خامنئي يرفض التراجع أمام «الحرب النفسية في المجال العسكري»

المرشد الإيراني حذّر من «تضخيم قدرات الأعداء»

محمد رضا عارف نائب الرئيس الإيراني وعباس صالحي مرشح وزارة الثقافة جالسان على يسار المرشد الإيراني لدى استقباله مسؤولين (موقع خامنئي)
محمد رضا عارف نائب الرئيس الإيراني وعباس صالحي مرشح وزارة الثقافة جالسان على يسار المرشد الإيراني لدى استقباله مسؤولين (موقع خامنئي)
TT

خامنئي يرفض التراجع أمام «الحرب النفسية في المجال العسكري»

محمد رضا عارف نائب الرئيس الإيراني وعباس صالحي مرشح وزارة الثقافة جالسان على يسار المرشد الإيراني لدى استقباله مسؤولين (موقع خامنئي)
محمد رضا عارف نائب الرئيس الإيراني وعباس صالحي مرشح وزارة الثقافة جالسان على يسار المرشد الإيراني لدى استقباله مسؤولين (موقع خامنئي)

رفض المرشد الإيراني، علي خامنئي، التراجع أمام «الحرب النفسية» في المجال العسكري لـ«الأعداء»، وذلك في إشارة ضمنية إلى إرسال الولايات المتحدة قوة «ردع» إلى المنطقة، بعدما حذّرت القوى الغربية من زيادة التصعيد في المنطقة بمهاجمة إسرائيل.

وقال خامنئي: «هدف العدو من الحرب النفسية في المجال العسكري هو إثارة الخوف والتراجع». وأضاف أن «التراجع غير التكتيكي في أي مجال، سواء كان عسكرياً أو سياسياً أو دعائياً أو اقتصادياً يجلب غضب الله».

وجاءت تعليقات خامنئي بعدما وصفت طهران، الثلاثاء، دعوات غربية لتنجب الرد الانتقامي على إسرائيل، بعد مقتل رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية، بـ«الوقحة»، و«الفاقدة للمنطق السياسي»، في وقت تسود فيه مخاوف من نشوب حرب إقليمية.

وتتوعد إيران برد قاسٍ على مقتل هنية الذي حدث في أثناء زيارته طهران أواخر الشهر الماضي واتهمت إسرائيل بالمسؤولية عنه. ولم تؤكد إسرائيل أو تنفِ مسؤوليتها في حين نشرت البحرية الأميركية سفناً حربية وغواصة في الشرق الأوسط دعماً للدفاعات الإسرائيلية.

ونقل موقع «خامنئي» الرسمي قوله في لقاء مجموعة من المسؤولين الإيرانيين، إن «حيلة أعداء إيران في خلق حرب نفسية وبث الخوف لدفع الشعب الإيراني تهدف إلى التراجع في مختلف المجالات»، معرباً عن اعتقاده أن «معرفة قدرات الذات وتجنب تضخيم قدرات الأعداء هي السبيل لمواجهة هذه الحيلة».

ورأى خامنئي أن إيران «وقفت في وجه هذه الحرب وأفشلتها». وقال إن «أحد الأسس الرئيسية للحرب النفسية (...) يكمن في تضخيم قدرات الأعداء»، متهماً «الأعداء» بالسعي إلى إقناع الشعب الإيراني بمختلف الوسائل «للتخويف من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل».

وحذّر من أن «الشعور بالضعف والعزلة والاستسلام لمطالب العدو هو نتيجة تضخيم قدراته في المجال السياسي»، مضيفاً أن «الحكومات التي تستسلم لمطالب المستكبرين، إذا اعتمدت على شعوبها وقدراتها الحقيقية وابتعدت عن تضخيم قدرات العدو، يمكنها أن ترفض مطالبهم».

كما وجّه تحذيرات من تبني أسلوب «الأعداء» في المجال الثقافي، بما في ذلك «الشعور بالانفعال والانجذاب نحو ثقافة العدو والثقافة الذاتية، وتبني أسلوب حياة العدو، وحتى استخدام مصطلحاته وتعبيراته». وكان خامنئي يوجّه كلامه إلى محمد رضا عارف، نائب الرئيس الإيراني، وعباس صالحي، مرشح وزارة الثقافة.

وكان خامنئي يشير ضمناً إلى التعزيزات التي أرسلتها الولايات المتحدة، نتيجة تصاعد التهديدات الإيرانية بشن هجوم انتقامي على إسرائيل، انتقاماً لاغتيال رئيس حركة «حماس»، إسماعيل هنية، في طهران.

طائرة من طراز «إف - 18» تستعد للهبوط المتحكم على سطح حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس أبراهام لينكولن» في المحيط الهادئ السبت الماضي (رويترز)

وأمر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لينكولن»، التي تحركت من بحر الصين الجنوبي، بـ«تسريع وصولها» إلى الشرق الأوسط؛ لتأخذ محل حاملة الطائرات «يو إس إس ثيودور روزفلت»، الموجودة حالياً قبالة سواحل عمان. كما أمر بتحرك غواصة الصواريخ الموجّهة «يو إس إس جورجيا» من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى المنطقة.

وقال مسؤولون أميركيون إن هذه الإعلانات العامة تهدف إلى إرسال رسالة إلى إيران مفادها أن القدرات العسكرية الأميركية يمكن استخدامها ضد أي هجوم إيراني.
وأشار مسؤول أميركي إلى أن نشر الغواصة «يو إس إس جورجيا» وعلى متنها 154 صاروخ توماهوك هجومياً أرضياً «يرسل أيضاً رسالة قوية حول قدرات هجومية كبيرة».
وتوقّع الرئيس الأميركي جو بايدن أن تتراجع إيران عن توجيه ضربة انتقامية لإسرائيل في حال التوصل لهدنة في غزة.
وفي رده على سؤال للصحافيين عما إذا كانت طهران ستتخلى عن استهداف إسرائيل إذا تسنى التوصل لاتفاق، قال بايدن مساء الثلاثاء: «هذا ما أتوقعه».

الرئيس الأميركي جو بايدن ينزل من طائرة الهليكوبتر «مارين ون» بالحديقة الجنوبية للبيت الأبيض في واشنطن الثلاثاء (أ.ف.ب)

وفي وقت سابق الثلاثاء، نسبت «رويترز» إلى ثلاثة من كبار المسؤولين الإيرانيين أن السبيل الوحيد الذي يمكن أن يرجئ رد إيران المباشر على إسرائيل هو التوصل في المحادثات المأمولة هذا الأسبوع إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول أمني كبير في إيران، إن بلاده ووكلاءها مثل جماعة «حزب الله» اللبنانية، سيشنّون هجوماً مباشراً إذا فشلت محادثات غزة، أو إذا شعرت بأن إسرائيل تماطل في المفاوضات.
ولم تذكر المصادر المهلة التي ستسمح بها إيران من أجل إحراز تقدم في المحادثات قبل أن ترد.
وقال مصدران إن إيران تدرس إرسال ممثل عنها إلى محادثات وقف إطلاق النار فيما ستكون المرة الأولى منذ بدء الحرب.
ولن يحضر الممثل الاجتماعات بشكل مباشر، لكنه سيشارك في المحادثات التي تُجرى خلف الكواليس «للحفاظ على قناة تواصل دبلوماسية» مع الولايات المتحدة في أثناء استمرار عملية المفاوضات.
لكن بعد ساعات من نشر تقريرها، نقلت «رويترز» عن بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك قولها إن طهران لن يكون لها ممثل حاضر على هامش محادثات وقف إطلاق النار.
وفي نفي ضمني، قالت وكالة «إيسنا» الحكومية نقلاً عن «مصدر مطلع» لم تذكر أسمه بأن «هذا الادعاء من الوكالة البريطانية لا يمكن تأكيده».
وأضافت الوكالة الحكومية أن «إيران تؤكد على حقها في الدفاع المشروع عن نفسها بعيداً عن الضجيج الإعلامي».
وقالت إن «البعثة الإيرانية قد أعلنت سابقاً أن وقف إطلاق النار في غزة وحق إيران في الدفاع المشروع عن نفسها لا علاقة بينهما».
وكانت البعثة نشرت بياناً الجمعة، قالت فيه: «نأمل أن يكون ردنا في الوقت المناسب، وأن يتم بطريقة لا تضر بأي وقف محتمل لإطلاق النار».
من جهة أخرى، أفادت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر إسرائيلي رفيع، مساء الثلاثاء، بأن تل أبيب «لن تشارك في جولة المفاوضات المقرر عقدها في قطر الخميس حول صفقة تبادل في حال وافق الوسطاء على إرسال إيران ممثلين عنها إلى هذه المفاوضات».
وتتصاعد الضغوط الدبلوماسية الغربية منذ ذلك الحين في محاولة لتجنيب الشرق الأوسط مزيداً من التصعيد.
ودعت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري ديكارلو، الثلاثاء، «جميع الأطراف» إلى وقف التصعيد، مضيفة: «بعد عشرة أشهر على بدء الحرب، أصبح خطر التصعيد الإقليمي أكثر وضوحاً ورعباً من أي وقت مضى».


مقالات ذات صلة

طهران مستعدة للتفاوض مع واشنطن «بناء على الثقة»

شؤون إقليمية صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران في 21 أغسطس 2010 (رويترز)

طهران مستعدة للتفاوض مع واشنطن «بناء على الثقة»

قالت الحكومة الإيرانية، (الثلاثاء)، إن المفاوضات المرتقبة في جنيف حول مصير البرنامج النووي، ستعتمد على «أوامر المرشد علي خامنئي ومصالح الإيرانيين».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

تجد إيران نفسها مضطرة إلى تغليب خيار الحوار مع «الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بسبب مجموعة من العوامل المتشابكة داخلياً وخارجياً.

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

تحليل إخباري دوافع إيران لطرح برنامجها النووي على طاولة الحوار الأوروبية

7 أسباب رئيسية تدفع إيران اليوم لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على السير بسياسة المواجهة مع الولايات المتحدة والغرب بشكل عام.

ميشال أبونجم (باريس)
خاص شغل الدكتور جمال مصطفى السلطان منصب السكرتير الثاني للرئيس صدام حسين وهو متزوج من ابنته حلا play-circle 02:19

خاص جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

يؤكد جمال مصطفى السلطان أن الرئيس صدام رفض اغتيال ضيفه الخميني، ويعتبر تسمية «الكيماوي» ظلماً لعلي حسن المجيد.

غسان شربل
شؤون إقليمية مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

طهران مستعدة للتفاوض مع واشنطن «بناء على الثقة»

صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران في 21 أغسطس 2010 (رويترز)
صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران في 21 أغسطس 2010 (رويترز)
TT

طهران مستعدة للتفاوض مع واشنطن «بناء على الثقة»

صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران في 21 أغسطس 2010 (رويترز)
صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران في 21 أغسطس 2010 (رويترز)

قالت الحكومة الإيرانية، (الثلاثاء)، إن المفاوضات المرتقبة في جنيف حول مصير البرنامج النووي، ستعتمد على «أوامر المرشد علي خامنئي ومصالح الإيرانيين».

وستجري إيران محادثات بشأن برنامجها النووي مع فرنسا، وبريطانيا وألمانيا، (الجمعة) في جنيف، بعد أسبوع من القرار الذي حرّكته القوى الثلاث في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وينتقد طهران على عدم تعاونها في الملف النووي.

المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني (موقع جماران)

وأشارت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، إلى عقد اجتماع نواب وزراء خارجية إيران والدول الثلاث استناداً إلى «المصلحة التي أكد عليها المرشد».

وأوضحت مهاجراني، أن «المحادثات ستتمحور حول القضايا الثنائية، الإقليمية والدولية، وتبادل الأوضاع فيما يتعلق بالوضع في غزة ولبنان، وإحلال السلام في المنطقة».

وأضافت مهاجراني: «للأسف الدول الغربية، وعلى رأسها أميركا، أثبتت مراراً وتكراراً أنها لا تفي بوعدها، لكن الأمر المؤكد هو أن مصالح الشعب الإيراني سيتم فحصها في إطار المصالح العامة للنظام».

ورداً على سؤال بشأن إمكانية التفاوض المباشر مع واشنطن، قالت مهاجراني، إن طهران «مستعدة لمناقشة أي مقترح في إطار مصالحها القومية». وأوضحت أن «الحوار بحاجة إلى الاحترام وبناء الثقة، وهذا لا يمكن إثباته بالكلام فقط».

وسيمثل الجانب الإيراني، نائب وزير الخارجية في الشؤون الدولية، مجيد تخت روانتشي، حسبما أوردت وسائل إعلام إيرانية.

جنيف فرصة نجاح

وعبّرت وسائل إعلام مقربة من «الحرس الثوري» الإيراني عن أملها في أن تنجح المحادثات «رغم أن التوقعات بشأن نجاحها ليست كبيرة».

وقال موقع «نور نيوز» الإيراني، إن «محادثات جنيف بين دبلوماسيي إيران من جهة، والاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، من جهة ثانية تمثل فرصةً صغيرةً، لكنها مهمة للجانبين لإيجاد لغة مشتركة من أجل تقليل التوترات غير الضرورية التي ألقت بظلالها على علاقاتهما في السنوات الأخيرة».

وأوضح الموقع التابع لـ«الحرس الثوري»، أن «الجانبين مستعدّان للسير على طريق خفض التوتر، واستئناف المسار الدبلوماسي لحل القضايا المتنازع عليها».

ونقل الموقع عن مراقبين أنهم وصفوا المحادثات بأنها «خطوة مهمة في بناء الثقة بين إيران والأوروبيين، التي، إذا استمرَّت، فيمكن أن تنهي التوقف الذي دام عامين في مفاوضات خطة العمل المشترك الشاملة».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني، إسماعيل بقائي، قد صرَّح في وقت سابق بأن «إيران ستعتمد سياسة التفاعل والتعاون مع الدول الأخرى»، وعدّ المحادثات المقبلة مع الدول الأوروبية الثلاث استمراراً للمحادثات التي عُقدت معها على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وزعم الموقع الإيراني، أن طهران «امتنعت عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها تعقيد مسار المفاوضات والجهود الرامية إلى إحياء خطة العمل المشترك الشاملة على مدى الشهرين الماضيين».

وقال الموقع: «الأطراف الأوروبية لم تتخذ إجراءات مضادة فحسب، بل عقّدت أيضاً مسار الدبلوماسية بإجراءات غير بنّاءة».

رافائيل غروسي متحدثاً في مطار فيينا عقب عودته من طهران في 7 مايو 2024 (أ.ف.ب)

وتبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قراراً يأمر طهران مجدداً بتحسين التعاون مع الوكالة، التابعة للأمم المتحدة، على وجه السرعة.

وطلب القرار من مدير الوكالة الدولية إصدار «تقييم شامل ومُحدَّث بشأن احتمال وجود أو استخدام مواد نووية غير معلنة فيما يخص قضايا عالقة ماضية وحالية تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني».

ورفضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة التي اقترحت القرار، تحرك إيران في اللحظة الأخيرة لوضع سقف لمخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 60 في المائة، القريب من درجة صنع الأسلحة، ووصفته بأنه «غير كافٍ وغير صادق».

ورداً على القرار، أعلنت طهران تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة، من مختلف الطرازات في منشأتَي تخصيب اليورانيوم؛ «فوردو»، و«نطنز».