إردوغان يغلق الباب أمام الانتخابات المبكرة ويتمسك بالدستور الجديد

استطلاع للرأي يكشف عن فجوة في المعارضة

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام البرلمان الثلاثاء (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام البرلمان الثلاثاء (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يغلق الباب أمام الانتخابات المبكرة ويتمسك بالدستور الجديد

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام البرلمان الثلاثاء (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام البرلمان الثلاثاء (الرئاسة التركية)

يسيطر النقاش حول الانتخابات المبكرة والدستور الجديد على الأجندة السياسية لتركيا، وسط جدل متصاعد بين الحكومة والمعارضة.

وحسم الرئيس رجب طيب إردوغان الأمر بالنسبة للانتخابات المبكرة، وأغلق الباب أمام ضغوط زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، بالتوجه إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال 8 أشهر بسبب معاناة الشعب من الوضع الاقتصادي الضاغط، معلناً أن الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد في عام 2028.

وقال إردوغان، معلقاً على دعوات أوزال التي يؤيدها جل أحزاب المعارضة، باستثناء حزب «الجيد»، إن تركيا لن تشهد انتخابات قبل 3 سنوات ونصف السنة، وستشهد استقراراً طوال هذه الفترة، مضيفاً: «هذه الدعوات لا تعدو كونها محاولات من المعارضة لإخفاء خلافاتها الداخلية».

إردوغان أكد أمام البرلمان تمسكه بالدستور الجديد (الرئاسة التركية)

وأكد أن حكومته ملتزمة بمواصلة العمل على تعزيز الاقتصاد وتحقيق أهدافها التنموية خلال هذه الفترة، دون التأثر بالضغوط السياسية من المعارضة.

وجاءت تصريحات إردوغان، التي تزامنت مع افتتاح البرلمان عقب عطلته الصيفية التي امتدت حتى أول أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بعدما قال أوزال إننا نستعد للتوصل إلى اتفاق كامل حول كيفية حكم البلاد خلال 8 أشهر، ثم الذهاب إلى الانتخابات والحصول على السلطة.

استطلاع رأي

ووسط هذه النقاشات، أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة «متروبول» ونشرت نتائجه، الأربعاء، أن 72 في المائة من الأتراك يعتقدون أن هناك فجوة في المعارضة.

وأوضحت نتائج الاستطلاع أن 75 في المائة من أعضاء حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، و26.2 في المائة من أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، و26 في المائة من أعضاء حليفه (حزب الحركة القومية)، و23.9 في المائة من أعضاء حزب «الجيد»، القومي، و14 في المائة من أعضاء حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، يرون بالفعل أن هناك فجوة في صفوف المعارضة.

بدوره، انتقد رئيس حزب «الجيد»، موساوات درويش أوغلو، دعوة أوزغور أوزال لإجراء انتخابات مبكرة. وقال في تصريحات الأربعاء: «أعلم أن السياسة ساحة. لكن السياسيين ليسوا مصارعين، لا يمكن طلب انتخابات مبكرة في 2025 كما لو كنت تكتب شيكاً وتحدد تاريخ الاستحقاق».

رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال (من حسابه على «إكس»)

وقال إنه خلافاً لما يقول أوزال، لا يمكن أن يكون إردوغان مرشحاً للرئاسة مرة أخرى بنص المادة 101 من الدستور، لأنه انتخب رئيساً 3 مرات بالفعل. ويريد أوزال أن يفتح له الطريق للترشح مجدداً عن طريق الانتخابات المبكرة، بقوله: «نريد هزيمة إردوغان وطرده».

ومن أجل التوجه إلى انتخابات مبكرة هناك طريقان، إما دعوة الرئيس للانتخابات، وهنا لا يحق لإردوغان الترشح مجدداً، أو أن يطلب 60 في المائة من أعضاء البرلمان (360 نائباً) تجديد الانتخابات، وهنا يحق لإردوغان أن يترشح مرة أخرى.

وعن الدستور الجديد الذي يصر إردوغان على وضعه خلال الدورة الحالية للبرلمان، ويدعمه في ذلك حزب الحركة القومية، أكد درويش أوغلو أن الشرط الوحيد لحزبه حتى يشارك في أعمال الدستور الجديد هو التخلي عن النظام الرئاسي الحالي والعودة إلى النظام البرلماني.

جدل الانتخابات المبكرة والدستور

وأرجع الكاتب المحلل السياسي، مراد يتكين، إغلاق إردوغان الباب أمام الانتخابات المبكرة إلى ردود الفعل التي تلقاها من اجتماعه مع المستثمرين الأتراك والأميركيين على هامش الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأسبوع الماضي.

وعد تصريح إردوغان بشأن الانتخابات يعود لسببين، أولهما أن تعافي الاقتصاد التركي سيستغرق وقتاً أكثر من المتوقع، والثاني وقوع تركيا في وسط حلقة من النار، فبعد حرب روسيا وأوكرانيا والأزمة السورية، ظهرت أزمة غزة أولاً، والآن هناك الحرب الإسرائيلية في لبنان.

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (من حسابه في «إكس»)

وقال يتكين إنه بينما يحاول زعيم المعارضة، أوزغور أوزال، مواكبة الأجندة المحلية والدولية، فإنه من ناحية أخرى، ينفق معظم طاقته في التعامل مع المشاكل الداخلية في حزب الشعب الجمهوري ومنافسيه الداخليين الذين يستهدفونه في حياته الشخصية.

ولفت إلى أن المشكلة الكبرى التي تواجه حزب الشعب الجمهوري وتشغله حالياً، هي احتمال تأييد حبس رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وحظر نشاطه السياسي في قضية إهانة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات.

وفيما يتعلق بإصرار إردوغان على الدستور الجديد، رأى يتكين أن ذلك يعطي الانطباع بأن شيئاً ما يحدث حقاً خلف الأبواب المغلقة، وفي هذه البيئة، يواصل حزب الشعب الجمهوري إهدار تجربته في انتخابات 31 مارس (آذار) الماضي، التي خرج فيها منتصراً، من خلال ارتكاب العديد من الأخطاء ذاتها التي ينتقد حزب العدالة والتنمية الحاكم بسببها.


مقالات ذات صلة

تمدد الفصائل يُقلق دول الجوار السوري

المشرق العربي دمار عند معبر حدودي قصفته إسرائيل اليوم الجمعة بين لبنان سوريا في منطقة العريضة (أ.ب)

تمدد الفصائل يُقلق دول الجوار السوري

ما تداعيات ما يحصل في سوريا على دول الجوار؟ إسرائيل تتمسك بتحجيم «حزب الله» وإيران. تركيا ترى فرصة. لبنان يخشى التداعيات. العراق بين نارين. والأردن قلِق.

كميل الطويل (لندن)
المشرق العربي إردوغان متحدثاً عن التطورات في سوريا في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

إردوغان: دمشق هدف فصائل المعارضة ونأمل استكمال مسيرتها دون مشكلات

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن إدلب وحماة وحمص أصبحت بيد فصائل المعارضة السورية، وإن هدف المعارضة بالطبع هو دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)

إردوغان يدعو الأسد إلى إيجاد «حل عاجل» للأزمة السورية

دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الخميس، نظيره السوري بشار الأسد إلى إيجاد «حل سياسي» للوضع في سوريا «بشكل عاجل»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية كليتشدارأوغلو أثناء تقييم دفاعه أمام المحكمة 22 نوفمبر الماضي في دعوى أقامها ضده الرئيس رجب طيب إردوغان (موقع حزب الشعب الجمهوري)

تركيا: كليتشدار أوغلو يواجه أحكاماً بالسجن والحظر السياسي 65 سنة

يواجه رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، المرشح الرئاسي السابق في تركيا، كمال كليتشدار أوغلو، قضايا قد تقوده إلى السجن لمدة 65 سنة، وحظر نشاطه السياسي لفترة مماثلة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
تحليل إخباري جثمان المصور الصحفي السوري أنس الخربوطلي خلال جنازته في إدلب بعد مقتله بغارة جوية على مدينة مورك بريف حماة (إ.ب.أ)

تحليل إخباري هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

رغم ما يراه معلقون أن تركيا قد تكون هي التي تقف وراء اندلاع هجوم المعارضة المسلحة في سوريا، فإنهم يلاحظون وجود «غض نظر» من إدارة بايدن على الحدث.

إيلي يوسف (واشنطن)

وفد إسرائيلي في موسكو يؤكد رفض عودة النفوذ الإيراني إلى سوريا

مقاتلون من الفصائل يحتفلون بسيطرتهم على حماة وسط سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
مقاتلون من الفصائل يحتفلون بسيطرتهم على حماة وسط سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي في موسكو يؤكد رفض عودة النفوذ الإيراني إلى سوريا

مقاتلون من الفصائل يحتفلون بسيطرتهم على حماة وسط سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
مقاتلون من الفصائل يحتفلون بسيطرتهم على حماة وسط سوريا الجمعة (أ.ف.ب)

بعد عدة أيام من التلبك في التعاطي مع التطورات المتسارعة في سوريا، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن حكومة بنيامين نتنياهو حددت مصالحها، وقررت التدخل لمنع عودة النفوذ الإيراني إلى سابق عهده في سوريا من جهة، وعدم السماح لميليشيات معارضة لنظام الحكم في دمشق بتهديد الحدود الإسرائيلية.

وقالت هذه المصادر إن وفداً إسرائيلياً زار موسكو في الأيام الأخيرة وأوصل هذه الرسالة. وأكدت أن الوفد سافر تحت غطاء «التداول في صفقة تبادل أسرى في غزة، مع التركيز على محتجزين ممن يحملون الجنسية الروسية»، إلا أنه حمل رسالة توضح أن إسرائيل لن تسمح بأن تعود سوريا مرتعاً للقوات الإيرانية أو لميليشياتها، ولن تسمح بعودة نشاط «حزب الله» اللبناني إلى خطط محاربة إسرائيل. وفي الوقت نفسه، قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف مجمع الصناعات العسكرية السورية في منطقة السفيرة الواقعة جنوب شرقي حلب؛ حيث توجد مخازن أسلحة. وحسب المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، فإن هناك 3 تهديدات على إسرائيل إثر التطورات في سوريا. التهديد الأول يتعلق باحتمال «سقوط أسلحة، وخاصة صواريخ، وربما سلاح كيميائي، موجودة في شمال ووسط سوريا بأيدي المتمردين الجهاديين في الأيام أو الساعات المقبلة، إن لم تكن قد سقطت بأيديهم فعلاً. والتهديد الثاني نابع مباشرة من ضعف جيش النظام السوري ومن حقيقة أن روسيا لم تعد قادرة على الدفاع عن نظام (الرئيس) الأسد مثلما دافعت عنه في عام 2015. والقصف الجوي الروسي لم ينجح في منع احتلال حلب، وأخّر ليوم واحد احتلال مدينة حماة في وسط سوريا. والثالث نابع من ضعف الجيش النظامي، الذي يلجأ إلى إيران من جديد للحصول على مساعدتها، من خلال نقل قواتها إلى سوريا، أو على الأقل قوات مؤلفة من مقاتلين شيعة أفغان وباكستانيين، تقودهم عناصر الحرس الثوري الإيراني، وعدة مئات من عناصر (حزب الله) الذين انتقلوا من لبنان إلى سوريا لمساعدة نظام الأسد، من دون نجاح حتى الآن».

ونقلت المصادر عن قادة عسكريين في تل أبيب قولهم إن «التهديد الأكبر هو أن ينهار نظام الأسد، فتتحول سوريا إلى دولة فاشلة أخرى مثل اليمن ولبنان والصومال وغزة، وأن يشكل الإيرانيون فيها ويمولون جيشاً إرهابياً هدفه العمل ضد إسرائيل ومستوطناتها في الجولان والجليل الشرقي».

ولفت بن يشاي إلى أن إسرائيل تعتقد أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، هو أيضاً يخشى انهيار نظام الرئيس الأسد في سوريا، ولديه مصلحة بألا ينهار هذا النظام بالكامل، وإنما أن يستمر بالسيطرة في جيبين صغيرين، الأول حول دمشق والثاني حول اللاذقية وطرطوس. فهكذا فقط «لن يتمكن من إلحاق أضرار بتركيا وإسرائيل».

وحسب المحلل العسكري في القناة 13، ألون بن دافيد، فإنه «ليس لدى إسرائيل أي مصلحة برؤية نسل تنظيم القاعدة يسيطرون على سوريا»، في إشارة إلى «هيئة تحرير الشام»، بل على العكس، فإن «إسرائيل تتطلع إلى استمرار الحكم السوري المستضعف وإبعاده عن المحور الشيعي». وأضاف بن دافيد في مقاله الأسبوعي في صحيفة «معاريف»، أن «السؤال هو كيف بالإمكان دفع هذا التطلع في الوضع الجديد الحاصل في سوريا، وما هي الحدود التي في حال تجاوزها ستضطر إسرائيل إلى التدخل».

وأشار المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إلى أنهم «لا يرصدون في إسرائيل حالياً خطراً داهماً مباشراً إثر الوضع في سوريا، وراضون جداً عن الحرج الذي لحق بإيران». إلا أنه أضاف أنه «في المدى البعيد يوجد خطر متطور، في هضبة الجولان وفي المستقبل عند حدود الأردن أيضاً. ولهذا، شكلت القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع، وحدة جديدة من قوات الاحتياط في الجولان، كي تُستخدم في المستقبل كقوة رد سريع في ظروف كهذه. وفي موازاة ذلك، جرى تعزيز الفرق المتأهبة في البلدات، وأجريت تحسينات في الجدار على طول الحدود السورية» في الجولان المحتل.

والتخوفات الإسرائيلية من التطورات في سوريا، حسب هرئيل، هي «هجمات مفاجئة تشنها منظمات متطرفة، فيما المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية حول نشاطها والقدرة على إدراك اعتباراتها محدودة نسبياً».