بزشكيان يتعهد بتحسين العلاقات الإقليمية: لا نسعى لتصدير الثورة

رهن العودة إلى الاتفاق النووي بعودة الأطراف الأخرى للالتزامات

بزشكيان خلال أول مؤتمر صحافي بعد توليه الرئاسة في طهران اليوم (أ.ف.ب)
بزشكيان خلال أول مؤتمر صحافي بعد توليه الرئاسة في طهران اليوم (أ.ف.ب)
TT

بزشكيان يتعهد بتحسين العلاقات الإقليمية: لا نسعى لتصدير الثورة

بزشكيان خلال أول مؤتمر صحافي بعد توليه الرئاسة في طهران اليوم (أ.ف.ب)
بزشكيان خلال أول مؤتمر صحافي بعد توليه الرئاسة في طهران اليوم (أ.ف.ب)

قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إن بلاده لا تسعى إلى تصدير الثورة أو التوسع الجغرافي، مبدياً اهتمامه بتطوير العلاقات بدول الجوار، وإقامة علاقات اقتصادية، ومكرراً دعواته إلى إزالة الحدود بين الدول الإسلامية، ومشدداً على تمسك طهران بمواصلة العلاقات الوثيقة بالصين وروسيا، وترك الباب مفتوحاً أمام العودة إلى التزامات الاتفاق النووي في حال عودة الأطراف الأخرى... أما في الداخل الإيراني، فقد دعا إلى حل عقدة الانضمام إلى اتفاقية «فاتف» المعنية بمراقبة مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.

ووجه بزشكيان رسالة إلى الولايات المتحدة، قائلاً: «عليهم أن يحترموا حقوق شعبنا، وألا يحيكوا المؤامرات ضد بلدنا. لقد قامت ثورتنا لأن الشعب يريد أن يعيش بكرامة وفخر. عليهم ألا يتسببوا في تعطيل هذا المسار».

وأصر بزشكيان على أن طهران لا ترغب في تخصيب اليورانيوم بمستويات قريبة من تلك المستخدمة في الأسلحة، ولكنها اضطرت إلى ذلك بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع القوى العالمية.

وأضاف في السياق نفسه: «نحن لا نفكر في التوسع أو في تصدير ثورتنا إلى أي مكان». وقال أيضاً: «إذا تركونا وشأننا في بلدنا وسمحوا لنا بالعيش بشكل صحيح، فإن سلوكنا وحياتنا يمكن أن يكونا نموذجاً يُحتذى في أماكن كثيرة».

وسئل عن إمكانية لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت لاحق من هذا الشهر، فقال: «سنذهب إلى أميركا لنوضح مواقفنا وندافع عن حقوق شعبنا. في الوقت الحالي، هناك أحاديث توحي بأننا نبحث عن الحرب؛ لكننا دعاة للسلام، ويجب أن ندافع عما نعتقده».

وأضاف: «بالنسبة إلى لقاء مع الرئيس الأميركي؛ فعليهم أولاً أن يثبتوا أخوتهم. ينبغي عليهم ألا يمزقوا ما وقعنا عليه، وبعدها يمكننا الحديث. اليوم، عندما نحاول التحدث مع أي شخص يقولون إن أميركا لم تسمح بذلك. عليهم أولاً أن يظهروا أنهم لا يعادوننا، ونحن أيضاً ليست لدينا مشكلة معهم». وزاد: «لم نفرض عقوبات على الأميركيين، ولم ننشئ قواعد عسكرية بالقرب من حدودهم، بل هم من فرضوا العقوبات علينا. نحن إخوة حتى مع الأميركيين، وليست لدينا مشكلة معهم».

وبشأن المفاوضات النووية المتعثرة، قال بزشكيان إن الأمر «يعتمد على الأطراف الأخرى وما إذا كانت تريد التوصل إلى حل». وقال: «نريد حل المشكلات»، مبدياً التزام طهران بالأطر التي تريدها الدول الأخرى، لكنه اتهم الأطراف الغربية بعدم الالتزام بالاتفاق النووي. وقال: «لا يمكن أن نتمثل للاتفاق دون امتثالهم». وأضاف: «نحن التزمنا بالأطر القانونية، لكنهم مزقوا الاتفاق وأجبرونا على القيام بشيء ما... يريدون السلام؟ يجب أن يعودوا إلى التزاماتهم».

الخلافات الداخلية

أما في الداخل، فقد دعا بزشكيان إلى تجاوز الخلافات الداخلية وبناء الثقة لدى المستثمرين والنخب، وقال: «إذا استطعنا تغيير نظرتنا إلى العالم وحل قضايا مثل (قضية) «فاتف (المجموعة الدولية لمراقبة العمل المالي)» والاتفاق النووي، فسنتقدم في خلق فرص العمل والاستثمار، وبالتالي نحل المشكلات ونحقق رؤية المرشد علي خامنئي».

وقال بزشكيان إن مسألة الانضمام إلى «فاتف» وقبول قواعدها، ستكون خطوته الأولى لتحقيق نمو بنسبة 8 في المائة، موضحاً أن «الغرف التجارية تشتكي من تأثير ذلك... يجب حل هذه المشكلة، وتسهيل العلاقات الدولية». وأضاف: «دون استثمارات خارجية؛ لن يكون حل المشكلات الاقتصادية ممكناً». وأضاف أنه يعتزم إرسال رسالة إلى «مجلس تشخيص مصلحة النظام» لحل المشكلات وإعادة مناقشة الخطة الإيرانية للانضمام إلى الاتفاقية.

وبشأن القضايا الخارجية، قال بزشكيان إن حكومته تعمل على تحسين العلاقات بدول الجوار، وأشار إلى زيارته الأخيرة إلى العراق، متحدثاً عن تفاهمات مع المسؤولين العراقيين للوصول إلى خطط استراتيجية ومشاريع اقتصادية مشتركة.

وقال: «يمكننا فعل ذلك مع باكستان وتركمانستان وأذربيجان وتركيا وباقي دول الجوار... نحن بحاجة إلى سوق حرة لكي نتمكن من التنمية وتشجيع الاستثمار الأجنبي في الداخل». وأضاف: «سنتقدم بدبلوماسيتنا الخارجية على أساس الكرامة والحكمة والمصلحة».

السياسة الإقليمية

وبشأن العلاقات المستقبلية بين إيران والصين، أكد بزشكيان أن العلاقات بين الدولتين كانت وما زالت جيدة حتى الآن، مشيراً إلى أن هناك اتفاقية تعاون لمدة 25 عاماً مع الصين، وأنه مصمم على تنفيذها بشكل فعّال، وتساءل عن أسباب عدم تنفيذ بنود تلك الاتفاقية. كما أشاد بالدور الإيجابي للصين في الوساطة بين إيران والسعودية، قائلاً إنها «خطوة كبيرة للتنسيق الإقليمي».

وقال بزشكيان إن بلاده ترحب بأي خطوة تقرب دول المنطقة بعضها من بعض. وأضاف: «لذلك نسعى إلى تعزيز العلاقات بالسعودية، ومصر، والأردن».

وأشار الرئيس الإيراني إلى توجيه دعوة للأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، لزيارة إيران، في المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما الشهر الماضي. وأضاف: «وإذا سنحت الفرصة، فسنقوم أيضاً بزيارة السعودية»، عادّاً أن الوحدة بين الدول الإسلامية «ستسلب إسرائيل الجرأة على الاعتداء والقتل».

وبشأن العلاقات بمصر واحتمال فتح السفارتين لدى البلدين، قال بزشكيان إن بلاده تريد إقامة علاقات مع مصر؛ التي وصفها بـ«الدولة الصديقة والشقيقة والمسلمة»، مضيفاً: «سنجري اتصالات مع المسؤولين والوزراء والرئاسة المصرية، وإن شاء الله نتحدث». وأضاف: «سنرحب قدر الإمكان وسنعمل على إقامة العلاقات».

أما عن العلاقات بتركيا، وسعي البلدين إلى رفع حجم التبادل التجاري إلى 30 مليار دولار، فقد قال بزشكيان إن تركيا: «صديقتنا وشقيقتنا. علاقتنا بصفتنا جيراناً هي أولوية بالنسبة إلينا... يجب أن نعمل على تعزيز هذه العلاقات. هدفنا ورغبتنا تنسيق الاستثمارات المشتركة معاً. سنزور تركيا بالتأكيد، وسندعوهم لزيارة إيران أيضاً؛ لتقوية العلاقات».

وكرر بزشكيان ما طرحه خلال زيارته العراق الأسبوع الماضي بشأن فكرة إزالة الحدود بين الدول الإسلامية، على غرار الاتحاد الأوروبي، وقال: «عندما نتمكن من السفر بحرية، فقد يعني ذلك الحفاظ على أمننا، ونوسع الاقتصاد، والثقافة، والسوق»، وأشار إلى أولوياته في تحسين الوضع المعيشي للإيرانيين. وأضاف: «عندما نستطيع التواصل بسهولة، فهذا يعني أننا نطور الأمن، والثقافة، والاقتصاد، والسوق، ونصل إلى رؤية ولغة مشتركة. وعندها نصبح يداً واحدة أمام من يريدون تجاهل حقوق المسلمين... يمكننا الاستثمار المشترك وحل مشكلاتنا جميعاً».

تمسك ببرنامج الصواريخ

وأصر بزشكيان على نفي تزويد جماعة الحوثي في اليمن بصواريخ باليستية، وذلك بعدما ادعت الجماعة حصولها على صواريخ «فرط صوتية»، وقال بزشكيان: «إذا استغرق الأمر أسبوعاً لشخص من إيران للوصول إلى اليمن، فكيف جرى إرسال صاروخ إلى هناك؟ هذا ليس أمراً يحدث خلال يوم أو عام واحد، لا نملك مثل هذه الصواريخ لنقدمها إلى اليمن». لكن إيران عرضت العام الماضي ما وصفته بأنه أول صاروخ باليستي فرط صوتي مصنوع محلياً، ونشرت وسائل الإعلام المحلية صوراً للصاروخ الذي يحمل اسم «فتاح» خلال احتفال.

ونقلت «رويترز» عن بزشكيان قوله إن طهران لن تتخلى مطلقاً عن برنامجها الصاروخي لحاجتها لوسيلة الردع هذه لحماية أمنها في منطقة تستطيع فيها إسرائيل إسقاط صواريخ على غزة كل يوم.

وقال بزشكيان: «إذا لم نملك صواريخ، سيقصفوننا متى أرادوا، مثلما يحدث في غزة»، مشيراً إلى الصراع في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة «حماس». وكرر موقف طهران الرسمي، إذ دعا المجتمع الدولي «إلى نزع سلاح إسرائيل أولاً قبل مطالبة إيران بالأمر نفسه».

وقال: «نحن بحاجة إلى القوة العسكرية من أجل أمن شعبنا وبلدنا». وأضاف: «لن نتخلى عن قدرتنا الدفاعية ما لم يتم نزع سلاح الجميع في منطقتنا. وإذا احترمت أميركا حقوقنا، فلن يكون لدينا أي خلاف. لا تفرضوا علينا عقوبات أو تهديدات، لن نقبل بالتهديد».

ورداً على سؤال عما إذا كانت إيران نقلت صواريخ إلى روسيا، قال بزشكيان إن حكومته لم ترسل أي أسلحة إلى روسيا منذ توليها السلطة في أغسطس (آب)، بعد أن اتهمت القوى الغربية طهران بتسليم صواريخ باليستية إلى موسكو في سبتمبر (أيلول). وقال بزشكيان: «من المحتمل أن يكون التسليم قد حدث في الماضي... لكن يمكنني أن أؤكد لكم أنه منذ توليت منصبي لم يحدث أي تسليم من هذا القبيل إلى روسيا».

وفاق وطني

وبدأ بزشكيان مؤتمره الصحافي الأول بالرد على الانتقادات التي طالته بسبب التأخر في إجرائه، وقال: «كانوا يقولون باستمرار: لماذا لم تُجرِ مؤتمراً صحافياً؟ قلت: اسمحوا لي أن أنفذ بعض الأعمال لكي نتمكن من إجابة الصحافيين».

وأعاد بزشكيان التذكير بالخطوط العريضة لسياسته، ووعوده في الانتخابات الرئاسية. وأشار إلى تزامن المؤتمر الصحافي مع «أسبوع الوحدة» في إيران، وذلك في إشارة ضمنية إلى شعار حكومته «الوفاق الوطني». وتساءل عن أسباب الخلافات والنزاعات السياسية في الداخل الإيراني.

وتعهد بزشكيان الحؤول دون «مضايقة» شرطة الأخلاق للنساء في ما يتعلقّ بلباسهن، خصوصاً الحجاب. وقال إن «شرطة الأخلاق ليست مولجة مواجهة (النساء)، وسأحرص على ألا تقوم بمضايقتهن».


مقالات ذات صلة

الهند تندد بتعليقات خامنئي بشأن معاملة الأقليات

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من استقباله مجموعة من رجال الدين السنة في إيران الاثنين

الهند تندد بتعليقات خامنئي بشأن معاملة الأقليات

نددت الهند بتعليقات صدرت عن المرشد الإيراني علي خامنئي بشأن معاملة المسلمين في الدولة الواقعة بجنوب آسيا، ووصفت تصريحاته بأنها «غير مقبولة ومضللة»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
شؤون إقليمية مشهد من شمال طهران (أرشيفية - أ.ب)

إيران تفرج عن مواطن نمساوي

أفرجت السلطات الإيرانية عن المواطن النمساوي كريستيان فيبر الذي كان معتقلاً على خلفية جرائم ارتكبت في إقليم أذربيجان الغرب الإيراني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان خلال أول مؤتمر صحافي بعد توليه الرئاسة في طهران أمس (أ.ف.ب)

بزشكيان: لا نسعى إلى تصدير الثورة

أفاد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بأن بلاده لا تنوي «التوسع أو تصدير الثورة» إلى الدول الأخرى، مبدياً استعداد بلاده لإقامة محادثات مباشرة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها مريم كلارن لأمها ناهد تقوي على منصة «إكس»

ابنة امرأة ألمانية إيرانية مسجونة: حكومة برلين فاشلة للغاية

انتقدت ابنة الألمانية الإيرانية ناهد تقوي، المسجونة في إيران، جهود الحكومة الألمانية لإطلاق سراح والدتها.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إيرانيات ينزعن الحجاب في أحد شوارع طهران أمس (أ.ف.ب)

نرجس محمدي تدعو إلى «كسر الصمت» في مواجهة «اضطهاد» الإيرانيات

دعت نرجس محمدي، الحائزة جائزة نوبل للسلام والمسجونة منذ عام 2021 في طهران، المجتمع الدولي، إلى «كسر حاجز الصمت» في مواجهة «اضطهاد النساء» في إيران.

«الشرق الأوسط» (باريس)

إسرائيل توسّع أهداف حرب غزة لتشمل إعادة السكان إلى الشمال

رجل إطفاء يحاول إخماد حريق اشتعل في شمال إسرائيل بسبب هجوم من جانب «حزب الله» (إ.ب.أ)
رجل إطفاء يحاول إخماد حريق اشتعل في شمال إسرائيل بسبب هجوم من جانب «حزب الله» (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل توسّع أهداف حرب غزة لتشمل إعادة السكان إلى الشمال

رجل إطفاء يحاول إخماد حريق اشتعل في شمال إسرائيل بسبب هجوم من جانب «حزب الله» (إ.ب.أ)
رجل إطفاء يحاول إخماد حريق اشتعل في شمال إسرائيل بسبب هجوم من جانب «حزب الله» (إ.ب.أ)

وسّعت إسرائيل، اليوم الثلاثاء، الأهداف المعلنة لحرب غزة لتشمل تمكين السكان من العودة إلى المجتمعات التي تم إجلاؤهم منها في شمال إسرائيل نتيجة للهجمات التي تشنها جماعة «حزب الله» من لبنان.

وذكر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن مجلس الوزراء الأمني ​​المصغر وافق على القرار خلال اجتماع الليلة الماضية، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الاثنين، إن «احتمالات التوصل إلى اتفاق تتضاءل مع استمرار جماعة حزب الله في ربط نفسها بحماس ورفضها إنهاء الصراع. وبالتالي فإن السبيل الوحيد المتبقي لضمان عودة (سكان) المجتمعات الشمالية في إسرائيل سيكون من خلال العمل العسكري».

وأشعل هجوم قادته حركة «حماس» الفلسطينية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على جنوب إسرائيل فتيل حرب في غزة.

وفتحت جماعة «حزب الله» المتحالفة مع إيران جبهة ثانية ضد إسرائيل في اليوم التالي وتصاعد القتال منذ ذلك الحين عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية مما يهدد باندلاع صراع إقليمي.

وجرى إجلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين من البلدات الواقعة على طول الحدود الشمالية التي تضررت بشدة من إطلاق الصواريخ، ولم يتمكنوا من العودة بعد.