حوار أميركي - إسرائيلي: تخفيض الضربات على إيران مقابل تصعيد في لبنان

تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)
تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)
TT

حوار أميركي - إسرائيلي: تخفيض الضربات على إيران مقابل تصعيد في لبنان

تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)
تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)

في ظل التهديدات المتبادلة التي تسمع في كل من طهران وتل أبيب، حيث يهدد المسؤولون الإسرائيليون بالرد على الصواريخ بضربات استراتيجية مؤلمة، ويهدد الإيرانيون بالرد على الرد بقصف بنى تحتية استراتيجية، تواصل الولايات المتحدة حوارها المحموم مع مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ومع قيادة الجيش، بغرض منع التدهور أكثر.

وتؤكد مصادر مطلعة أن التفاهمات الآخذة في التبلور بينهما تقود إلى «صفقة»، بموجبها تخفض إسرائيل من حدة ضرباتها لطهران، وتسكت واشنطن على تصعيد ضرباتها في لبنان.

وقالت هذه المصادر إن الإدارة الأميركية التي كانت قد تفاهمت مع إسرائيل على أن تقتصر حربها في لبنان على ضرب «حزب الله» في مواقعه في الجنوب وفي البقاع، والهرمل، والضاحية الجنوبية لبيروت، والامتناع عن المساس بلبنان واللبنانيين، ورفضت احتلالاً للجنوب، تسكت حالياً عن توسيع نطاق الحرب، فقد قصفت إسرائيل العديد من المواقع في لبنان.

ونقلت صحف بريطانية عن مصادر لبنانية أن إسرائيل تشن، منذ الثلاثاء، في كل يوم، ألف غارة على تلك المواقع مجتمعة. وهذا يضاهي ضعفي الغارات التي نفذتها القوات الأميركية في العراق سنة 2017.

وأكدت المصادر أن الانتقادات الخجولة التي يطلقها الرئيس جو بايدن وغيره من المسؤولين الأميركيين للممارسات الإسرائيلية تفهم في تل أبيب على أنها موافقة صامتة غير مباشرة وتفاهمات وانسجام مع واشنطن. وعنوان هذه التفاهمات هو: «تخفيض حدة الهجوم الانتقامي الإسرائيلي على إيران، مقابل رفع سقف الضربات على لبنان».

ولكنها أكدت في الوقت نفسه أن واشنطن تحاول منع نتنياهو من جرها إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط، ينسف إنجازاتها في الحوار مع إيران. فهي تحقق تقدماً في المفاوضات باتجاه التوصل إلى اتفاق نووي جديد مقابل رفع العقوبات. وترى أن نتنياهو يحاول تحقيق حلمه القديم، منذ سنة 2010 لجرها إلى حرب ضد النووي الإيراني، لذلك تمارس الضغوط لنزع فتيل الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط، والابتعاد عن خطرها.

ومع ذلك، فإن نتنياهو لا يكف عن محاولاته، ويهدد بضرب منشآت نووية أو مرافق نفطية ومشاريع الطاقة، ويتعامل مع المساندة الأميركية والغربية على أنها «واجب» و«خدمة لمصالحها، التي تتولى إسرائيل المسؤولية عنها». ويشكو الأميركيون من أن «نتنياهو يماطل لإطالة الحرب حتى ما بعد الانتخابات الأميركية؛ لأنه يريد للمرشح الجمهوري دونالد ترمب أن يكسب». ويعدّون ذلك نكراناً للجميل.

وكان يفترض أن يتكلم الرئيس بايدن مع نتنياهو قبل عدة أيام؛ «بهدف تنسيق طبيعة الهجوم الذي تهدد إسرائيل بشنه على إيران، رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، مساء الثلاثاء الماضي»، لكن بايدن يماطل «لأنه ببساطة لم يعد يطيق سماع اسم نتنياهو»، كما يقول مراسل «القناة الـ12» للتلفزيون الإسرائيلي. ويضيف: «جهاز الأمن الإسرائيلي يواصل استعداداته لسيناريوهات عديدة لمهاجمة إيران بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وأن طبيعة هجوم كهذا وتوقيته سيتقرران لاحقاً، وفيما سلاح الجو الإسرائيلي في حالة جهوزية مرتفعة. يخشى بايدن من خديعة نتنياهو، وينوي التكلم معه لكنه يريد أن يكون الكلام مفيداً، لذلك يجعل الحوار بينه وبين مبعوثيه.

وقال مسؤولون إسرائيليون، شاركوا في مداولات عقدها نتنياهو مع قيادة جهاز الأمن، أمس، إنه «يتوقع رداً شديداً ومنسقاً مع الولايات المتحدة، خلال أيام».

يذكر أن بايدن كان قد صرح للصحافيين، أمس، بأن «أميركا تساعد إسرائيل بالفعل. وسوف نحمي إسرائيل»، مضيفاً أنه «لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به، الكثير مما ينبغي فعله»، وأنه «لا أعتقد أنه ستكون هناك حرب شاملة. أعتقد أننا قادرون على تجنبها»، وفقاً لوكالة «رويترز». وأضاف بايدن رداً على سؤال حول ما إذا سيسمح لإسرائيل بمهاجمة إيران، أنه «نحن لا نسمح لإسرائيل بمهاجمة إيران، نحن نمنحها الاستشارة».

ويطالب وزراء في الكابينيت السياسي - الأمني الإسرائيلي بأن يكون هجوم إسرائيل في إيران شديداً، وأن «الرد يجب أن يجبي ثمناً من نظام آيات الله». وتسعى إسرائيل إلى ممارسة ضغوط على دول غربية، بمشاركة الولايات المتحدة، بهدف فرض عقوبات على إيران، مستغلة الهجوم الصاروخي من أجل تشديد موقف الدول الغربية ضد إيران.


مقالات ذات صلة

بايدن: على إسرائيل البحث عن بدائل لاستهداف منشآت نفطية إيرانية

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن: على إسرائيل البحث عن بدائل لاستهداف منشآت نفطية إيرانية

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الجمعة)، إن إسرائيل لم تحسم أمرها بعد بشأن الرد على الضربة الإيرانية التي استهدفتها، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض الصواريخ الآتية من إيران (رويترز) play-circle 00:29

23 صاروخاً إيرانياً أصابت قواعد عسكرية إسرائيلية في هجوم الثلاثاء

ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن أكثر من 20 صاروخا باليستياً من أصل 200 أطلقتها إيران على إسرائيل تَمَكَّنت من اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» تقترب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)

أميركا تجلي المئات من رعاياها… وآلاف عالقون في لبنان

أجْلت الولايات المتحدة نحو 250 من رعاياها في لبنان، خلال هذا الأسبوع عبر رحلات جوية، وسط جهود وزارتي الخارجية والدفاع والبيت الأبيض لإخراج آلاف آخرين بقوا هناك.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي صورة إطلاق طائرة مسيَّرة من فيديو نشرته «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»

فصائل عراقية تتبنى 3 هجمات في الجولان وطبريا

تبنَّت الجماعة التي تطلق على نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق» هجمات صاروخية على أهداف في إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)

«الدفاع أكثر تكلفة من الهجوم» في معركة الصواريخ بين إيران وإسرائيل

سلطت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، الجمعة، الضوء على تكلفة الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، الثلاثاء، وتصدي الجيش الإسرائيلي له.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إيران تلوح باستهداف البنية التحتية الإسرائيلية

إيرانية وطفلها يمران أمام لوحة دعائية تصور الهجوم الصاروخي الأخير على إسرائيل وعبارة باللغة الفارسية تقول: «إذا كنت تريد الحرب فنحن سادة الحرب» في ساحة انقلاب (الثورة) وسط طهران (أ.ف.ب)
إيرانية وطفلها يمران أمام لوحة دعائية تصور الهجوم الصاروخي الأخير على إسرائيل وعبارة باللغة الفارسية تقول: «إذا كنت تريد الحرب فنحن سادة الحرب» في ساحة انقلاب (الثورة) وسط طهران (أ.ف.ب)
TT

إيران تلوح باستهداف البنية التحتية الإسرائيلية

إيرانية وطفلها يمران أمام لوحة دعائية تصور الهجوم الصاروخي الأخير على إسرائيل وعبارة باللغة الفارسية تقول: «إذا كنت تريد الحرب فنحن سادة الحرب» في ساحة انقلاب (الثورة) وسط طهران (أ.ف.ب)
إيرانية وطفلها يمران أمام لوحة دعائية تصور الهجوم الصاروخي الأخير على إسرائيل وعبارة باللغة الفارسية تقول: «إذا كنت تريد الحرب فنحن سادة الحرب» في ساحة انقلاب (الثورة) وسط طهران (أ.ف.ب)

لوّح قيادي في «الحرس الثوري» باستهداف البنية التحتية الإسرائيلية، بما يشمل مصافي النفط إذا شنت هجوماً على إيران، في وقت قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده «لا تعتزم الاستمرار في الهجمات ما لم ترغب إسرائيل في مواصلة اعتداءاتها».

وحذّر عراقجي، في تصريحات للتلفزيون الإيراني، من «رد أكثر شدة وبطريقة متناسبة ودقيقة إذا قامت إسرائيل بأي عمل آخر ضد إيران». وصرّح: «لم تكن البادئة إيران بالهجوم، بل رددنا على اعتداءات إسرائيل على سفارتنا في دمشق والهجمات ضد أهداف إيرانية».

وأضاف: «نركّز فقط على مهاجمة المراكز العسكرية والأمنية للنظام الصهيوني على عكس إسرائيل التي تقصف الأهداف المنزلية ومنازل الناس والنساء والأطفال».

عراقجي يتحدث خلال مؤتمر صحافي عقب لقائه برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)

وقال عراقجي للتلفزيون الرسمي إن «أوضاع لبنان ليست طبيعية لكي تكون زيارتي طبيعية»، وأشار إلى أنه تحدث مع المسؤولين اللبنانيين بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، لافتاً إلى أن بلاده «على تواصل مع دول أخرى».

وشدّد عراقجي على أن بلاده تدعم الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار «بشرط أن تُراعى أولاً حقوق الشعب اللبناني وتكون مقبولة من (المقاومة)، وثانياً أن تكون متزامنة مع وقف إطلاق النار في غزة».

وقال موقع «فرارو» الإخباري التحليلي الإيراني إن زيارة عراقجي بالتزامن مع مشاركة المرشد الإيراني علي خامنئي في صلاة الجمعة، تحمل رسالتين، إحداهما أن سياسة الجمهورية الإسلامية لن تتغير بتغيير الحكومة وتولي مسعود بزشكيان الرئاسة وحضوره في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت إن «زيارة عراقجي نوعاً ما تترجم شعار (نطلب السلام لكننا نجيد الحرب) المطروح هذه الأيام في إيران».

أمّا الرسالة الثانية التي أشار إليها الموقع فهي «حفظ المسار السياسي والدبلوماسي، إلى جانب المقاومة العسكرية فيما يتعلق بالقرار 1701».

بدوره، قال نائب القائد العام لـ«الحرس الثوري» إن قواته قد تستهدف البنية التحتية الإسرائيلية في حالة اندلاع حرب بين الدولتين. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن فدوي قوله إن «مصافي النفط ومصادر الطاقة أهداف محتملة».

في الأثناء، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، النائب إبراهيم عزيزي، إن إيران أظهرت «مبادئ أخلاقية» للحرب باستهدافها قوات عسكرية إسرائيلية، دون إصابة مناطق سكنية. وقال: «قتلوا ضيفنا بوحشية في طهران».

وصرح عزيزي للتلفزيون الرسمي بأن الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير «جلب الأمل لجبهتنا، واليأس والهزيمة للعدو». ولفت إلى إمكانية «تغيير نظرة الأعداء تجاه إيران على المدى الطويل».

وقال أيضاً إنها وجّهت رسالتين: «الرسالة الجدية لأعدائنا بأن يتخلوا عن المغامرات، وإلا فسيواجهون رداً حاسماً من الآن فصاعداً»، أما عن الرسالة الثانية فقد أوضح أنها «للشعب الإيراني، وهي إذا أكد قادتنا وقواتنا المسلحة وعلى رأسهم المرشد على أمر بعينه، فإنه سيُنفّذ».

وأعرب عزيزي عن أمله بأن يكون الهجوم الصاروخي الإيراني «قد خلق نوعاً من الردع، وألا يرتكب الإسرائيليون خطأ في حساباتهم».

وقال المحلل السياسي الإصلاحي أحمد زيد آبادي إن «خطبة خامنئي تُعد بمثابة خطوة للمساعدة في تهدئة التوتر الإقليمي». وكتب عبر قناته في «تلغرام»: «إذا لم تقم إسرائيل بأي عمل تدميري على الأراضي الإيرانية، أعتقد أن هذه الخطب يمكن أن تحوّل مسار العنف المتزايد في الشرق الأوسط نحو الدبلوماسية». لكنه رأى أن «المشكلة تكمن في أنه لا توجد أي مبادرة دبلوماسية منصفة على جدول الأعمال المعلن للمجتمع الدولي».

وقال الناشط السياسي الإصلاحي محمد علي أبطحي إن تصريحات خامنئي «كانت مهدئة في ظل الأوضاع المتوترة في المنطقة والحالة النفسية الداخلية؛ حيث يشعر الناس بالقلق من الحرب».

ونوّه أبطحي، مستشار الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، بأن «إسرائيل تشعر بالقلق من هذه المواقف، وليس من المواقف المتطرفة والمتشددة».

بدورها، قالت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن «ارتقاء مستوى الردع وجدية الرد المتبادل لإيران، تجاه النظام الصهيوني وحلفائه، تظهر في هذه الخطوة الاستراتيجية للمرشد الإيراني، وتوجه رسالة واضحة إلى الأصدقاء والأعداء».

وأضافت أن «حضور المرشد يوجه رسالة خاصة إلى محور المقاومة وخصوصاً (حزب الله) بأن يشعروا بوجود إيران إلى جانبهم... وسيقدم رداً تاريخياً على مبالغات النظام الصهيوني بأنه لا يمتلك أي فرصة أمام إيران ويعتبر تهديداً فارغاً».

وأشارت جريدة «مستقل» إلى أن الخطبة الأولى لخامنئي باللغة الفارسية كانت موجزة على خلاف خطبته المطوّلة باللغة العربية. ورأت أن خامنئي طلب للمرة الأولى من أنصار موسى الصدر الوقوف إلى جانب «حزب الله».

ورأت أن خطبة خامنئي كانت تتسق مع زيارة بزشكيان إلى قطر من أجل خفض التوترات الإقليمية. وكتب المحرر السياسي: «يبدو أنه بالنظر إلى خطب صلاة الجمعة اليوم في طهران، فإن القائد يراقب أن لا تُجر طهران إلى تصعيد الحرب مع إسرائيل أكثر من ذلك».

وقال المحلل والدبلوماسي السابق، نصر الله تاجيك: «في الظروف الحالية، النقطة الأهم هي دور اللاعبين الرئيسيين (إيران وإسرائيل)، ثم اللاعبين الثانويين مثل الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين والمجموعات المقاومة»، حسبما أوردت وكالة «إيلنا» الإصلاحية.

وقال تاجيك إن كيفية الرد الإيراني وربما الرد المقابل الإسرائيلي «تعني تجنب لعبة التنس الصاروخي، وهو أمر بالغ الأهمية». وأضاف:

«كما أن كيفية ردنا، وربما الرد المقابل، تعني تجنب لعبة تبادل الصواريخ (بين الطرفين) وهو أمر بالغ الأهمية. طريقة تحركنا الدبلوماسي وكيفية تشكيل تحالفاتنا وإرسال الرسائل ستكون حاسمة للغاية. ومن الطبيعي أن أي خطوة خاطئة من أي من الطرفين يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع».