نتنياهو راوغ بلينكن تحسباً لليمين في إسرائيل وأميركا

تقارير: مقربون من ترمب يسعون لحرمان بايدن من مكسب الاتفاق

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يصافح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع في القدس 19 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يصافح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع في القدس 19 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو راوغ بلينكن تحسباً لليمين في إسرائيل وأميركا

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يصافح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع في القدس 19 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يصافح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع في القدس 19 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن أسباباً مركّبة إسرائيلية وأميركية، دفعت رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى التعبير عن التراجع عمّا أعلنه وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، من قبول حكومته بمقترح التهدئة؛ ولم تكن الأسباب فقط من اليمين الإسرائيلي، بل دخل على خطها اليمين الأمريكي، مع إشارة إلى مقربين من حملة الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترمب، كجزء من هذه الضغوط.

وذهبت تقديرات لمحللين إسرائيليين إلى أنه على الرغم من إفادة بلينكن بأن نتنياهو وافق على التهدئة، فإن الأخير راوغه وفضّل صداماً معه بإنكار جزئي لبعض البنود على أن يدخل في خلاف مع المتطرفين في حكومته من أمثال الوزيرين، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يهددانه بإسقاط الحكومة.

جاءت تلك الإفادات في ظل إحباط شامل يسود عائلات أسرى إسرائيليين من تصرفات نتنياهو، والتقديرات التي تُجمع على أن الصفقة باتت في خطر حقيقي، وتوقعات بأن اجتماعاً مفترضاً بشأن التهدئة يُعقد في القاهرة غداً، يمكن أن يُلغى أو يُعقد بتركيبة ناقصة ويفشل.

كان بلينكن قد أعلن موافقة نتنياهو على المقترحات الجديدة. لكن نتنياهو عاد وقال بعد يوم واحد من لقائهما، إنه «ربما أقنع الوزير بلينكن بصفقة تتضمن بقاء الجيش الإسرائيلي في محوري فيلادلفيا (المتاخم للحدود مع مصر) ونتساريم (يقسم قطاع غزة عرضياً)».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس (السفارة الأميركية)

وأثارت هذه التصريحات غضباً كبيراً لدى بلينكن ومرافقيه. وردوا عليها من الدوحة، ووصفوها بـ«المتشددة». وقال بلينكن في تصريح للصحافيين من مطار الدوحة قبيل صعوده إلى الطائرة عائداً إلى واشنطن، مساء الثلاثاء، إنّ «نتنياهو قال لي مباشرةً وبكل وضوح إنه يقبل المقترحات. ولذلك بدأنا الضغط على (حماس) كي تقبل بها»

وفي إسرائيل أعادوا تأكيد التشاؤم إزاء المفاوضات القادمة. وقال أعضاء في الفريق الإسرائيلي المفاوض إن «رئيس الحكومة، نتنياهو، يتعمد إطلاق تصريحات لإفشال المفاوضات، لا يوجد أي تفسير آخر لذلك».

وحسبما أفادت هيئة البث العام الإسرائيلية (كان 11)، قال أكثر من مسؤول في الفريق المفاوض إن «رئيس الحكومة يعرف أننا في فترة حرجة نعمل فيها على إيجاد حلول لمسألة محوري فيلادلفيا ونتساريم قبل جولة المحادثات المقبلة، وهو يعرف أن هناك تقدماً، رغم ذلك يُصدر تصريحات تتعارض مع ما جرى الاتفاق عليه مع الوسطاء».

ووفقاً لمصدر مطلع على تفاصيل اللقاء الذي جمع نتنياهو مع عائلات أسرى في غزة وذوي جنود قُتلوا في غزة، قال نتنياهو: «أنا المخول بإدارة المفاوضات. ومن لا يعجبه الطريقة التي يدير بها رئيس الحكومة المفاوضات، فهو مدعوٌّ للقيام والمغادرة». وقد ردوا قائلين: «على الرغم من التوتر الكبير بين الأطراف، فلا توجد أي نية لدى أعضاء فريق المفاوضات المكون من رؤساء الأجهزة الأمنية، للتخلي عن مناصبهم في هذه المرحلة الحرجة من المفاوضات».

بدورها، رجّحت القناة 13 الإسرائيلية، أن تُرجأ جولة المحادثات المقررة في نهاية الأسبوع الجاري في القاهرة بمشاركة رئيس الموساد، دافيد برنياع، إلى حين «حدوث تقدم في المحادثات»، وأفادت بأنه «حتى الآن، لا يوجد تقدم يبرر عقد قمة من هذا القبيل».

مراوغة

وبات السؤال الملحّ في تل أبيب: لماذا غيّر نتنياهو رأيه من الموافقة، إذا كانت موجودة فعلاً كما أبلغ بلينكن، إلى رفض؟ وتذهب تقديرات إلى أن الأمر متسق مع طبيعة نتنياهو المراوغة في كل المحاولات السابقة للتهدئة، بينما يعتقد مراقبون إسرائيليون أن بلينكن حاول نصب مصيدة عسل لنتنياهو، بأن يعلن أنه وافق، فاكتشف نتنياهو الأمر وقرر إحباطه بفظاظة.

لكن تبين أن هناك ما هو أهم وأكبر تأثيراً على نتنياهو، فقد كشف النقاب عن أن نتنياهو ما زال يدير مفاوضات مع حلفائه في اليمين المتطرف، وعقد مؤخراً اجتماعين مع وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، لمناقشة المفاوضات غير المباشرة مع حركة «حماس» لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

العضوان المتطرفان في الحكومة الإسرائيلية إيتمار بن غفير (يسار) وبتسلئيل سموتريتش (أ.ف.ب)

وحسب موقع «واللا» الإسرائيلي، فقد حاول نتنياهو فحص مدى معارضة سموتريتش لاتفاقية الأسرى، وما إذا كان سيوافق عليها وبأي شروط أو يتغاضى عنها بصمت في ظل ظروف معينة.

وبعدما نشر بلينكن البيان عن موافقة نتنياهو، بعث سموتريتش برسالة إلى نتنياهو يهدده فيها بأنه «سيعمل على إسقاط الحكومة إذا ما أُقرت الصفقة». وبما أن شريك سموتريتش، بن غفير، هدد مسبقاً بتفكيك الائتلاف في حالة إبرام صفقة، فقد فهم أن عليه طمأنتهما بأن موقفه لم يتغير. وفضّل الصدام مع واشنطن على الصدام معهما.

حسابات أميركية

وليس سموتريتش وبن غفير فحسب، بل أفادت تقارير بأن هناك جهات أمريكية تتدخل وتحاول إجهاض الصفقة، وهي جهات مقربة من الحزب الجمهوري والرئيس السابق، دونالد ترمب. وتعتقد أن على نتنياهو ألا يقدم هدية انتخابية للرئيس بايدن ونائبته المرشحة للرئاسة، هاريس.

فهناك تسعة رهائن إسرائيليين من أصل أمريكي لدى «حماس»، فإذا خرجوا من الأسر، سيستقبلهم بايدن وهاريس في البيت الأبيض ويظهران على أنهما أطلقا سراح كل الأسرى الأمريكيين في الخارج (بمن في ذلك الأسرى الذين أُطلق سراحهم من روسيا مؤخراً). ففي هذا ربح صافٍ للحزب الديمقراطي.

وابتداءً من يوم الثلاثاء، اليوم الثاني من مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو، تظاهر بضع عشرات من المواطنين الإسرائيليين الذين يحملون الجنسية الأمريكية معلنين تخصيص «ساحة للمخطوفين»، (على نمط ساحة المخطوفين في تل أبيب، التي أُقيمت أمام مقر قيادة الحرب منذ العاشر من أكتوبر - تشرين الأول الماضي)، ورفعوا شعارات تتهم بايدن وهاريس بهدر دماء الرهائن وتساند نتنياهو في استمرار الحرب على غزة.

وتبين أن وراء المظاهرة يقف تنظيم «أميركيون وإسرائيليون (IAC)»، الذي يموله صندوق أدلسون، على اسم شلدون أدلسون، الملياردير الأمريكي المقرب من ترمب (يمول حملاته السياسية والانتخابية بقيمة 90 مليون دولار في السنة) وهو الذي يمول صحيفة «يسرائيل هيوم» المجانية في إسرائيل (يدفع لها 22 مليون دولار في الشهر) منذ 13 عاماً.

المرشح الجمهوري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في نيوجرسي (أ.ف.ب)

ويقف على رأس هذا التنظيم نشطاء في حملة ترمب، بينهم إيلان كار، الذي عيَّنه ترمب مستشاراً لشؤون «مكافحة العداء للسامية» إبان حكمه، وتبين أن معهم مجموعة من عائلات الأسرى الإسرائيليين وإحدى عائلات الأسرى الأمريكيين، الذين يعملون في الحملة الدولية لنتنياهو ضد الصفقة. ونجح نتنياهو في سلخ هؤلاء عن «منتدى عائلات الأسرى الإسرائيليين» منذ الشهر الثاني للحرب وأرسلهم لحملة دولية ضد «حماس».


مقالات ذات صلة

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إطلاق 200 صاروخ من لبنان على إسرائيل اليوم

جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)
TT

إطلاق 200 صاروخ من لبنان على إسرائيل اليوم

جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)

أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن نحو 200 صاروخ أُطلقت من لبنان على إسرائيل، اليوم الأحد. ونقلت الصحيفة عن مصادر القولَ إن تلك الصواريخ تسببت في وقوع إصابات وتلفيات في مناطق بوسط وشمال إسرائيل.

وأعلن «حزب الله» اللبناني، في وقت سابق اليوم، استهداف هدف عسكري في تل أبيب بالصواريخ والطائرات المُسيرة، وذلك بعد أن استهدف أيضاً قاعدة أسدود البحرية الإسرائيلية.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن خمسة أشخاص أُصيبوا في وسط إسرائيل نتيجة سقوط شظايا صاروخ أطلقه «حزب الله».

كما قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق 30 مقذوفاً من لبنان باتجاه إسرائيل، في أقل من عشر دقائق، مؤكداً أنه جرى اعتراض بعضها. وأضاف الجيش أن صاروخين سقطا في نهاريا بشمال إسرائيل ولم يسفرا عن إصابات.