تقرير: حرب الاستخبارات في قلب المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله»

عامل في الدفاع المدني اللبناني يحاول إخماد النيران في مبنى أصابته غارة لطائرة مسيرة إسرائيلية في قرية شبعا الحدودية جنوب لبنان في 18 أغسطس 2024 (د.ب.أ)
عامل في الدفاع المدني اللبناني يحاول إخماد النيران في مبنى أصابته غارة لطائرة مسيرة إسرائيلية في قرية شبعا الحدودية جنوب لبنان في 18 أغسطس 2024 (د.ب.أ)
TT

تقرير: حرب الاستخبارات في قلب المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله»

عامل في الدفاع المدني اللبناني يحاول إخماد النيران في مبنى أصابته غارة لطائرة مسيرة إسرائيلية في قرية شبعا الحدودية جنوب لبنان في 18 أغسطس 2024 (د.ب.أ)
عامل في الدفاع المدني اللبناني يحاول إخماد النيران في مبنى أصابته غارة لطائرة مسيرة إسرائيلية في قرية شبعا الحدودية جنوب لبنان في 18 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

تخوض إسرائيل و«حزب الله»، في مواجهتهما المستمرة بشكل شبه يومي منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حرباً استخباراتية في الشرق الأوسط، تميزت باغتيالات مستهدفة، نظمتها الدولة العبرية. وفي 30 يوليو (تموز)، قتلت إسرائيل فؤاد شكر، وهو قيادي كبير في «حزب الله»، ما أثار تساؤلات حول كيفية حصول الإسرائيليين على موقعه السري في بيروت. ورداً على ذلك، قامت الطائفة الشيعية بسرعة بتعزيز أمن اتصالاتها، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، أمس (الاثنين).

منذ 8 أكتوبر، قُتل نحو 400 من مقاتلي «حزب الله»، من بينهم نحو 20 من القادة رفيعي المستوى، قُتلوا بهجمات دقيقة نفّذتها إسرائيل باستخدام طائرات من دون طيار أو صواريخ أو متفجرات. ومن بين القتلى، وسام الطويل، قائد وحدة الرضوان الخاصة الذي قضى في يناير (كانون الثاني) في جنوب لبنان، وتبعه مسؤولان عسكريان آخران من الحزب.

هذه الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل ليست جديدة بالنسبة لها، فقد استخدمت هذه الاستراتيجية لعقود من الزمن. وما يميز هذه الحملة هو التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، وفق «لوفيغارو».

وتتفوق «وحدة الاستخبارات 8200» التابعة للجيش الإسرائيلي في اعتراض الاتصالات واختراق الشبكات، مستغلة ضعف البنية التحتية اللبنانية. بل إن بعض التقارير تشير إلى أن شبكة الاتصالات التابعة لجماعة «حزب الله» قد تم اختراقها، ما سهّل وقوع هجمات مثل تلك التي استهدفت شكر.

ويستخدم الجيش الإسرائيلي أيضاً الذكاء الاصطناعي والطائرات من دون طيار المتطورة لجمع البيانات وتحليلها في الوقت الفعلي، ما يعزز تفوّقه الاستراتيجي في هذا الصراع.

لا تعتمد إسرائيل على قدراتها الاستخباراتية فحسب، بل تعتمد أيضاً على قدرات حلفائها، وفي المقام الأول الولايات المتحدة. وتلعب شبكات التجسس أيضاً دوراً رئيسياً. ويقوم الجيش اللبناني بانتظام بتوقيف لبنانيين أو أجانب بتهمة التعاون مع إسرائيل. وتكشف هذه الاعتقالات التسلل الإسرائيلي، الذي سهّلته البنية البيروقراطية لجماعة «حزب الله»، وفق «لوفيغارو».

لكن، على الرغم من هذه الاختراقات، فإن عمليات الاستخبارات الإسرائيلية ليست كافية لتوجيه ضربات كبيرة لجماعة «حزب الله»، التي بدورها ردّت من خلال تعزيز أمنها والحد من مخاطر التجسس. وفي فبراير (شباط)، نصح الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، أنصاره بالتخلص من هواتفهم الذكية، التي يعدّها الحزب مصدراً للخطر.

ورداً على القدرات الإسرائيلية، هاجم «حزب الله» البنية التحتية للاستخبارات الإسرائيلية على جبل الشيخ، وأسقط طائرات استطلاع من دون طيار، ما أدى إلى تعطيل نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي جزئياً. كما نشرت الجماعة طائرة إيرانية من دون طيار، من طراز «هدهد»، للتحليق فوق مواقع استراتيجية في إسرائيل، بما في ذلك فوق قاعدة جوية وفوق مدينة حيفا.


مقالات ذات صلة

تمدد الفصائل يُقلق دول الجوار السوري

المشرق العربي دمار عند معبر حدودي قصفته إسرائيل اليوم الجمعة بين لبنان سوريا في منطقة العريضة (أ.ب)

تمدد الفصائل يُقلق دول الجوار السوري

ما تداعيات ما يحصل في سوريا على دول الجوار؟ إسرائيل تتمسك بتحجيم «حزب الله» وإيران. تركيا ترى فرصة. لبنان يخشى التداعيات. العراق بين نارين. والأردن قلِق.

كميل الطويل (لندن)
المشرق العربي تلبيسة شمال حمص 2017 (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:27

«حزب الله» أرسل قوات «مشرفة» إلى حمص

قال مصدران أمنيان لبنانيان كبيران لـ«رويترز» إن جماعة «حزب الله» اللبنانية أرسلت، الليلة الماضية، عدداً صغيراً من «القوات المشرفة» من لبنان إلى سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
تحليل إخباري أحد مقاتلي الفصائل المسلحة السورية يطلق النار في الهواء احتفالاً بالسيطرة على مدينة حماة 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ماذا بعد سقوط حماة؟

إذا كان الطريق الدولي إم - 5 العمود الفقري لأهم المدن السورية، من حلب وحتى درعا، مروراً بحمص ودمشق، فإن حماة هي مركز ثقل هذه المدن في البعد الجغرافيّ

المحلل العسكري
المشرق العربي مقاتلون من الفصائل المسلحة يجولون بمركبة عسكرية في شوارع مدينة حماة الواقعة في وسط غرب سوريا 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

«حزب الله» يتعهد بالوقوف إلى جانب سوريا في «إحباط أهداف عدوان الفصائل»

قال الأمين العام لجماعة «حزب الله» إن حزبه سيقف إلى جانب حليفته سوريا «لإحباط أهداف» هجمات الفصائل المسلحة التي سيطرت على مدينتين رئيسيتين في البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركبة رباعية الدفع وسط الدمار الناجم عن قصف قرية العديسة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش اللبناني يعزز انتشاره في جنوب البلاد

أعلنت قيادة الجيش اللبناني، اليوم الخميس، أن الجيش يعزز انتشاره في جنوب البلاد، بالتنسيق مع قوة «اليونيفيل».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تقرير: إيران تبدأ في إجلاء قادة عسكريين وموظفين دبلوماسيين من سوريا

أحد عناصر الفصائل المسلحة يلتقط صورة سيلفي أمام مبنى حكومي سوري بعد دخولهم مدينة حماة (إ.ب.أ)
أحد عناصر الفصائل المسلحة يلتقط صورة سيلفي أمام مبنى حكومي سوري بعد دخولهم مدينة حماة (إ.ب.أ)
TT

تقرير: إيران تبدأ في إجلاء قادة عسكريين وموظفين دبلوماسيين من سوريا

أحد عناصر الفصائل المسلحة يلتقط صورة سيلفي أمام مبنى حكومي سوري بعد دخولهم مدينة حماة (إ.ب.أ)
أحد عناصر الفصائل المسلحة يلتقط صورة سيلفي أمام مبنى حكومي سوري بعد دخولهم مدينة حماة (إ.ب.أ)

بدأت إيران إجلاء قادتها العسكريين وعناصرها من سوريا أمس الجمعة، وفقاً لما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وثلاثة مسؤولين إيرانيين.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة تدل على عجز إيران عن مساعدة الرئيس السوري بشار الأسد في البقاء في السلطة بينما يواجه هجوماً من الفصائل المسلحة.

وقال المسؤولون إن «من بين الذين تم إجلاؤهم إلى العراق ولبنان المجاورين كبار قادة (فيلق القدس) الإيراني القوي، وهو الفرع الخارجي لـ«الحرس الثوري» الإيراني».

وأشارت هذه الخطوة إلى تحول ملحوظ للأسد، الذي دعمت إيران حكومته طوال الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاماً، ولإيران، التي استخدمت سوريا طريقاً رئيسياً لتزويد «حزب الله» في لبنان بالأسلحة.

تم أيضاً إجلاء بعض الموظفين الدبلوماسيين الإيرانيين وعائلاتهم والمدنيين الإيرانيين، وفقاً للمسؤولين الإيرانيين -بينهم اثنان من أعضاء «الحرس الثوري الإيراني»- ومسؤولين إقليميين.

وقال المسؤولون، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة قضية حساسة، إن الإيرانيين بدأوا في مغادرة سوريا صباح يوم الجمعة.

وقال المسؤولون الإيرانيون والإقليميون إن أوامر صدرت بالإجلاء في السفارة الإيرانية في دمشق وقواعد «الحرس الثوري». وغادر بعض موظفي السفارة على الأقل.

وقال المسؤولون إن بعضهم يغادرون بالطائرات إلى طهران، بينما يغادر آخرون عبر الطرق البرية إلى لبنان والعراق وميناء اللاذقية السوري.

كما نشرت إيران عشرات الآلاف من المقاتلين المتطوعين، بما في ذلك الإيرانيون والأفغان والشيعة الباكستانيون، للدفاع عن الحكومة واستعادة الأراضي من تنظيم «داعش» في ذروة الحرب الأهلية السورية.

وبحسب المسؤولين الإيرانيين فإن بعض القوات الإيرانية، مثل «لواء فاطميون» الأفغاني، بقيت في سوريا، في قواعد عسكرية تديرها إيران؛ والجمعة، تم نقلهم أيضاً إلى دمشق واللاذقية، معقل الحكومة السورية.

وأظهر مقطع فيديو نُشر على حسابات تابعة لـ«الحرس الثوري» «لواء فاطميون» بالزي الرسمي وهم يلجأون إلى ضريح السيدة زينب بالقرب من دمشق.

وغيّر الهجوم المفاجئ الذي شنته مجموعة من الفصائل المسلحة بشكل كبير مشهد الحرب الأهلية التي خاضها الأسد، وسيطرة إيران على بعض الأراضي السورية. ففي غضون أسبوع واحد فقط، اجتاحت الفصائل مدناً رئيسية مثل حلب وحماة، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضي عبر أربع محافظات، وانتقلت نحو العاصمة السورية دمشق.

وقال المسؤولون الإيرانيون إن اثنين من كبار جنرالات «فيلق القدس» الإيراني، الذين تم نشرهم لتقديم المشورة للجيش السوري، فرا إلى العراق بينما سيطرت مجموعات متمردة مختلفة على حمص ودير الزور الجمعة.

وقال أحمد نادري، عضو البرلمان الإيراني، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي الجمعة: «سوريا على وشك الانهيار ونحن نراقب بهدوء».

وأضاف أنه «إذا سقطت دمشق، فإن إيران ستفقد نفوذها في العراق ولبنان. لا أفهم سبب هذا التقاعس، ولكن مهما كان الأمر، فهو ليس جيداً لبلدنا».

ووفق الصحيفة، لقد جاء الهجوم الذي شنته الفصائل المسلحة في لحظة ضعف نسبي لثلاثة من أهم داعمي سوريا، فقد تقلصت قدرة إيران على المساعدة بسبب صراعها مع إسرائيل؛ كما استنزفت غزوة روسيا لأوكرانيا قدرات الجيش؛ وتعرض «حزب الله»، الذي كان قد زود الحكومة السورية بالمقاتلين في السابق للمساعدة في قتالها ضد تنظيم «داعش»، لضربة شديدة بسبب حربه مع إسرائيل.

ورأت الصحيفة أن «سقوط المزيد من الأراضي في أيدي الفصائل المسلحة، التي تقودها (هيئة تحرير الشام)، من شأنه أن يهدد أيضا قدرة إيران على تزويد الجيش السوري أو (حزب الله) بالأسلحة والمستشارين».