يرى محللون أن مقتل الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله يعطي دفعة قوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي واجه احتجاجات محلية واسعة وانتقادات خارجية كبيرة، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
ومع ذلك، أكد المسؤولون الإسرائيليون أن القتال ضد الحزب اللبناني لم ينتهِ بعد، وأثاروا مرة أخرى احتمال التوغل براً، حتى بعد مقتل أحد «ألد أعداء» بلادهم.
وأكد «حزب الله»، بعد ظهر السبت، مقتل نصر الله بعد أكثر من 3 عقود على توليه الأمانة العامة، في غارة إسرائيلية على حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، الجمعة.
في هذه الأثناء، حذّرت قوى كبرى من بينها الولايات المتحدة، الداعم العسكري الأكبر لإسرائيل، من مخاطر اندلاع حرب شاملة، لكن المحلل كوبي ميكائيل يرى أن مقتل نصر الله لا يمكن إلا أن يعزز وضع نتنياهو في الداخل.
ويقول ميكائيل، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي ومركز الأبحاث «ميسغاف»، إن «هناك إجماعاً واسع النطاق بين الغالبية العظمى من المجتمع الإسرائيلي على تسوية المشكلة مع (حزب الله)». ويتابع: «إذا كان الأمر يستلزم قيام حرب شاملة، فلتقم حرب شاملة».
ويرى خبير شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي أن لعملية الاغتيال فائدة إضافية تتمثل في تقديم تحذير قوي لأعداء إسرائيل. ويضيف أن «تصفية نصر الله هي بمثابة تتويج للجهود».
ويوضح أنه بعد العملية «إذا كنت تَتْبَع إيران، أو سوريا، أو الحوثيين، أو فصيلاً شيعياً عراقياً، فإنك سوف تحرص على أمنك بشدة».
«عدو مشترك»
في الأشهر الأخيرة، واجه بنيامين نتنياهو ضغوطاً كبيرة من معارضيه الذين يتهمونه بعدم بذل جهود كافية لإبرام اتفاق هدنة من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
ورفض شركاء نتنياهو اليمينيون المتطرفون في الائتلاف الحاكم الذين يعتمد على دعمهم للبقاء في السلطة، أي اتفاق من هذا القبيل، مطالبين بالتزام الهدف المعلن من الحرب، وهو تدمير حركة «حماس» الفلسطينية.
وأجبرته المعارضة الشديدة من الأحزاب اليمينية المتطرفة نفسها وغيرها على التراجع في اللحظة الأخيرة عن مقترح لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً مع «حزب الله»، قدمته الولايات المتحدة وفرنسا، وفق ما ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية.
ويواجه نتنياهو أيضاً عزلة متنامية على الساحة الدولية، وهو ما ظهر جلياً في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أدان عدد كبير من زعماء العالم في خطاباتهم تصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة.
وفي خطابه أمام هيئة الأمم المتحدة، الجمعة، رفض نتنياهو الانتقادات، قائلاً إن الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد «حماس» من شأنها في نهاية المطاف أن تفيد حتى بعض أشد منتقدي بلاده.
وقال: «نعم، نحن ندافع عن أنفسنا، ولكننا ندافع عنكم أيضاً ضد عدو مشترك يسعى من خلال العنف والإرهاب إلى تدمير أسلوب حياتنا». وأضاف: «لذلك لا ينبغي أن يكون هناك أي ارتباك حول هذا الأمر».
وأدلى مسؤولون إسرائيليون بتصريحات مماثلة قبل اغتيال نصر الله وبعده.
بدورها، تقول العقيد المتقاعد ميري إيسن، الباحثة البارزة في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في جامعة «رايخمان» في إسرائيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مقتل نصر الله يجب أن يكون موضع ترحيب من «كل شخص يناهض الإرهاب في جميع أنحاء العالم». وهي ترى أن «الأمر لا يتعلق فقط بإسرائيل والإسرائيليين».
ليست ضربة قاضية
أشار مسؤولون إسرائيليون، السبت، إلى أن الضربة الجوية التي شنتها إسرائيل عام 1992 وأسفرت عن مقتل عباس الموسوي سلف نصر الله، لم تنجح في القضاء على تهديد «حزب الله»، كما أن الضربة الجوية التي شنتها إسرائيل، الجمعة، لم تفعل الكثير لتصفية ترسانة الحزب الضخمة.
في هذا الصدد، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني للصحافيين: «لقد رأينا (حزب الله) ينفذ هجمات ضدنا لمدة عام، ومن الممكن أن نفترض أنه سيواصل تنفيذ هجماته ضدنا، أو يحاول ذلك».
ولم يستبعد شوشاني إمكانية التوغل براً في لبنان، ووصفه بأنه خيار من بين «مجموعة واسعة من الخيارات» التي يمكن استخدامها حتى بعد مقتل نصر الله.
بدورها، تصف إيسن اغتيال نصر الله بأنه «حدث يغيّر قواعد اللعبة على مستوى القيادة»، مشيرة إلى أن العمليات البرية ربما تكون ضرورية على أية حال.
وتشير إلى أن «(حزب الله) لا يزال يمتلك كثيراً من الأصول، وهي لا تختفي بسبب اختفاء القيادة العليا». وتشدد: «لديهم كثير من القادة الآخرين الذين سيتولون زمام الأمور. لقد بنوا أنفسهم استعداداً لصراع طويل المدى».