سوريا: تسريبات إعلامية عن تحقيقات بالفساد داخل «البعث»

تتولاها لجنة «حزبية ـ حكومية» تنفيذاً لتوجيهات الأسد

اجتماع اللجنة المركزية لحزب «البعث» بدمشق في مايو 2024 (صفحة حزب البعث على فيسبوك)
اجتماع اللجنة المركزية لحزب «البعث» بدمشق في مايو 2024 (صفحة حزب البعث على فيسبوك)
TT
20

سوريا: تسريبات إعلامية عن تحقيقات بالفساد داخل «البعث»

اجتماع اللجنة المركزية لحزب «البعث» بدمشق في مايو 2024 (صفحة حزب البعث على فيسبوك)
اجتماع اللجنة المركزية لحزب «البعث» بدمشق في مايو 2024 (صفحة حزب البعث على فيسبوك)

في سابقة من نوعها كشفت تسريبات إعلامية محلية عن فتح تحقيقات مشتركة «حزبية ـ حكومية» داخل جهاز حزب «البعث» الحاكم في سوريا، تتعلق بقضايا فساد وهدر للمال العام تقدر بعشرات المليارات.

ووفق التسريبات شملت التحقيقات قيادات ومسؤولين كباراً في الحزب، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1970، وتسلم الرئيس الراحل حافظ الأسد للسلطة، وقيامه بما أطلق عليه اسم «الحركة التصحيحية»

وجرى فتح التحقيقات لدى قيام «لجنة التفتيش الحزبي» بعملية «مراجعة شاملة وتدقيق في سجلات القيادة المركزية»، تنفيذاً لتوجيهات الأمين العام للحزب الرئيس بشار الأسد، خلال اجتماعات مع القيادات الحزبية منذ مطلع العام الحالي، وإطلاق خطة لإصلاح الهيكل السياسي التنظيمي الرئيس للدولة.

ونقل موقع «هاشتاغ» عن مصادر في القيادة المركزية لحزب «البعث» قولها إن «التفتيش الحزبي يقوم بعملية مراجعة شاملة وتدقيق في سجلات القيادة المركزية للحزب» وإن عملية التدقيق ومن ثم التحقيقات الرسمية شملت «أملاك الحزب من عقارات ومركبات، والصرفيات المالية وبعض استثمارات الحزب».

وقالت المصادر «المطَّلعة على سير التحقيقات» إن التحقيقات مشتركة بين التفتيش الحزب ووزارة الداخلية وقد «بدأت منذ الشهر الفائت»، وقد جرى توقيف مديرين نافذين في قيادة الحزب، والتحقيق مع نافذين في قيادات الحزب وخارجه بعدما كشفت التحقيقات عن وجود «فساد مالي وإهدار للمال العام يقدر بعشرات المليارات»

ولا تزال التحقيقات مستمرة، وقد أوصت بالحجز على أموال بعض المشتبه بهم ومنع سفر آخرين بعد أن جرى توقيف المتورطين الرئيسيين، بينما تقود التحقيقات التي لا تزال في طور «السرية» كونها لم تنته بعد إلى بعض المتورطين «النافذين» جداً.

الأسد في اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث في دمشق في مايو 2024 (صفحة حزب البعث على فيسبوك)

وكان لافتاً تعليق رجل الأعمال فارس الشهابي على التحقيقات بمنشور مقتضب، يشير الى أحد أبرز الشخصيات الحزبية الجاري التحقيق معها، وكتب الشهابي على حسابه في «فيسبوك»: «قلنا لكم 100 مرة إن «الرفيق» أبو صبغة مجرد لص مكسيكي صغير... !» والشهابي صناعي حلبي وواحد من الشخصيات الصناعية المشهورة بوصفه نائباً سابقاً في مجلس الشعب السوري ورئيساً سابقاً لاتحاد غرف الصناعة السورية، ويتابع حسابه في «فيسبوك» أكثر من مائتين وعشرة آلاف شخص، وكشفت التعليقات على منشوره الأخير عن معرفة سابقة بفساد الشخصية الحزبية التي أشار لها الشهابي من دون تسميته صراحة.

ويشار إلى أن الأمين العام المساعد لحزب «البعث» إبراهيم الحديد، الذي تسلم منصبه في مايو (أيار) الماضي خلفاً لهلال هلال، تحدث في اجتماع مجلس إدارة «دار البعث» قبل أيام عن عملية «تغيير قائمة» و«أهمية بلورة رأي عام واسع حول حزب (البعث) في هذه المرحلة»، مشيراً إلى أن «لـ(البعث) أخطاءه، ولكن أحداً لا يستطيع منافسته على الساحة الوطنية»، مؤكداً أن «المؤسسات الوطنية والحزبية مطالَبة بإعادة رسم أدوارها وسياساتها، في ضوء عملية التغيير القائمة».

وكان الرئيس الأسد، بصفته الرفيق الأمين العام للحزب، قد أعلن بداية العام عن خطة «لتغيير وتجديد منظومة العمل في الحزب والمجتمع والدولة»، وأكد خلال اجتماع اللجنة المركزية للحزب في مايو أنه «في ظل الظروف العالمية الحالية تصبح الأحزاب العقائدية أكثر أهمية من قبل»، وركز على «مفهوم علاقة الحزب بالسلطة، ومراجعة النظام الداخلي للحزب ودور اللجنة المركزية بوصفها عصباً رئيسياً للحزب، ودور لجنة الرقابة والتفتيش الحزبي وعملية المحاسبة داخل الحزب، وأهمية تطوير البنية التنظيمية كحاجة حزبية ووطنية وبناء مؤسسة الحزب».

وجرى في الاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب، إعادة انتخاب الأسد أميناً عاماً للحزب بالإجماع. كما جرى انتخاب أعضاء لجنة مركزية وقيادة مركزية جديدة للحزب ولجنة رقابة وتفتيش جديدة للحزب. وطال التغيير كل أعضاء القيادة القطرية لحزب «البعث» ودخول أعضاء جدد.

وترافقت التغييرات الحزبية بأخرى في الأجهزة الأمنية ضمن خطة إعادة هيكلتها، شملت تنقلات وتغييرات في الأجهزة الأمنية، وإحداث الأمانة العامة للرئاسة السورية.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي لاتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا

المشرق العربي مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس

الاتحاد الأوروبي لاتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا

قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إنها تأمل في التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا، الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (بروكسل - دمشق)
خاص سفينة «لاوديكيا» الروسية تصل إلى ميناء طرطوس (أرشيفية - سانا)

خاص إلغاء عقد مرفأ طرطوس يثير جدلاً حول مستقبل المشروعات الروسية

أثار قرار مدير جمارك طرطوس، رياض جودي، إلغاء العمل بالاتفاق المبرم مع شركة روسية بشأن إدارة مرفأ طرطوس، جدلاً حول المغزى السياسي للخطوة.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي وزارة الداخلية السورية تخرّج أكثر من 300 عنصر في أول دفعة تخريج من معسكرات الانتساب بمحافظة درعا (سانا)

تخريج دفعتين في المؤسستين العسكرية والأمنية بدرعا ودير الزور

تنهمك حكومة تسيير الأعمال بدمشق برفد المؤسستين العسكرية والأمنية بمنتسبين جدد، وإخضاعهم لدورات تدريب مكثفة

المشرق العربي مظاهرة في الحسكة رفضاً للهجمات التركية على «قسد» (أ.ف.ب)

تعهد سويدي لتركيا بعدم دعم «الوحدات الكردية» في سوريا

حصلت تركيا على تعهد من السويد بعدم تقديم أي دعم «لوحدات حماية الشعب الكردية» التي تقود «قسد»، كما هددت الإدارة السورية باستخدام القوة ضدها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي وزير الدفاع في الإدارة السورية مرهف أبو قصرة (رويترز)

وزير الدفاع السوري يُلوح باستخدام «القوة» ضد القوات الكردية

أكد وزير الدفاع السوري أن السلطات الجديدة تفاوض القوات الكردية المسيطِرة على مناطق في شمال شرقي البلاد، لكنها مستعدة للجوء إلى «القوة» إذا لزم الأمر.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الاتحاد الأوروبي لاتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا

صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)
صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)
TT
20

الاتحاد الأوروبي لاتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا

صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)
صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)

قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، اليوم الأربعاء، إنها تأمل في التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأسبوع المقبل، بحسب إفادة لـ«رويترز».

ومن المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الوضع في سوريا خلال اجتماع يعقد في بروكسل 27 يناير (كانون الثاني).

وبدأ المسؤولون الأوروبيون إعادة النظر في نهجهم تجاه سوريا بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد على يد قوات المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» التي تصنفها الأمم المتحدة جماعة إرهابية.

مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس

وتريد بعض العواصم الأوروبية التحرك بسرعة لتعليق العقوبات الاقتصادية، في علامة على دعمها لعملية الانتقال في دمشق. بينما تسعى عواصم أخرى إلى ضمان احتفاظ بروكسل بنفوذها في علاقتها بالسلطات السورية الجديدة، حتى في حالة تخفيف بعض العقوبات.

وقالت كالاس في مقابلة مع «رويترز»: «نحن مستعدون لتطبيق نهج تدريجي، وأيضاً لمناقشة الموقف البديل». وأضافت: «إذا رأينا أن التطورات تسير في الاتجاه الخطأ، فسنكون حينها أيضاً مستعدين للتراجع».

ودعت 6 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هذا الشهر التكتل إلى تعليق العقوبات المفروضة على سوريا مؤقتاً في مجالات مثل النقل والطاقة والخدمات المصرفية. وتشمل العقوبات الحالية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي حظراً على واردات النفط السوري وتجميد أي أصول للبنك المركزي السوري في أوروبا.

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يحضر مؤتمراً صحافياً في دمشق الأربعاء (رويترز)

في الأثناء، أكد المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، أن احتلال إسرائيل لأراضٍ في سوريا غير مقبول على الإطلاق ولا يوجد أي عذر أو مبرر لذلك.

وأضاف المبعوث الأممي خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، في دمشق، أن «بعض مبادئ القرار الأممي 2254 ما زالت قائمة ومنها حماية سيادة سوريا ووحدة أراضيها والحاجة إلى عملية سياسية شاملة بمساعدة الأمم المتحدة، ويجب أن يقودها ويملكها السوريون وتشارك فيها جميع الفئات، ولا يجب أن تأتي من الخارج».

وأشار إلى أن «هناك إجماعاً قوياً لدعم سوريا الجديدة ونريد انتقالاً سياسياً شاملاً، وهناك ضرورة لتشكيل جيش وطني يضم جميع الفصائل».

وشدد بيدرسون على ضرورة رفع العقوبات على سوريا «إذا كنا نريد إعادة إعمار سوريا وننقذ الشعب من الفقر فيجب رفع العقوبات، ورأينا رغبة لدى المجتمع الدولي في دعم سوريا، ومن المهم جداً أن تعيد الدول النظر في العقوبات المفروضة على النظام السابق».

لقاء قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن (سانا)

وأوضح المبعوث الأممي أنه ناقش وقائد إدارة الجديدة، أحمد الشرع: «السوريون يجب أن يأخذوا المبادرة وهناك الكثير من الفرص، وبعد اجتماعين قمت بهما مع السيد الشرع، أستطيع القول إن هناك سبع نقاط ناقشناها، أولاً محاولة أن تنضوي الفصائل المسلحة ضمن جيش وطني، والفرص المتاحة بالنسبة لشمال شرقي سوريا، وحماية جميع السوريين، والانتقال السياسي، والعدالة الانتقالية، المجال الاقتصادي، وإعادة الإعمار، مسألة الوجود الإسرائيلي في الأراضي السورية، وهذه النقاط تحدثنا بها مع الشرع والشيباني، ونحن فهمنا جميع الأفكار فيما يخص الانتقال السياسي».

وأكد بيدرسون أن الأمم المتحدة تتابع ما يجري في سوريا: «نحن ما زلنا فقط في الشهرين الأولين لأخذ الحكم في سوريا، وهذا جاء بعد 14 عاماً من النزاع وحكم الرجل الواحد، وأي حكومة بالتالي ستواجه الكثير من التحديات».

وحول مؤتمر الحوار الوطني في سوريا المزمع عقده، أوضح بيدرسون: «بالنسبة للحوار الوطني وكيفية تطوره هذا بيد السوريين، وحتى الآن لا توجد خطة واضحة، ولكن يتم الإعداد لها لكن من المهم أن تتم بشكل جيد ومدروس».

وشدد المبعوث الأممي على ضرورة المحاسبة لتحقيق العدالة، وقال: «المساءلة والمحاسبة مهمتان جداً وهذا جوهري إذا كنا نريد أن نضمن السلم الأهلي في سوريا، والأمم المتحدة لديها عدة أقسام وهي تدعم مسائل الإدارة والحكومة والمسائل السياسية».

ووصل المبعوث الأممي إلى سوريا، الاثنين، وعقد لقاء مع القيادة الجديدة في سوريا، إضافة إلى لقاء مع ممثلين عن المجتمع المدني وهذه هي الزيارة الثانية له منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 من الشهر الماضي.