوئهم.

تركيا تتطلع إلى موقف ألماني إيجابي بشأن حصولها على مقاتلات «يوروفايتر» (إعلام تركي)
تركيا تتطلع إلى موقف ألماني إيجابي بشأن حصولها على مقاتلات «يوروفايتر» (إعلام تركي)

وأعلنت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، أنه سيتم إعادة 500 مواطن تركي إلى بلادهم كل أسبوع، لكن تقارير أشارت إلى أن أنقرة رفضت هذا الادعاء، ما يشير إلى وجود سوء تفاهم بين الأطراف المعنية.

وتطرق البرلماني التركي إلى الصعوبات التي يواجهها المواطنون الأتراك في الحصول على تأشيرات «شنغن»، مشيراً إلى أن هذا يشكل تحدياً منذ فترة طويلة، وقد تفاقم في السنوات الأخيرة.

وقال جينجي إن المواطنين الأتراك في ألمانيا يواجهون مشكلات فيما يتعلق بالجنسية المزدوجة، ففي السابق، كان يتعين على الأفراد التخلي عن جنسيتهم التركية للحصول على الجنسية الألمانية، ومع ذلك، سيسمح القرار الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ في يونيو (حزيران) 2025، بالجنسية المزدوجة.

وتشير بيانات صادرة عن الوكالة الأوروبية للجوء إلى أن عدد طلبات اللجوء التي تقدم بها مواطنون أتراك بلغ أكثر من 28 ألفاً خلال النصف الأول من عام 2024 الحالي، وهو رقم يوازي طلبات اللجوء التي تقدم بها الأتراك لدى دول الاتحاد الأوروبي جميعها في عام 2023.

على صعيد القضايا الإقليمية والدولية ستركز المباحثات على علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، والحرب الروسية - الأوكرانية، بينما تشكل الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان ملفاً خلافياً بين أنقرة وبرلين.

طالبو اللجوء الأتراك لألمانيا فاق عددهم في دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة (إعلام تركي)
طالبو اللجوء الأتراك لألمانيا فاق عددهم في دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة (إعلام تركي)

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في غزة قبل عام، كان دعم شولتس لإسرائيل، رغم الإبادة الجماعية للفلسطينيين ثم الهجوم على لبنان، نقطة خلاف كبيرة دفعت إردوغان إلى تذكير ألمانيا، مراراً، بمحرقة الهولوكوست في الحقبة النازية.

لكن ذلك الخلاف العميق لم يمنع البلدين من العمل على إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى «حماس» وإسرائيل، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين، ويعد الاجتماع الثاني بين إردوغان وشولتس خلال شهر واحد مهماً في حد ذاته، كما أكد رئيس مجلس الأعمال التركي الألماني، محمد علي يالتشين داغ.

إردوغان وشولتس خلال لقاء سابق بينهما (أرشيفية)
إردوغان وشولتس خلال لقاء سابق بينهما (أرشيفية)

وبحسب يالتشين داغ، يبحث كلا البلدين (تركيا وألمانيا) عن «قصة نجاح جديدة»، ليس فقط بسبب ملايين المواطنين الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا، وحجم التجارة السنوي الذي يبلغ 55 مليار دولار، لكن لأنه يتعين عليهما تحسين علاقاتهما التاريخية من خلال استراتيجية مشتركة لمدة 10 سنوات قادمة على الأقل.

وأضاف أنه فيما يتعلق بالاستثمارات الجديدة، تتمتع العلاقات بين تركيا وألمانيا بالمزيد من الفرص للتطور نحو دول ثالثة، وأحد الأسباب وراء ذلك هو أن الاستثمارات الألمانية واسعة النطاق وصلت إلى نقطة التشبع، والسبب الآخر هو أنه مع التحفظات على استقلال القضاء وسيادة القانون في تركيا، يعتقد الألمان أن الشركات الكبيرة لا تتصرف انطلاقاً من مخاوف تجارية، بل انطلاقاً من مخاوف سياسية، فالمسألة تعود إلى سيادة القانون، شئنا أم أبينا.


مقالات ذات صلة

قيادي في «العمال الكردستاني»: عقد مؤتمر لحل الحزب في ظل التصعيد التركي «مستحيل»

شؤون إقليمية الآلاف خرجوا في مدن جنوب جنوب شرقي تركيا ابتهاجاً بدعوة أوجلان في 27 فبراير الماضي لحل حزب العمال الكردستاني (رويترز)

قيادي في «العمال الكردستاني»: عقد مؤتمر لحل الحزب في ظل التصعيد التركي «مستحيل»

أعلن قيادي كبير في حزب العمال الكردستاني استحالة عقد مؤتمره العام لإعلان حلّ نفسه وإلقاء أسلحته، استجابة لدعوة زعيمه عبد الله أوجلان في ظل استمرار القصف التركي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان خلال إلقاء كلمة أمامهم الأربعاء (الرئاسة التركية)

إردوغان يعطي دفعة للحوار مع «أوجلان» بإعلان استعداده لقاء «وفد إيمرالي»

أعطى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مؤشراً قوياً على المضي قدماً في إنجاح دعوة رئيس حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان لحل الحزب ونزع أسلحة جميع مجموعاته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك يتصافحان خلال لقائهما بالقصر الرئاسي في أنقرة يوم 12 مارس 2025 (إ.ب.أ)

إردوغان يرحّب بقبول أوكرانيا الهدنة... ويأمل رداً روسياً إيجابياً

قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن تركيا تعدّ قبول أوكرانيا وقف إطلاق النار تطوراً إيجابياً، وأعرب عن أمله أن تردّ روسيا بالمثل.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي شوارع القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا تتزيّن ابتهاجاً بالاتفاق بين إدارة دمشق و«قسد» (رويترز)

مصادر عسكرية تركية: عملياتنا في شمال سوريا مستمرة حسب التطورات

قالت مصادر عسكرية إن القوات التركية ستواصل وجودها في سوريا، وستتابع التطورات بعد الاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد»، وستتدخل حال وجود أي تهديد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته في اجتماع لقادة أوروبيين عبر الإنترنت (الرئاسة التركية)

إردوغان رحّب باقتراح لبناء الثقة بين روسيا وأوكرانيا وعرض استضافة المفاوضات

أكدت تركيا دعمها اقتراح وقف الهجمات جواً وبحراً، لبناء الثقة بين روسيا وأوكرانيا، وتحقيق وقف لإطلاق النار بأسرع وقت، واستعدادها لاستضافة مفاوضات السلام بينهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«الحرس» يتوعد... وطهران ترفض تدخل واشنطن في سياستها الخارجية

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أرشيفية - أ.ف.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT
20

«الحرس» يتوعد... وطهران ترفض تدخل واشنطن في سياستها الخارجية

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أرشيفية - أ.ف.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أرشيفية - أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (الأحد)، إن الولايات المتحدة «ليس لها الحق في إملاء» سياسة بلاده الخارجية، بعدما دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب طهران إلى وقف دعم الحوثيين في اليمن «فوراً».

وكتب عراقجي على منصة «إكس»: «الحكومة الأميركية ليست لديها سلطة ولا حق في إملاء سياسة إيران الخارجية»، داعياً إلى «وقف قتل الشعب اليمني».

بدوره، قال قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي ، اليوم (الأحد)، إن أي تهديد يأخذ طابعاً عملياً سيُقابَل برد مُدمِّر.

ونقل التلفزيون الرسمي عن سلامي القول إن جماعة «أنصار الله (الحوثيين)، بوصفها ممثلةً لليمنيين»، تتخذ قراراتها الاستراتيجية والعملياتية بنفسها.

وأتى ذلك بعد ساعات من شنِّ الجيش الأميركي، بأمر من ترمب، ضربات في اليمن تستهدف الحوثيين المدعومين من طهران، الذين يسيطرون على مناطق واسعة في البلاد بينها صنعاء. وأسفرت الضربات عن مقتل 21 شخصاً على الأقل، بحسب ما أفاد الحوثيون.

وكانت ضربات أمس (السبت) الغارات الأميركية الأولى على الحوثيين منذ تولّي ترمب منصبه في يناير (كانون الثاني).

مبنى مدمر في صعدة باليمن نتيجة الغارة الأميركية (رويترز)
مبنى مدمر في صعدة باليمن نتيجة الغارة الأميركية (رويترز)

وعقب اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنَّ الحوثيون عشرات الهجمات، بطائرات مسيَّرة وصواريخ، على سفن تعبر البحر الأحمر وخليج عدن، قائلين إنها تأتي تضامناً مع الفلسطينيين.

وقامت الولايات المتحدة وإسرائيل بقصف أهداف في اليمن، غير مرة، خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. وبعد وقف هجماتهما إثر دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في يناير، أعلن الحوثيون في 11 مارس (آذار) «استئناف حظر عبور» السفن الإسرائيلية قبالة سواحل اليمن، رداً على منع الدولة العبرية إدخال المساعدات الإنسانية قطاع غزة.

وقال عراقجي في منشوره على «إكس»: «قُتل أكثر من 60 ألف فلسطيني والعالم يحمِّل أميركا المسؤولية».

وكان ترمب أعلن، أمس (السبت)، أن واشنطن أطلقت «عملاً عسكرياً حاسماً وقوياً» ضد الحوثيين، متوعداً باستخدام «القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا». كما طالب إيران بأن «توقف فوراً» دعمها «للإرهابيين الحوثيين».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتابع شنَّ قواته ضربات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتابع شنَّ قواته ضربات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن (رويترز)

ويأتي ذلك بعدما بعث ترمب برسالة إلى إيران يضغط فيها للتفاوض بشأن ملفها النووي، أو مواجهة عمل عسكري محتمل.

ونقل مبعوث إماراتي في وقت سابق هذا الأسبوع، الرسالة إلى إيران التي أكدت أن ردَّها عليها ما زال موضع «تقييم».

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، في يناير، أعاد ترمب العمل بسياسة «الضغوط القصوى» التي اعتمدها حيال طهران خلال ولايته الأولى، لكنه تحدَّث في الوقت ذاته عن السعي لاتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، بدلاً من اتفاق 2015 الذي انسحب منه في 2018، في حين رفضت طهران التفاوض مع واشنطن في ظلّ «الضغوط القصوى».