​تركيا تكشف عن مرحلة طويلة للتحضير للقاء إردوغان والأسد

تقرير يرجح عدم إجراء الانتخابات المحلية في شمال سوريا

لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان بموسكو في 11 يونيو (الخارجية التركية)
لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان بموسكو في 11 يونيو (الخارجية التركية)
TT

​تركيا تكشف عن مرحلة طويلة للتحضير للقاء إردوغان والأسد

لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان بموسكو في 11 يونيو (الخارجية التركية)
لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان بموسكو في 11 يونيو (الخارجية التركية)

كشفت أنقرة عن مرحلة طويلة من التحضيرات للقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد، في ظل الأحاديث عن مواعيد متضاربة للقاء تداولتها مصادر تركية وروسية.

وبينما يبدو الاحتمال الأرجح أن يلتقي إردوغان والأسد في موسكو قبل نهاية العام الحالي، وهو ما أكدته من قبل مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط»، في ظل تفضيل الوسيط السوري عقد الاجتماع في أنقرة أو في منطقة قريبة من الحدود التركية السورية أو في موسكو، مع استبعاد بغداد، قال المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، إن العمل جار لتحضير ملف اللقاءات بين أنقرة ودمشق.

آليات عسكرية تركية في شمال سوريا (إكس)

وذكر تشيليك، الذي تناول مسألة إعادة العلاقات بين تركيا وسوريا، خلال مؤتمر صحافي عقده ليل الثلاثاء - الأربعاء، عقب اجتماع مجلس الإدارة والقرار المركزي للحزب برئاسة إردوغان في أنقرة، أن جهازي الاستخبارات للبلدين عقدا اجتماعات في فترات مختلفة بشأن تحضير ملف اللقاءات.

إنضاج استخباراتي

وفيما يبدو أنه إشارة إلى مرحلة طويلة من الإعداد للقاء إردوغان والأسد، قال تشيليك: «بعد أن يصبح الملف الذي قامت به استخبارات البلدين، ملفاً سياسياً، تبدأ اللقاءات بين وزيري الخارجية».

وأضاف: «بعد ذلك، سيتم تقديم الإطار الذي أعدته وزارات الخارجية والدفاع في البلدين، لرئيسنا والرئيس السوري، وسيوجه الرئيس إردوغان دعوة للرئيس بمجرد الانتهاء من تحضير الملف».

كان إردوغان أعلن الأسبوع قبل الماضي، أنه كلف وزير الخارجية، هاكان فيدان، بتحديد خريطة الطريق للقائه مع الأسد من خلال محادثاته مع نظرائه، وبناء على ذلك سنتخذ الخطوة اللازمة.

ونفت مصادر وزارة الخارجية التركية، الثلاثاء، ما جاء في تقرير لصحيفة «صباح»، القريبة من الحكومة، عن احتمال انعقاد اللقاء بين الأسد وإردوغان بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في أغسطس (آب) المقبل، وبدورها رجحت مصادر روسية انعقاد اللقاء قبل نهاية العام، مشيرة إلى عدم تحديد موعد دقيق أو مكان لانعقاده.

الانتخابات الكردية المحلية

في سياق متصل، كشف تقرير أجراه مركز «عمران» للأبحاث الاستراتيجية، عن أن الولايات المتحدة لا تريد أن تواجه توتراً مع تركيا بسبب حزب «العمال الكردستاني»، ووحدات حماية الشعب الكردية التي تمثل الذراع السورية للحزب، وتشكل غالبية قوام قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركياً.

من أعمال مؤتمر «مسد» الرابع في مدينة الرقة شمال سوريا

وعد أن الانتخابات المحلية التي ترغب الإدارة الذاتية الكردية لشمال شرقي سوريا إجراءها، في أغسطس المقبل، ستكون شديدة الخطورة على حزب «العمال الكردستاني» وذراعه السورية، بسبب رفض المجتمع الدولي إضافة، إلى التركيبة الديموغرافية بالمناطق السبع التي ترغب في إجرائها فيها.

وأوضح أن ما يقرب من 3 ملايين نسمة يعيشون في شمال شرقي سوريا، يشكل العرب غالبيتهم بنسبة 76.6 في المائة، بينما نسبة الأكراد 19.9 في المائة، غالبيتهم يدعمون «المجلس الوطني الكردي السوري»، وأن إجراء انتخابات للمنظمة الانفصالية (العمال الكردستاني - الوحدات الكردية) يمثل مخاطرة كبيرة، وسيفوز المرشحون المعارضون لها في أي انتخابات حرة ونزيهة.

وجاء في التقرير، أن «هناك احتجاجات في المناطق التي تم تطهيرها من الإرهاب في شمال سوريا على إجراء الانتخابات المحلية، التي خططت الإدارة الذاتية (الكردية)، لإجرائها في 7 مناطق خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تقودها الوحدات الكردية، شمال وشمال شرقي سوريا في أغسطس المقبل، بعد تأجيلها عن موعدها السابق في 11 يونيو (حزيران)».

ونبه إلى أن الإدارة الذاتية قامت بوضع الأساس الدستوري ومارست الضغط من أجل الاعتراف بـ«الدولة» التي تهدف إلى إقامتها في سوريا، ومن المخطط أن تكون الانتخابات المحلية هي الأداة لتحقيق ذلك.

وذهب التقرير إلى أن المنظمة الممزقة، بين الاعتراف الوطني والدولي والحقائق الديموغرافية، وجدت الحل في وضع نظام انتخابي خاص بها، حل فيه حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي»، محل حزب «البعث السوري» وتأقلم معه، ويحاول تقديم نفسه بوصفه «لاعباً ديمقراطياً شرعياً».

قوات أميركية بصحبة عناصر من «قسد» في شمال شرقي سوريا (أرشيفية)

وعدّ التقرير أن التحذير الأميركي للإدارة الذاتية و«قسد» خلف الأبواب المغلقة، ومطالبتها بإلغاء الانتخابات يشير إلى حقيقتين أساسيتين، أن الولايات المتحدة ليست مستعدة للاعتراف رسمياً بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي أنشأتها وحدات حماية الشعب الكردية، وأنها تهتم بعلاقاتها مع تركيا، ولذلك لا ترغب في ظل الظروف الجيوسياسية الحالية بأي توتر مع تركيا بسبب الوحدات.

وذهب التقرير إلى أن الانتخابات المحلية ربما لن تُعقد أبداً، على الرغم من تأجيلها إلى أغسطس، وأن فشل الولايات المتحدة في دعم الوحدات الكردية لإقامة دولة رسمية في سوريا، فتح نافذة لفرص تعاون جديدة مع تركيا في سوريا، لرغبتها في الانسحاب من سوريا وعدم تسليمها إلى إيران.

وأضاف أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، تجعل من الممكن التوصل إلى اتفاق محتمل بين الحليفين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أميركا وتركيا، فيما يتعلق بسوريا.


مقالات ذات صلة

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية للقصف التركي على مواقع «قسد» في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

تركيا تصعد هجماتها على «قسد» شمال وشرق سوريا

واصلت القوات التركية تصعيد ضرباتها لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا، وسط حديث متصاعد في أنقرة عن احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.