هل ينجح نتنياهو في جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران؟

في إسرائيل توجد قناعة بأن طهران حسمت أمرها لتطوير السلاح النووي وتعرف أنها لا تستطيع لوحدها مواجهته

بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء في البيت الأبيض 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء في البيت الأبيض 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

هل ينجح نتنياهو في جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران؟

بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء في البيت الأبيض 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء في البيت الأبيض 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأميركية لمنع التدهور إلى حرب إقليمية واسعة في الشرق الأوسط، ترتفع التقديرات بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يرى في الظروف الناشئة «فرصة ذهبية» لدفع الولايات المتحدة إلى ما كان يسعى إليه منذ 15 عاماً، وهو مشاركته في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.

وبحسب اليمين الإسرائيلي الحاكم، يسعى الغرب لإبرام صفقة مع إيران تتجاوز مسألة الحرب على غزة، وضرورة عدم الرد على اغتيال إسماعيل هنية، لأن رداً كهذا سيجهض الاتفاق على تبادل أسرى.

وكتبت صحيفة «يسرائيل هيوم»، اليوم الأربعاء، تقول إن تصفية هنية أثناء زيارته إلى طهران أوقفت ولو بشكل مؤقت خطوة كانت تنوي بضع دول من الغرب، وعلى رأسها الولايات المتحدة، القيام بها وهي الدفع قدماً بمحادثات مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي. وكانت هذه الخطوة في حالة وضع بنية تحتية للمحادثات التي يفترض أن تبدأ في 2025، بعد دخول خليفة الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض.

وقال الكاتب الصحافي داني زكين، في الصحيفة، إن بعض قادة الغرب باشروا إجراء محادثات علنية وسرية مع الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان. وبين المتوجهين كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني أولاف شولتس، وكذا محادثات على مستوى وزراء خارجية هذه الدول.

وأشار إلى أنه في البيان الرسمي الذي نشر الاثنين قيل إن إيران طولبت في هذه التوجهات القاطعة بالامتناع عن الرد على التصفية وألقيت عليها مسؤولية نتائج مثل هذا الهجوم، وأنهم في المحادثات حذروا من أنه إذا وقع هجوم فإن ذلك سيمس بفرص العودة إلى المفاوضات على الاتفاق النووي.

وكانت مصادر سياسية في إسرائيل قد حذرت في الشهر الماضي من أن إيران اتخذت قراراً بالتقدم في مشروعها النووي المسلح.

وبحسب سيما شاين، رئيسة الدائرة الإيرانية في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، فإن الإيرانيين باتوا يملكون القدرة على ذلك بشكل مؤكد. وأضافت: «إنهم يريدون النووي ليس لهجوم بل للردع. والسؤال الذي يطرح، ما هو الدرس الذي تخرج به إيران من الحرب الحالية؟ هل الحرب دلت على أن لديهم ما يكفي من الردع حتى يتنازلوا عن النووي؟ والجواب: لا. الحرب دلت على أن كل ما وظفه الإيرانيون من قدرات عسكرية لأذرعهم المختلفة لم يجبر إسرائيل على وقف الحرب لذلك لا يوجد ردع. وثانياً، إيران هي التي بادرت إلى الهجوم عبر أذرعها على إسرائيل، وكان هذا موجعاً لنا، لكن بالمقابل تجلى وجود حلف دولي وإقليمي متين حول إسرائيل. وعموماً، أثبتنا لهم أموراً كثيرة، بعضها يفضل ألا نتحدث عنه، مثل تلك الضربة التي تمت على هدف معين وإصابته بدقة شديدة. يستطيعون القول إن إسرائيل لم تعمل لوحدها وكانت بحاجة إلى دعم خارجي. أجل، ولكن في إطار العمل الجماعي كان هناك تفرد إسرائيلي أيضاً الإيرانيون هم أول من يعرفون كم هو مهم. لذلك فإن قوتهم بالسلاح التقليدي ليست كافية لردع إسرائيل وهذا يحفزهم على الحصول على قدرات نووية لتحسين الردع. ولكي نفهم معنى الكلام، تعالوا نتخيل هذه الحرب لو كانت إيران تتمتع بقدرات نووية عسكرية. على الأقل كنا نرى حذراً أشد، من جميع الأطراف. أنا لا أقول إن إيران كانت ستستخدم السلاح النووي. لكن وجود النووي يجعل الحذر أكبر».

ويعتقد نتنياهو أن رد إيران على اغتيال هنية يمكن أن يشعل حرباً واسعة، لأن إسرائيل لن تتحمل رداً قاسياً كما يقول الإيرانيون. ومن هنا فإن الرد سيستدعي رداً. والولايات المتحدة ستكون مضطرة إلى التدخل، إيفاء بوعدها. وستختار ضربات شديدة لمواقع حساسة، تتعلق بالمشروع النووي. وهكذا، بدلاً من المضي قدماً في الاتفاق النووي مع إيران تكون تلك ضربات للولايات المتحدة وحلفائها للمشروع النووي.

لكن مشكلة نتنياهو أن الغرب يعرف ما الذي يريده. والنهج الأساسي لزعماء أوروبا والإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة لم يتغير، وبموجبه فإن الطريق لمنع القنبلة عن إيران هو من خلال الاتفاق وليس بضغط عسكري واقتصادي. ومع أن الرئيس بايدن يبدو منجراً وراء نتنياهو ويقوم بحشد قوات ضخمة حول إيران، إلا أنه يسعى بنفس القوة للعمل الدبلوماسي الذي يمنع التدهور.


مقالات ذات صلة

إدارة بايدن توافق على 20 مليار دولار من الأسلحة لإسرائيل

المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن في لويزيانا يوم الثلاثاء (رويترز)

إدارة بايدن توافق على 20 مليار دولار من الأسلحة لإسرائيل

وافقت إدارة الرئيس جو بايدن على مبيعات أسلحة جديدة لإسرائيل تصل قيمتها إلى 20 مليار دولار، بما فيها نحو 50 طائرة حربية من طراز «إف-15» وصواريخ مضادة للطائرات.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية محمد رضا عارف نائب الرئيس الإيراني وعباس صالحي مرشح وزارة الثقافة جالسان على يسار المرشد الإيراني لدى استقباله مسؤولين (موقع خامنئي)

خامنئي يرفض التراجع أمام «الحرب النفسية في المجال العسكري»

رفض المرشد الإيراني علي خامنئي التراجع أمام «الحرب النفسية» في المجال العسكري لـ«الأعداء»، وذلك في إشارة ضمنية إلى إرسال الولايات المتحدة قوة «ردع» إلى المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي مقاتل من «كتائب القسّام» في حركة «حماس» بجنوب لبنان يوم 10 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)

خيارات القادة بين الاستراتيجي والتكتيكي... «حماس» في معادلة إيران «بيدق تضحية»

أسوأ تخطيط استراتيجي هو الذي يعتمد في نجاحه على استراتيجية الآخر، حتى لو كان حليفاً، فعندما تتناقض الاستراتيجيتان، سيدفع الثمن الأضعف في معادلة القوة.

المحلل العسكري
شؤون إقليمية طائرة مقاتلة إيرانية في 21 أغسطس 2018 (رويترز)

إيران تجري تدريبات عسكرية في شمال البلاد

تجري إيران تدريبات عسكرية في شمال البلاد مع ترقب المنطقة هجوماً هددت به طهران إسرائيل انتقاماً لاغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» داخل طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل تعتزم بناء مستوطنة على موقع مدرج على قائمة التراث العالمي قرب بيت لحم

وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (د.ب.أ)
وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تعتزم بناء مستوطنة على موقع مدرج على قائمة التراث العالمي قرب بيت لحم

وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (د.ب.أ)
وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (د.ب.أ)

أعلن وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، اليوم (الأربعاء)، أن إسرائيل وافقت على بناء مستوطنة جديدة في منطقة بتير المدرجة على قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي، بالقرب من بيت لحم في الضفة الغربية، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال سموتريتش، الذي يرأس أيضاً الشؤون المدنية في وزارة الدفاع، إن مكتبه «أنجز عمله ونشر خطة لمستوطنة نحال حيليتس الجديدة في غوش عتصيون»، وهي كتلة مستوطنات تقع جنوب القدس.

وتعدّ جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967 غير قانونية بموجب القانون الدولي، بغضّ النظر عما إذا كان لديها تصريح تخطيط إسرائيلي أم لا.

وأضاف: «لن يوقف أي قرار معادٍ لإسرائيل والصهيونية تطوير المستوطنات».

وتابع: «سنواصل تطوير المستوطنات من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل ومنع قيام دولة فلسطينية».

ونددت منظمة «السلام الآن» الإسرائيلية المناهضة للاستيطان بالخطة، ووصفتها بأنها «هجوم شامل» على منطقة «تشتهر بمدرجاتها القديمة ونظم الري المتطورة، وتضم أدلة على نشاط بشري منذ آلاف السنين».

وأتت الموافقة أيضاً في وقت تشهد الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين توتراً متنامياً بسبب الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ 1967، وقد أقامت فيها مستوطنات تعدّ غير قانونية بموجب القانون الدولي.

ويقيم نحو 490 ألف إسرائيلي في مستوطنات داخل الضفة الغربية، البالغ عدد سكانها 3 ملايين فلسطيني. ولا يشمل هذا العدد مستوطني القدس الشرقية.

وضغطت الأحزاب اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحكومي في إسرائيل من أجل تسريع التوسع الاستيطاني.

وتمت الموافقة على المستوطنة الجديدة غداة إثارة وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير تنديدات دولية بعدما انضم إلى آلاف اليهود للصلاة في ساحات المسجد الأقصى في القدس الشرقية حيث يُحظر على اليهود الصلاة.

وتقع مستوطنة نحال حيليتس، التي حصلت على موافقة أولية مع 4 مستوطنات أخرى في يونيو (حزيران)، بين مجمع مستوطنات غوش عتصيون، شمال مدينة الخليل، ومدينة بيت لحم الفلسطينية جنوب القدس.

وفي الأشهر الأخيرة، أغلقت القوات الإسرائيلية طريقاً تؤدي إلى بتير، ما أدى إلى مضاعفة الوقت الذي يحتاجه الشخص للوصول إلى القدس، التي لا تبعد سوى 10 كيلومترات عنها.

وقالت «منظمة السلام الآن» إن المستوطنة ستحيط بالمنازل في قرية بتير الفلسطينية، وهي واحدة من المواقع الأربعة المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية في الضفة الغربية المحتلة.

ومدرجات بتير الزراعية مدعومة بجدران من الحجارة الجافة وبرك ري قديمة تجمع المياه المتدفقة من الينابيع، وقنوات الري القديمة التي عمرها أكثر من 2000 عام.

وفيها عين ماء تعود إلى العصر الروماني وتروي المدرجات حيث تزرع البندورة والذرة والباذنجان وكروم العنب وبساتين الزيتون.

وأكسبت هذه المدرجات القرية إدراجها على قائمة التراث العالمي في عام 2014.

وقالت «منظمة السلام الآن»، في بيان: «هذه الإجراءات لا تؤدي إلى تفتيت الأراضي الفلسطينية وحرمان مجتمعات كبيرة من تراثها الطبيعي والثقافي فقط، بل إنها تشكل أيضاً تهديداً وشيكاً لمنطقة تعدّ ذات قيمة ثقافية عالية للبشرية».

وبحسب تقرير للاتحاد الأوروبي، تقدمت إسرائيل العام الماضي بخطط لبناء 12349 منزلاً في الضفة الغربية، وهو أكبر عدد منذ 30 عاماً.

ويقول الفلسطينيون إن المستوطنات تمثل أكبر تهديد لحل الدولتين، الذي يقوم على وجود دولتين إسرائيلية وفلسطينية جنباً إلى جنب.