بزشكيان يعتزم تشكيل حكومة «وفاق وطني»... والمحافظون يرحبون

الرئيس المنتخب أشار إلى «معضلة» في انتخاب الوزراء

بزشكيان يلقي خطاباً أمام مسؤولي حملته الانتخابية اليوم (جماران)
بزشكيان يلقي خطاباً أمام مسؤولي حملته الانتخابية اليوم (جماران)
TT

بزشكيان يعتزم تشكيل حكومة «وفاق وطني»... والمحافظون يرحبون

بزشكيان يلقي خطاباً أمام مسؤولي حملته الانتخابية اليوم (جماران)
بزشكيان يلقي خطاباً أمام مسؤولي حملته الانتخابية اليوم (جماران)

أكد الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بزشكيان، عزمه على تشكيل حكومة «وفاق وطني»، مبدياً تمسكه بشعار «عدم إدارة البلاد من قبل مجموعة أو فصيل واحد».

من جهة ثانية، رحب رئيس «الهيئة التنسيقية للأحزاب المحافظة»، غلام علي حداد، بتشكيل حكومة «وحدة وطنية»، قائلاً إنه تياره سيقترح أسماء لتولي وزارات.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن بزشكيان قوله لمجموعة من مسؤولي حملته الانتخابية في أنحاء البلاد إن جميع المسؤولين والشخصيات السياسية يحاولون عقد اجتماعات معه في حين يعمل على اختيار تشكيلته الوزارية.

وقال بزشكيان إنه لم يتغير بعد فوزه في الانتخابات، لكنه لا يمكنه أن يرى الجميع. وقال: «إحدى مشكلاتي هي أن الجميع يريدون رؤيتي، ولا أجرؤ على رفض أحد... كثيرون يشتكون من عدم الرد ويقولون إنني اختفيت، لكنني الآن لا أملك الليل ولا النهار. أنا في خدمة الجميع».

وأضاف بزشكيان: «اختيار المسؤولين أصبح معضلة. نحن رددنا شعار (اختيار الأفضل)، ونطلب من الجميع المساعدة، وكل شخص يقدم مرشحيه، ولا أعلم ماذا أفعل». وقال: «يجب علينا اختيار حكومة وحدة وطنية، والعمل على تحقيق الوحدة التي تحدثنا عنها، وشعار أن (البلد لا يدار بمجموعة أو فصيل واحد). يجب أن نحرص حتى لا نصبح مجموعة أو فصيلاً واحداً».

ونبه بزشكيان إلى أنه يعتزم تشكيل حكومة من «ذوي الخبرة والعلم الصادقين»، وقال: «أريد تشكيل حكومة تتحرك في إطار السياسات التي حددها المرشد».

وتابع: «قلنا للجميع أن يحددوا معايير ويقدموا سيراً ذاتية للأشخاص (المقترحين)»، وقال: «من أراد تولي منصب في الحكومة، فيحب أن نتفق معه على مبدأ واحد، ولا نقبل خلاف ذلك: إذا أراد شخص ما الخدمة باسمنا، فيجب أن يرضي الناس، وهذا معيار إدارتنا».

ولفت بزشكيان إلى أن «أوضاع البلاد ليست جيدة. نحن تحت عقوبات شديدة، ولدينا مشكلات تعود في الأساس إلى خلافاتنا». وقال: «إذا أردنا البقاء بقوة، لتوجيه لكمة إلى أفواه الأعداء، فيجب أن نتحد ونتكاتف جميعاً، ونظهر كرامتنا وفخرنا للعالم». وأضاف: «إذا اتحدنا، فإنه يمكننا الوقوف».

وقال: «إذا كانت النخب والعلماء والخبراء موجودين في الساحة ومنحناهم الاحترام، فيمكننا إيصال هذه السفينة إلى بر الأمان، لكن إذا أردنا إقصاءهم، فسنواجه مشكلات. لا يريدون لنا أن نقف على أقدامنا ونصبح مستقلين». وتابع: «يجب أن نسعى وراء الحقوق؛ الحقوق الفردية والاجتماعية والدينية والقومية والجنسية».

وزراء محافظون

وقال غلام علي حداد عادل، مستشار الشؤون الثقافية للمرشد الإيراني، والذي يترأس لجنة «ائتلاف القوى الثورية»؛ الهيئة التنسيقية للتيار المحافظ، إنه سيقدم قائمة من الأسماء المقترحة إلى بزشكيان، من أجل تشكيل الحكومة.

وأشار حداد عادل إلى خطاب خامنئي الذي طالب فيه أعضاء البرلمان الأحد الماضي بدعم حكومة بزشكيان. وقال: «المرشد دعا الجميع إلى دعم الرئيس المنتخب... ما هو مهم أن السيد بزشكيان طلب من التيار المحافظ اقتراح وزراء لحقائب مختلفة». ورحب بقول الرئيس المنتخب إنه يتطلع إلى تشكيل حكومة «وفاق وطني» قدر الإمكان.

لكن حداد عادل حذر من أن «الانتخابات وتغيير الحكومة قد يتحولان إلى تهديد، ويجب علينا أن نبذل جهداً لعدم حدوث ذلك»، وأشار إلى مخاوف «تيار الثورة» بشأن كيفية اختيار الحكومة.

من جانبه، قال محسن رضايي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام والقيادي في «الحرس الثوري» إن «بزشكيان أشار بحق إلى أن حل مشكلات البلاد، وإجهاض العقوبات، والمطالبة بالحقوق، مرتبطة بالوحدة والإجماع الوطني». وأضاف أنه «يجب تقدير دعواته المتكررة للتعاون، والمساعدة دون توقع أو منة».

ومن جانبه، قال أسد الله بادامجيان، أمين عام حزب «مؤتلفة»، الخيمة السياسية لتجار بازار طهران، إن حزبه يؤجل تقديم أسماء مرشحيه إلى ما بعد لقاء الرئيس المنتخب.

وأشار بادامجيان إلى تلقي رسالة من محمد جواد ظريف، رئيس اللجنة التوجيهية في حكومة بزشكيان تدعو حزب مؤتلفة إلى اقتراح أشخاص لتولي حقائب وزارية. وقال: «قد أجبته بأن حزب مؤتلفة إذا أراد تقديم مرشح له، فإنه بحاجة إلى معرفة سياسات الرئيس المحترم».

وقالت صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن «من ينتقد بزشكيان أو المحيطين به لا يخالف رأي المرشد»، واتهمت الإصلاحيين بـ«استغلال توصيات المرشد لنواب البرلمان للتفاعل مع الحكومة».

وأضافت: «من الواضح أنه مع تقديم تشكيل الحكومة، ستثار ضجة حول أي انتقاد للوزراء المقترحين أو أي معارضة لمنحهم الثقة».

محاولة للتهدئة

وهذا أول خطاب عام من بزشكيان، بعدما تعرض على مدى اليومين الماضيين، لانتقادات حادة بسبب عبارة وردت على لسانه خلال خطابه أمام البرلمان صباح الأحد، هاجم فيها من قاطعوا الانتخابات، قائلاً: «نأمل ألا نخذل الناس. رغم الدعوات إلى مقاطعة صناديق الاقتراع، فإنهم خرجوا، ووجهوا لكمة إلى أفواه من دعوا في الداخل والخارج لمقاطعة التصويت».

وفاز بزشكيان في جولة الإعادة التي جرت في 5 يوليو (تموز) الحالي، وبلغت نسبة المشاركة فيها 50 في المائة، وفق الأرقام الرسمية، وذلك بعدما تقدم بنحو 42 في المائة خلال الجولة الأولى التي بلغت نسبة المشاركة فيها 39.9 في المائة، وهي أدنى مشاركة في الاستحقاقات الانتخابية الإيرانية.

وحاول بزشكيان، الاثنين، تهدئة الأوضاع، وكتب على منصة «إكس»: «انفتاح الأجواء السياسية وزيادة المشاركة لعبة (ربح - ربح) للشعب والحكومة على حد سواء. بذل أعداء الشعب الإيراني كل جهدهم لمنع الناس من الذهاب إلى صناديق الاقتراع». وقال إن نظرته إلى «الناس الشرفاء المستائين لأي من الأسباب، تختلف عن الأعداء والسيئين»، وأضاف: «من واجب الحكومة الإيرانية متابعة المطالب المشروعة لجميع الناس».

وطالب ناشطون باعتذار بزشكيان من «الإساءة» التي وجهها إلى مقاطعي الانتخابات، دون تبريرها. وكتب النائب السابق، بهرام بارسايي: «إذا كنت تعتقد أن أولئك الذين شاركوا وجهوا لكمة قوية إلى أفواه المقاطعين، فإن الأغلبية التي لم تشارك إلى أفواه من وجهت اللكمة».

وكتبت «رئيسة جبهة الإصلاحات»، آذر منصوري، على منصة «إكس»: «أحد أوجه المصالحة الوطنية هم المواطنون الذين، عبر مقاطعتهم، احتجوا على تضعيف دور الأجهزة الانتخابية في إدارة البلاد، وعبروا عن إحباطهم إزاء إصلاح طريقة الحكم عبر الانتخابات». واقتبست شعار بزشكيان «من أجل إيران»، وأضافت: «(من أجل إيران) يجب أن تُسمع رسالة 60 في المائة، ليس فقط من الرئيس المنتخب؛ إنما من قبَل جميع أركان النظام».

وشارك الناشط الإصلاحي مهدي محموديان مَقاطع من تصريحات بزشكيان خلال حملته الانتخابية، وخطابه أمام البرلمان، وقال: «بزشكيان رجل صادق. لقد قال بكل وضوح إن ما يقوم به من أجل الحصول على الأصوات، وغداة فوزه بالانتخابات، يعمل حصراً على تنفيذ توصيات المرشد».

وقال مهدي نصيري، رئيس التحرير السابق لصحيفة «كيهان» المتشددة: «سمعنا شيئاً في الانتخابات يختلف كثيراً عن الوقت الحالي. بزشكيان كان يعارض العنف، واحتج على العنف خلال حراك (المرأة... الحياة... الحرية)، لكنه استخدم في البرلمان أدبيات عنيفة».

وانضم الصحافي والسجين السياسي السابق، كيوان صميمي الذي شارك في الانتخابات وصوت لبزشكيان، لقائمة منتقدي الرئيس المنتخب. وقال صميمي في تسجيل صوتي: «كثير من الناخبين يؤمنون بالحوار مع خصومهم، وليس بالضرب والاعتداء»، داعياً إلى تعزيز «لغة الحوار الصحي».

في سياق متصل، وجّه المفكر الإيراني عبد الكريم سروش، المحسوب على التيار الإصلاحي، رسالة مفتوحة إلى بزشكيان، تتضمن توصيات عدة، تطالب بتطهير الإعلام الحكومي من «الابتذال والأكاذيب والتحريض على التفرقة»، وفق ما أورد موقع «زيتون» الإخباري التابع لمكتبه.

وشدد سروش، الذي يقيم في كندا منذ سنوات، على ضرورة «استبعاد غير الأكفاء من إدارته». والاستعانة بالخبراء والأمناء لإدارة شؤون البلاد، بشكل علمي ومدبر، لمعالجة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل فعال.

ويطلب سروش من الرئيس المنتخب أن يستفسر بشكل صريح من المراجع الدينيين عن حكم الحجاب للنساء؛ لمعرفة ما إذا كان الإلزام بالحجاب بناءً على فتوى الفقهاء أم هو قرار حكومي، لتتمكن الحكومة من تجاوز النزاعات في هذا الصدد.

ويشير سروش إلى ضرورة مواجهة جماعات الضغط «العنيفة»؛ بما فيها جماعة «أنصار حزب الله» المقربة من «الحرس الثوري».


مقالات ذات صلة

موسكو وطهران تستعدان لتوقيع «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»

شؤون إقليمية نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو (أرشيفية - الخارجية الروسية)

موسكو وطهران تستعدان لتوقيع «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»

أعلنت موسكو أن التحضيرات الجارية لتوقيع اتفاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» مع طهران قد وصلت إلى مراحلها الأخيرة.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية 
صورة من فيديو لخطاب وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف في كاشان وسط إيران (شبكات التواصل)

ظريف يتعهد التفاوض وفق «قوانين البلاد»

قال محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق وأحد كبار مساعدي الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان، إن الحكومة الجديدة مستعدة للتفاوض بشأن البرنامج النووي.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية صورة من فيديو لخطاب ظريف يدافع عن الاتفاق النووي خلال حملة بزشكيان (شبكات التواصل)

ظريف يتراجع عن انتقادات لقانون «استراتيجي» بعد تأييد خامنئي

قال ظريف إن بزشكيان مستعد لإجراء مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي على أساس قانون «الخطوة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات الأميركية»، في تراجع عن انتقادات سابقة.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبداللهيان وخلفه باقري كني على هامش اجتماع مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران يونيو 2022 (إ.ب.أ)

حكومة رئيسي تسلط الضوء على أدائها الدبلوماسي

سلط مسؤولون في الخارجية الإيرانية الضوء على سجل الحكومة المنتهية، مع استعداد الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان، لتقديم فريق جديد لإدارة الجهاز الدبلوماسي.

شؤون إقليمية المقرر الأممي الخاص المعنيّ بحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمن خلال مؤتمر صحافي (أرشيفية - الأمم المتحدة)

خبير أممي يدعو للتحقيق في إعدامات الثمانينات بإيران

دعا خبير في الأمم المتحدة الاثنين إلى تحقيق دولي في سلسلة «جرائم وحشية» ارتكبتها إيران على صلة بعملية تطهير استهدفت المعارضين في ثمانينات القرن الماضي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

إسرائيل تنتقد «فتح» بسبب توقيعها «إعلان بكين» مع «حماس»

وزير الخارجية الصيني وانغ يي يتابع خلال التوقيع على «إعلان بكين» بدار ضيافة الدولة «دياويوتاي» في بكين (رويترز)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي يتابع خلال التوقيع على «إعلان بكين» بدار ضيافة الدولة «دياويوتاي» في بكين (رويترز)
TT

إسرائيل تنتقد «فتح» بسبب توقيعها «إعلان بكين» مع «حماس»

وزير الخارجية الصيني وانغ يي يتابع خلال التوقيع على «إعلان بكين» بدار ضيافة الدولة «دياويوتاي» في بكين (رويترز)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي يتابع خلال التوقيع على «إعلان بكين» بدار ضيافة الدولة «دياويوتاي» في بكين (رويترز)

انتقدت إسرائيل، اليوم الثلاثاء، حركة «فتح» الفلسطينية التي يتزعمها الرئيس محمود عباس لتوقيعها اتفاقاً مع حركة «حماس» عن مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة.

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عبر منصة «إكس»: «وقعت (حماس) و(فتح) في الصين اتفاقاً للسيطرة المشتركة على غزة بعد الحرب»، مضيفاً: «بدلاً من رفض الإرهاب، يحتضن محمود عباس القتلة من (حماس) ويكشف عن وجهه الحقيقي». وأكد الوزير: «هذا لن يحدث؛ لأن حكم (حماس) سيُسحق، وسينظر عباس إلى غزة من بُعد».

وفي وقت سابق اليوم، أكد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، حصول اتفاق بين 14 فصيلاً فلسطينياً لتشكيل «حكومة مصالحة وطنية مؤقتة» لإدارة غزة بعد الحرب.

يأتي هذا الاتفاق في خضم الحرب المتواصلة منذ أكثر من 9 أشهر بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخطف خلال الهجوم 251 شخصاً لا يزال 116 منهم محتجزين في غزة. ويقول الجيش الإسرائيلي إن 44 من هؤلاء قتلوا.

وتوعدت إسرائيل بـ«القضاء» على الحركة الفلسطينية، وتشنّ منذ ذلك الحين حملة عسكرية أدت إلى مقتل أكثر من 39 ألف شخص غالبيتهم من المدنيين، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

وتسببت الحرب في أزمة إنسانية حادة، ووضعت القطاع وسكانه، الذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة، على شفير المجاعة، وفق منظمات إنسانية دولية.