«طريق مفتوح» لهجمات إسرائيلية على النووي الإيراني

تقرير بريطاني يرسم مساراً مختلفاً للتصعيد في لبنان

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر توسعاً في منشأة نطنز النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر توسعاً في منشأة نطنز النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

«طريق مفتوح» لهجمات إسرائيلية على النووي الإيراني

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر توسعاً في منشأة نطنز النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر توسعاً في منشأة نطنز النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

يذهب خبراء إلى أن إسرائيل تخلق من التصعيد في جنوب لبنان ظرفاً لشن هجمات على المنشآت النووية الإيرانية، بالتزامن مع تعثر صفقة وقف الحرب في غزة، وتصاعد العنف في الضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن تقرير بريطاني أعدته برونوين مادوكس، الرئيسة التنفيذية للمعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، أن تصاعد الضربات الإسرائيلية في لبنان يجعل مسألة معرفة نواياها الاستراتيجية أكثر إلحاحاً، وتساءلت عن سبب قيام إسرائيل بهذا، قائلة إن معظم التفسيرات تشير إلى أهداف تكتيكية تتعامل مع التهديدات المنفردة عند ظهورها.

وقالت مادوكس: «لا يوجد أي مؤشر على استراتيجية أساسية لتأمين السلام. وبدلاً من ذلك، يشعر بعض المحللين بالقلق من أن نوايا إسرائيل ربما تكون خلق ظروف لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية».

ويبرر وزراء إسرائيليون الهجمات على لبنان بالرغبة الملحة في علاج الوضع في شمال إسرائيل. فقد نزح نحو 60 ألف إسرائيلي من منازلهم في المنطقة الحدودية بسبب الهجمات الصاروخية التي يشنها «حزب الله»، وكذلك بسبب مخاوفهم من التعرض لغزو وعمليات اختطاف مثل تلك التي حدثت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وترى مادوكس أنه من الممكن أخذ هذا التفسير على محمل الجد إلى حد ما. فقد كان الضغط السياسي لحل مشكلة السكان النازحين من شمال إسرائيل يتصاعد على الصعيد الداخلي في إسرائيل، على الرغم من أن المشكلة أقل وضوحاً بكثير لمن هم خارج البلاد.

وتزداد حدة المشكلة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لأحداث السابع من أكتوبر. ويقول وزراء إنه «غير مقبول» تماماً بالنسبة لدولة أن تكون مجبرة على التنازل عن استخدام أراضيها بهذا الشكل.

مع ذلك، من الصعب رؤية كيف يمكن أن يكون سكان شمال إسرائيل واثقين بما يكفي للعودة إلى منازلهم دون عمل عسكري لإبعاد قوات «حزب الله» لمسافة كبيرة عن الحدود.

المرشد الإيراني علي خامنئي يقف أمام جهاز طرد مركزي في معرض للصناعة النووية (أرشيفية - رويترز)

خطة استراتيجية

وأشارت مادوكس إلى أنه ربما تكون هناك خطة استراتيجية أوسع نطاقاً وراء هجمات إسرائيل الجديدة، وهي التحرك بشكل مباشر ضد إيران، قائدة ما يسمى بـ«محور المقاومة»، والذي يضم «حزب الله» و«حماس» والحوثيين في اليمن.

ومنذ قيام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بسحب الولايات المتحدة من «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وهو الاتفاق الذي وافقت بموجبه طهران على تقييد برنامجها النووي، جعلت إيران من نفسها دولة على عتبة تطوير أسلحة نووية.

وقد ناشدت إسرائيل الإدارات الأميركية لفترة طويلة لشن هجمات ضد المنشآت النووية الإيرانية أو دعم هجوم إسرائيلي عليها، إلا أن رد واشنطن كان دائماً بالرفض.

ويوم الأحد الماضي، وصف الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إيران بأنها «إمبراطورية شر»، وقال في حديث مع قناة «سكاي» التلفزيونية إن القوات الإسرائيلية سوف «تزيل أي تهديدات وجودية لدولة إسرائيل».

ورأت مادوكس أن هذا التصريح من هرتسوغ، وهو شخصية معتدلة وليس مؤيداً كبيراً لنتنياهو، يعد حديثاً واضحاً بشكل لافت.

وأشارت إلى أنه بالنسبة للدول التي تعمل على تجنب اندلاع حرب إقليمية، يكمن الخوف في أن حكومة إسرائيل ربما تستغل الهجمات على لبنان وسيلةً لخلق خيار شن هجوم مستقبلي على منشآت إيران النووية.

ويشعر المحللون بالقلق من أن تقرر إسرائيل شن ضربة بغض النظر عن نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية، على أمل الحصول على دعم من المرشح الجمهوري دونالد ترمب حال فوزه بالرئاسة، ومع الاستعداد لتقبل النقد من إدارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس حال فوزها، إذا كان هذا ضرورياً. إلا أن هذه الاستراتيجية ستكون خطيرة للغاية، حيث إن تصعيد الصراع إلى الشمال أو الشرق لن يمنح إسرائيل حلاً للصراع في غزة.

وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد قال في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن طهران مستعدة لإنهاء الأزمة النووية مع الغرب، ودعا إلى إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا عبر الحوار.

وأعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، عن قلقه من الوصول إلى طريق مسدود في تخطي القضايا العالقة مع إيران بشأن الضمانات المرتبطة بمعاهدة حظر الانتشار، لكنه وصف اتصالاته مع الحكومة الجديدة، برئاسة مسعود بزشكيان، بأنها «بناءة ومفتوحة».


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

تحليل إخباري البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد، وذلك على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال صدور قرار متشدد بحقها.

ميشال أبونجم (باريس)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
TT

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

توقع مسؤول إيراني بارز تغير المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا، وشدد على أن «حزب الله» لم يستخدم أسلحته المهمة حتى الآن.

وقال علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد خامنئي، إن «حزب الله» اللبناني «لم يستخدم أسلحته المهمة، وإذا فعل ذلك فإن المعادلة ستتغير إلى حد كبير».

وأوضح لاريجاني، في مقابلة أجرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، أن بلاده «واثقة تماماً من انتصار (حزب الله) على إسرائيل».

وأضاف كبير مستشاري لاريجاني: «الأحداث الأخيرة واسعة النطاق لدرجة أنها يمكن أن تؤثر على أمن المنطقة بأكملها، أي أن ما يفعله اليوم (حزب الله) والمقاومة في لبنان سيترك تأثيراً على أمن المنطقة برمتها».

ولفت لاريجاني إلى أن رسالة خامنئي التي سلّمها الأسبوع الماضي إلى الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري «بالتأكيد ستترك تأثيراً». وقال: «بعد الرسالة، نأمل أن نرى نتيجة ذلك في سلوك قوى المقاومة (...) وإلى حد كبير يمكننا رؤية ذلك... لأن المعادلة قيد التغيير».

وأشار لاريجاني أيضاً إلى أن «الأسد وبري يعتبران خامنئي الشخص الذي يقود المنطقة، وهو معني بحل مشاكلها وأزماتها»، لذا فإن الرجلين «التقطا رسالته بالتفاعل المطلوب، بعدما وجدا في مضمونها ما تحتاجه المنطقة في هذا الوقت».

وعلق كبير مستشاري خامنئي على الوضع الميداني لـ«حزب الله» اللبناني، وقال إن «إسرائيل اعتقدت بعد ضربة (البيجر) واغتيال نصر الله، أن الأمر انتهى، لكن الحقيقة أن المقاومة وجدت طاقة جديدة، وأعادت تنظيم قيادتها، وهو ما أدى إلى تغيير الوضع في الميدان».

من لقاء الأسد ولاريجاني الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

الانتقام من إسرائيل

بالتزامن، قال قائد «الحرس الثوري» الإيراني، حسين سلامي، إن «على الشعب الإيراني أن يكون متأكداً من أن طهران ستنتقم من إسرائيل».

ونقلت وكالة «تسنيم» عن سلامي، خلال كلمة له في محافظة خوزستان الإيرانية، الجمعة، إن «استمرار هذه الحرب لن يؤدي إلا إلى القضاء التام على إسرائيل».

وجاءت تصريحات سلامي بالتزامن مع مناورات عسكرية لقوات «الباسيج» (التعبئة)، بمشاركة 60 ألف عنصر في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران.

وأفادت «تسنيم» بأن المناورات الـ15 تشمل 250 كتيبة من كتائب «إلى بيت المقدس»، وكتائب «كوثر»، وكتائب «الإمام علي»، وكتائب «الإمام الحسين»، بالإضافة إلى قوات التعبئة من الشرائح المجتمعية.

وبدأت المرحلة الأولى من هذه المناورات بتنفيذ تدريبات تكتيكية، ودفاع مدني، وأعمال مساعدة شعبية، وعمليات الإغاثة والإنقاذ في حالات الطوارئ.

وتقول السلطات الأمنية الإيرانية إن هذه المناورات تأتي «تلبية لتوجيهات المرشد خامنئي للحفاظ على قوة النظام وتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد، بالإضافة إلى رفع مستوى الاستعداد والكفاءة القتالية لقوات التعبئة».

تأتي هذه المناورة، أيضاً، وسط تصاعد حدة التوترات بين إيران وإسرائيل وتبادل الدولتين الهجمات على أراضي كل منهما.