مصالحة بايدن - نتنياهو لـ«ضبط الرد» على إيران

تل أبيب حدّدت مواقع عسكرية إيرانية كـ«حل وسط»

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
TT
20

مصالحة بايدن - نتنياهو لـ«ضبط الرد» على إيران

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

في محاولة لامتصاص غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يشعر بالإهانة، قرّر الرئيس الأميركي، جو بايدن، المبادرة إلى التصالح، والسعي إلى تفاهمات معه حول الضربة المقبلة لإيران.

وحسب مصادر في تل أبيب، فإن بايدن لم يتراجع عن موقفه المبدئي المعارِض لتوجيه ضربات إسرائيلية استراتيجية لإيران، خصوصاً المنشآت النووية والنفطية، إلا أنه ينوي التفاهم حول الموضوع مع نتنياهو شخصياً، على أمل ألا يتخذ قرارات منفردة تؤدي إلى جرّ قدَم الولايات المتحدة لتكون شريكة في حرب إسرائيلية على طهران.

ويريد بايدن التوضيح لنتنياهو بأنه «من غير المقبول على واشنطن أن يكون هناك ردّ على قصف إسرائيل، وردّ على الرد، ثم ردّ على ردّ الرد، وهكذا، فهذه الحرب تتخذ شكلاً عبثياً، ولا تعود أي فائدة منها، بل بالعكس».

وكان نتنياهو قد غضب بشدة من الشتائم له التي نُشرت على لسان الرئيس بايدن، في كتاب «وود بدوورد»، وما رافقها من انتقادات جادة له، مثل: «لا توجد عنده استراتيجية»، و«يخرج إلى حرب منفلتة، ولا يعرف كيف يضع خطة لوقف الحرب»، و«قلت له: ويحك يا رجل، أليس عندك هدف حقيقي للحرب»، و«إنسان غير جدّي، يغلّب مصلحته الشخصية والحزبية على مصالح بلاده».

بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء في البيت الأبيض 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء في البيت الأبيض 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

الرد على الرد

مع أن نتنياهو كان قد أعطى موافقته لأن يسافر وزير دفاعه، يوآف غالانت، إلى واشنطن؛ لدراسة الرد الإسرائيلي على إيران، وضبطه على نحو يكون فيه ممكناً ألا تضطر إيران إلى الرد عليه، فإن نتنياهو غيّر رأيه، ومنع غالانت من السفر.

وقال إن الرد الإسرائيلي على إيران يتقرّر في الحكومة الإسرائيلية، وليس في واشنطن. ومنع غالانت فعلاً من السفر، الأربعاء. وقال له إنه يريد أن يتّصل به بايدن، ويتفاهم معه هو وليس مع غالانت.

وفي ضوء هذه الأزمة، جاء استعداد بايدن للتصالح مع نتنياهو، ومنعه من تفجير أزمات زائدة في هذه الظروف، في عزّ المرحلة الأخيرة من معركة الانتخابات الأميركية.

وحسب مصادر أميركية في تل أبيب فإنه بعد المحادثة بين بايدن ونتنياهو، سيصل غالانت برضا من نتنياهو حاملاً معه خطط الهجوم على إيران المسنودة بالخرائط، ويفردها أمام نظيره الأميركي، لويد لوستين، وجنرالاته وخبرائه.

ووفق محلّل الشؤون العسكرية في «هآرتس»، عاموس هرئيل، فإن القصف الإسرائيلي على إيران سيتركز في نهاية المطاف على مواقع عسكرية، في محاولة لإيجاد طريق وسطى؛ فمن جهة يتحقّق الرد الإسرائيلي، ومن جهة ثانية تعرف طهران قدرات سلاح الجو الإسرائيلي، لكن الولايات المتحدة تريد أن تضمن عدم تسبّب الضربة الإسرائيلية في رد إيراني آخر، وتضمن امتصاصها «من دون إهانات أو جروح».

رجال إطفاء إسرائيليون يعملون في موقع سقوط صواريخ في كريات شمونة (إ.ب.أ)
رجال إطفاء إسرائيليون يعملون في موقع سقوط صواريخ في كريات شمونة (إ.ب.أ)

شكوك في نتنياهو

لكن واشنطن تشتبه بأن نتنياهو ما زال يرسم لجَرّ أقدام الولايات المتحدة إلى محاربة إيران؛ إذ يريد ضربة تجعل إيران تردّ عليها، فيأتي الرد قاسياً، وتتدخل فيه الولايات المتحدة، ولذلك، لا يعجبه بأن تتم دعوة غالانت إلى البنتاغون للتفاهم على الضربة.

ويقول مقرّب من نتنياهو، إن غالانت وأوستين يتحدثان معاً هاتفياً باستمرار، ومنذ بداية الحرب تكلّما معاً 100 مرة على الأقل، فلماذا توجد حاجة إلى دعوته لواشنطن؟ هل سيقولان أشياء يخشيان أن يعرفها نتنياهو؟

وكشفت المصادر أن هناك خلافات بين الطرفين أيضاً في طرق إدارة الحرب مع لبنان؛ فالولايات المتحدة تؤيد توجيه ضربات قاسية لـ«حزب الله»؛ لإضعافه، وفرض إملاءات سياسية عليه، تتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، ولكنها لم تكن مرتاحة من اغتيال حسن نصر الله، بل إن رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، كشف عن أن نتنياهو كان قد اتفق مع بايدن على خطة لوقف النار أيضاً في لبنان، ثم فاجأه في اليوم التالي باغتيال نصر الله.

وتخشى الولايات المتحدة من أن تصبح حرب «حزب الله» ضد إسرائيل حرب انتحاريين، تلحق أذى خطيراً بإسرائيل، وهي تقول إن الضغط العسكري الذي تمارسه إسرائيل الآن لن يكفي لإقناع الإيرانيين و«حزب الله» بتقليص الخسائر، والسعي إلى إنهاء القتال، وحتى عندما خرج نعيم قاسم، نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، باقتراح لوقف النار يوافق فيه لأول مرة على قطع العلاقة التي أقامها نصر الله بين إنهاء القتال في غزة ووقف النار في لبنان، فإنه يواصل قذف الصواريخ بشكل كثيف نحو إسرائيل، والأربعاء، أدّى القصف إلى مقتل مدنييْن اثنين.

حرب استنزاف

هذا يعني أن إيران و«حزب الله» يريدان الاستمرار في حرب استنزاف لسنوات طويلة، ومن وجهة نظرهما يكفي صاروخ أو اثنان في اليوم نحو المركز لتشويش الحياة والاقتصاد لزمن طويل.

لذلك فإن الإدارة الأميركية تنصح إسرائيل بتغيير المسار، والذهاب إلى هدنة 3 أسابيع، يتم خلالها التفاوض على شروط إنهاء الحرب تماماً بصفقة واحدة، يتم خلالها أيضاً تبادل أسرى مع «حماس» بدفعة واحدة.

وقد ذكرت القناة «12» الإسرائيلية، الأربعاء، أن الولايات المتحدة ودولاً عربية تناقش مع إيران خطة وقف إطلاق نار يشمل كل الجبهات وبشكل متزامن، لكن إسرائيل ليست جزءاً منها حتى الآن، وليس معروفاً موقف القتال في غزة بشأنها.

وقالت القناة «12» إن إسرائيل لم تناقش مع الولايات المتحدة أي مقترحات جديدة تتعلق بغزة، ولم تنقل أي موقف بشأن المحادثات مع إيران للمسؤولين الأميركيين.

ونقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن إسرائيل في موقف قوة الآن، ولا وقف للقتال إلا بتراجع «حزب الله» إلى شمال الليطاني، وتفكيك كل البنية التحتية العسكرية التابعة له على الحدود، وفك ارتباط الجبهة في لبنان بقطاع غزة.


مقالات ذات صلة

إيران تحصن مواقع نووية وسط المحادثات مع أميركا

شؤون إقليمية صورة الأقمار الاصطناعية «بلانت لبس» من منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم على مسافة 120 كيلومتراً شمال أصفهان... أبريل العام الماضي (أ.ب)

إيران تحصن مواقع نووية وسط المحادثات مع أميركا

في ظل تصاعد التهديدات الأميركية والإسرائيلية، عزَّزت إيران إجراءاتها الأمنية حول مجمّعين أنفاقيين مرتبطين بمنشأتها النووية في «نطنز».

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)
المشرق العربي منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» (موقع الصناعات الدفاعية التركي)

تحذير أميركي من نشر تركيا صواريخ «إس 400» في سوريا

حذر نائبان أميركيان من إقدام تركيا على نشر منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس 400» في قاعدة جوية تسعى لإقامتها في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني يتحدث خلال مؤتمر صحافي يناير الماضي (إيسنا)

«الحرس الثوري»: سنردّ بشكل حازم ومُوجِع على أي اعتداء

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني جاهزيته للرد «على أي عدوان»، وذلك بعد تقارير عن استعداد إسرائيلي لاستهداف البرنامج النووي، وسط تهديدات أميركية باستخدام القوة.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
تحليل إخباري نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت في غرفة عمليات تحت الأرض يتابعان ضربة موجهة لإيران في أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

تحليل إخباري انقسام في إسرائيل حول خيار الضربة العسكرية لإيران

منذ انطلاق المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، تعيش إسرائيل عاصفة من النقاشات، سواء في العلن أو خلف الأبواب المغلقة، حول توجيه ضربة استباقية لطهران.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث يتحدث خلال اجتماع ترمب ونتنياهو في البيت الأبيض 7 أبريل (رويترز) play-circle

قلق إسرائيلي من نتائج المحادثات الأميركية - الإيرانية

أعربت إسرائيل عن قلقها من المحادثات الأميركية الإيرانية، فيما ذكرت مصادر إسرائيلية احتمال انهيار المفاوضات بمجرد عرض الشروط الأميركية الكاملة.

«الشرق الأوسط» (لندن - تل أبيب)

تجارب إسرائيل في استخدام الذكاء الاصطناعي بحرب غزة تثير مخاوف أخلاقية

تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء متاجر إلكترونية وهمية في دقائق ما يزيد صعوبة التمييز بينها وبين الحقيقية (شاترستوك)
تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء متاجر إلكترونية وهمية في دقائق ما يزيد صعوبة التمييز بينها وبين الحقيقية (شاترستوك)
TT
20

تجارب إسرائيل في استخدام الذكاء الاصطناعي بحرب غزة تثير مخاوف أخلاقية

تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء متاجر إلكترونية وهمية في دقائق ما يزيد صعوبة التمييز بينها وبين الحقيقية (شاترستوك)
تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء متاجر إلكترونية وهمية في دقائق ما يزيد صعوبة التمييز بينها وبين الحقيقية (شاترستوك)

في خضم حرب غزة أواخر عام 2023، دفعت إسرائيل بتقنيات ذكاء اصطناعي متطوِّرة إلى ساحة المعركة، مما عزَّز من قدراتها العسكرية، لكن ذلك أثار أيضاً مخاوف أخلاقية حادة؛ بسبب تداعياته المميتة على المدنيين، وفقاً لتقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».

وحسب التقرير، فإن أحد أبرز الأمثلة كان في عملية استهداف إبراهيم بياري، القيادي البارز في حركة «حماس»، الذي لعب دوراً محورياً في تخطيط هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول). مع تعذُّر رصده عبر الوسائل التقليدية، استعانت الاستخبارات الإسرائيلية بتقنية صوتية جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، طوَّرتها «وحدة 8200» الاستخباراتية.

مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون صورة أمينه العام السابق حسن نصر الله قرب موقع استهداف إسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت الشهر الماضي (د.ب.أ)
مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون صورة أمينه العام السابق حسن نصر الله قرب موقع استهداف إسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت الشهر الماضي (د.ب.أ)

وتمكَّنت هذه الأداة من تحديد موقع بياري بناءً على تحليل مكالماته، مما أدى إلى شنِّ غارة جوية أسفرت عن مقتله، إلى جانب مقتل أكثر من 125 مدنياً، وفقاً لتقارير منظمة «إير وورز» البريطانية.

وبحسب 9 مسؤولين دفاعيين أميركيين وإسرائيليين، فإن هذه التقنية لم تكن سوى واحدة من سلسلة مبادرات استُحدثت خلال الحرب، حيث دمجت إسرائيل الذكاء الاصطناعي مع تقنيات التعرُّف على الوجوه؛ لاستهداف المطلوبين، وطوَّرت نموذجاً لغوياً عربياً لتشغيل روبوت محادثة قادر على تحليل الرسائل النصية ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي.

تعاونت «وحدة 8200» مع جنود احتياط يعملون في شركات تكنولوجية كبرى مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» و«ميتا». ومن خلال ما يُسمى بـ«الاستوديو»، مركز الابتكار العسكري، سرَّعت إسرائيل عمليات تطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة.

فلسطينية تفرّ مع أطفالها من قصف إسرائيلي استهدف مدرسة الفارابي بمدينة غزة (إ.ب.أ)
فلسطينية تفرّ مع أطفالها من قصف إسرائيلي استهدف مدرسة الفارابي بمدينة غزة (إ.ب.أ)

ورغم الإنجازات، فإن هذه التقنيات تسببت أحياناً في اعتقالات خاطئة وسقوط مدنيين، مما دفع بعض المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين إلى التحذير من التداعيات الأخلاقية.

نبهت هداس لوربر، رئيسة معهد الأبحاث التطبيقية في الذكاء الاصطناعي بمعهد هولون، إلى أن الابتكار السريع قد غيَّر قواعد اللعبة، لكنه يثير أيضاً تساؤلات خطيرة حول ضرورة إبقاء القرار النهائي بيد البشر، لا الآلات.

ومن جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي التزامه باستخدام الأدوات التكنولوجية بطريقة قانونية ومسؤولة، لكنه امتنع عن الخوض في تفاصيل التقنيات المستخدمة بدعوى السرية، مشيراً إلى أن تحقيقاً جارٍ في ملابسات ضربة بياري.

تاريخياً، لطالما استغلت إسرائيل تجاربها القتالية لتطوير تقنيات عسكرية متقدمة مثل الطائرات المسيَّرة، ونظام القبة الحديدية. ومع هجمات أكتوبر، سرَّعت إسرائيل الموافقة على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن عملياتها العسكرية، ما أسهم في دفع عجلة الابتكار العسكري بوتيرة غير مسبوقة.

وفي حين عمل جنود الاحتياط مع شركات التكنولوجيا العملاقة على تطوير تقنيات الطائرات دون طيار والتعرُّف على الأهداف آلياً، استعانت «وحدة 8200» ببيانات نصية وصوتية متراكمة لعقود؛ لبناء نموذج لغوي عربي متطور، ما منح الجيش الإسرائيلي قدرةً جديدةً على قراءة وفهم الرأي العام العربي بشكل أعمق.

ورغم التقدُّم الكبير الذي تُحقِّقه أدوات الذكاء الاصطناعي، فإن تطبيقها في العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية كشف عن تحديات واضحة، وفقاً لما أفاد به ضابطان في الاستخبارات الإسرائيلية. فقد واجهت أنظمة المحادثة الآلية (الشات بوت) صعوبةً في فهم المصطلحات العامية الحديثة والكلمات المنقولة صوتياً بالأحرف اللاتينية، ما استدعى تدخل ضباط متخصصين في اللهجات لمراجعة النتائج وتصحيح الأخطاء.

كما أن الأداء لم يخلُ من الهفوات، حيث ذكر الضابطان أن النظام قدم أحياناً إجابات غير دقيقة. ورغم ذلك، فإن الضابطين أكدا أن أدوات الذكاء الاصطناعي لعبت دوراً مهماً في تسريع عمليات البحث والتحليل داخل المؤسسة الأمنية.

وفي أعقاب هجمات السابع من أكتوبر، عزَّزت إسرائيل الإجراءات الأمنية على الحواجز المؤقتة الفاصلة بين شمال وجنوب قطاع غزة، مستخدمةً كاميرات متطورة تلتقط صوراً عالية الدقة تُرسل إلى نظام تَعرُّف على الوجوه مدعوم بالذكاء الاصطناعي. إلا أن هذا النظام عانى من مشكلات في التعرُّف على الأشخاص ذوي الوجوه المغطاة، ما أدى إلى توقيف واستجواب فلسطينيين أبلغ عنهم النظام بشكل خاطئ.

على جانب آخر، استعانت إسرائيل بخوارزمية تعلم آلي أطلقت عليها اسم «لافندر»، لتسهيل تحليل كميات ضخمة من البيانات المتعلقة بأعضاء حركة «حماس». صُمِّمت الخوارزمية، المدربة على قاعدة بيانات تحتوي على أعضاء مؤكدين في «حماس»، للتنبؤ بهويات مقاتلين آخرين. وعلى الرغم من أن توقعاتها لم تكن دائماً دقيقةً، فإنها قد ساعدت على تحديد أهداف لضربات في بداية الحرب على غزة.

من أبرز الأهداف كان بياري، أحد القادة الميدانيين في «حماس»، الذي تعتقد إسرائيل أنه كان له دور رئيسي في التخطيط لهجمات السابع من أكتوبر. ورغم تمكُّن الاستخبارات الإسرائيلية من اعتراض مكالماته، فإن تحديد موقعه الدقيق تطَّلب الاستعانة بأداة تحليل صوتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، قادرة على تفسير أصوات القصف والانفجارات.

بحسب ضابطَين، حدَّدت الأداة الموقع التقريبي الذي كان بياري يجري منه مكالماته، إلا أن المنطقة كانت مكتظةً بالسكان وتتطلب استهداف مبانٍ عدة لضمان قتله، وهو ما وافق عليه القادة العسكريون.

ولا تزال الاستخبارات الإسرائيلية تعتمد حتى اليوم على هذه الأدوات، بالتوازي مع الخرائط والصور التفصيلية لشبكة الأنفاق تحت قطاع غزة، في محاولاتها لتحديد مواقع الرهائن. وقد تم تطوير الأداة الصوتية لاحقاً لتعزيز دقتها وكفاءتها في المهام العملياتية.

ومع تصاعد وتيرة استخدام الذكاء الاصطناعي في الصراعات المسلحة، تبدو إسرائيل، كما يرى مراقبون دفاعيون غربيون، في طليعة الدول التي تعيد رسم ملامح مستقبل الحروب، بكل ما يحمله ذلك من فرص ومخاطر أخلاقية جسيمة.