كيف يؤثر ضعف دقة صواريخ إيران في صراعها مع إسرائيل؟

محللون: «هجوم أبريل» كشف عن نقاط ضعف قذائف «الحرس الثوري»

النظام الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» يعترض صواريخ باليستية أطلقتها إيران في أبريل الماضي (أ.ب)
النظام الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» يعترض صواريخ باليستية أطلقتها إيران في أبريل الماضي (أ.ب)
TT

كيف يؤثر ضعف دقة صواريخ إيران في صراعها مع إسرائيل؟

النظام الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» يعترض صواريخ باليستية أطلقتها إيران في أبريل الماضي (أ.ب)
النظام الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» يعترض صواريخ باليستية أطلقتها إيران في أبريل الماضي (أ.ب)

بينما تهدد إيران بمهاجمة إسرائيل رداً على اغتيال قائد حركة «حماس»، إسماعيل هنية، داخل طهران، يبقى برنامجها الصاروخي الذي لطالما تباهت به من الطرق القليلة لديها للرد المباشر، ولكن تظل هناك تساؤلات حول مدى خطورة هذا البرنامج بالفعل.

كان البرنامج وراء الهجوم غير المسبوق بالطائرات من دون طيار والصواريخ على إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي، عندما أصبحت إيران أول دولة تطلق مثل هذا الهجوم منذ أن أطلق النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين صواريخ «سكود» على إسرائيل في خضم حرب الخليج عام 1991.

لكن القليل من القذائف الإيرانية وصل إلى أهدافه، فقد أسقطت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة كثيراً منها، في حين فشل إطلاق صواريخ أخرى، على ما يبدو، أو تحطمت خلال الطيران. و حتى تلك التي وصلت إلى إسرائيل بدت كأنها أخطأت أهدافها.

وأفادت وكالة «أسوشييتد برس»، نقلاً عن تحليل جديد أعده خبراء، بأن أحد الصواريخ الأكثر تقدماً في ترسانة طهران اتضح أنه أقل دقة مما كان يُعتقد سابقاً.

وقال سام لاير، الباحث المساعد في «مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي»، الذي شارك في إعداد التحليل، إن «الهجوم في أبريل الماضي أظهر قدرة معينة على ضرب إسرائيل»؛ ولكن «إذا كنتُ المرشد الإيراني علي خامنئي، فربما كنتُ لأصاب بخيبة أمل بعض الشيء».

وأضاف لاير أنه إذا لم تكن الصواريخ الإيرانية قادرة على ضرب الأهداف بدقة، «فهذا يعيد صياغة دورها، فهي لم تعد ذات قيمة كما كانت في العمليات العسكرية التقليدية. وقد تكون أكثر قيمة فقط بوصفها أسلحة للترهيب».

مثالاً؛ استذكر لاير إطلاق الصواريخ الذي كان يحدث على المدن في حرب إيران مع العراق في الثمانينات، عندما كانت إيران قادرة على إطلاق مجموعة متنوعة من الصواريخ على مدينة كبيرة على أمل أن يخترق البعض منها الدفاعات.

وقالت إيران مراراً وتكراراً إنها سترد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران. ويشتبه على نطاق واسع في أن إسرائيل نفذت عملية الاغتيال، رغم أنها لم تعلن مسؤوليتها عنها.

ورفضت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة التعليق على التحقيق، لكن المرشد خامنئي أقر ضمناً بفشل بلاده في ضرب أي شيء ذي أهمية في إسرائيل.

وقال خامنئي: «مناقشات الطرف الآخر حول عدد الصواريخ التي أُطلقت، وعدد التي أصابت الهدف، وعدد التي لم تُصِب... هذه أمور ثانوية... القضية الرئيسية هي بروز الأمة الإيرانية والجيش الإيراني في ساحة دولية مهمة. هذا هو ما يهم».

قائد «الوحدة الصاروخية» في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده (بالزي الأخضر) وسط قيادات من الجيش الإيراني يوم 21 أبريل الماضي (موقع خامنئي)

محاولة كبيرة

وكان الهجوم الانتقامي الإيراني متوقعاً بعد الهجوم الإسرائيلي (المحتمل) مطلع أبريل، الذي استهدف قنصلية إيران في دمشق بسوريا، مما أدى إلى مقتل قائد قوات «الحرس الثوري» في سوريا محمد رضا زاهدي ونائبه، و5 ضباط، وكذلك عضو من جماعة «حزب الله» اللبنانية.

أوضحت لقطات بُثت عبر التلفزيون الحكومي الإيراني أن الهجوم الإيراني في 13 أبريل بدأ مع ظهور قائد «الحرس الثوري»، اللواء حسين سلامي، يتحدث عبر الهاتف مع اللواء أمير علي حاجي زاده، قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس»، آمراً: «ابدأوا عملية (الوعد الصادق) ضد قواعد النظام الصهيوني».

مع توجه الصواريخ نحو السماء، توقف الناس في جميع أنحاء إيران عما كانوا يفعلونه وأشاروا بهواتفهم الجوالة إلى ضجيج الإطلاق، من سياراتهم وشرفات منازلهم. وأظهرت مقاطع الفيديو مواقع إطلاق متعددة؛ بما في ذلك من ضواحي مدن أراك وهمدان وأصفهان وكرمانشاه وشيراز وتبريز وطهران... وفق تحليل «أسوشييتد برس».

وظهرت لقطات غير واضحة بعد ذلك عبر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي العسكرية الموالية لإيران توضح صواريخ تهدر من منصات إطلاق متحركة على الشاحنات.

وانطلقت طائرات إيران المسيّرة الانتحارية من طراز «شاهد» من قواعد معدنية، ودوّت محركاتها مثل جزازات العشب في سماء الليل. وأُطلق بعضها من شاحنات صغيرة تسرع على المدارج.

وانطلقت الطائرات المسيّرة ذات الشكل المثلث أولاً، واستغرقت ساعات للوصول إلى أهدافها، ثم أُطلقت صواريخ «كروز - باوه»، التي استغرقت وقتاً أقل، وأخيراً الصواريخ الباليستية «عماد» و«قدر» و«خيبر شكن»، التي استغرقت دقائق فقط، وفقاً لتحليل «مشروع ويسكونسن للحد من الأسلحة النووية». كما أُطلقت طائرات مسيّرة وصواريخ من اليمن، ربما من قِبل جماعة الحوثي الموالية لإيران.

وقدرت السلطات الإسرائيلية أن إيران أطلقت 170 طائرة مسيّرة، و30 صاروخ «كروز»، و120 صاروخاً باليستياً. وفي الأردن؛ اعتُرض صاروخ باليستي فوق الغلاف الجوي للأرض، مع تلاشي الانفجار في شكل دائرة.

وأسقطت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا جزءاً من هذه القذائف. وقال الأميركيون إنهم أسقطوا 80 طائرة مسيّرة محملة بالقنابل و6 صواريخ باليستية على الأقل. كما جرى تفعيل الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية، على الرغم من أن ادعاءها الأولي بإسقاط 99 في المائة من القذائف يبدو مبالغة.

وقال فابيان هينز، خبير الصواريخ و«زميل الأبحاث» في «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، الذي يدرس إيران، إن الهجوم «لم يكن شيئاً رمزياً بوضوح، ولم يكن محاولة لتجنب الضرر». وأضاف: «كان محاولة كبيرة للتغلب على الدفاعات الإسرائيلية».

وقال مسؤولون أميركيون، تحدثوا شرط عدم الكشف عن هوياتهم بسبب مناقشة المسائل الاستخباراتية، لوكالة «أسوشييتد برس»، إنهم يعتقدون أن 50 في المائة من الصواريخ الإيرانية فشلت عند الإطلاق أو تحطمت قبل الوصول إلى الهدف.

أشخاص يتجمعون حول صاروخ باليستي إيراني يبدو أنه لم ينفجر وقد اعتُرض بالقرب من البحر الميت في إسرائيل يوم 20 أبريل (أ.ب)

ضعف الدقة

في أعقاب ذلك، فحص محللون في «مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي» الهجوم على قاعدة «نيفاتيم» الجوية التي تبعد نحو 65 كيلومتراً (40 ميلاً) جنوب القدس في صحراء النقب. ويدرس الخبراء في المركز إيران وبرنامجها للصواريخ الباليستية منذ فترة طويلة.

برزت القاعدة على الفور بعد الهجوم الإسرائيلي (المحتمل) على البعثة الدبلوماسية الإيرانية في سوريا. وزعم السفير الإيراني لدى سوريا، حسين أكبري، أن الضربة نفذتها طائرات «إف35 آي» الإسرائيلية، المتمركزة في «نيفاتيم».

كما ظهرت القاعدة الجوية في الدعاية العسكرية الإيرانية. وبث التلفزيون الحكومي الإيراني لقطات لمناورات صاروخية في فبراير (شباط) الماضي، تحاكي استهداف حظائر «إف35 آي» في «نيفاتيم». ودمرت الصواريخ الباليستية؛ بما فيها بعض الأنواع المستخدمة في الهجوم على إسرائيل في هجوم أبريل الماضي، النموذج المجسم.

وفي الهجوم، أصابت 4 صواريخ إيرانية على الأقل قاعدة «نيفاتيم»، كما يظهر من صور الأقمار الاصطناعية واللقطات التي أظهرها الجيش الإسرائيلي.

وقال المحللون إن الحطام الوحيد الذي عُثر عليه في المنطقة (الذي جُمع من البحر الميت) يشير إلى أن إيران استخدمت صواريخ «عماد» لاستهداف «نيفاتيم»، وفق ما قال المحللون. الصاروخ «عماد» (أو «العمود» بالفارسية) الذي يعمل بالوقود السائل، هو نسخة من صاروخ «شهاب3» الإيراني المصنوع بناءً على تصميم كوري شمالي بمدى تقريبي يبلغ ألفي كيلومتر (1240 ميلاً).

ويشير هذا إلى أن صواريخ «عماد» أطلقت على الأرجح من قاعدة «مرصاد» في ضواحي مدينة شيراز، وهي ضمن الحدود التقديرية لقدرات الصاروخ المحتملة، وفق ما قال المحللون.

استناداً إلى تركيز إيران على الطائرة «إف35 آي»، افترض محللو «جيمس مارتن» أن النقطة المستهدفة المحتملة لإطلاق النيران الإيرانية ستكون مجموعة من حظائر الطائرات. كما أن الموقع يعدّ نقطة مركزية تقريباً داخل قاعدة «نيفاتيم» نفسها.

صورة بالأقمار الاصطناعية لقاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

وقال لاير إن هذا يقدم «هدفاً أكثر قيمة بكثير» من مجرد «إحداث ثقوب في المدرج». لكن لم يُصِب أي من الصواريخ الإيرانية تلك الحظائر مباشرة.

بافتراض أن إيران قد استهدفت الحظائر، فقد قاس محللو «جيمس مارتن» المسافة بين الحظائر ومناطق تأثير الصواريخ. وكانت النتيجة معدل نحو 1.2 كيلومتر (0.75 ميل) لـ«دائرة الخطأ المحتمل»؛ وهو قياس يستخدمه الخبراء لتحديد دقة السلاح بناءً على نصف قطر دائرة يشمل 50 في المائة.

وقال هينز إن هذا أسوأ بكثير من دائرة الخطأ البالغة 500 متر التي قدّرها الخبراء في البداية لصاروخ «عماد». وبعد انتهاء حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، روجت إيران لصاروخ «عماد» بشكل منفصل للمشترين الدوليين المحتملين بوصفه يمتلك دائرة خطأ تبلغ 50 متراً؛ وهو رقم يتماشى مع أفضل مواصفات الصواريخ المستخدمة في أنظمة أخرى. لكن نتائج الهجوم في أبريل الماضي لم تكن بأي حال من الأحوال بهذه الدقة.

وقال لاير إن «هذا يعني أن صاروخ (عماد) أقل دقة بكثير مما أشارت إليه التقديرات السابقة». وأضاف: «هذا يشير إلى أن الإيرانيين متأخرون بجيل عن التقديرات السابقة التي اعتقدت أنهم كانوا دقيقين فيها».

قد يُعزى الأداء الضعيف إلى إجراءات الحرب الإلكترونية التي تهدف إلى إرباك نظام توجيه الصاروخ، وكذلك احتمالية وجود تخريب، أو تصميم رديء للصاروخ والمسافات المحددة في الهجوم.

ما الخطوة التالية؟

في الماضي، كانت التهديدات الإيرانية بالانتقام من إسرائيل تأخذ عادة شكل هجمات من قبل قوات مدعومة من إيران في الشرق الأوسط، أو هجمات على أهداف إسرائيلية في أماكن أخرى، مثل السفارات أو السياح.

كما تحد الجغرافيا من الخيارات المتاحة للهجوم العسكري الإيراني المباشر. ولا تشترك إيران في حدود مع إسرائيل، والمسافة بين البلدين تبلغ نحو ألف كيلومتر في أقصر مسافة.

وتمتلك القوة الجوية الإيرانية أسطولاً قديماً منذ حقبة الحرب الباردة، يتكون من طائرات «إف14 - توم كات» و«ميكويان ميغ29»، ولكنها لن تكون نداً لطائرات «إف35 آي» الإسرائيلية وأنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها. وهذا يعني أن إيران ستحتاج مرة أخرى إلى الاعتماد على الصواريخ والطائرات المسيرة بعيدة المدى.

كذلك، يمكنها أيضاً الاستعانة بمساعدة جماعات الوكلاء، مثل «حزب الله» اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن، لإرباك الدفاعات الإسرائيلية.

رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الفريق هيرتسي هاليفي يتحدث إلى ضباط في قاعدة «نيفاتيم» الجوية جنوب إسرائيل يوم 15 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

وهناك خطر يتمثل في إمكانية أن تطور طهران سلاحاً نووياً، وهو تهديد كرره المسؤولون الإيرانيون في الأشهر الأخيرة. وفي حين تصر إيران على أن برنامجها النووي سلمي، فإن وكالات الاستخبارات الغربية و«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» تقول إن طهران كان لديها برنامج نووي عسكري منظم حتى عام 2003.

وفي يوليو (تموز) الماضي، قالت وكالات الاستخبارات الأميركية في تقرير إن إيران «اتخذت إجراءات تضعها في موقع أفضل لإنتاج سلاح نووي إذا اختارت ذلك». ومع ذلك، فإن صنع سلاح وتصغيره ليوضع على صاروخ باليستي قد يستغرق سنوات.

وقال التقرير الصادر عن مدير الاستخبارات الوطنية: «تمتلك إيران أكبر مخزون من الصواريخ الباليستية في المنطقة، وتواصل التركيز على تحسين دقة وفتك وموثوقية هذه الأنظمة». ورجح التحليل أنه من المحتمل أن تتجه إيران إلى استخلاص الدروس من هجوم أبريل الماضي.


مقالات ذات صلة

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على

«الشرق الأوسط» (لندن – طهران)
شؤون إقليمية 
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية  منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

«عسكرة» البرنامج النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حاول، دون طائل، تجنب التصعيد بين الغربيين وإيران.

ميشال أبونجم (باريس)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.