حتى لا «تبقى عالقة» في لبنان... إسرائيل تحتاج حلاً دبلوماسياً

جنود إسرائيليون مع مركباتهم العسكرية يتجمعون في مكان غير معلن على طول الجانب الإسرائيلي من الحدود الشمالية مع لبنان (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون مع مركباتهم العسكرية يتجمعون في مكان غير معلن على طول الجانب الإسرائيلي من الحدود الشمالية مع لبنان (إ.ب.أ)
TT

حتى لا «تبقى عالقة» في لبنان... إسرائيل تحتاج حلاً دبلوماسياً

جنود إسرائيليون مع مركباتهم العسكرية يتجمعون في مكان غير معلن على طول الجانب الإسرائيلي من الحدود الشمالية مع لبنان (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون مع مركباتهم العسكرية يتجمعون في مكان غير معلن على طول الجانب الإسرائيلي من الحدود الشمالية مع لبنان (إ.ب.أ)

بعد قتل 8 جنود إسرائيليين في التوغل البري الإسرائيلي بجنوب لبنان أمس (الأربعاء)، أثارت صحيفة «واشنطن بوست» «الخسائر الدموية المحتملة» التي قد يتكبدها مثل هذا الهجوم مع توسيع الجيش معركته مع «حزب الله».

ورأت الصحيفة في تقرير لها أن إسرائيل تحتاج إلى حل دبلوماسي إذا كانت غير راغبة في البقاء عالقة داخل لبنان.

ووفق الصحيفة، فإن خبراء يقولون إنه إذا استمرت وتيرة الخسائر الإسرائيلية هذه في لبنان، فقد يحدد ذلك عمق ونطاق الهجوم، الذي أعلنه الجيش الإسرائيلي في وقت مبكر من يوم الثلاثاء، قائلاً إن الهدف هو تدمير البنية التحتية لـ«حزب الله» بالقرب من الحدود.

ورغم وصف الجيش الإسرائيلي العمليات البرية في لبنان حتى الآن بأنها «محدودة» على بعد أميال قليلة من الحدود، فإن العدد الكبير من الدبابات وآلاف الجنود المتجمعين الآن في الشمال يشير إلى التخطيط لهجوم أكبر بكثير من ذلك الذي يعلن عنه، وفق الصحيفة.

وقالت الصحيفة إنه يتعين على نتنياهو بينما يدرس التحركات المستقبلية، التعامل مع الدعوات المحلية إلى القيام بعمل عسكري حاسم في لبنان، مع معالجة المخاوف من احتمال تورط القوات الإسرائيلية في مناوشات مع مقاتلي «حزب الله»، «والنضال من أجل تحقيق الأهداف الكبرى للهجوم»، على حد تعبير الصحيفة.

ويُرجح الخبراء، وفق الصحيفة، أن تذهب إسرائيل إلى إنشاء منطقة عازلة بفعل الضغوط التي يمارسها اليمين المتطرف داخل تحالف رئيس الوزراء نتنياهو.

وكان إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي اليميني المتطرف في إسرائيل، قد هدد بالانسحاب من الحكومة إذا وافق نتنياهو على وقف إطلاق النار في لبنان، مُكرراً التهديد الذي أطلقه في ما يتعلق بالمفاوضات مع «حماس».

وعلى الرغم من المطالبة في إسرائيل بالمنطقة العازلة لضمان أمنها والحيلولة دون وصول «حزب الله» إليها وتهديد شمال إسرائيل، فإن البعض، مثل إفرايم سنيه وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يرى أنه يمكن بدلاً من ذلك فرض المنطقة العازلة من خلال «سياسة إسرائيلية صارمة للغاية» تستهدف أي شخص يدخل المنطقة المحددة.

ورأت الصحيفة أنه ما دامت إسرائيل تتبع خيارات عسكرية من دون وجود مسارات سياسية أو دبلوماسية، فإنها تخاطر بالانجرار إلى حملة عسكرية أطول، وخسائر أكبر. وختمت بالقول: «مهما كان ما تفعله إسرائيل عسكرياً، فستكون هناك حاجة إلى حل دبلوماسي إذا أرادت إسرائيل تجنب البقاء عالقة في لبنان».


مقالات ذات صلة

صندوق النقد: صراع الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة

الاقتصاد أشخاص قرب دمار سببه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

صندوق النقد: صراع الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة

قال صندوق النقد الدولي، الخميس، إن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة والاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (أ.ف.ب)

يوآف غالانت... العقل المدبّر وراء توسيع حرب غزّة إلى لبنان

يعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الجنرال السابق الذي حدد معالم الحرب الإسرائيلية على "حماس" في غزة، القوة الأبرز وراء توسيع العمليات العسكرية إلى لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (رويترز)

رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نسمح لـ«حزب الله» بإعادة تنظيم نفسه في جنوب لبنان

قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الخميس، إن الجيش لن يسمح لـ«حزب الله» بإعادة تنظيم نفسه في جنوب لبنان.

المشرق العربي أفراد من الجيش الإسرائيلي يشاركون في العملية البرية في جنوب لبنان (رويترز) play-circle 00:50

الجيش الإسرائيلي: مقتل 100 من عناصر «حزب الله» منذ بدء العملية البرية في لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن مقتل ما يزيد على 100 مسلح من «حزب الله» منذ بدء العملية البرية في جنوب لبنان، وفق ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أب وابنته غادرا لبنان على متن طائرة عسكرية يونانية (أ.ب)

أجانب يسارعون لمغادرة لبنان مع احتدام الهجوم الإسرائيلي

أجلى عدد متزايد من الدول رعاياها من بيروت، الخميس، وسط تكثيف إسرائيل قصفها للعاصمة اللبنانية، وحثّت حكوماتٌ في أنحاء العالم مواطنيها على المغادرة.

«الشرق الأوسط» (أثينا - لارنكا)

بايدن يحاول إقناع نتنياهو برد «محدود» ضد إيران

تصاعد الدخان فوق بيروت بعد غارات إسرائيلية كما شوهد من منطقة سن الفيل (رويترز)
تصاعد الدخان فوق بيروت بعد غارات إسرائيلية كما شوهد من منطقة سن الفيل (رويترز)
TT

بايدن يحاول إقناع نتنياهو برد «محدود» ضد إيران

تصاعد الدخان فوق بيروت بعد غارات إسرائيلية كما شوهد من منطقة سن الفيل (رويترز)
تصاعد الدخان فوق بيروت بعد غارات إسرائيلية كما شوهد من منطقة سن الفيل (رويترز)

وسط مخاوف من اتساع الحرب في الشرق الأوسط، كشف الرئيس الأميركي جو بايدن أنه لم يكن يتوقع رداً إسرائيلياً الخميس، بعد الهجمات الإيرانية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تعمل على تقليل رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني الكبير الذي وقع في الأول من أكتوبر (تشرين الأول). وجاء الهجوم الإيراني في إطار سلسلة من التصعيد المتبادل من عمليات الثأر والانتقام بين الطرفين.

وأكد مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل قد تتجاهل تحذيرات بايدن وتتجاوز الخطوط الحمراء، خاصة بعد تعرضها لهجمات باليستية من إيران. ووصف هذه اللحظة بأنها لحظة ذهبية لإسرائيل لترد بشدة وتدمر البرنامج النووي الإيراني.

تشجيع الرد المدروس

وأكد مسؤولون أميركيون أن الإسرائيليين أبلغوهم أنهم لا يشعرون بالحاجة إلى رد واسع النطاق على الفور، لكنْ هناك قلق من أن الهجمات الإسرائيلية على أهداف اقتصادية قد تثير تصعيداً خطيراً.

وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أوروبي كبير قوله إن إيران ترى أن استهداف صناعة النفط والغاز «خط أحمر» يمكن أن يؤدي إلى ردود واسعة تشمل مصالح الطاقة الغربية، مما قد يؤدي إلى تعطيل الاقتصاد العالمي قبل شهر واحد من الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وتحض الولايات المتحدة إسرائيل على ضبط النفس في ردها، لكنْ هناك قلق في أوروبا من أن إدارة بايدن لا تمارس ضغطاً كافياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قد يغير موقفه في أي لحظة، ورغم تأكيد إسرائيل أنها ستتصرف بحذر، يخشى المسؤولون الغربيون من تفاقم التوتر.

الشرطة الإسرائيلية أمام مدرسة متضررة أُصيبت بصواريخ أُطلقت من إيران في غاديرا بإسرائيل (أ.ب)

التحديات الأمنية

وتوقع بولتون في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن تستغل إسرائيل الوضع لشن ضربات ضد إيران قد تشمل أهدافاً نووية، وصواريخ باليستية، واغتيالات لقادة إيرانيين، مشيراً إلى أن إسرائيل قد تنفذ ضرباتها خلال الأسبوع المقبل. كما أشار إلى أن برنامج إيران النووي «هو التهديد الأكبر لإسرائيل والولايات المتحدة والعالم العربي، وهو ما يستدعي التعامل معه كأولوية قصوى».

وقال: «لا أعتقد أن الإسرائيليين سيكتفون بحدث واحد، وأعتقد أن الأمر سيكون جهداً متعدد الأهداف لتدمير الدفاعات الجوية الإيرانية في المقام الأول، ثم استهداف البرنامج النووي أو استهداف البنية التحتية للنفط، ثم استهداف برنامج الصواريخ الباليستية».

وشدد بولتون على أن إسرائيل ترى تدمير البرنامج النووي الإيراني «أمراً وجودياً»، وقال: «أعتقد أن إسرائيل ترى هذا الأمر تهديداً وجودياً، وأنها ماضية في هذا الأمر»، مشيراً إلى أنه لا يملك معلومات داخلية، لكنه أكد أن إسرائيل ستكون مستعدة لتجاهل تحذيرات بايدن.

تجاهل التحذيرات الأميركية

وعبر بولتون عن شكوكه بشأن التزام إسرائيل بتحذيرات بايدن، خاصة أن إسرائيل لم تحصل على الردع المطلوب في هجوم منتصف أبريل (نيسان)، وأضاف أن «إسرائيل سترد بقوة، وتأثير توجيه ضربة إسرائيلية قوية ضد إيران سيعتمد الأمر على الطريقة التي سترد بها إيران على ذلك».

وقد تؤثر التوترات على الانتخابات الأميركية المقبلة، كما يرى بولتون؛ إذ يشير إلى أن أي تصعيد قد يكون له تأثير سياسي، سواء لصالح الرئيس الحالي أو المنافسين. واعتبر أن الرئيس السابق دونالد ترمب قد يستغل الفرصة لتعزيز فرصه.

تساؤلات حول الدور الذي يمكن أن تلعبه روسيا في الصراع بين إسرائيل وإيران (إ.ب.أ)

دور روسيا في الأزمة

وقال بولتون إن الأوضاع وصلت إلى مرحلة لم يعد للدبلوماسية دور فعّال فيها، مشيراً إلى أن المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل قد تكون مختلفة هذه المرة عن المواجهات السابقة؛ إذ يبدو أن الصراع الحالي يتجه نحو «قتال حتى النهاية».

ورغم تورط روسيا في الصراع السوري وعلاقتها الوثيقة مع إيران، يشير بولتون إلى أن موسكو قد تكون قلقة من تصرفات إيران الأخيرة، والتي قد تقوض مصالحها. وفي ظل العلاقات الروسية - الإسرائيلية المتينة، خاصة مع وجود جالية يهودية كبيرة من روسيا في إسرائيل، فإنه من غير المرجح أن تقف روسيا إلى جانب إيران بشكل كامل.

شهية الانتقام داخل إسرائيل

وأشارت تقارير أميركية إلى أن هناك رغبة كبيرة داخل إسرائيل للرد بقوة على إيران، خاصة أن «حزب الله» يبدو ضعيفاً بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة.

ورغم الدعوات داخل إسرائيل لشن هجمات كبيرة تستهدف البرنامج النووي الإيراني، أعلن الرئيس بايدن معارضته لضربة على المنشآت النووية الإيرانية.

وقال نائب وزير الخارجية الأميركي كيرت كامبل، في مناسبة لمؤسسة «كارنيغي»، الأربعاء: «بين الولايات المتحدة وإسرائيل، هناك جهود كبيرة على الجانبين للحفاظ على خطوط الاتصال مفتوحة والتأكد من فهم وجهات النظر. كانت هناك لحظات من المفاجأة، ولا أعتقد أن هذا سر، على مدار الشهرين الماضيين». وأضاف أنه «على الرغم من أهمية الاستجابة من أي نوع، فإن هناك إدراكاً بأن المنطقة تتوازن حقاً على حافة السكين، وهناك مخاوف حقيقية متواصلة بشأن تصعيد أوسع»، مضيفاً أن هذا قد «يعرض ليس إسرائيل فحسب، بل مصالحنا الاستراتيجية أيضاً، للخطر».

وفي الأسبوع الماضي، تمكن مستشار البيت الأبيض لشؤون الطاقة آموس هوكستين من التوصل إلى اقتراح لوقف إطلاق النار مع «حزب الله»، غير أن نتنياهو سرعان ما رفض الاقتراح الذي أعلنه الرئيسان بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون بدعم من العديد من الدول العربية والغربية.

دور إيران في التصعيد

وقال رئيس ومؤسس مجموعة «أوراسيا» إيان بريمر لصحيفة «واشنطن بوست» إن «ما يفهمه الأميركيون هو أن الإيرانيين لا يريدون التصعيد بشدة، وهذا الواقع يعني أنك أقل قلقاً بشأن التصعيد. ولكنك قلق من أن الإسرائيليين قد يحاولون فعل المزيد»، مضيفاً أن «الإسرائيليين على الخطوط الأمامية هنا - إنهم يشعرون بتهديد وجودي - لكنهم بالتأكيد لا يشعرون بأنهم ملزمون بالضغط الأميركي، وهذا يجعل بايدن يبدو سيئاً».

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن نجاح الولايات المتحدة وإسرائيل في صد الصواريخ الإيرانية للمرة الثانية عزز الثقة داخل إسرائيل. وأشار إلى أن هذا يشكل تغييراً عما حصل في أبريل الماضي عندما اضطرت الولايات المتحدة علناً وبشكل خاص إلى حض إسرائيل على الرد بضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد. ولفت إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل، مع شركاء دوليين آخرين، صاغوا خطة للمساعدة في صد الهجمات الإيرانية المحتملة والتي «نجحت كما كنا نريدها أن تنجح»، موضحاً أن حقيقة عدم مقتل أي إسرائيلي، وتمكّن الدولتين من إحباط كل الصواريخ الإيرانية، بما في ذلك الصواريخ التي أُطلقت على تل أبيب، منحا واشنطن بعض الوقت لمحاولة التأثير على الرد الإسرائيلي.

توقعات أن يكون للتصعيد بين إسرائيل وإيران تأثير كبير على الانتخابات الرئاسية الأميركية ويصب في صالح الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب (أ.ف.ب)

تصرفات نتنياهو

وانتقل القلق الأميركي إلى حد التخوف من أن نتنياهو يحاول التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ومع أن السيناتور الديمقراطي كريس مورفي يقر بأن احتمال السلام في غزة قبل الانتخابات لا يبدو مرجحاً، قال لشبكة «سي إن إن» الأميركية للتلفزيون: «أنا قلق بالتأكيد من أن رئيس الوزراء نتنياهو يراقب الانتخابات الأميركية، في حين يتخذ قرارات بشأن هذه الحملات العسكرية في الشمال وفي غزة». وإذ أمل في «ألا يكون هذا صحيحاً»، أكد أن «هناك احتمالاً أن الحكومة الإسرائيلية لن توقع على أي اتفاق دبلوماسي قبل الانتخابات الأميركية كوسيلة محتملة لمحاولة التأثير على النتيجة». ونبّه إلى أنه «لا أعتقد أنه يجب أن تكون ساخراً يائساً لقراءة بعض تصرفات إسرائيل، وبعض تصرفات رئيس الوزراء نتنياهو، على أنها مرتبطة بالانتخابات الأميركية».