الدبلوماسية الفرنسية تنشط لتجنب الحرب الواسعة والرئيس ماكرون يسير على خُطى سلفه جاك شيراك

تشارك فرنسي - أميركي في السعي لمنع تفجر الحرب الواسعة... وتساؤلات حول مدى جدية الانخراط الأميركي في البحث عن حل

البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
TT

الدبلوماسية الفرنسية تنشط لتجنب الحرب الواسعة والرئيس ماكرون يسير على خُطى سلفه جاك شيراك

البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)

كثّفت الدبلوماسية الفرنسية نشاطها في نيويورك؛ حيث حضر في وقت واحد الرئيس إيمانويل ماكرون ومستشاروه وكذلك وزير الخارجية الجديد جان نويل بارو. وبذلت باريس جهوداً في العمل من أجل احتواء التصعيد العسكري بين «حزب الله» وإسرائيل، والتوصل إلى وقف للعمليات العسكرية.

ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي بدفع من الرئيس ماكرون، الذي يريد أن يكون لبلاده دور في حماية لبنان، بعد الإخفاق الذي واجهه منذ العام 2020 وقت انفجاري المرفأ، ورغم الزيارتين اللتين قام بهما إلى بيروت خلال أقل من شهر (في 6 أغسطس «آب» والأول من سبتمبر «أيلول»)، مقدماً خطة إنقاذ اقتصادية وسياسية ومالية واجتماعية، ودفع الطبقة السياسية من أجل التفاهم فيما بينها لإخراج البلاد من ورطتها متعددة الأشكال.

بيد أن شيئاً من هذا لم يتحقق، كما لم تنجح الجهود الفرنسية في الدفع لملء الفراغ على رأس المؤسسات اللبنانية، رغم تعاقب زيارات وزراء الخارجية الفرنسيين من جان إيف لودريان إلى كاترين كولونا وستيفان سيجورنيه، إضافة إلى المكلفين في قصر الإليزيه بالملف اللبناني.

سيجورنيه زار لبنان 3 مرات، بتكليف من ماكرون، ومنذ زيارته الأولى، بداية العام 2024، حمل خطة مفصلة لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وعمد إلى صياغة بعض فقراتها نزولاً عن طلب رئيس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي، الذي استقبله ماكرون في قصر الإليزيه، كما استقبل قائد الجيش العماد جوزيف عون، والرئيس السابق للحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، وشخصيات لبنانية أخرى.

وخلال أشهر طويلة، كانت رسالة باريس للسلطات والسياسيين اللبنانيين، بمن فيهم مسؤولون من «حزب الله»، دعوتهم إلى التنبه من المخططات الإسرائيلية، ومن أن «حرب الإسناد» التي يقوم «حزب الله» «لن تبقى محصورة الإطار، ويمكن أن تتطور في أي يوم»، وفق تأكيدات مصادر فرنسية واكبت الجهود الدبلوماسية. كذلك نبهت باريس من «الخفة» التي يتعامل بها اللبنانيون مع المخاطر المقبلة.

ورغم التنافس بين باريس وواشنطن، التي قدمت هي الأخرى بشخص مبعوثها الرئاسي، آموس هوكشتاين، خطة موازية، فإن العاصمتين توصلتا، في النهاية، إلى العمل معاً، وفي اتجاه واحد. إلا أن النتيجة جاءت مخيبة، إلى أن حلّ التصعيد الأخير.

على خطى شيراك

اليوم تغير الوضع، والكارثة حلّت، ويمكن أن تتبعها كوارث أكبر، ومن عناوينها قد تكون الحرب البرية، وسعي إسرائيل لاحتلال أقسام من الجنوب اللبناني (وهو ما فعلته سابقاً) وتمددها لتتحول إلى حرب إقليمية مع احتمال أن تتدخل بها إيران المتأرجحة حالياً بين رغبتها في الانفتاح على الغرب، وعدم التصادم مع إسرائيل والقوات الأميركية المنتشرة بقوة في المنطقة وبين «واجبها» دعم «حزب الله» ومنع هزيمته.

من هنا، فإن الحراك الفرنسي ارتقى إلى درجة أعلى، فالرئيس ماكرون لم يتردد في بث شريط فيديو قبل 5 أيام وجهه إلى «اللبنانيين واللبنانيات الأعزاء»، ليؤكد «مساندتهم في أي محنة يمرون بها»، وليشدد على أن لبنان «لا يمكن أن يعيش في حالة التخوف من حرب مقبلة».

ومع انتقاله إلى نيويورك، كان ماكرون الرئيس الغربي الوحيد الذي التقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان؛ حيث عمد إلى «تسليط الضوء على مسؤولية إيران في دعم تهدئة عامة (في الشرق الأوسط بما فيه لبنان) واستخدام نفوذها في هذا الاتجاه لدى الأطراف المزعزعة للاستقرار التي تتلقى دعمها».

وزاد ماكرون: «نحضّ إسرائيل على وقف هذا التصعيد في لبنان، ونحضّ (حزب الله) على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. نحضّ كل من يزوّد (حزب الله) الوسائل اللازمة للقيام بذلك على التوقف»، عادّاً في الوقت نفسه أنّه لا يمكن لإسرائيل أن «توسّع عملياتها في لبنان من دون عواقب».

ونبه ماكرون، متحدثاً عن التطورات على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية من أن «الخطر الرئيسي راهناً هو (خطر) التصعيد» في الشرق الأوسط، معرباً عن تعاطفه مع لبنان والشعب اللبناني. وإذ انتقد «حزب الله» الذي «يجازف منذ وقت طويل جداً بجر لبنان إلى الحرب»، دعا جميع الفرقاء إلى الوفاء بالتزاماتهم على طول الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة بين إسرائيل ولبنان.

وأكد أن باريس ستتحرك «من أجل بلورة مسار دبلوماسي لا غنى عنه، يهدف إلى تحييد السكان المدنيين والحؤول دون انفجار إقليمي». وأعلن أنه طلب من وزير خارجيته التوجه إلى لبنان نهاية الأسبوع. وبطلب من فرنسا، عقد مجلس الأمن لبحث التصعيد العسكري والتطورات الخطيرة.

باريس تسعى لدفع واشنطن للتحرك الجدي

لم يتوقف الحراك الفرنسي عند هذا الحد، إذ إن باريس ترى أن مساعيها لا يمكن أن تؤتي أُكلها من غير مشاركة أميركية فاعلة. من هنا، انكب فريقا البلدين على بلورة مبادرة مشتركة، كشف عنها وزير الخارجية في كلمته أمام مجلس الأمن؛ حيث قال إن «فرنسا عملت، في الأيام الأخيرة، مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوماً لإفساح المجال أمام المفاوضات»، مضيفاً أن اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» «ليس حتمياً» بشرط أن تنخرط كل الأطراف «بحزم» في إيجاد حلّ سلمي للنزاع.

ووفق القراءة الفرنسية، فإن «التوترات بين (حزب الله) وإسرائيل اليوم تُهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه». وما كان للمبادرة المشتركة المستعجلة أن ترى النور من غير حصول اجتماع في نيويورك بين الرئيسين الفرنسي والأميركي. وما تتخوف منه باريس، وفق مصادرها، أن يكون الانخراط الأميركي في الملف اللبناني - الإسرائيلي شبيهاً بانخراطها فيما خص حرب غزة، حيث «الخطوط الحمراء» التي وضعتها واشنطن لإسرائيل ول نتنياهو تهاوت تباعاً، ولم تنجح واشنطن في إلزام الأخير بهدنة دعت إليها مراراً وتكراراً وتوقعت حصولها.

ويتضح مما سبق أن الرئيس ماكرون يريد أن يكون له دور فاعل في الأزمة الراهنة، وربما أنه استوحى الدور الذي لعبه جاك شيراك، الرئيس الأسبق، في وضع حد للحربين اللتين شنتهما إسرائيل على لبنان في 1996 وفي 2006. ففي الأولى، أرسل شيراك وزير خارجيته هيرفيه دو شاريت إلى المنطقة، وطلب منه البقاء فيها حتى انتزاع اتفاق. وفي الثانية، كان لباريس دور كبير في دفع مجلس الأمن لتبين القرار الشهير 1701 الذي وضع حدّاً للحرب، ولكن ليس للنزاع المستمر بين إسرائيل ولبنان، الذي ما زال الأساس الذي تدور حوله المناقشات في الأمم المتحدة.

وثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها؛ أولها يتناول مدى الجدية الأميركية، وثانيها الطريق إلى بلورة آلية تمكن من تنفيذ القرار المذكور، وثالثها الموقف الإيراني ورغبة طهران في المساعدة، ورابعها المدة الزمنية اللازمة للحصول على موافقة الأطراف المعنية المبادرة المشتركة، وآخرها معرفة ما يريده حقيقة نتنياهو من حربه الراهنة على لبنان، والأهداف التي يريد تحقيقها قبل أن يقبل الهدنة.


مقالات ذات صلة

محمد بن سلمان يبحث مع ماكرون مستجدات الأوضاع الإقليمية والتعاون الثنائي

الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء (واس)

محمد بن سلمان يبحث مع ماكرون مستجدات الأوضاع الإقليمية والتعاون الثنائي

بحث ولي العهد السعودي مع الرئيس الفرنسي تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة للتعامل مع المستجدات بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب) play-circle

فرنسا ستعزز دعمها لنيجيريا في مواجهة «التحديات الأمنية»

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستعزز «الشراكة» مع نيجيريا «في مواجهة مختلف التحديات الأمنية، وخصوصاً التهديد الإرهابي في شمال البلاد».

«الشرق الأوسط» (باريس)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبجواره نظيره الصيني شي جينبينغ في سيشوان جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)

ماكرون يهدد الصين بفرض رسوم جمركية بسبب الفائض التجاري

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه هدد بكين بفرض رسوم جمركية خلال زيارته للصين، إذا لم تتخذ إجراء لتقليل العجز التجاري المتزايد مع الاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون تحضر حفل تسمية الباندا المولود في حديقة حيوان بوفال بفرنسا عام 2017 (أ.ب)

بريجيت ماكرون تزور صديقاً قديماً في الصين: الباندا العملاق «يوان منغ» (صور)

التقت سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون بصديق قديم، وهو باندا عملاق ولد في فرنسا، وذلك أمس (الجمعة) في ختام زيارة إلى الصين مع الرئيس إيمانويل ماكرون.

«الشرق الأوسط» (بكين- باريس)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السوري أحمد الشرع يتصافحان بعد انتهاء مؤتمرهما الصحافي المشترك في قصر الإليزيه يوم 7 مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

فرنسا تنظر بإيجابية إلى التحولات الجارية في سوريا

بعد عام على سقوط بشار الأسد، تنظر فرنسا بإيجابية للتطورات الحاصلة في دمشق، وتعتبر أن سوريا مستقرة ضرورة للتوازن الإقليمي والدولي.

ميشال أبونجم (باريس)

حكومة نتنياهو تُوزع الاتهامات عن هجوم سيدني... وتستثني نفسها

TT

حكومة نتنياهو تُوزع الاتهامات عن هجوم سيدني... وتستثني نفسها

رجال شرطة بعد حادث إطلاق نار في شاطئ بوندي بمدينة سيدني الأسترالية يوم الأحد (أ.ف.ب)
رجال شرطة بعد حادث إطلاق نار في شاطئ بوندي بمدينة سيدني الأسترالية يوم الأحد (أ.ف.ب)

في الوقت الذي ترفض فيه دول العالم، بما فيها العربية والمسلمة، الهجوم على احتفال بعيد الأنوار اليهودي (الحانوكا) في مدينة سيدني الأسترالية، تصرّ الحكومة الإسرائيلية على استغلال الحادث المأساوي سياسياً.

والمتابع للساحة الإسرائيلية، يفهم أن غرض حكومة بنيامين نتنياهو الأول من ذلك هو صدّ الاتهامات لها بأنها تتحمل قسطاً وافراً من المسؤولية عن الكراهية للإسرائيليين واليهود في العالم، جرّاء ما ارتكبته من جرائم في غزة.

ومنذ اللحظات الأولى للهجوم، خرج جميع المسؤولين الإسرائيليين بتصريحات توزع الاتهامات لحكومة أستراليا بإهمال أمني كبير أتاح تنفيذ هذه العملية الإرهابية، والتشديد على أنهم قالوا إنهم كانوا قد حذّروا أستراليا من الارتفاع الهائل في عدد الاعتداءات على يهود ومؤسسات يهودية في البلاد.

صورة من مقطع فيديو يظهر فرار المئات من حادث إطلاق النار في أستراليا يوم الأحد (أ.ف.ب)

وأعلن الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، أنه يُحمّل الحكومة الأسترالية مسؤولية ما وصفه بـ«التقاعس في مواجهة معاداة السامية»، مؤكداً أن التحريض المستمر وترك الساحات العامة دون ردع أدى إلى هذا الهجوم.

كما دعا المجتمع الدولي إلى التعامل مع الاعتداء بوصفه هجوماً إرهابياً يستهدف اليهود أينما وجدوا.

وكذلك جاء تعليق نتنياهو متناغماً، فقال إن هذا الهجوم نتيجة تساهل الحكومة الأسترالية مع «العداء للسامية».

أما وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، فقال إن الهجوم نتيجة مباشرة لاعتراف حكومة أستراليا بالدولة الفلسطينية، في حين رأى وزير الخارجية، جدعون ساعر، أن الهجوم «كان متوقعاً، في ظل سنتين من المظاهرات والشعارات المعادية لليهود في شوارع سيدني»، مشدداً على أن «التساهل مع دعوات (عولمة الانتفاضة) يفضي في النهاية إلى العنف المسلح.

وطالب ساعر الحكومة الأسترالية باتخاذ خطوات فورية وحازمة.

كما زعمت مصادر أمنية في تل أبيب، أن هناك «بصمات إيرانية لهذا الهجوم، لكن الخارجية الإيرانية نددت بالهجوم ووصفته بأنه (إرهابي)».

ونقل التلفزيون الإيراني عن المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي قوله: «نُدين الهجوم العنيف في سيدني بأستراليا، ويجب رفض وإدانة الإرهاب وقتل البشر أينما ارتُكب».

وبدا واضحاً أن الحكومة الإسرائيلية تُحاول تفادي اتهامها بالمسؤولية عن انتشار مظاهر الكراهية والحقد ضد الإسرائيليين واليهود في العالم بسبب الحرب على غزة، وما ترافق معها من جرائم قتل وإبادة جماعية للفلسطينيين في القطاع خلال سنتين بلا توقف، ما تسبب في قتل أكثر من 70 ألفاً بينهم 25 ألف طفل، فضلاً عن المجاعة والتدمير الشامل.

الاعتداءات تضاعفت 5 مرات

وتُقدر الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية بأن هناك 138 ألف يهودي في أستراليا.

وظلّت أستراليا ساحة هادئة وخالية تقريباً من أي اعتداءات على اليهود والمؤسسات اليهودية طيلة 19 عاماً (من 1995 وحتى 2014)، لكنها بدأت تشهد اعتداءات متنامية منذ الحرب على غزة في 2014.

منظر عام للمعبد اليهودي في جنوب سيدني بأستراليا يوم 10 يناير 2025 بعد محو كتابات غرافيتي معادية للسامية (إ.ب.أ)

وحسب الإحصائيات الإسرائيلية نفسها، فإن معدل الاعتداءات ضد اليهود في أستراليا تضاعف 5 مرات منذ الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة ردّاً على «هجوم حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ففي سنة 2024، نفذت 1654 اعتداءً على مؤسسات وبيوت وأشخاص يهود. وارتفع هذا العدد إلى 2024 اعتداءً في سنة 2025.

وبسبب هذه الاعتداءات، ارتفع عدد اليهود الذين هاجروا من أستراليا إلى إسرائيل بنسبة 47 في المائة، إذ هاجر 125 في سنة 2023، وارتفع عدد المهاجرين إلى 200 في سنة 2024 وأكثر من 200 حتى شهر سبتمبر (أيلول) 2025.

وتسببت تلك المؤشرات، حتى قبل توثيقها، في دفع كثير من دعاة التعقل والسلام في إسرائيل إلى التحذير من تداعيات الصور التي انتشرت في العالم عن بشاعة ووحشية الممارسات الإسرائيلية في غزة.

وفي تقدير هؤلاء، تسببت جرائم القتل والتجويع وقطع الماء والكهرباء وتدمير المستشفيات وإحراق الخيام وأهلها الفلسطينيين الأحياء وغرق الخيام في الأمطار وموت الأطفال من البرد، في ارتفاع مذهل في الكراهية لإسرائيل وحتى لليهود في العالم.

ورغم التشديدات الأمنية المتزايدة حول العالم لمنع جرائم معاداة اليهود، فإن التقديرات تشير إلى أن «الحل يكمن في تبني سياسة سلمية للصراع، لوضع حد لهذه الكراهية، وإحداث تحول إيجابي في حياة شعوب الشرق الأوسط».

ومع ذلك، تواصل الحكومة الإسرائيلية سياستها الحربية العدوانية والتهرّب من الالتزام بالسلام، محاولةً التملص من مسؤوليتها عن معاداة اليهود، من خلال نشر دعاية تصوّرها على أنها مجرد «عداء للسامية».


إسرائيل تدعو أستراليا لمواجهة دعوات «معادية السامية» بعد هجوم سيدني

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تدعو أستراليا لمواجهة دعوات «معادية السامية» بعد هجوم سيدني

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أستراليا إلى اتخاذ إجراءات ضد الدعوات المعادية للسامية بعد هجوم أودى بحياة 12 شخصاً، بينهم إسرائيلي، على شاطئ بونداي في سيدني، اليوم الأحد.

وقال ساعر، في منشور على «إكس»، إنه أبلغ نظيرته الأسترالية بيني وونغ في اتصال هاتفي بأن أستراليا تشهد تصاعداً في مظاهر معاداة السامية «بما في ذلك التحريض العنيف ضد إسرائيل واليهود... وتشبيه إسرائيل بالنازية وبالمحرقة، فضلاً عن إحراق المعابد اليهودية والأعلام الإسرائيلية».

وأضاف وزير الخارجية الإسرائيلي أنه أوضح لنظيرته الأسترالية أن أمن الجالية اليهودية في أستراليا لن يكون ممكناً إلا من خلال إجراء تغيير حقيقي في المناخ العام.

وتابع قائلاً: «الدعوات من قبيل (تدويل الانتفاضة) و(من النهر إلى البحر... فلسطين حرة) و(الموت للجيش الإسرائيلي) ليست دعوات مشروعة، ولا تندرج ضمن حرية التعبير، وهي تؤدي حتماً إلى ما شهدناه اليوم».

وفي وقت لاحق، أعلنت الخارجية الإسرائيلية عن مقتل إسرائيلي وإصابة آخر في الهجوم. وقالت الوزارة إنها على اتصال بعائلة الإسرائيلي المصاب، الذي يرقد في أحد مستشفيات سيدني.


تركيا: مطالبات بـ«قانون للسلام» مع الأكراد اقترحه أوجلان

أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم حزب «العمال الكردستاني» مطالبين بإطلاق سراحه بعد دعوته في 27 فبراير الماضي لحل الحزب (أ.ف.ب)
أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم حزب «العمال الكردستاني» مطالبين بإطلاق سراحه بعد دعوته في 27 فبراير الماضي لحل الحزب (أ.ف.ب)
TT

تركيا: مطالبات بـ«قانون للسلام» مع الأكراد اقترحه أوجلان

أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم حزب «العمال الكردستاني» مطالبين بإطلاق سراحه بعد دعوته في 27 فبراير الماضي لحل الحزب (أ.ف.ب)
أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم حزب «العمال الكردستاني» مطالبين بإطلاق سراحه بعد دعوته في 27 فبراير الماضي لحل الحزب (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات لوضع قانون المرحلة الانتقالية لعملية السلام في تركيا، الذي طالب به زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، بدأ وفد «إيمرالي» جولة جديدة على الأحزاب السياسية للتشاور حول الخطوات المقبلة في العملية التي تسميها الحكومة «تركيا خالية من الإرهاب».

وسيزور «وفد إيمرالي»، المؤلف من نائبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، بروين بولدان ومدحت سانجار والمحامي بشركة «عصرين» التي تتولى الملف القانوني لأوجلان، فايق أوزغور إيرول، حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، الثلاثاء، حيث يلتقي رئيسه أوزغور أوزيل.

انتقادات للحكومة

وكان الوفد قد بدأ جولته، الجمعة، بزيارتين لحزبي «الديمقراطية والتقدم» والتقى رئيسه، علي باباجان، و«الحركة القومية»، حيث التقى رئيسه دولت بهشلي، في إطار زيارات للأحزاب للتشاور حول المرحلة المقبلة من عملية السلام.

رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم» خلال اجتماع مع «وفد إيمرالي» في 12 ديسمبر (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد باباجان، ما وصفه بـ«تقصير الرئيس رجب طيب إردوغان في توفير المعلومات الكافية للشعب حول العملية الرامية إلى حل المشكلة الكردي»، مضيفاً أنه بعد انتهاء «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، التي شكّلها البرلمان لوضع الأساس القانوني لعملية السلام، من إعداد تقريرها النهائي حول العملية، ستكون هناك حاجة ماسة إلى إطلاع الرأي العام على محتواه، وعلى الخطوات التي تتخذ مهما كانت صعوبتها.

بدوره، أيد رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، الذي اتخذ الخطوة الأولى لإطلاق العملية الجارية من خلال إطلاق مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، مطالبة «وفد إيمرالي»، بالمضي قدماً في وضع الإطار القانوني للعملية.

وقالت النائبة بروين يولدان إن الوقت قد حان لوضع الإطار القانوني للعملية، أو ما سمته بـ«قانون السلام» الذي تحدث عنه أوجلان خلال لقائه «وفد إيمرالي» في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

بهشلي مصافحاً النائبة بروين بولدان خلال استقباله «وفد إيمرالي» في 12 ديسمبر (حزب الحركة القومية)

وانتقدت بروين بولدان ما وضفته بـ«تقاعس» الحكومة في اتخاذ الخطوات اللازمة في الوقت الذي تحرك فيه أوجلان بجد وسرعة وإنتاجية عالية منذ البداية.

ولفتت بروين بولدان، خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد، إلى أنه «من الخطأ إعطاء الأولوية للأجندة السورية (مسألة حل قوات سوريا الديمقراطية/ قسد، واندماجها في الجيش السوري)، على حساب العملية الجارية في تركيا». وأضافت: «مع ذلك، في هذه المرحلة، تُشوه الأجندة السورية في بعض الأماكن... السيد أوجلان غير مرتاح لهذا الوضع، وحذر من إهدار الفرصة التاريخية الحالية لتحقيق السلام والديمقراطية وتعطيل الأسلحة تماماً، واستبدال الصراع والعنف بإطار قانوني وسياسي، ويرى أنه يجب أن يتم حل القضية الكردية في البرلمان ودمجها في شرعية الجمهورية».

قانون شامل وحرية لأوجلان

في الإطار ذاته، أكد الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تونجر باكيرهان، ضرورة أن يكون هناك قانون ونهج شامل للتعامل مع حل حزب «العمال الكردستاني»، الذي قال إنه ربما يكون قد انبثق من القضية الكردية العالقة.

جانب من مؤتمر صحافي لحزب «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر الماضي أعلن خلاله سحب مسلحيه من الأراضي التركية (رويترز)

وأشار إلى أن الحزب أقدم على العديد من الخطوات الأحادية، عقب الدعوة التي أطلقها أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي بعنوان: «نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي»، مثل إعلان وقف إطلاق النار، وحل نفسه ونزع أسلحته وإعلان الانسحاب من الأراضي التركية وبعض المواقع في شمال العراق.

وفي تقريره، الذي قدمه إلى اللجنة البرلمانية حول «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، انتقد «حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب»، مفهوم الدولة القومية، وطالب بضمان حرية الحركة لأوجلان، الذي وصفه بأنه اللاعب الرئيسي في عملية السلام، وعدم التمييز بين مرتكبي الجرائم وغير مرتكبيها، فيما يتعلق بأعضاء حزب «العمال الكردستاني» الذين ألقوا أسلحتهم.

في الوقت ذاته، قال رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، إن حزبه لا يعارض استخدام اللغة الأم بالنسبة للأكراد إلى جانب اللغة التركية، في إطار مبدأ «المواطنة المتساوية».

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (من حسابه في «إكس»)

وأضاف خلال مقابلة تلفزيونية، أننا نرى أنه لا مشكلة في استخدام اللغة الأم (الكردية) في الحياة الاجتماعية والأماكن العامة مثل المستشفيات، ولا نعارض الخدمات التي ينبغي توفيرها في هذا الصدد.

وأشار أوزيل إلى أنه إذا كانت الدولة تخصص ميزانية للتعليم فيجب أن يسهم ذلك في ضمان الحق للجميع سواء الأكراد أو الشركس أو غيرهم في تعلم لغتهم الأم إلى جانب اللغة التركية، ورفع المستوى التعليمي والثقافي للجميع على قدم المساواة.