مطالبات بالعودة لـ«الإعدام» بعد جريمة قتل طفلة هزّت تركيا

باباجان وداود أوغلو يخطّطان لسحب الكتلة الغاضبة من إردوغان

مقتل الطفلة نارين غوران هزّ تركيا (وسائل إعلام تركية)
مقتل الطفلة نارين غوران هزّ تركيا (وسائل إعلام تركية)
TT

مطالبات بالعودة لـ«الإعدام» بعد جريمة قتل طفلة هزّت تركيا

مقتل الطفلة نارين غوران هزّ تركيا (وسائل إعلام تركية)
مقتل الطفلة نارين غوران هزّ تركيا (وسائل إعلام تركية)

تصاعدت المطالَبات في تركيا بالعودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام التي أُلغيت في إطار مفاوضاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على خلفية مقتل طفلة بطريقة بشعة، وإخفاء جثّتها التي عُثر عليها بعد 19 يوماً من البحث المكثّف.

على صعيد آخر، أعلن رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، علي باباجان، أن حزبه يعمل على صيغة اندماج أو تشكيل مجموعة برلمانية مع حزب المستقبل، برئاسة أحمد داود أوغلو، والاستفادة من انصراف كتلة كبيرة من الناخبين عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان الذي خرج الحزبان من عباءته. واقترح حزب السعادة التركي المعارض ذو التوجه الإسلامي، طرح تشريع على البرلمان يُعيد العمل بعقوبة الإعدام بضوابط معيّنة.

إعدام «بضوابط»

قال نائب رئيس الحزب محمود أريكان، في مؤتمر صحافي، الأربعاء: «دعونا نقنّن عقوبة الإعدام ضمن إطار محدّد بوضوح لجرائم القتل، وخصوصاً جرائم قتل الأطفال، المعيار الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو أن إطارها محدَّد بشكل واضح، ويقتصر على القتل، حتى لا يتحوّل إلى أداة للانتقام السياسي فيما بعد».

متظاهرون يندّدون بجريمة قتل الطفلة نارين في أنقرة الاثنين (د.ب.أ)

وتجدّدت المطالَبات بتطبيق عقوبة الإعدام التي أُلغيت في تركيا عام 2003، في إطار مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، بعد جريمة قتل هزّت البلاد، وباتت حديث الشارع التركي ووسائل الإعلام، راحت ضحيتها طفلة في ولاية ديار بكر جنوب شرقي البلاد.

وشُيّع جثمان الطفلة نارين غوران (8 سنوات)، الاثنين، في منطقة باغلار بديار بكر، وعُثر على جثمان الطفلة، الأحد الماضي، عقب 19 يوماً من اختفائها في 21 أغسطس (آب) الماضي، بعد خروجها لحضور درس تحفيظ القرآن الكريم في مسجد بقريتها «تاوشان تبه»، التابعة لبلدة باغلار.

وتم العثور على جثتها مغلّفة في كيس بلاستيك، ومُلقاة في منطقة وعرة بجوار مجرى مائي، وتمّت تغطيتها بالأحجار وأغصان الأشجار للتمويه.

وأكّدت الفحوصات الأوّلية أن نارين تعرّضت للخنق ولكسر في قدمها، فيما أشارت التحقيقات إلى أن الجُثّة قضت 15 يوماً في الماء، مما صعّب من تحديد الوقت الفعلي للوفاة، وتم القبض على 25 شخصاً، في مقدمتهم عمّها، الذي تطابقت عينات الحمض النووي الموجودة على ملابسها مع تلك الموجودة في سيارته، ما دفع السلطات لاعتقاله.

الطفلة القتيلة نارين غوران (وسائل إعلام تركية)

وتزعم الروايات المتداولة في الإعلام أن العم أقام علاقة غير مشروعة مع زوجة أخيه، وأن نارين قُتلت بعدما أصبحت شاهدة على تلك العلاقة، كما تم فتح التحقيقات مجدّداً في وفاة شقيقتها الكبرى التي كانت من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفيت عندما كانت في التاسعة من عمرها، وقيل حينها إن سبب موتها هو سقوطها من سلّم المنزل.

وفجّرت الجريمة البشعة التي راحت ضحيتها الطفلة نارين غضباً في الشارع التركي؛ إذ انتشرت صورها على منصات التواصل الاجتماعي، مع وسم «نارين» الذي أصبح الأكثر تداولًا على منصة «إكس»، وطالَب مواطنون الجهات المختصة بإيقاع أشد العقوبات على مرتكبي الجريمة.

وحظرت السلطات النشر عن القضية بعدما أحدثت غضباً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وتم رفع الحظر بعد العثور على جثة الطفلة، وأعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أنه سيتابع شخصياً الإجراءات القضائية؛ «للتأكد من أن أولئك الذين أخذوا طفلتنا الرقيقة منا سينالون أقصى عقوبة يستحقونها».

أثارت جريمة قتل الطفلة نارين غضباً عارماً في تركيا (د.ب.أ)

وانتقدت المعارضة التركية صمت السلطات، والتعتيم على الجريمة لمدة 19 يوماً، ونظّمت جمعيات نسائية وقفات احتجاجية في ولايات تركية عدة، تنديداً بمقتل الطفلة نارين غوران، واحتجزت الشرطة عشرات المشاركين في الوقفات، وسبق لإردوغان أن أعلن أنه سيصادق على الفور على إعادة عقوبة الإعدام إذا أقرّها البرلمان، وذلك بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضده في 15 يوليو (تموز) 2016، وكرّر ذلك قبل انتخابات عام 2018، مع تصاعد المطالبات بتطبيقها ضد قتَلة النساء والمتحرّشين بالأطفال.

اندماج رفاق إردوغان

على صعيد آخر، أعلن رئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي باباجان، عن إجراء محادثات للاندماج مع حزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو، أو إنشاء مجموعة برلمانية مشتركة.

وقال باباجان الذي شغل من قبل منصبَي وزير الخارجية والاقتصاد، في حكومات إردوغان وداود أوغلو، وكانا من المقرّبين منه قبل خروجهما من حزب العدالة والتنمية الحاكم اعتراضاً على أسلوبه في إدارة شؤون البلاد والحزب: «نُجري حالياً محادثات مع حزب المستقبل، ومن خلال ضمّ أصدقاء من الأحزاب السياسية الأخرى إلى البرلمان، نتطلع إلى معرفة ما إذا كان من الممكن تشكيل مجموعة أقوى وجديدة، وليس مجرد اندماج حزبين، بل مجموعة أبعد من ذلك».

وأضاف: «عندما ننظر إلى الديناميكيات الاجتماعية في تركيا نجد أن هناك حركات مكثّفة بشكل متزايد بعد الانتخابات الأخيرة، أولاً: لدينا الملايين من المواطنين المتدينين والمحافِظين الذين أحبوا حزب العدالة والتنمية، ودعموه ذات يوم، لكنهم الآن غير راضين عن السيد إردوغان وحزب العدالة والتنمية».

ثانياً: لدينا الملايين من الشباب الذين يرفضون النظام السياسي الحالي برمَّته، ويبحثون عن أشياء جديدة تماماً، ونريد أن نقول إن حزب الديمقراطية والتقدم سيكون دائماً هو العنوان الصحيح في الفترة المقبلة.

وسبق أن تردّد عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية بتركيا في مايو (أيار) 2023، أن 3 أحزاب صغيرة تمكّنت من دخول البرلمان التركي، عبر قوائم حزب الشعب الجمهوري، وحصلت على ما مجموعه 35 مقعداً، هي: «الديمقراطية والتقدم»، و«المستقبل»، و«السعادة»، قد تُشكّل مجموعة برلمانية معاً، إلا أن الأول الذي يملك 15 مقعداً لم ينضم إلى الحزبَين الأخيرين في هذه المجموعة التي شكّلاها معاً.


مقالات ذات صلة

أكرم إمام أوغلو يتوجه لـ«الدستورية» التركية للطعن في حكم قضية «الحمقى»

شؤون إقليمية رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (حسابه في إكس)

أكرم إمام أوغلو يتوجه لـ«الدستورية» التركية للطعن في حكم قضية «الحمقى»

اتخذ رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، خطوة باتجاه الطعن في دستورية الحكم بحبسه لأكثر من عامين وحظر نشاطه السياسي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية أوزيل أكد خلال المؤتمر العام لحزبه أن الشعب لن يصبر حتى موعد الانتخابات في 2028 (حسابه على إكس)

زعيم المعارضة التركية يتوقع انتخابات مبكرة قبل نهاية 2025

تظهر استطلاعات الرأي استمرار تفوق حزب «الشعب الجمهوري» على «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان بفارق واسع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية مجموعة من الخريجين الجدد يُشهِرون سيوفهم مُقسِمين على الولاء لأتاتورك (وسائل إعلام تركية)

تجاذُب حادّ بين إردوغان والمعارضة لتعهّده بتطهير الجيش من «جنود أتاتورك»

تشهد الساحة السياسية التركية تجاذباً حاداً على خلفية احتفال مئات من الضباط الجدد برفع سيوفهم، وأداء قسم يؤكدون فيه أنهم «جنود أتاتورك».

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو تحدى الحكومة مؤكداً أنها سترحل قبل أن تحصل على حكم بحبسه وحظر نشاطه السياسي (من حسابه على إكس)

إمام أوغلو يتحدى حكومة إردوغان بالرحيل قبل حبسه وحظره سياسياً

قال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو إن حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان سترحل قبل أن تتمكّن من سجنه أو منعه من العمل السياسي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

زعيم المعارضة التركية يتحدى: الانتخابات المبكرة ستنتهي بهزيمة إردوغان

واصل زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل ضغوطه من أجل التوجه إلى انتخابات مبكرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

القبض على عصابة تهريب في ميناء أسدود تحرج نتنياهو

طاقم المحققين الذين أشرفوا على عملية ضبط المهربين والموظفين المرتشين (الناطق باسم الشرطة)
طاقم المحققين الذين أشرفوا على عملية ضبط المهربين والموظفين المرتشين (الناطق باسم الشرطة)
TT

القبض على عصابة تهريب في ميناء أسدود تحرج نتنياهو

طاقم المحققين الذين أشرفوا على عملية ضبط المهربين والموظفين المرتشين (الناطق باسم الشرطة)
طاقم المحققين الذين أشرفوا على عملية ضبط المهربين والموظفين المرتشين (الناطق باسم الشرطة)

كشف النقاب في تل أبيب عن حملة اعتقالات واسعة أجراها محققو المخابرات والشرطة والجيش، تم فيها القبض على العشرات من الإسرائيليين والفلسطينيين الشركاء في عصابة تهريب أسلحة ومخدرات وبضائع أخرى. واعتبرت هذه المداهمة، إحدى أكبر عملية بوليسية جرت بعد أطول عملية مراقبة ومتابعة، دامت أربع سنوات ونصف السنة.

وخلال المداهمة (بدأت الثلاثاء وتستمر حتى نهاية الأسبوع)، جرى اعتقال مجموعة كبيرة من المستوردين من إسرائيل والضفة الغربية، يهود وعرب، وكذلك عدد من عملاء ومفتشي الجمارك العاملين في ميناء أسدود، القريب من قطاع غزة. وبحسب الناطق بلسان الشرطة، تمت هذه الخطوة بفضل أنشطة عميل زُرع في الميناء، والذي كشف خلال السنوات الأربع ونصف السنة، جرائم تهريب بضائع مقابل رشى ومخالفات ضريبية وغسل أموال، تصل قيمتها إلى عشرات الملايين من الدولارات، على إحدى بوابات الدخول الرئيسية إلى إسرائيل.

وقد أفيد، في إطار التحقيق، بأن الشرطة جنّدت اليمار لخيش، وهو ضابط شرطة جديد، تم تأهيله وتدريبه ليكون مفتشاً جمركياً تابعاً لمصلحة الضرائب وتم تقديمه في عام 2020 للعمل مفتشاً جمركياً أمنياً بوظيفة كاملة في الميناء وأرصفة الشحن في أسدود.

قسم من البضائع التي صودرت (الناطق باسم الشرطة)

وتمكن ضابط الشرطة، الذي مُنح اسم «جاك سبارو»، على اسم شخصية من فيلم «قراصنة الكاريبي»، في ظل أنشطته في البحرية، من الاختراق، تحت قصة تغطية أدخلته إلى نظام المفتشين في الميناء. وقد عمل هناك لأكثر من أربع سنوات، كوّن خلالها علاقات وبناء الثقة مع المستوردين من جميع أنحاء البلاد ومع موظفي الجمارك الذين يمثلونهم أمام مدير الجمارك في مصلحة الضرائب، بما في ذلك الأهداف الرئيسية التي تم تحديدها على أنهم متورطون في التهريب، بل إن بعضهم كان على صلة بتنظيمات إجرامية طلبت منه تهريب بضائع وعتاد وأدوات إلى البلاد.

ميناء أسدود (موقع الميناء)

وبعد أن نجح في الدور، بدأ المهربون يطلبون منه مساعدتهم في تهريب البضائع التي تصل في حاويات لميناء أسدود، بزعم تفتيش الحاوية بصورة شكلية. وبحسب الإفادة الموقعة، كان هذا مقابل رشوة مالية للمفتشين تصل إلى عشرات ومئات آلاف الدولارات. ويشتبه أيضاً أن المسؤولين أنفسهم، رشوا مسؤولين آخرين بينهم موظف في دائرة الجمارك في ميناء أسدود وموظف في وزارة المواصلات، وتم اعتقالهما أيضاً.

وعلى مر السنين، فتّش العميل مئات الحاويات التي تصل إلى إسرائيل في إطار مهامه، والتي تلقى مقابل الكثير منها رشى من المشتبه بهم مقابل «غض الطرف» عن البضائع التي أخفتها بطرق مبتكرة. على سبيل المثال، منتجات تبغ خُبئت داخل أجزاء من مجسمات لعرض أزياء، وملابس وأحذية من ماركات فاخرة يشتبه أن بعضها مزيف، وقد جرى إخفاؤها في حاوية تحتوي على ملابس تبدو رخيصة الثمن، وقطع غيار للمركبات الفاخرة على وجه الخصوص والمركبات عموماً التي لم تحصل على موافقة وزارة المواصلات.

بالإضافة إلى ذلك، استولى العميل وشارك أيضاً في العشرات من عمليات الضبط الكبيرة للحاويات التي ضمت بضائع محظورة وغير قانونية، مثل الأسلحة والذخائر التي أُخفيت في سجاد ملفوف، وأجزاء صغيرة من الأسلحة في صناديق يُزعم أنها تحتوي على براغي، وكميات كبيرة من جل «كاماجرا» دون موافقة وزارة الصحة أخفيت داخل براميل مخللات، وأجزاء من أسلحة تم لحامها داخل ماكينة، ومخدرات خطيرة بكميات كبيرة وعشرات المنتجات الأخرى المختلفة التي كان من المفترض دخولها إسرائيل ليجري توزيعها في أنحاء البلاد والضفة الغربية.

وبعد أكثر من أربع سنوات من جمع الأدلة والنتائج، نضج التحقيق السري، الذي شارك فيه عدد كبير من ضباط الشرطة بما في ذلك قسم شرطة «يمار لخيش»، وحدة يوآف، لواء ساهر، الوحدة التكتيكية للشرطة العسكرية، وحدة الكلاب، والجيش الإسرائيلي.

وبالتعاون مع جمارك تل أبيب ومباحث ضريبة القيمة المضافة ووحدة المخدرات والجمارك في دائرة جمارك أسدود، داهمت الشرطة منازل عشرات المشتبه بهم في إسرائيل والضفة الغربية، وألقت القبض عليهم بعد عمليات تفتيش ضبطت فيها أكثر من مليون شيقل نقداً وعملات أجنبية وشيكات، وثماني مركبات فاخرة ووثائق وأجهزة كومبيوتر محمولة، وممتلكات وأصولاً يشتبه أنها جاءت من جرائم مالية، وسيتم البدء في إجراءات مصادرتها.

ويجري حالياً استجواب المشتبه بهم في مكاتب منطقة شرطة «يمار لخيش»، بتهم غسل الأموال، رشوة موظف/ مسؤول في الدولة، تهريب البضائع وجرائم أخرى. على أن يحضروا لاحقاً أمام قضاة محكمة الصلح جلسة استماع في قضيتهم.

وتحرج هذه العملية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يدعي أن الأسلحة التي تصل إلى قطاع غزة تهرّب من سيناء المصرية عبر الأنفاق.