تشييع إسماعيل هنية في طهران... وخامنئي يؤمّ صلاة الجنازة

TT

تشييع إسماعيل هنية في طهران... وخامنئي يؤمّ صلاة الجنازة

المرشد الإيراني علي خامنئي وخلفه الرئيس مسعود بزشكيان خلال صلاة الجنازة على جثمان هنية وحارسه الشخصي (موقع المرشد)
المرشد الإيراني علي خامنئي وخلفه الرئيس مسعود بزشكيان خلال صلاة الجنازة على جثمان هنية وحارسه الشخصي (موقع المرشد)

بدأ تشييع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية باكراً، صباح اليوم (الخميس)، في طهران، غداة اغتياله في إيران بغارة نُسبت إلى إسرائيل، وأثارت مخاوف من توسّع النزاع في خضمّ الحرب الدائرة في غزة.

وأمّ المرشد الإيراني علي خامنئي المصلّين في جنازة هنية، الذي وصفه بأنه «مقاتل بارز في المقاومة الفلسطينية»، الذي سيُدفن، الجمعة، في قطر.

وتجمّع حشد من المشيعين يحملون صور هنية، وأعلاماً فلسطينية في جامعة طهران وسط العاصمة، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسار موكب تشييع جثمان هنية من مصلى جامعة طهران، غرباً نحو ميدان «آزادي»، وتبلغ المسافة بينهما نحو 5 كيلومترات.

وصرّح أمين عام «المجلس الأعلى للأمن القومي»، الجنرال علي أكبر أحمديان، بأن مقتل هنية في طهران «لا يمكن مقارنته» إلا بمقتل قاسم سليماني، العقل المدبر لعمليات «الحرس الثوري» في الخارج، الذي قضى في ضربة جوية أميركية مطلع 2020 في بغداد.

وقال خلیل الحیة، نائب رئيس حركة «حماس» في غزة، في خطابه خلال مراسم تشييع إسماعيل هنية في جامعة طهران: «يجب على العالم بأسره أن يسعى لإزالة هذه الغدة السرطانية، أي النظام الصهيوني، من وجه الأرض».

كما وصف الحية إسرائيل بأنها «مظهر الشر وانعدام الأمن في المنطقة»، قائلًا: «اليوم نؤكّد أن دماء إسماعيل هنية ستؤثر في طريق وحدة الأمة الإسلامية وفي تحرير فلسطين».

بدوره، قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، في خطاب، إن «الكيان الصهيوني سيدفع ثمناً باهظاً لهجماته في أراضي إيران»، مشيراً إلى تصريحات خامنئي حول «نهاية زمن الضرب والإفلات». وقال: «نعلم أن هذه الأعمال تتم بدعم وتنسيق من أميركا الإجرامية، رغم ما يعلنونه في وسائل الإعلام عن عدم معرفتهم. نحن ملزمون بالرد على هذه الجريمة في الوقت والمكان المناسبَيْن».

بدوره، قال عمدة طهران، علي رضا زاكاني، إن «الكيان الصهيوني سيتلقّى بالتأكيد صفعة أقوى من (الوعد الصادق)». وأضاف «هذا الاستشهاد ذات المغزى على أرض الجمهورية الإسلامية سيمهّد لمرحلة جديدة من تدمير نظام إسرائيل».

وقال أمير حسين قاضي زاده هاشمي، لوكالة «مهر» الحكومية، إن «الرد الرادع هو الذي يتم في المستوى نفسه. عندما يُستشهد قائد (حماس)، يجب القضاء على أحد القادة الرئيسيين في إسرائيل».

وكان قاليباف وزاكاني وقاضي زاده هاشمي قد ترشحوا عن «التيار المحافظ» في الانتخابات الرئاسية ضد الرئيس مسعود بزشكيان، الذي لم يتحدث خلال مراسم التشييع، واكتفى بالمشاركة في صلاة الجنازة، واقفاً خلف المرشد الإيراني علي خامنئي.

وقالت رئيسة لجنة البيئة في البرلمان، النائبة سميه رفيعي، إن «الشعب الإيراني في أي مكان من العالم لن يتوقف عن المطالبة بثأر هنية».

في الأثناء، نفت شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية التقارير عن حظر الطيران في طهران، بسبب مراسم تشييع هنية.

وقال مسؤول في الشركة: «لا توجد أي قيود على تشغيل الرحلات الجوية من وإلى مطار مهر آباد»، لافتاً إلى أن القيود تقتصر على «الرحلات التدريبية، والطائرات المروحية، ونوادي الطيران».

ولم تقدم السلطات الإيرانية تفاصيل، حتى اللحظة، حول عملية اغتيال هنية، خصوصاً الأسلحة المستخدمة، والموقع الذي كان يقيم فيه.

ويثير اغتيال الزعيم السياسي لحركة «حماس»، البالغ 61 عاماً، الذي كان يعيش في المنفى بقطر، وكذلك اغتيال إسرائيل القائد العسكري في «حزب الله» اللبناني فؤاد شكر في بيروت، أول من أمس، مخاوف من توسّع النزاع الدائر منذ نحو عشرة أشهر في قطاع غزة بين إسرائيل، العدو اللدود لإيران، وحركة «حماس» و«حزب الله» المدعومين من طهران.

وبينما فشلت كل محاولات الوساطة حتى الآن لوقف إطلاق النار في غزة، أثارت الحرب توترات في أنحاء الشرق الأوسط بين إسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها في لبنان واليمن والعراق وسوريا من جهة أخرى، ولا سيما «حزب الله».

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس، عن قلقه إزاء الهجمات التي وقعت في بيروت وطهران والتي «تمثّل تصعيداً خطيراً».

وعلى غرار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، دعا غوتيريش إلى مواصلة «الجهود» لتأمين وقف لإطلاق النار في غزة، في حين شكّكت قطر، الوسيط الرئيسي، في مدى جدوى مواصلة جهودها.

وعدّ البيت الأبيض، الأربعاء، أنّ الضربتين اللتين أدّتا إلى مقتل شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت وهنية في طهران، «لا تساعدان» في احتواء التوترات الإقليمية، لكنّه نفى وجود مؤشرات إلى تصعيد وشيك.

«أشد العقاب»

وأعلن «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، مقتل هنية مع حارس شخصي له في مقر إقامته بطهران، بعد حضوره احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان.

وحسب وسائل الإعلام الإيرانية، فإن «هنية كان في إحدى الإقامات المخصصة لقدامى المحاربين في شمال طهران عندما استُشهد بمقذوف جوي» نحو الساعة الثانية فجراً (22:30 ت غ الثلاثاء).

وتوعّد المرشد الإيراني علي خامنئي بإنزال «أشدّ العقاب» بإسرائيل بعد الاغتيال. وقال: «نعدّ من واجبنا الثأر لدماء (هنية) التي سُفكت على أراضي إيران».

بدوره، قال بزشكيان إنّ «الصهاينة سيرون قريباً عواقب عملهم الجبان والإرهابي».

كذلك، أكد رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري أنّ اغتيال هنية «سيزيد من وحدة جبهة المقاومة»، في إشارة إلى الجماعات المسلحة الموالية لإيران في الشرق الأوسط.

وحذّرت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، عبر منصة «إكس»، من أن طهران ستنفّذ «عمليات خاصة»، ردّاً على هذا الاغتيال، الذي «سيثير ندماً عميقاً لدى منفّذه».

كما شدّد القائم بأعمال وزير الخارجية علي باقري على حقّ إيران في تنفيذ «ردّ متناسب».

وفي اليمن، أعلن الحوثيون «الحداد ثلاثة أيام وتنكيس الأعلام» حداداً على هنية، مؤكّدين في بيان أنّه «على العدو الصهيوني والأميركي تحمّل مسؤولية توسيع ساحة الحرب والمواجهة وموجة الاغتيالات التي يمارسها ضدّ قيادات المقاومة».

وصباح أمس، تجمّع إيرانيون في شوارع مدن عدة للتنديد بعملية الاغتيال. وتجمهر بضع مئات من المتظاهرين في ساحة فلسطين بطهران، ملوّحين بالأعلام الفلسطينية وسط هتافات: «الموت لإسرائيل... الموت لأميركا».

من جهتها، لم تُصدر إسرائيل التي حملتها السلطات الإيرانية بوضوح مسؤولية مقتل إسماعيل هنية، أيّ تصريح بشأن الواقعة.

«تفلّت الأمور»

وقبل ساعات من الهجوم على طهران، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه «قضى» في ضاحية بيروت الجنوبية على القائد العسكري في «حزب الله» فؤاد شكر، المتهم بالمسؤولية عن قصف صاروخي أسفر عن مقتل 12 فتى وفتاة، السبت الماضي، في بلدة مجدل شمس في مرتفعات الجولان السورية المحتلة.

وأكد مصدر مقرب من «حزب الله»، أمس، العثور على جثة شكر تحت أنقاض المبنى المستهدف في الضاحية الجنوبية، معقل الحزب اللبناني الموالي لإيران.

وحذّر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، أمس، من «تفلّت الأمور نحو الأسوأ» بعد الهجوم على بيروت.

وأوقفت شركات طيران عدة رحلاتها إلى العاصمة اللبنانية في الأيام الأخيرة، مع عودة المغتربين اللبنانيين بأعداد كبيرة لتمضية العطل.

وفتح «حزب الله»، حليف «حماس»، جبهة ضد إسرائيل على حدودها الشمالية مع لبنان، عقب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) وأدّى إلى اندلاع الحرب في قطاع غزة.

وأسفر هجوم «حماس» عن 1197 قتيلاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته الوكالة استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية. كما خطف المهاجمون 251 شخصاً ما زال 111 منهم محتجزين في غزة، بينهم 39 يقول الجيش إنهم قُتلوا.

وردّاً على هجوم «حماس»، تعهّدت إسرائيل بتدمير الحركة، التي تتولى السلطة في قطاع غزة منذ عام 2007، وتصنّفها الدولة العبرية على غرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «منظمة إرهابية».

وشنّت إسرائيل على غزة حملة قصف مدمرة وهجمات برية أسفرت عن سقوط 39445 قتيلاً على الأقل، غالبيتهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع.


مقالات ذات صلة

كيف سترد «حماس» وإيران على اغتيال هنية؟

المشرق العربي المرشد الإيراني مع إسماعيل هنية في طهران (د.ب.أ)

كيف سترد «حماس» وإيران على اغتيال هنية؟

تعهدت إيران برد قاسٍ ومؤلم على عملية اغتيال هنية التي جرت على أراضيها، مما دفع البعض إلى القلق من إمكانية اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً.

ماري وجدي (القاهرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية على مخيم المواصي حيث قالت إسرائيل إنها قتلت الضيف (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يؤكد مقتل قائد «القسّام» محمد الضيف

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل قائد «كتائب القسّام» محمد الضيف في ضربة جوية إسرائيلية على غزة الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا نشر رئيس الوزراء الماليزي مقطع فيديو مسجلاً لاتصال هاتفي مع قيادي في «حماس» لتقديم التعازي في وفاة هنية لكن تم حذفه في وقت لاحق (أ.ف.ب)

رئيس وزراء ماليزيا غاضب بسبب حذف «فيسبوك» منشوراً عن هنية

نشر رئيس الوزراء الماليزي مقطع فيديو مسجلاً لاتصال هاتفي مع قيادي في «حماس» لتقديم التعازي في وفاة هنية لكن تم حذفه في وقت لاحق.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
شمال افريقيا متظاهرون يلوّحون بالأعلام أثناء مشاركتهم في مظاهرة تنديدية باغتيال إسماعيل هنية بعد صلاة العشاء في «الفاتح» بإسطنبول (أ.ف.ب)

بالصور... مظاهرات في إسطنبول وتونس والرباط تنديداً باغتيال هنية

انطلقت مظاهرات في كلّ من إسطنبول وتونس والرباط، أمس (الأربعاء)، تنديداً باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي طوابير انتظار للسيارات لإنزال الركاب خارج مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (رويترز)

«خطر حقيقي»... أستراليا تحث رعاياها على مغادرة لبنان

طلبت أستراليا من مواطنيها في لبنان المغادرة على الفور، قائلة إن هناك خطراً حقيقياً من تصاعد حدة التوتر على نحو خطير بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (سيدني)

إيران وحلفاؤها يجتمعون في طهران لمناقشة سبل الرد على إسرائيل

قوات الأمن الإيرانية  خلال مراسم جنازة إسماعيل هنية وحارسه الشخصي في طهران (إ.ب.أ)
قوات الأمن الإيرانية خلال مراسم جنازة إسماعيل هنية وحارسه الشخصي في طهران (إ.ب.أ)
TT

إيران وحلفاؤها يجتمعون في طهران لمناقشة سبل الرد على إسرائيل

قوات الأمن الإيرانية  خلال مراسم جنازة إسماعيل هنية وحارسه الشخصي في طهران (إ.ب.أ)
قوات الأمن الإيرانية خلال مراسم جنازة إسماعيل هنية وحارسه الشخصي في طهران (إ.ب.أ)

قالت خمسة مصادر لـ«رويترز» إن مسؤولين إيرانيين كباراً سيلتقون ممثلي حلفاء طهران في المنطقة من لبنان والعراق واليمن (الخميس) لمناقشة الرد المحتمل على إسرائيل بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران.

وبدأ تشييع هنية باكراً، صباح اليوم، في طهران، غداة اغتياله في إيران بغارة نُسبت إلى إسرائيل، وأثارت مخاوف من توسّع النزاع في خضمّ الحرب الدائرة في غزة.

وأمّ المرشد الإيراني علي خامنئي المصلّين في جنازة هنية، الذي وصفه بأنه «مقاتل بارز في المقاومة الفلسطينية»، الذي سيُدفن، الجمعة، في قطر.

وتجمّع حشد من المشيعين يحملون صور هنية، وأعلاماً فلسطينية في جامعة طهران وسط العاصمة، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسار موكب تشييع جثمان هنية من مصلى جامعة طهران، غرباً نحو ميدان «آزادي»، وتبلغ المسافة بينهما نحو 5 كيلومترات.

ويثير اغتيال الزعيم السياسي لحركة «حماس»، البالغ 61 عاماً، الذي كان يعيش في المنفى بقطر، وكذلك اغتيال إسرائيل القائد العسكري في «حزب الله» اللبناني فؤاد شكر في بيروت، أول من أمس، مخاوف من توسّع النزاع الدائر منذ نحو عشرة أشهر في قطاع غزة بين إسرائيل، العدو اللدود لإيران، وحركة «حماس» و«حزب الله» المدعومين من طهران.

وبينما فشلت كل محاولات الوساطة حتى الآن لوقف إطلاق النار في غزة، أثارت الحرب توترات في أنحاء الشرق الأوسط بين إسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها في لبنان واليمن والعراق وسوريا من جهة أخرى، ولا سيما «حزب الله».