«الحرس الثوري» يعزز فرضية «الاختراق المحلي» في اغتيال هنية

إيران تقول إن «العقاب شديد» لكنه في «الزمان والمكان المناسبين»

رجل يقود دراجته أمام لوحة إعلانية تحمل صور هنية وسليماني وفؤاد شكر على الطريق الرئيسي بالقرب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)
رجل يقود دراجته أمام لوحة إعلانية تحمل صور هنية وسليماني وفؤاد شكر على الطريق الرئيسي بالقرب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)
TT

«الحرس الثوري» يعزز فرضية «الاختراق المحلي» في اغتيال هنية

رجل يقود دراجته أمام لوحة إعلانية تحمل صور هنية وسليماني وفؤاد شكر على الطريق الرئيسي بالقرب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)
رجل يقود دراجته أمام لوحة إعلانية تحمل صور هنية وسليماني وفؤاد شكر على الطريق الرئيسي بالقرب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)

بعد روايتين مثيرتين من «نيويورك تايمز» الأميركية، و«تليغراف» البريطانية، حاول «الحرس الثوري» الإيراني احتكار رواية اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، وقال أخيراً، إن «صاروخاً قصير المدى» ضرب مقر إقامته بطهران، ما قد يعزز من احتمالات وجود اختراق محلي.

وكانت الصحيفة الأميركية زعمت أن قنبلة مزروعة منذ شهرين في مقر هنية بطهران وراء اغتياله، بينما أفضى تحقيق للصحيفة البريطانية إلى أن «الموساد (وكالة الاستخبارات الإسرائيلية) وظف عملاء إيرانيين لزرع قنابل في ثلاث غرف منفصلة في مبنى كان يقيم فيه زعيم حركة (حماس)».

رواية «الحرس الثوري»

وصباح السبت، أصدر «الحرس الثوري» بياناً وزعه باللغة الفارسية وبعربية ركيكة، جاء فيه أن «رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) اغتيل بمقذوف صاروخي قصير المدى».

وفصّل البيان كيفية الاغتيال «عبر إطلاق مقذوف قصير المدى برأس حربي زنة نحو 7 كيلوغرامات، مصحوباً بانفجار قوي، من خارج منطقة سكن الضيوف».

وكان موقع «سباه نيوز»، الناطق الرسمي باسم «الحرس الثوري» الإيراني، تحدث عن إطلاق «صاروخ من خارج الحدود الإيرانية» استهدف مقر إقامة هنية وتسبب باغتياله.

وأمس الجمعة، تحفزت إيران دفاعاً عن روايتها لوقائع الاغتيال. وكان الإصرار واضحاً على أن الأمر تم بمقذوف سقط من الجو، وليس عبوة مزروعة قبل أشهر في محل إقامة الضيف الفلسطيني بطهران.

وقياساً لوزن الرأس الحربي المذكور في بيان «الحرس الثوري»، فإن مصدر إطلاقه، على الأرجح من مكان قريب، داخل إيران.

ورأى «الحرس الثوري» أن اغتيال هنية «إجراء صممه النظام الصهيوني بدعم من الحكومة الأميركية»، وتوعد بالرد قائلاً: «سيتلقى النظام الصهيوني المغامر والإرهابي الرد على هذه الجريمة، وهو العقاب الشديد في الزمان والمكان والكيفية المناسبة».

والحال أن الرواية الجديدة لـ«الحرس» تشير بوضوح إلى تحمّل طهران المسؤولية، لكنها تفتح باب التكهنات بشأن وجود اختراق محلي كبير، وهو ما يعزز فرضية وجود عملاء محليين تم تجنيدهم لتنفيذ العملية.

يمنيون يلوحون بالأعلام ويرفعون لافتات تحمل صور فؤاد شكر وإسماعيل هنية خلال تجمع حاشد في صنعاء (أ.ف.ب)

كيف اغتيل هنية؟

وبالتزامن مع بيان «الحرس»، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب أحمد بخشايش أردستاني، إن هناك «سيناريوهين محتملين» بشأن اغتيال هنية.

وأوضح أردستاني، في تصريح صحافي، أن أحد السيناريوهات المحتملة هو أن «الإسرائيليين استخدموا طائرة صغيرة دون طيار من محطة توتشال الثانية للتزلج، واستهدفوا الموقع المطلوب»، والسيناريو الثاني هو أن «عناصر مخترقة داخل إيران تمركزت في نفس المنطقة حول توتشال الثانية للتزلج، واستهدفت مكان إقامته بسلاح يشبه الصاروخ».

وتقع المحطة فوق جبل يطل على معسكر «الإمام علي» التابع لـ«فيلق القدس».

ودار الضيافة تقع ضمن منطقة أمنية محصنة يشرف عليها «فيلق القدس»، تُعرف باسم معسكر «الإمام علي» لتدريب عناصر «الحرس الثوري»، ومسلحين آخرين من فصائل الوكلاء.

اعتقالات في إيران

وبعد الاغتيال، اعتقلت إيران أكثر من عشرين شخصاً، من بينهم ضباط استخبارات كبار ومسؤولون عسكريون وموظفون في دار ضيافة يديرها «الحرس الثوري» في طهران، رداً على الخرق الأمني «الضخم والمهين» الذي أدى إلى اغتيال هنية، بحسب ما كشف مطلعون على التحقيق لصحيفة «نيويورك تايمز».

وتولّت وحدة الاستخبارات المتخصصة في التجسس التابعة لـ«الحرس الثوري» التحقيق، وتطارد المشتبه بهم على أمل أن تقودهم إلى أعضاء فريق الاغتيال الذي خطط وساعد ونفذ عملية القتل، وفقاً لمسؤولين إيرانيين، طلبا عدم الكشف عن هويتهما بسبب الطبيعة الحساسة للتحقيقات.

وداهم عناصر أمن إيرانيون مجمع دار الضيافة، التابع لـ«الحرس الثوري»، والذي كان يقيم فيه هنية بشكل متكرر - في الغرفة نفسها – في أثناء زياراته إلى طهران.

ووضع العملاء جميع أفراد طاقم دار الضيافة تحت الحجز، واعتقلوا بعضهم، وصادروا جميع الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف الشخصية، بحسب ما كشف الإيرانيون للصحيفة.

وأشاروا إلى أن فريقاً منفصلاً من العملاء استجوب كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الذين كانوا مسؤولين عن حماية العاصمة طهران، ووضعوا عدداً منهم قيد الاعتقال حتى اكتمال التحقيقات.

وليس جديداً أن تقوم إيران باعتقال أشخاص تحت ذريعة الاشتباه بأدوار تجسسية بعد كل خرق أمني تتعرض له المؤسسات الأمنية.

وأدى اغتيال هنية في العاصمة الإيرانية إلى تكثيف المخاوف بشأن نفوذ إسرائيل وتأثيرها داخل إيران، وفقاً لصحيفة «تليغراف».

وأضافت الصحيفة أن المرشد الإيراني «استدعى جميع القادة عدة مرات خلال اليومين الماضيين، وهو يريد إجابات».

صورة هنية خلال مظاهرة للتنديد بمقتله في مدينة صيدا الساحلية اللبنانية (أ.ف.ب)

رد «حزب الله» اللبناني

إلى ذلك، توقعت إيران أن يضرب «حزب الله» اللبناني «عمق» إسرائيل، و«ألا يكتفي بأهداف عسكرية»، رداً على اغتيال القيادي العسكري البارز في التنظيم فؤاد شكر بضربة إسرائيلية.

وقتل فؤاد شكر الذي كان مسؤولاً عن إدارة عمليات الحزب في جنوب لبنان، في غارة استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وتوعّد الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله، الخميس، إسرائيل بـ«ردّ آت حتماً».

وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إنه بعد اغتيال شكر: «نتوقع أن يختار (حزب الله) المزيد من الأهداف»، وأن يضرب في «عمق» إسرائيل، بحسب ما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وقالت البعثة الإيرانية إن «(حزب الله) والكيان (الإسرائيلي) كانا يلزمان خطوطاً تجاوزها الهجوم». وتابعت أن الحزب «لن يقتصر في رده على الأهداف العسكرية».

كما تحدث قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي عن أن الضربة الإسرائيلية القاتلة على منطقة سكنية في بيروت والتي أسفرت عن مقتل شكر ستنتهي بعقاب شديد لإسرائيل.

وفي رسالة تعزية إلى أمين «حزب الله» حسن نصرالله، حذر سلامي إسرائيل من عواقب اغتيال شكر في لبنان. وقال: «يجب أن ينتظروا الغضب والانتقام القاسي، والانتقام من جانب المجاهدين المخلصين في جبهات المقاومة الإقليمية».

وكانت إيران شيعت جثمان ميلاد بيدي، المستشار العسكري في «الحرس الثوري» في الغارة التي قتل فيها شكر بلبنان.

أنصار الحوثي في تجمع حاشد للتنديد بمقتل هنية (أ.ف.ب)

سيناريو الرد

منذ ليلة الجمعة - السبت، رفعت إيران درجة التهديدات، واستعمل إعلامها الرسمي أسلوب «الحرب النفسية»، حتى إن مذيعاً في قناة تلفزيونية قال في بث مباشر خلال المساء: «انتظروا شيئاً مهماً الليلة».

وفي نسخ الصحافة المحلية اليومية الصادرة صباح السبت، سطرت مانشيتات الصفحات الأولى عبارات من قبيل «الرعب في تل أبيب» و«الانتقام لهنية»، وسلطت الضوء على إغلاق مصانع ومراكز ومطارات إسرائيلية تحسباً لضربة من إيران أو حلفائها.

كما كثفت حسابات إلكترونية إيرانية في منصة «إكس» نشر أفلام دعائية لإطلاق صواريخ، وسوقت بنشاط غير مسبوق لفرضيات كثيرة عن طبيعة الرد.

وتداولت منصات محلية معلومات - بزعم أنها منسوبة إلى «رويترز» - عن استعدادات وشيكة لهجوم بصواريخ باليستية ضد إسرائيل، من إيران والعراق واليمن، بالتزامن مع إغلاق تركيا مجالها الجوي.

ولاحقاً خلال النهار، قال متحدث باسم «رويترز» إن الوكالة لم تنشر مثل هذه المعلومات الملفقة.

واستخدم مسؤولون إيرانيون تلميحات إلى شكل وحجم الرد على اغتيال هنية. وقال عضو مجلس خبراء القيادة حسن عاملي: «للأسف، ديننا لا يسمح بالاعتداء على المدنيين، لذلك تستهدف إيران فقط المراكز العسكرية. إذا كان بإمكان إيران استهداف المدنيين، لتم إخلاء تل أبيب بالكامل بالتأكيد وبلا شك، وكان هذا النظام البغيض سيسقط في غضون أيام قليلة».

لكن حساب المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في «إكس»، كتب السبت: «تنفيذ عملية عقابية ضد إسرائيل سيتم بالتأكيد في الوقت والطريقة المحددين. المؤشرات هي رعد يبشر ببرق نار الانتقام».


مقالات ذات صلة

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.