استخبارات «الحرس الثوري» تستبعد فرضية «الاختراق» في اغتيال هنية

طهران شكِّلت ملفاً قضائياً... ونفت اعتقال قائد القوات الخاصة في الشرطة

صورة تظهر آثار الانفجار في مبنى دار الضيافة التابع لمعسكر «الإمام علي» في شمال طهران (شبكات التواصل)
صورة تظهر آثار الانفجار في مبنى دار الضيافة التابع لمعسكر «الإمام علي» في شمال طهران (شبكات التواصل)
TT

استخبارات «الحرس الثوري» تستبعد فرضية «الاختراق» في اغتيال هنية

صورة تظهر آثار الانفجار في مبنى دار الضيافة التابع لمعسكر «الإمام علي» في شمال طهران (شبكات التواصل)
صورة تظهر آثار الانفجار في مبنى دار الضيافة التابع لمعسكر «الإمام علي» في شمال طهران (شبكات التواصل)

أبلغ نائب وحدة الاستخبارات في «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، نواب البرلمان بأن «مساءلة الاختراق غير مطروحة» متحدثاً عن «أبعاد مختلفة» للعملية.

وقال متحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إبراهيم رضايي، إن «الوصول إلى معلومات كاملة حول اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية يتطلب تحقيقاً دقيقاً».

وصرح إبراهيم رضايي بأن اللجنة عقدت اجتماعاً اليوم لمناقشة مختلف أبعاد اغتيال هنية، بمشاركة نائب وحدة استخبارات «فيلق القدس»، ونائب وزير الاستخبارات للشؤون الأمنية، ومساعد قائد «الحرس الثوري» في الشؤون البرلمانية، ومساعد الشؤون القانونية والبرلمانية لوزارة الاستخبارات.

وكان هذا ثاني اجتماع للجنة حول اغتيال هنية في غضون أربعة أيام.

وأضاف: «قدم معاون استخبارات (فيلق القدس) في هذا الاجتماع تقريراً عن أوضاع المنطقة بعد عملية (طوفان الأقصى) حتى اليوم، كما قدم تفاصيل الحادثة الإرهابية»، مشيراً إلى أن اغتيال هنية في طهران «لم يكن نتيجة للاختراق، وأن مسألة الاختراق غير مطروحة في هذا الحادث»، مضيفاً أن القضية «قيد التحقيقات النهائية حالياً»، حسبما أوردت وكالة «تسنيم».

وأوضح رضايي أن معاون الأمن في وزارة الاستخبارات كان المتحدث الآخر في جلسة اليوم، وأوضح أن هناك سيطرة تامة على جميع المواضيع، وأن هذه الوزارة استخدمت جميع الإمكانيات للتحقيق في أبعاد اغتيال هنية، وقامت بعمليات ميدانية واسعة في هذا الصدد.

اجتماع أعضاء لجنة الأمن القومي الأسبوع الماضي (خانه ملت)

وخلص رضايي إلى أن «الإجراءات اللازمة للتحقيق في موضوع الاغتيال واستكمال المعلومات جارية، كما أن الوصول إلى معلومات كاملة يتطلب تحقيقاً دقيقاً».

وقال إن هنية «كان ضيفاً رسمياً للجمهورية الإسلامية، وقد زار طهران رسمياً». ونقل رضايي عن نائب وزير الاستخبارات قوله إن «الكيان الصهيوني يمر بظروف صعبة، وإن شبكات جواسيس الموساد داخل وخارج البلاد تم التعرف عليها وتدميرها».

وأضاف رضايي: «أكد النواب دعمهم الجدي للقوات العسكرية والدفاعية والاستخباراتية والأمنية في البلاد، وأشادوا بجهودهم وتضحياتهم، وشددوا على ضرورة اتخاذ إجراءات متبادلة، رداً على جرائم النظام الصهيوني في اغتيال هنية».

ودعا أعضاء اللجنة البرلمانية إلى «اتخاذ إجراءات استباقية في حرب الروايات والإعلام الشامل لكسب مرجعية إعلامية في الحوادث» حسب رضايي.

وتابع المتحدث قائلاً: «كما أكد النواب على ضرورة اتخاذ تدابير وإجراءات لمنع وتكرار الحوادث المماثلة بالاستفادة من التجارب السابقة، وتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات لمواجهة مؤامرات الأعداء، وضرورة التعامل مع العوامل المحتملة للإهمال، ورفع مستوى الحماية للشخصيات والأماكن الحيوية، وأهمية تعزيز أمن البلاد وسد الفجوات بتنسيق الأجهزة، ومنع إنتاج شعور بعدم الأمان في المجتمع».

وفي وقت سابق، قال عضو اللجنة، النائب أبو الفضل ظهره وند، إن «الإسرائيليين لديهم شبكة نفوذ داخل إيران وطهران؛ لأن إيران بلد كبير، ولديهم عناصر شريرة تتعاون معهم وتقدم نفسها في شبكة الموساد».

وقال ظهره وند لوكالة «إيلنا» الإصلاحية، إن «ما حدث هو عمل إرهابي بامتياز ويستحق رد فعل من إيران، وإن مسؤولية هذا العمل تقع على عاتق أميركا وإسرائيل، وهو عمل يتعارض تماماً مع العلاقات الدولية والاتفاقيات العالمية المتفق عليها بين الدول، لا سيما في ظل الظروف التي شهدت أكبر اجتماع لقادة رفيعي المستوى في إيران».

وأضاف ظهره وند: «كما يُقال إن طائرة مسيرة صغيرة تحمل صاروخاً أطلقت على غرفة (هنية)، ما أدى إلى استشهاده وحارسه الشخصي. قبل أن نلتفت إلى كيفية تنفيذ هذا العمل الذي ليس معقداً، يجب أن نلاحظ أن هذا الحدث وقع في عاصمة إيران».

المرشد الإيراني علي خامنئي يؤم صلاة الجنازة على جثماني زعيم «حماس» إسماعيل هنية ومرافقه في طهران أمس (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، أعلن مساعد رئيس السلطة القضائية في إيران تشكيل ملف قضائي بشأن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في إجراء مماثل لتشكيل الملف القضائي بشأن مقتل قاسم سليماني في ضربة جوية أميركية.

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن صادق رحيمي، قوله: «المدعي العام أصدر توجيهات بضرورة تحديد هوية وتوقيف المقصرين في عملية اغتيال هنية، أو الذين استخدموا كعملاء متسللين».

وكرر رحيمي الاتهامات الموجهة لإسرائيل بالوقوف وراء العملية، قائلاً: «لا يوجد أدنى شك بأن الكيان الصهيوني هو مَن ارتكب الجريمة، لكن التحقيقات جارية لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل قد استخدمت عناصر متسللة أو عملاء أو أنها ارتكبت الجريمة بشكل مباشر».

ومع ذلك، قال هذا المسؤول القضائي: «كان (هنية) ضيفاً على بلدنا، وبناءً على ذلك، فإن من حق الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرد على هذا الاغتيال الجبان».

ويأتي الإعلان عن تشكيل ملف قضائي في وقت أثارت التهديدات الإيرانية بشأن الانتقام من إسرائيل انقساماً في البلاد. وحذر بعض الخبراء القانونيين من أن إيران قد تتعرض لمساءلة دولية إذا ما شنت هجوماً مباشراً على إسرائيل التي لم تعلن أو تنفي مسؤوليتها عن اغتيال هنية.

ومن شأن تشكيل ملف قضائي عن اغتيال هنية أن يدفع طهران للمسار الذي تتبعه بشأن مقتل الجنرال قاسم سليماني، الذي قضي في غارة لطائرة مسيّرة أميركية مطلع 2020. وشنت طهران هجوماً صاروخياً على قاعدة عين الأسد، انتقاماً لمقتل سليماني.

ونفت طهران، في وقت سابق من هذا الشهر، أن تكون وراء مخطط اغتيال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، في سياق تهديدات يرددها قادة في «الحرس الثوري» للانتقام من مسؤولين أميركيين لعبوا دوراً في القضاء على سليماني. ويقول مسؤولون إيرانيون إنهم يتابعون مساراً قضائياً لمحاكمة المسؤولين الأميركيين.

صورة جوية لدار الضيافة التي كان يقيم فيها إسماعيل هنية شمال طهران (نيويورك تايمز)

وكان «الحرس الثوري» قد أصدر بياناً ثالثاً، السبت، ذكر فيه أن هنية قُتل في طهران بمقذوف قصير المدى برأس حربي يزن نحو 7 كيلوغرامات، مصحوب بقوة انفجارية، وأطلق من خارج دار الضيافة.

وجاء البيان في تأكيد على الرواية الإيرانية الأولى التي تحدثت عن مقتل هنية جراء «مقذوف جوي»، وهي الرواية التي أكدها مسؤولون من «حماس»، وتتعارض مع الرواية التي قدمتها وسائل إعلام غربية بشأن حدوث انفجار في دار ضيافة أقام فيها وفد «حماس» لساعات، بعد حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيراني في البرلمان، الثلاثاء الماضي.

وكشفت معلومات أن دار الضيافة تقع ضمن مجموعة مبانٍ، بالقرب من قصر سعد آباد، وجرى تحديدها منذ سنوات على أنها معسكر تدريب لـ«فيلق القدس»، وتعرف باسم معسكر «الإمام علي».

وقالت معلومات استخباراتية إسرائيلية سابقة إنه مقر تدريب أساسي لعناصر أجنبية تديرها الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري».

وأبدى ناشطون استغرابهم من استخدام الموقع الذي جرى تسريبه كدار ضيافة لشخصيات حساسة مدرجة على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن 5 مسؤولين من دول شرق أوسطية تحدثوا، بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، الخميس، أن هنية قُتل في انفجار قنبلة خُبئت مدة شهرين تقريباً في المكان الذي كان يقيم فيه، الخاضع لحماية «الحرس الثوري» الإيراني.

وفي وقت لاحق، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر مطلعة أن إيران اعتقلت أكثر من 20 شخصاً، بينهم ضباط استخبارات ومسؤولون عسكريون وموظفون في دار الضيافة، رداً على الخرق الأمني «الضخم والمهين».

هنية ونائب الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني ورئيس حركة «الجهاد الإسلامي» والمتحدث باسم الحوثيين في مراسم القسم الدستوري للرئيس الإيراني بطهران (رويترز)

وتتولى دائرة مكافحة التجسس في جهاز استخبارات «الحرس الثوري» التحقيق في الاختراق المفترض. وداهم عناصر أمن إيرانيون مجمع دار الضيافة، التابع لـ«الحرس الثوري»، الذي كان يقيم فيه هنية بشكل متكرر - في الغرفة نفسها – أثناء زياراته إلى طهران. ووضع العملاء جميع أفراد طاقم دار الضيافة تحت الحجز، واعتقلوا بعضهم، وصادروا جميع الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف الشخصية، حسب ما كشف الإيرانيون للصحيفة.

وأشاروا إلى أن فريقاً منفصلاً من العملاء استجوب كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الذين كانوا مسؤولين عن حماية العاصمة طهران، ووضعوا عدداً منهم قيد الاعتقال حتى اكتمال التحقيقات.

وقال مسؤول في «الحرس الثوري» الإيراني لصحيفة «التلغراف» البريطانية: «إنهم الآن على يقين من أن الموساد استأجر عملاء من وحدة (حماية أنصار المهدي)، التابعة لـ(الحرس الثوري) المكلفة بحماية الشخصيات الرفيعة». وأشار المصدر إلى مغادرة عميلين البلاد.

في سياق متصل، نفت قيادة «الشرطة» الإيرانية، معلومات انتشرت بسرعة البرق على شبكات التواصل الاجتماعي، تتحدث عن اعتقال الجنرال حسن كرمي، قائد القوات الخاصة في الشرطة الإيرانية، بتهمة «التجسس في اغتيال هنية».

وذكرت وكالتا «فارس» و«تسنيم» التابعتان لـ«الحرس الثوري»، نقلاً عن قيادة الشرطة، أن (المعلومات السابقة) هي «أخبار كاذبة ومفبركة من الأعداء، وأن الجنرال كرمي كان في مقر عمله صباح اليوم، وجميع الأخبار غير صحيحة».


مقالات ذات صلة

البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

تحليل إخباري محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد، وذلك على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال صدور قرار متشدد بحقها.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا مقر سفارة إيران في برلين (د.ب.أ)

ألمانيا: قنصليات إيران الثلاث مغلقة رسمياً منذ الاثنين

أُغلقت القنصليات العامة الإيرانية الثلاث في ألمانيا في مدن هامبورغ وميونيخ وفرانكفورت رسمياً أمام الجمهور اعتباراً من أول أمس (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية غروسي يتحدث أمام الاجتماع ربع السنوي لمجلس المحافظين في فيينا اليوم (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

غروسي يدعو إيران للالتزام بسقف مخزون اليورانيوم عالي التخصيب

رحب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بخطوة إيران «الملموسة» المتمثلة في موافقتها على الحد من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني بزشكيان يتحدث خلال جلسة عامة في إطار تنسيق «بريكس بلس» أثناء قمة المجموعة بقازان بروسيا 24 أكتوبر 2024 (رويترز)

الرئيس الإيراني يناشد بابا الفاتيكان التدخل لوقف الحرب في الشرق الأوسط

ناشد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، استخدام نفوذه لدى الحكومات المسيحية لوقف الحرب في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج وزير الخارجية الإيراني خلال لقائه في طهران رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (وكالة «مهر» الإيرانية)

وزير الخارجية الإيراني يلتقي نظيره القطري في طهران

أجرى رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في طهران، اليوم، مباحثات مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. ووفق وسائل إعلام…

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)
عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)
TT

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)
عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

حذر قادة في الجيش الإسرائيلي، في تسريبات نقلتها وسائل الإعلام العبرية، من أن سياسة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، المتمثلة في عرقلة صفقة تبادل أسرى ووقف النار في قطاع غزة، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

ووفق ما نقلت وسائل الإعلام عن قادة بالجيش، الخميس، فإن «وجود المخطوفين الإسرائيليين المتبقين على قيد الحياة في أسر (حماس)، والموزعين في إرجاء قطاع غزة، يمنع عملياً القضاء العسكري على الحركة».

ويرى هؤلاء العسكريون أن استمرار احتفاظ «حماس» بالأسرى «يُحبط إمكانية عمل المقاتلين من الجيش الإسرائيلي برياً، ويترك مجموعة كبيرة من (الجزر الرحبة) التي لا تدخلها القوات كي لا تعرضهم للخطر... وعملياً، هكذا تنجح (حماس) في إعادة تثبيت حكمها الجزئي في القطاع».

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية)

وقد جاءت هذه التحذيرات في وقت تسود فيه نقاشات حامية في إسرائيل حول إخفاقات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتي يُتهم فيها نتنياهو بأنه منع خلال سنواتٍ ضرب «حماس» وإسقاط حكمها في قطاع غزة، وأنه بسبب سياسة «فرق تسد» التي مارسها، ومن خلالها إضعاف السلطة الفلسطينية كي لا يفاوضها على «حل الدولتين»، ساهم بشكل كبير في تقوية «حماس».

واليوم يأتي الاتهام من الجيش ليذكّر بهذا الدعم من جديد، ولكن من باب آخر، هو إفشال صفقة التبادل.

ترميم قدرات

وبحسب التسريبات التي نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الخميس، فإنه «بعد ثلاثة أشهر من قتل 6 مخطوفين في نفق برفح على أيدي (مخربي حماس)، فإنهم في الجيش يحذرون من القيام بأي عمل قد يؤذي عشرات الأسرى المتبقين على قيد الحياة وتحتجزهم (حماس) وغيرها من المنظمات في غزة، ولهذا لا يعملون برياً ولا يهاجمون أيضاً في مناطق واسعة في قطاع غزة».

جنود إسرائيليون خلال عملية برية داخل قطاع غزة (رويترز)

وتذهب الصحيفة إلى أن «(حماس) تستفيد من ذلك، وترمم قدراتها العسكرية في هذه المناطق الكبرى الموجودة في شمال القطاع أيضاً، وذلك بالتوازي مع الأماكن الوحيدة التي يهاجم فيها الجيش الإسرائيلي في هذه الأشهر مثل: جباليا، وبيت لاهيا المجاورة لها».

الصحيفة نقلت أيضاً عن مسؤولين كبار في رئاسة الأركان الإسرائيلية القول إن «مسألة المخطوفين الإسرائيليين في أسر (حماس) أصبحت عاملاً مركزياً يؤخر ويضيق إنجازات الجيش في القطاع». وهم يقصدون بذلك أحد أهم أهداف الحرب التي وضعتها الحكومة؛ «تصفية البنى التحتية العسكرية والسلطوية لمنظمة الإرهاب التي تعاظمت في قطاع غزة».

وأشارت إلى أن «وجود المخطوفين في قطاع غزة يؤثر ويغير أساليب القتال، وأماكن العملية البرية، والهجمات الجوية، ويقيد جداً القوات في ضرب (حماس) بشكل أكبر».

تحذيرات للمستوى السياسي

ووفق المصادر العسكرية، فإن قادة الجيش الإسرائيلي كانوا قد أبلغوا نتنياهو ووزراءه في الكابينت الذي يقود الحرب، أن «المعلومات الاستخبارية عن وضع المخطوفين والتي تستند إلى ما يُنتزع من التحقيق مع أسرى (حماس) المعتقلين، تتغير باستمرار؛ لأن (حماس) تحاول نقلهم باستمرار لتصعب الأمر على الجيش».

ويقر العسكريون بأن «سياسة (حماس) في إعدام المخطوفين إذا ما لوحظت حركة قريبة لقوات الجيش، لم تتغير».

متظاهرون إسرائيليون يطالبون بصفقة لتبادل الأسرى مع «حماس» (أ.ب)

ويدلل العسكريون الإسرائيليون على صحة توجههم بالقول إن عدم المضي نحو «صفقة لتحرير المخطوفين، يمس مباشرة باحتمال الإيفاء بالهدفين اللذين حددتهما الحكومة في بداية الحرب: تقويض سلطة (حماس)، وإعادة المخطوفين».

وقدّر الجنرالات في تسريباتهم أن «الأغلبية الساحقة من سكان غزة لم ترَ جنود الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الطويلة الممتدة لـ14 شهراً من القتال. ولهذا فإن (حماس) لا تزال متجذرة بقوة لدى الغزيين بوصفها حُكماً؛ لأنه ليس لها أي منافس».

واستشهدوا بأن «حماس» هي التي «أخذت الحظوة على حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي سمحت إسرائيل بتنفيذها، وهي تعمل على قمع جيوب المقاومة لحكمها التي تطل بين الغزيين في مظاهرات محلية».

ورصد العسكريون «عودة (حماس) إلى دفع أجور شهرية لعناصرها بعد انقطاع، وإن كانت بضع مئات من الشواكل وليس بالآلاف مثلما كان قبل الحرب، وذلك رغم الضائقة الاقتصادية التي تعيشها».