لافرينتيف زار تركيا لبحث التقدم في خطوات «التطبيع» مع دمشق

غداة إعلان إقامة قاعدة روسية سورية في كوباني

نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز أجرى مباحثات مع لافرينتيف بمقر الخارجية التركية السبت تناولت الملف السوري (الخارجية التركية - «إكس»)
نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز أجرى مباحثات مع لافرينتيف بمقر الخارجية التركية السبت تناولت الملف السوري (الخارجية التركية - «إكس»)
TT

لافرينتيف زار تركيا لبحث التقدم في خطوات «التطبيع» مع دمشق

نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز أجرى مباحثات مع لافرينتيف بمقر الخارجية التركية السبت تناولت الملف السوري (الخارجية التركية - «إكس»)
نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز أجرى مباحثات مع لافرينتيف بمقر الخارجية التركية السبت تناولت الملف السوري (الخارجية التركية - «إكس»)

تواصل روسيا تحركاتها المكثّفة، في إطار مبادرتها لتسريع توصّل تركيا وسوريا إلى إعادة العلاقات بينهما إلى ما كانت عليه قبل عام 2011.

وفي هذا الإطار زار المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف أنقرة؛ لإجراء مشاورات حول الملف السوري.

وحسب وزارة الخارجية عبر حسابها في «إكس»، التقى نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماز، لافرينتيف بمقر الوزارة في أنقرة، السبت، في إطار التشاور حول الشأن السوري، بحضور ممثّلين عن المؤسسات المعنية بالملف السوري في البلدين.

وسبق أن زار لافرينتيف دمشق في 26 يونيو (حزيران) الماضي، وأجرى مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد، تضمّنت التحركات الهادفة لإعادة العلاقات مع تركيا إلى طبيعتها.

وأبدى الأسد استعداده للتجاوب مع المبادرات المطروحة في هذا الصدد في إطار سيادة سوريا.

اللافت أن مباحثات لافرينتيف مع أنقرة جاءت غداة إعلان مركز المصالحة الروسي في سوريا، التابع لوزارة الدفاع الروسية، الانتهاء من بناء قاعدة عسكرية روسية سورية جديدة في عين العرب (كوباني)، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في ريف حلب الشمالي، قرب الحدود السورية التركية.

ونقلت وكالة «تاس» الروسية، الجمعة، عن مدير المركز الروسي للمصالحة في سوريا، العقيد بحري أوليغ إغناسيوك، أن «الإجراءات مستمرة للرقابة على نظام وقف العمليات القتالية بين الأطراف المتنازعة»، مشيراً إلى «تفاهم سوتشي» الموقّع بين أنقرة وموسكو في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بعد عملية «نبع السلام» التركية ضد «قسد» شمال شرقي سوريا.

وبموجب التفاهم سيّرت القوات التركية والروسية دوريات مشتركة في مناطق خاضعة لـ«قسد» بالشمال السوري، من بينها عين العرب (كوباني).

وقال إيغناسيوك إن القوات الروسية أنجزت، بالاشتراك مع قوات الجيش السوري، «إقامة قاعدة في المنطقة القريبة من الحدود السورية التركية على أراضي محافظة حلب»، في إطار الإجراءات المستمرة لـ«الرقابة على نظام وقف العمليات القتالية بين الأطراف المتنازعة».

وسبق لروسيا إقامة قاعدتين في قريتي بير حسو وجبل الإذاعة غرب عين العرب في يونيو الماضي.

دورية تركية روسية مشتركة سابقة في كوباني (أرشيفية)

ويُعدّ إنشاء روسيا قواعد عسكرية مع الجيش السوري في عين العرب، من وجهة نظر مراقبين، دليلاً على عدم نجاح الدوريات التركية الروسية المشتركة في المنطقة، التي توقفت منذ فترة طويلة، لكن الأبعد من ذلك أن روسيا تسعى إلى منع تركيا من القيام بعملية عسكرية للسيطرة على المدينة، التي تحتل أهمية كبيرة بالنسبة لها، ووضع القوات السورية فيها، حتى لو كانت مشاركتها محدودة.

واضطرت «قسد» عام 2019 لتقديم تنازلات ميدانية للقوات الروسية والسورية، من أجل وقف العملية العسكرية التركية (نبع السلام) عند حدود معينة، لا سيما وأن الجانب الأميركي، الداعم الرئيس لـ«قسد»، أعطى تركيا ضوءاً أخضر للتوغل، لكن بعيداً عن منابع النفط والغاز.

وتضمّن تفاهم تركي أميركي إبعاد قوات «قسد» عن الحدود الجنوبية لتركيا لمسافة 30 كيلومتراً، بينما نص «تفاهم سوتشي» على تسيير دوريات روسية تركية مشتركة بعمق 10 كيلومترات فقط.

وانتقدت تركيا، مراراً، عدم التزام الجانبَين الأميركي والروسي بالتفاهمات الموقّعة معها. وهدّد الرئيس التركي في 2020، ثم في 2022، بعملية عسكرية للسيطرة على عين العرب.

مفاوضات لفتح «إم 4»

وجاء إنشاء القاعدة الروسية الثالثة في عين العرب خطوةً فسّرها خبراء بأنها تعكس رغبة روسيا في السيطرة على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4)، الذي يمر في عين العرب. وجرت مفاوضات خلال الأسبوعين الماضيَين بين وفود عسكرية تركية وروسية في إدلب، بهدف إعادة فتح الطرق والمعابر التجارية، والتنسيق لوقف التصعيد والاشتباكات بشمال سوريا.

وترغب روسيا في سيطرة القوات السورية على الطريق، بينما سبق أن طرحت روسيا صيغة تقوم على تعاون ثلاثي بين أنقرة وموسكو ودمشق للإشراف عليه، وفتحه بوصفه بادرةً أولى على التقدم في مفاوضات إعادة العلاقات التركية السورية.

وعدّ المحلل السياسي التركي، نامق دوروكان، إنشاء القاعدة الروسية في عين العرب، التي تشكّل النقطة الاستراتيجية الأكثر أهميةً لتركيا على حدودها، مقابل بلدة سروج في شانلي أورفا جنوب تركيا، ووضع جنود سوريين، خطوةً لافتة قبل الاتفاق على عقد لقاء بين الرئيسين التركي والسوري الذي تسعى روسيا لتحقيقه.

ولفت إلى أن المفاوضات السابقة بين تركيا وروسيا حول عين العرب، عقب إنهاء حصار تنظيم «داعش» لها في 2014، لم تُسفر عن أي نتائج، كما وقّعت روسيا اتفاقاً مع «قسد»، مماثلاً للتفاهم مع تركيا، عام 2019، وكانت تسيّر دوريات مشتركة معهم أيضاً.

الأسد التقى لافرينتيف بدمشق في 26 يونيو الماضي وتم بحث التقارب مع تركيا (الرئاسة السورية - أرشيفية)

نفي تركي

وعشية زيارة لافرينتيف لأنقرة، نفى «مركز مكافحة التضليل الإعلامي»، التابع لمديرية الاتصال برئاسة الجمهورية التركية، ما جاء في تقرير لصحيفة «إيدينليك»، الناطقة بلسان حزب «الوطن» التركي، المؤيّد بشدة للتقارب مع دمشق، ما قالت إنه «مسودة اتفاق بين أنقرة ودمشق لمحاربة (قسد)، مقابل انسحاب القوات التركية من سوريا»، سلّمتها روسيا للجانبين التركي والروسي.

وقالت الصحيفة إن المسودة تتضمّن موافقة سوريا، في المرحلة الأولى، على عودة ما بين مليون ومليونَي سوري لاجئ في تركيا إلى بلادهم، وضمان عدم تعرّض أي منهم لأي ملاحقة قضائية، وضمان تمثيل «المعارضة المعتدلة»، التي يوافق عليها الجانب السوري إلى الحكومة، والقضاء على «حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب الكردية (أكبر مكونات قسد)»، ومنع أي هجمات تقوم بها هذه المنظمة ضد تركيا انطلاقاً من الأراضي السورية.

وأضافت أن المسودة تتضمن أيضاً اتفاقاً يشمل حظر أنشطة المعارضة السورية، وتسليم مناطق إدلب وشمال حلب للقوات السورية.

وأكّد مركز مكافحة التضليل الإعلامي بالرئاسة التركية أن ما ورد في بعض وسائل الإعلام بشأن تسليم روسيا مسودات تحتوي على طلبات الطرفين، والتي سيتم قبولها ضمن نطاق الأحكام الملزمة لتركيا والحكومة السورية، إلى هيئات صنع القرار في كلا البلدين، هو ادّعاء لا أساس له من الصحة.


مقالات ذات صلة

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة من موقع غارة إسرائيلية على معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا - 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الجمعة)، إن عدد قتلى القصف الأخير الذي شنَّته إسرائيل على مدينة تدمر، في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد هذا الأسبوع ارتفع

«الشرق الأوسط» (بيروت)

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
TT

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

تسببت عريضة قدمتها مجموعة من المنظمات غير الحكومية للمحكمة العليا بإسرائيل، مطالبةً فيها بإصدار أمر إقالة لوزير الأمن الوطني المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن غفير، في حدوث انشقاق داخل حكومة بنيامين نتنياهو، مما قد يزج بإسرائيل في أزمة دستورية.

وفي رسالة إلى نتنياهو، الأسبوع الماضي، طلبت المدعية العامة غالي باهراف ميارا من رئيس الوزراء أن يدرس إقالة بن غفير، مستندة إلى أدلة تشير لتدخله المباشر في عمليات الشرطة، واتخاذ قرارات الترقيات بداخلها بناء على أسباب سياسية.

وجاءت هذه الرسالة قبل أن تقدم باهراف ميارا رأيها إلى المحكمة العليا في الأسابيع المقبلة بشأن ما إذا كان ينبغي لها قبول العريضة التي قدمتها المنظمات غير الحكومية في سبتمبر (أيلول) والنظر فيها، أم لا.

وفي رسالتها التي نشرها مكتبها، أيدت باهراف ميارا الاتهامات التي ساقتها المنظمات غير الحكومية عن تدخل بن غفير شخصياً في الطريقة التي تعامل بها قادة الشرطة مع الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

واستشهدت أيضاً برسالة من المفوض السابق للشرطة يعقوب شبتاي الذي ترك منصبه في يوليو (تموز)، والتي جاء فيها أن بن غفير أصدر تعليمات لكبار قادة الشرطة بتجاهل أوامر مجلس الوزراء بحماية قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة.

وقد أثارت رسالة باهراف ميارا رد فعل حاداً من بن غفير الذي دعا علناً إلى إقالتها، قائلاً إن طلبها تُحركه دوافع سياسية. ونفى الوزير ارتكاب أي مخالفات.

وحصل بن غفير على مهام واسعة عندما انضم إلى ائتلاف نتنياهو في نهاية عام 2022، منها المسؤولية عن شرطة الحدود في الضفة الغربية المحتلة، على الرغم من إدانته في عام 2007 بالتحريض العنصري ضد العرب ودعم حركة (كاخ) اليهودية المتطرفة التي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وقد أدى (قانون الشرطة) الذي أقره الكنيست في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وهو أحد الشروط التي وضعها بن غفير للانضمام إلى الائتلاف، إلى توسيع سلطاته على الشرطة والسماح له بوضع السياسات العامة، وتحديد أولويات العمل والمبادئ التوجيهية.

وقال بن غفير إن القانون سيعزز قوة الشرطة وقدرتها على مكافحة الجرائم، وزعم أن الشرطة في كل البلدان الديمقراطية تتبع وزيراً منتخباً. وقال منتقدون إن التعديلات منحت بن غفير سلطات شاملة على العمليات، وحوّلته إلى «رئيس للشرطة (بسلطات) مطلقة».

وقال أربعة من قادة الشرطة السابقين وخبيران قانونيان لـ«رويترز» إن التغييرات التي أجراها بن غفير على الكيان الشرطي وثقافته قادت إلى تسييسه.

وقال أمونون الكالاي، وهو سيرجنت سابق في الشرطة استقال في 2021: «يحاول الوزير بن غفير من خلال سلطته الموافقة على التعيينات أو التدخل في الترقيات لخدمة مصالحه السياسية الخاصة».

ولم ترد شرطة إسرائيل ولا مكتب بن غفير على طلبات للتعليق على دور الوزير في تعيينات الشرطة أو التأثير في عملها.

وقاوم نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، دعوات سابقة لإقالة بن غفير. وإذا انسحب حزب عوتسماه يهوديت (القوة اليهودية) الذي يرأسه بن غفير من الائتلاف الحاكم، فلن يكون لدى نتنياهو إلا أغلبية ضئيلة. وإلى جانب المشكلات القانونية التي تواجه رئيس الوزراء، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة لاعتقاله، الخميس، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في صراع غزة. ويصر نتنياهو على براءته من جميع التهم.

ويقول بعض الخبراء القانونيين إن إسرائيل قد تنزلق إلى أزمة دستورية إذا أمرت المحكمة العليا رئيس الوزراء بإقالة بن غفير ورفض ذلك، حيث ستظهر الحكومة وكأنها تضرب بقرارات القضاء عرض الحائط.

وقال عمير فوكس، وهو أحد كبار الباحثين في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز أبحاث مقره القدس: «لا نعرف ماذا سيحدث في مثل هذا الوضع». وأضاف أن هذا قد يضع إسرائيل «في موقف خطير للغاية».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

موقف متشدد من الاحتجاجات

في العام الماضي، استقال قائد شرطة تل أبيب عامي إيشد، وأشار لأسباب سياسية وراء قراره، وذلك بعد أن صرح علناً أنه لن يستخدم القوة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، على الرغم من طلبات بن غفير بذلك. وفي بيان بثه التلفزيون، قال إيشد إن «المستوى الوزاري» كان يتدخل بشكل صارخ في عملية اتخاذ القرار المهني.

ولم يرد مكتب بن غفير علناً على تعليقات إيشد. وكانت المحكمة العليا قد أمرت بن غفير بالتوقف عن إعطاء تعليمات للشرطة حول كيفية استخدام القوة للسيطرة على الاحتجاجات في العام الماضي، قبل أن تعاود الأمر في يناير (كانون الثاني).

وقال قادة الشرطة الأربعة السابقون الذين تحدثوا إلى «رويترز»، إن ثمة تغييراً طرأ على عمل الشرطة تحت قيادة بن غفير. وأوضحوا أن الدليل على ذلك هو عدم تنفيذ الشرطة أي اعتقالات عندما اقتحم متظاهرون من اليمين مجمعين عسكريين في يوليو، بعد وصول محققين لاستجواب جنود في اتهامات بإساءة معاملة سجين فلسطيني.

وعلى النقيض من ذلك، اتخذت الشرطة إجراءات صارمة في مواجهة المظاهرات المناهضة للحكومة. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في يونيو (حزيران) أن 110 أشخاص قُبض عليهم في إحدى ليالي الاحتجاجات، وهو رقم قياسي، ولم توجّه اتهامات إلا إلى شخص واحد منهم.

وقالت الشرطة، رداً على الانتقادات الموجهة إليها باعتقال أعداد كبيرة، إن سلوك بعض المتظاهرين اتسم بالعنف خلال الاحتجاجات، ومنهم من هاجموا قوات إنفاذ القانون وأشعلوا الحرائق.

الحرم القدسي

أدت تعيينات في مناصب عليا في الأشهر القليلة الماضية إلى تحول في قيادة الشرطة، فبعد أن وافقت الحكومة في أغسطس (آب) على مرشحه لمنصب مفوض الشرطة، دانييل ليفي، قال بن غفير إن المفوض الجديد سوف يتبع «أجندة صهيونية ويهودية»، ويقود الشرطة «وفقاً للسياسة التي وضعتها له».

ويشكل العرب ما يزيد قليلاً على 20 في المائة من سكان إسرائيل، ويتعرضون لمعدلات أعلى بكثير من جرائم العنف. ولم يحضر بن غفير ولا ليفي اجتماعاً دعا إليه نتنياهو في سبتمبر لمواجهة ارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع العربي بإسرائيل.

وخفف أمير أرزاني، الذي تم تعيينه قائداً لشرطة القدس في فترة تولي بن غفير منصبه، قيود الوصول إلى المسجد الأقصى، في مكان يطلق عليه اليهود اسم جبل المعبد، وهو أحد أكثر الأماكن حساسية في الشرق الأوسط.

وقال أحد كبار المسؤولين سابقاً عن إنفاذ القانون في القدس لـ«رويترز»، إنه في السابق عندما كان يحاول الوزراء الوصول إلى الحرم القدسي لممارسة الطقوس اليهودية كان كبار الضباط يطلبون تصريحاً من وزارة العدل لاعتقالهم على أساس أن ذلك يشكل تهديداً للأمن الوطني.

وصعد بن غفير إلى الحرم القدسي عدة مرات منذ توليه منصبه دون أن يوقفه رجال الشرطة.

وقالت شرطة إسرائيل، في بيان، رداً على أسئلة من «رويترز» بشأن الإرشادات، إن أعضاء الكنيست يمكنهم طلب الوصول إلى الحرم القدسي عبر (حرس الكنيست)، وإن الموافقة تعتمد على تقييم أمني يجري في وقت قريب من موعد الزيارة المطلوبة.

وقال أحد المسؤولين السابقين، الذي خدم في فترة بن غفير وطلب عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة الحساسة لمنصبه السابق، إن بن غفير لم يُمنع من الوصول إلى الحرم القدسي، حيث عُدّ أنه لا يشكل تهديداً.

أضرار طويلة الأمد

قال يوجين كونتوروفيتش، رئيس قسم القانون الدولي في منتدى كوهيليت للسياسات، وهو مركز أبحاث ذو توجه محافظ مقره القدس، إن الأمر الذي أصدرته المحكمة العليا لرئيس الوزراء بإقالة الوزير قد ينطوي على تجاوز لحدود السلطة القضائية.

وأضاف: «إذا لم يكن لرئيس الوزراء الاختيار بشأن الوزراء الذين يعينهم أو يقيلهم فهو ليس رئيساً للوزراء، بل مجرد دمية في يد المحاكم». وأضاف أن المدعية العامة لم تحدد قوانين بعينها انتهكها بن غفير.

وطعنت (الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل)، وهي حملة تهدف إلى تعزيز معايير الديمقراطية، على قانون الشرطة لعام 2022 أمام المحكمة العليا.

وقال أوري هيس، المحامي في الحركة، إن القانون أعطى بن غفير سلطة خطيرة للتدخل في السياسة الإسرائيلية؛ لأنه يستطيع استخدام الشرطة لقمع المشاعر المناهضة للحكومة.

وذكر يوآف سيغالوفيتش، وهو عضو في الكنيست عن حزب معارض وضابط إنفاذ قانون سابق ترأس قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة، إن التغييرات التي أجراها بن غفير يحتمل أن تسبب أضراراً لا رجعة فيها، وقد يستغرق تصحيحها سنوات.

وقال سيغالوفيتش: «ينبغي ألا يتمتع أي سياسي بسلطة على كيفية استخدام الشرطة؛ لأن الشرطة ليست مثل الجيش، فالشرطة تتعامل مع المواطنين؛ الشرطة تتعامل مع القضايا الأكثر حساسية».