اليوم التالي لإسرائيل... استثمار «المكاسب» أم التورط في لبنان؟

بنيامين نتنياهو يترأس اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي (الحكومة الإسرائيلية)
بنيامين نتنياهو يترأس اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي (الحكومة الإسرائيلية)
TT

اليوم التالي لإسرائيل... استثمار «المكاسب» أم التورط في لبنان؟

بنيامين نتنياهو يترأس اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي (الحكومة الإسرائيلية)
بنيامين نتنياهو يترأس اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي (الحكومة الإسرائيلية)

كما في كل حرب، تقف إسرائيل أمام خيارين؛ فإما أن تستثمر «إنجازاتها» العسكرية - وهي غير قليلة وفقاً لمفاهيمها - وإما أن تسعى للخروج من الحرب إلى آفاق سياسية... فهل تفعل؟

حتى الآن، لا تزال القيادة العسكرية، وأكثر منها السياسية، تعيش نشوة النصر، بعد سلسلة طويلة من العمليات التي ضربت «حزب الله» في الصميم: اختراق أمني عميق لأجهزة «حزب الله» السياسية والعسكرية، واغتيال قادة ميدانيين وقادة بارزين، وبيع آلاف الأجهزة المفخخة لـ«حزب الله»، وتلقِّي معلومات استخباراتية ساخنة عن اجتماعات للقيادات، وتدمير بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات ثم المضادة للسفن الحربية، ثم اغتيال الأمين العام، حسن نصر الله.

رفع معنويات

لا شك أن هذه «النجاحات» تُفيد في الحرب، لرفع المعنويات الهابطة لدى الجمهور والجنود، واسترداد شيء من هيبة الجيش والمخابرات التي مُسحت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واستعادة شيء من «قوة الردع» التي تضعضعت مع «طوفان الأقصى» لمدة سنة في قطاع غزة.

فلسطينيون في خان يونس فوق مركبة عسكرية إسرائيلية جرى الاستيلاء عليها ضمن عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر الماضي (د.ب.أ)

لكن هذه الخطوات يمكن أن تُجْهَض بسهولة، إذا لم يجرِ استثمارها بشكل ناجع، عسكرياً وسياسياً.

من الناحية العسكرية، لن تكون هناك جدوى من «الإنجازات»، إذا غرق الجيش في الغطرسة والغرور والتعالي. وعليه أن يتعلم من الدروس العسكرية عبر التاريخ، وهو أن القوة مهما بلغت عظمتها تبقى لها حدود، وأنك تستطيع أن تهزم أي عدو ما عدا الغطرسة، فهي تقضي على صاحبها مهما كان قوياً، وأن مقولة ما لم تحققه بالقوة استخدم له قوة أكبر، هي ليست فقط مقولة خاطئة بل حمقاء، وقد دفعت ثمنها بالدم شعوب كثيرة، وعلى ذلك، فإن تهديدات قادة الجيش الإسرائيلي بمزيد من التصعيد والتوسيع للعمليات الحربية يندرج في هذا الإطار.

وحتى مع تلقِّي «حزب الله» ضربة قاسية فإن استمرار الحرب ضده، وما يرافقها من ضرب للمدنيين اللبنانيين، يجر قَدَمَيْ إسرائيل إلى تجربة ذاقت مرارتها أيضاً في الماضي، من عملية الليطاني في 1978، إلى حرب لبنان الأولى سنة 1982، فالثانية سنة 2006.

أين الخطة؟

يبدو أن الإسرائيليين عليهم أن يسألوا الجنرالات ذوي الخبرة، ليقولوا لهم إن اغتيال الأمين العام الأسبق لـ«حزب الله» عباس موسوي (1992) جاء بحسن نصر الله، الذي شدد الارتباط بإيران ومشاريعها، وحوَّل الحزب من تنظيم مسلح إلى جيش يوازي قوات عسكرية لدول، ويشكل تهديداً أكبر.

«حزب الله» يعرض أسلحة بمدينة بعلبك اللبنانية في 26 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ومع ذلك، فإن الأمور لا تنحصر بأيدي الجيش، ففي إسرائيل توجد حكومة هي القائد السياسي الأعلى، وهي القائد الرسمي للجيش، ويوجد رئيس حكومة صاحب سطوة على حزبه ومعسكره السياسي، والجيش يطالبه اليوم بوضع خطة استراتيجية للدولة، لكي يبني على أساسها خططه العسكرية، فهذه الخطة مفقودة.

الإدارة الأميركية كانت قد جاءت لمساعدة نتنياهو، فقدمت له سلماً ذهبياً حتى ينزل عن الشجرة التي تسلق إليها، وعرضت عليه مشروعاً أميركياً - فرنسياً بمشاركة دول القمة السبع (G7) والمجموعة العربية، بما يخلق آفاقاً سلمية للمنطقة، ويشمل الجميع، بمن في ذلك الإسرائيليون والفلسطينيون.

لكن الأميركيين أنفسهم، الذين يُعَدُّون أكثر من يعرف القادة الإسرائيليين، يقولون صراحة: «في إسرائيل لا يوجد قائد، ليس لأن رئيس الوزراء، نتنياهو، ضعيف أو عاجز، إنه ببساطة يدير البلاد وفقاً لمصالح شخصية وحزبية ضيقة».

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

وفي سبيل مصالحه، لا يتورع نتنياهو عن الدخول في صدام مع الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يعد نفسه صهيونياً، ودخل إلى الحرب شريكاً، وقدَّم كل دعم ممكن، ونتنياهو يستخف به وينافق منافسه دونالد ترمب، حتى يتهرب من فتح الآفاق السياسية؛ لذلك يُنظر إلى نتنياهو في إسرائيل على أنه عارض تسويق وليس قائداً، ويخشى الإسرائيليون من الثمن الذي دُفع، والذي سيُدفع على الطريق.


مقالات ذات صلة

السياسي جدعون ساعر ينضم لحكومة نتنياهو

شؤون إقليمية النائب الإسرائيلي المعارض جدعون ساعر (صورة من حسابه على «إكس»)

السياسي جدعون ساعر ينضم لحكومة نتنياهو

ذكرت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية، اليوم الأحد، أن النائب المعارض جدعون ساعر سينضم إلى حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال مؤتمر صحافي في السراي الحكومي (أ.ف.ب)

لبنان يدفع باتجاه حل دبلوماسي يرتكز إلى تطبيق «1701»

شدّد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على أن «خيارنا هو الحل الدبلوماسي وهو الأفضل»، الذي يرتكز إلى القرار 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري دبابات إسرائيلية ضمن الحشد على الحدود اللبنانية (أ.ف.ب)

تحليل إخباري إسرائيل تدفع لاستغلال «نافذة زمنية محدودة» في لبنان

وضع الجيش الإسرائيلي كلّ خياراته العسكرية ضد لبنان على الطاولة، بدءاً من سلسلة الاغتيالات التي طالت أبرز قادة «حزب الله» وآخرهم أمينه العام.

يوسف دياب (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

اغتيال نصر الله يعزز وضع نتنياهو المأزوم محلياً وخارجياً

يرى محللون أن مقتل الأمين العام لـ«حزب الله» يعطي دفعة قوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي واجه احتجاجات محلية واسعة وانتقادات خارجية كبيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السياسي جدعون ساعر ينضم لحكومة نتنياهو

النائب الإسرائيلي المعارض جدعون ساعر (صورة من حسابه على «إكس»)
النائب الإسرائيلي المعارض جدعون ساعر (صورة من حسابه على «إكس»)
TT

السياسي جدعون ساعر ينضم لحكومة نتنياهو

النائب الإسرائيلي المعارض جدعون ساعر (صورة من حسابه على «إكس»)
النائب الإسرائيلي المعارض جدعون ساعر (صورة من حسابه على «إكس»)

ذكرت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية، اليوم الأحد، أن النائب المعارض جدعون ساعر سينضم إلى حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في خطوة من المرجح أن تعزز موقف رئيس الوزراء سياسياً.

ووفق «رويترز»، قال مكتب رئيس الوزراء إن نتنياهو وساعر سيُدليان ببيان، في وقت لاحق اليوم.