شيّعت تركيا، السبت، جنازة الناشطة الأميركية - التركية عائشة نور إزغي إيغي التي قُتلت برصاص جنود إسرائيليين خلال مظاهرة سلمية منددة بالاستيطان في الضفة الغربية.
وأُقيمت مراسم رسمية لتشييع جنازة عائشة نور في مسقط رأسها ببلدة ديدم بولاية آيدن، جنوب غربي تركيا، بحضور رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، ونائب الرئيس التركي جودت يلماظ، وعدد من الوزراء، وقادة أحزاب المعارضة، يتقدّمهم رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل، ورئيس الوزراء الأسبق رئيس حزب «المستقبل» أحمد داود أوغلو، وحشد من أعضاء جمعيات حقوق الإنسان والمواطنين، ونقلت القنوات التركية وقائعها على البث الحي.
وتعهّد رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، خلال مراسم تشييع الجنازة، بأن دماء عائشة نور لن تذهب هدراً، وأن من قتلها سيُحاسب في المحاكم الدولية. وشدد على أن المسؤولية عن جريمة قتلها تقع على عاتق إسرائيل وداعميها.
تعهدات بمحاسبة إسرائيل
وقال كورتولموش: «لن ننسى نضال ابنتنا عائشة نور، ولن نسمح للقتلة أن ينسوا ذلك، وسنتابع هذه القضية حتى النهاية، وسنحاسب القتلة أمام المحاكم الدولية، وبدءاً من أمس، أجرت وزارة العدل ومعهد الطب الشرعي لدينا جميع عمليات التشريح وفقاً للمعايير الدولية، وتبيّن أن عائشة نور أُصيبت برصاصة خلف أذنها اليسرى مباشرة».
وأضاف: «إننا جميعاً نشاهد المأساة الكبرى التي تحدث منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ يُقتل مئات الفلسطينيين كل يوم، وللأسف فإن أميركا الداعمة للحكومة الإسرائيلية، وبعض القوى التي تقف وراء إسرائيل، تدعم وتشجع على الإبادة الجماعية في غزة، لكن جزءاً كبيراً من الإنسانية، من ذوي الضمير والإنصاف، يعارضون هذا العار الكبير ضد الإنسانية في غزة».
وتابع أنه من اللافت للنظر أن أميركا لم تتحرك إزاء مقتل ابنتنا عائشة نور التي تحمل أيضاً الجنسية الأميركية.
وأثار مقتل عائشة نور إزغي إيغي (26 عاماً) في الضفة الغربية، الجمعة قبل الماضي، خلال مشاركتها في مظاهرة لحركة التضامن الدولية المؤيدة للفلسطينيين في بلدة بيتا، ضد الاستيطان، الغضب.
وكان جثمان عائشة نور وصل إلى إسطنبول، الجمعة، عبر باكو، حيث أُقيمت مراسم في مطار «إسطنبول» لتشييع جنازتها، ولُفّ الجثمان بعلم تركيا، وحمله الجنود، ونُقل إلى مطار «عدنان مندريس» في إزمير، غرب البلاد، حيث أُجريت عملية التشريح بمعرفة «الطب الشرعي»، وجُمعت الأدلة المتعلقة بجريمة القتل واستخراج القطع المعدنية التي استقرّت في رأسها.
وحُدّد سبب وفاة عائشة نور بأنه «كسر في الجمجمة ونزيف في الدماغ وتلف في أنسجة المخ»، ونُقل الجثمان بعد التشريح إلى مسقط رأسها في ديدم حيث شُيّعت جنازتها؛ إذ أرادت عائلتها دفنها في ديدم حيث يعيش جدها وباقي أفراد عائلتها الذين زارتهم قبل أن تتوجه إلى الضفة الغربية.
وأطلقت تركيا تحقيقاً في مقتل عائشة نور، وتخطّط لإصدار مذكرات اعتقال دولية للمسؤولين عن قتلها، كما دعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل. وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستبذل كل الجهود «حتى لا تبقى وفاة عائشة نور إزغي من دون عقاب».
وقالت والدة عائشة نور، ربيعة بيردان، إن الشيء الوحيد الذي تطلبه من الدولة هو المطالبة بالعدالة لابنتها. ورحّب والدها، محمد سعاد إيغي، الذي أتى من الولايات المتحدة لحضور تشييع جنازة ابنته بموقف تركيا وفتح التحقيقات في مقتل ابنته، وانتقد في الوقت ذاته موقف الولايات المتحدة، مؤكداً أنهم ينتظرون إجراء مماثلاً من الحكومة الأميركية.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، عبّر، الأربعاء، عن «حزنه الشديد» على مقتل عائشة نور، وطلب من إسرائيل «بذل المزيد» لتجنّب تكرار مأساة مثل هذه.
وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967، وكثّفت قواتها العمليات في المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة.
مباحثات مع «حماس»
في سياق متصل، بحث رئيس المخابرات التركية، إبراهيم كالين، في أنقرة، الجمعة، مع قادة من المكتب السياسي لحركة «حماس» المستجدات الأخيرة في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وسط تكهنات عن احتمال انضمام تركيا، التي تثير علاقتها مع «حماس» غضب إسرائيل، إلى جهود ومحادثات وقف إطلاق النار في غزة.
وقالت مصادر أمنية تركية إن كالين بحث مع قادة من المكتب السياسي لـ«حماس» قضايا مثل المرحلة الأخيرة التي وصلت إليها مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفلسطين، وتبادل الأسرى، والخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها لضمان وقف دائم لإطلاق النار في غزة التي تشهد مأساة إنسانية، وإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى المنطقة.
ونقلت «وكالة الأناضول» الرسمية عن المصادر، أنه جرى خلال اللقاء تأكيد الموقف البناء والإيجابي لحركة «حماس» خلال المفاوضات، وأن طرح إسرائيل شروطاً جديدة على نص المقترح الذي يحظى بدعم وقبول في إطار قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يزيد من صعوبة التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وتقول تركيا إنها تبذل جهوداً عبر جهاز المخابرات وأخرى دبلوماسية مع جميع الأطراف الفاعلة، خصوصاً قيادة «حماس»، لدعم وساطة مصر وقطر والولايات المتحدة لوقف إطلاق النار.
وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية، السبت، أن واشنطن طلبت من أنقرة القيام بدور للوساطة بين «حماس» وإسرائيل.
ويعتقد مراقبون أن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتركيا في 4 سبتمبر (أيلول) الحالي، ربما فتحت الباب لمشاركة تركيا في جهود الوساطة التي تواجه تعنتاً إسرائيلياً.