أكرم إمام أوغلو يتوجه لـ«الدستورية» التركية للطعن في حكم قضية «الحمقى»

بعدما بات يواجه الحبس والحظر السياسي

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (حسابه في إكس)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (حسابه في إكس)
TT

أكرم إمام أوغلو يتوجه لـ«الدستورية» التركية للطعن في حكم قضية «الحمقى»

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (حسابه في إكس)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (حسابه في إكس)

اتخذ أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، خطوة باتجاه الطعن في دستورية الحكم بحبسه لأكثر من عامين، وحظر نشاطه السياسي 5 سنوات بسبب وصفه أعضاء اللجنة العليا للانتخابات بـ«الحمقى».

وطلب محاموه من محكمة الاستئناف إحالة المادة «125 3-أ» من قانون العقوبات التركي، التي أدين إمام أوغلو بموجبها، إلى المحكمة الدستورية مع طلب إلغاء العقوبة.

واستند المحامون إلى رأي علمي حصلوا عليه من خبراء في القانون، أكدوا أن المادة 125 من قانون العقوبات التركي «ليست قاعدة جنائية عادية» وأن «لها تأثيراً على الحق في حرية التعبير في الدستور»، وفي هذا الصدد، هناك مجال يضيق فيه هامش المشرع فيما يتعلق بسياسة الجريمة والعقاب، استناداً إلى مصادر الأمم المتحدة ومجلس أوروبا، الذي تعد تركيا عضواً فيه.

إمام أوغلو خلال احتفالات يوم النصر في 30 أغسطس الماضي (حسابه في إكس)

وأفاد خبراء القانون بأن مثل هذا الحكم لا يصدر أبداً في الدول الأوروبية التي تربطها علاقات ثقافية وتاريخية مشتركة مع تركيا، كما أن فقه المحكمة الدستورية، فيما يتعلق بالموظفين العموميين، ينص على أنهم يجب أن يتحملوا المزيد من الانتقادات بسبب المهام التي يؤدونها، وحدود الانتقاد الموجه إلى هؤلاء الأشخاص أوسع بكثير.

وأكد الخبراء أن السلوك المطلوب في جريمة السب يتكون من «كلمات» وأنه لا يمكن لأي كلمة أن تتطلب عقوبة السجن التي تحرم الشخص من حريته، وأن ذلك يخلق عدم تناسب قطعي، و«من الواضح أن هناك مشكلة ظلم وعدم مساواة في حماية الأقوياء بأحكام جزائية مشددة بسبب الانتقادات الموجهة إليهم».

وقائع القضية

وقضت محكمة تركية في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2022، بحبس إمام أوغلو لمدة سنتين و7 أشهر و15 يوماً، ومنعه من ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات بتهمة «إهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات».

وبدأت القضية، التي باتت تعرف إعلامياً باسم «الحمقى» عندما انتقد وزير الداخلية السابق سليمان صويلو، إمام أوغلو، الذي تحدث في المؤتمر الأوروبي للسلطات المحلية والإقليمية في عام 2019، قائلاً: «أقول للأحمق الذي يذهب إلى البرلمان الأوروبي ويشكو من تركيا، إن هذه الأمة ستجعلك تدفع ثمن ذلك».

وردّ إمام أوغلو على صويلو قائلاً: «عندما ننظر إلى ما حدث وما يحدث في العالم، وفي أوروبا، من حيث صورتنا في أعينهم، سنجد أن أولئك الذين ألغوا الانتخابات هم الحمقى».

وعلى أثر ذلك، قدّم أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات شكوى جنائية ضد إمام أوغلو بدعوى أنهم تعرّضوا للإهانة، وأقام مكتب المدعي العام في إسطنبول دعوى قضائية ضده بتهمة «الإهانة العلنية للموظفين العموميين الذين يعملون كلجنة بسبب واجباتهم».

وظلت القضية قيد الاستئناف أمام المستوى الأدنى من المحكمة العليا، التي تعدّ أيضاً «محكمة استئناف» حتى الآن، لكن تأييدها للقرار سيعني فرض الحظر السياسي على إمام أوغلو.

إمام أوغلو وسط أنصاره خلال زيارة لمدينة إزمير غرب تركيا الشهر الماضي (حسابه في إكس)

تراشق حاد

ودخل إمام أوغلو ووزير العدل، يلماظ تونتش، في سجال وتراشق حادَّين بالتصريحات، الأسبوع الماضي، بعدما سُئل الأول عن احتمالات تأييد محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحبسه بتهمة إهانة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات الذين قرروا إعادة الانتخابات في إسطنبول عام 2019، على الرغم من فوزه في الجولة الأولى على منافسه رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم، لوصفه إياهم بـ«الحمقى».

ورداً على السؤال، قال إمام أغلو، الذي يُنظر إليه على أنه المرشح الأوفر حظاً للفوز برئاسة تركيا في أول انتخابات مقبلة، بأن الحكومة الحالية، التي يرأسها الرئيس رجب طيب إردوغان، «لن تشهد قرار المحكمة العليا بحظر نشاطه السياسي لأنهم سيعودون إلى بيوتهم من خلال الانتخابات المبكرة قبل أن تنظر المحكمة القضية».

وأضاف، خلال مقابلة تلفزيونية، أنه «حال قرر الاستئناف التأكيد على الحكم الصادر ضدي، فلن يبقى أولئك الذين في السلطة يوماً واحداً، الناس سيخرجون إلى الشوارع ويعلنون العصيان. تأييد هذا الحكم الذي ينطوي على تلاعب سياسي ويعد عملاً سخيفاً، سوف يسيء إلى سمعة تركيا في الخارج، الأمر الذي سوف يعمّق حالة عدم الثقة بالاقتصاد».

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (حسابه في إكس)

ورداً على هذه التصريحات، قال وزير العدل التركي، يلماظ تونتش: «لا يمكن لأحد أن يرهب أعضاء السلطة القضائية برفع أصابعه في البرامج التلفزيونية، عندما لا يعجبك قرار المحكمة الابتدائية، يمكنك الاستئناف وتقديم الدفاع عن نفسك هناك».

وعاد إمام أوغلو وردّ على تصريحات تونتش، قائلاً: «لم أشر بإصبعي إلى القضاء، بل أشرت إليك أنت (وزير العدل). لقد أشرت بإصبعي إلى أعضاء الحكومة الذين يؤثرون في القضاء مثلك، أتحداكم في الميدان... هذه الأمة سوف تقف ولن تترك لك الوقت حتى تصدر المحكمة العليا قرارها وسترسلك إلى بيتك، وطريقتها واضحة... الانتخابات المبكرة ستأتي».


مقالات ذات صلة

زعيم المعارضة التركية يتوقع انتخابات مبكرة قبل نهاية 2025

شؤون إقليمية أوزيل أكد خلال المؤتمر العام لحزبه أن الشعب لن يصبر حتى موعد الانتخابات في 2028 (حسابه على إكس)

زعيم المعارضة التركية يتوقع انتخابات مبكرة قبل نهاية 2025

تظهر استطلاعات الرأي استمرار تفوق حزب «الشعب الجمهوري» على «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان بفارق واسع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية مجموعة من الخريجين الجدد يُشهِرون سيوفهم مُقسِمين على الولاء لأتاتورك (وسائل إعلام تركية)

تجاذُب حادّ بين إردوغان والمعارضة لتعهّده بتطهير الجيش من «جنود أتاتورك»

تشهد الساحة السياسية التركية تجاذباً حاداً على خلفية احتفال مئات من الضباط الجدد برفع سيوفهم، وأداء قسم يؤكدون فيه أنهم «جنود أتاتورك».

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو تحدى الحكومة مؤكداً أنها سترحل قبل أن تحصل على حكم بحبسه وحظر نشاطه السياسي (من حسابه على إكس)

إمام أوغلو يتحدى حكومة إردوغان بالرحيل قبل حبسه وحظره سياسياً

قال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو إن حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان سترحل قبل أن تتمكّن من سجنه أو منعه من العمل السياسي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

زعيم المعارضة التركية يتحدى: الانتخابات المبكرة ستنتهي بهزيمة إردوغان

واصل زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل ضغوطه من أجل التوجه إلى انتخابات مبكرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

​الانتخابات المبكرة تشغل أجندة تركيا السياسية

تنشغل الساحة السياسية في تركيا بالحديث حول الانتخابات المبكرة على الرغم من إعلان الرئيس رجب طيب إردوغان أن البلاد لن تشهد انتخابات قبل 2028.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو
TT

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

أثار خبر برمجة عرض الفيلم الوثائقي عن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في مهرجان تورونتو السينمائي، ليلة الاثنين – الثلاثاء، غضب نتنياهو الشديد، ما دفعه إلى أن يطلب من المحكمة المركزية في القدس، يوم الاثنين، إصدار أمر فوري يحظر عرضه للإسرائيليين؛ إذ يتناول الفيلم تأثير فساده على قراراته السياسية والاستراتيجية، وما تسبَّبت فيه من تخريب على عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان الفلسطيني.

لكن القاضي الإسرائيلي رفض إصدار أمر مثل هذا، وقال إن الفيلم يحتوي على مقاطع فيديو توثّق تحقيقات الشرطة مع نتنياهو، ومع زوجته سارة، ونجله يائير، وإذا كان القانون الإسرائيلي يحظر نشر مقاطع من تحقيقات الشرطة في أي قضية، لكنه لا يحظر على الأشخاص حصولهم على التسجيلات، أي لا يحظر فيلماً مستمَداً من تلك الوثائق.

وعلى الإثر، أُطلقت مبادرة من مجموعة معارضين لنتنياهو، تعرض فرصة مشاهدة فيلم (الملك بيبي) بأجر رمزي شبه مجاني، وفي ليلة واحدة سجّل حوالي 13 ألف شخص طلبات المشاهدة، كان بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت.

الفيلم الوثائقي من إنتاج مشترك للحائز على جائزة الأوسكار أليكس جيبني، وهو أميركي إسرائيلي، والصحافي الإسرائيلي في القناة «13»، رافيف دروكر، ومن إخراج اليهودية الأميركية أليكسيس بلوم. وحصل جيبني على التسجيلات المصوّرة العام الماضي، وهي مسرّبة من الشرطة عن التحقيقات التي سُجّلت بين عامَي 2016 و2018 بوصفها جزءاً من جمع الشرطة الأدلة لتحديد ما إذا كان ينبغي توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو، وقد وُجّهت ضده في عام 2019، وشملت تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.

مخرجة فيلم «ملفات بيبي» الأميركية أليكسيس بلوم

المقاطع تتضمّن أيضاً تحقيقات مطوَّلة مع نتنياهو وزوجته ونجله وأصدقائه ومقرّبين منه، وكذلك مع موظفين في مسكن رئيس الحكومة الرسمي.

ونقلت وسائل الإعلام عن جيبني قوله: «هذه التسجيلات تُلقي الضوء على شخصية نتنياهو بطريقة غير مسبوقة وغير عادية، إنها دليل قوي على شخصيته الفاسدة المرتشية، وكيف قادتنا إلى ما نحن عليه الآن».

وقالت المخرجة أليكسيس، إن نتنياهو يظهر في الفيلم كبطل تراجيدي على طريقة أبطال مسرحيات شكسبير، أي «البطل الذي يقع ضحيةَ أفعاله»، وقد كشفت التحقيقات أموراً مذهلة لم تُعرَف بهذه التفاصيل، عن مدى جشعه وحبه للمال والهدايا، وغوصه في الملذّات والركض وراء المال، لدرجة أنه أهمل شؤون الدولة حتى تدهورت إلى الحد الذي نراه فيها الآن.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة خلال نزهة برفقة ابنيهما يائير وأفنير (جيروزاليم بوست - المكتب الصحافي الحكومي الإسرائيلي)

ونقلت مجلة «فارايتي» الأميركية، الثلاثاء، عن جيبني، قوله: «إن هذه التسجيلات تُلقي الضوء على شخصية نتنياهو بطريقة غير مسبوقة وغير عادية، إنها دليل قوي على شخصيته الفاسدة، وكيف دفعت إسرائيل إلى الهاوية التي نحن فيها الآن».

ووفقاً لتوم باورز، كبير مبرمجي الأفلام الوثائقية في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، فإن فيلم «ملفات بيبي»، هو عمل من أعمال الصحافة الوثائقية من الدرجة الأولى، فقد حصل أليكسيس بلوم وأليكس جيبني، على لقطات كاشفة لم يرَها أحد من قبل، ثم أجرَيا مقابلات معمّقة مع مجموعة واسعة من الشخصيات، بما في ذلك من أعلى مستويات الحكومة الإسرائيلية.

المنتج والمخرج الأميركي الإسرائيلي أليكس جيبني

وعلى الرغم من أن التسجيلات التي تحتوي على آلاف الساعات من التحقيقات تم إجراؤها منذ أكثر من 8 سنوات، فإنه لم يتم رؤيتها في أي مكان، بما في ذلك إسرائيل، بسبب قانون الخصوصية فيها.

وقالت المخرجة أليكسيس بلوم إنه «تبرز شخصية نتنياهو بقوة في التسجيلات، وأودّ أن أقول إن الفارق بين هذا الفيلم ونشرات الأخبار أو شيء قد تشاهده عن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، هو أن هذه نظرة إنسانية للغاية إلى الأشخاص الذين يتصدّرون عناوين الأخبار»، وأضافت أن الفيلم الوثائقي يستخدم مقاطع فيديو الاستجواب «كطريقة للدخول» إلى قصة نتنياهو، رئيس الحكومة الأطول مدةً في إسرائيل الذي تولّى منصبه 6 مرات، «وكان عملنا في هذا الفيلم هو ربط هذه التحقيقات ومحاكمة الفساد بكل ما يأتي بعد ذلك».

وقالت بلوم إن خطة «الإصلاح القضائي» لإضعاف جهاز القضاء التي أطلقتها حكومة نتنياهو، مطلع العام الماضي، كانت أحد الأسباب التي دفعتها إلى العمل على هذا الفيلم. ولفتت إلى أن «حكومة نتنياهو تحاول إصلاح المحكمة العليا، ثم تشن الحرب (على غزة) بطريقة لم تكن لتحدث أبداً لو لم يكن لديها مثل هذا الائتلاف المتطرف».

وقال جيبني، وبلوم التي ينتمي والدها للديانة اليهودية، إنهما قرّرا إنتاج فيلم وثائقي لا يروّج لتعاليم دينية معينة، بل إنهما يَعُدّان الفيلم الذي يتناول الإسرائيليين والفلسطينيين فيلماً وثائقياً يروي الحقيقة، ويركّز على حقوق الإنسان، وليس فقط على حقوق الإسرائيليين والفلسطينيين.

متظاهرون في مستوطنة «نيفيه أتيف» بالجولان حيث نتنياهو وزوجته يقضيان أيام استجمام... أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

وأضافت بلوم: «حاولت جاهدةً إيجاد أرضية مشتركة في هذا الفيلم، شيء يمكننا جميعاً أن نتفق عليه، إن بقاء نتنياهو لفترة أطول من اللازم هو أمر يتفق عليه كثير من الإسرائيليين وكثير من الفلسطينيين أيضاً، وقد يختلفون عندما تذهب إلى أبعد من ذلك، من حيث الحل لأزمة الشرق الأوسط، ومن المؤكد أنهم سوف يختلفون حول هذا الأمر، ولكنني أعتقد في واقع الأمر أن أغلب الناس، باستثناء المتشدّدين من أنصار نتنياهو، يتفقون على ضرورة رحيل نتنياهو».

وشدّد جيبني على أن «هناك إلحاحاً معيناً فيما يتّصل بمعالجة هذه المواد وشخصية نتنياهو، في وقت يُقال لنا فيه: (أوه، هذه المناقشات ستؤجَّل إلى يوم آخر؛ لأن نتنياهو في خضم حرب غزة)، لقد شعرنا أنه من المهم، وبصراحة، من واجبنا بصفتنا مواطنين نؤمن بالعولمة، أن نجعل قصتنا معروفة في أقرب وقت ممكن؛ لأن الناس يموتون كل يوم».

عاجل بدء المناظرة الرئاسية بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب